رباه اني سائل
اني سألتك ضارعا متهجدا
بسم النبي و آله و من اغتدي
من ثاني الثقلين حبلا منقذا
و الي النجاة يمد يا رب اليدا
اني سألتك بالنبي محمد
و بأمة ترجوه تتبعه الهدي
و سألت بابك بالوصي و شيعة
قد آمنت نهجا قويما مرشدا
و بحق بضعة أحمد زهراؤه الطهر
البتول و عترة لبت ندا
و بابنها الحسن الطهور المجتبي
و بدعوة قد ساقها يوم الفدا
و سألت بالسبط الشهيد تقربا
من باب رحمتك التي لن توصدا
لمن اقتفاه و سار درب شهادة
أمرا بمعروف يسود علي المدا
رباه بالسجاد زين العابدين
أدير طرفي ساجدا متوحدا
أدعوك اذ كل الأنام عيونهم
رقدي و عينك لا تنام اذ الردي
في كل مخلوق خلقت و عابد
من كل ما وطن الثري أو غردا
و بباقر العلم الشبيه بأحمد
و هو السمي هو الصبور علي العدا
و بصادق الحرف الأمين المستقيم
و ما أنار و ما تنكب و ارتدي
و بما بجور قد تحمل صابرا
و مكافحا و مناضلا قد أرشدا
و بكاظم الغيظ المنيب و آية
رباه في باب الحوائج أنجدا
و بآية أعطيتها لعلي بن
موسي الرضا عهدا اليك مؤيدا
في غربة قد قالها من زاره
هو زارني و من اهتداه قد اهتدي
هو بضعتي مني يقول محمد
يا قاري ء القرآن فيه مرددا
[ صفحه 33]
فاقف الصراط و جز اليه لترتقي
و تكون في خير المواقف سيدا
و الي التقي جلالة و تكرما
و الي النقي هداية متعبدا
و الي الذكي نهاية و بداية
كالنور من نور أضاء و أوجدا
اني ببابك سيدي يا ابن الرضا
يا ابن الحسين بن العلي لك الفدا
أقفو لألحق غيبة لمغيب
بسم النبي سميه حين ابتدا
و به الوجود به الهداية للأنام
امام عصر يا الهي لك الندا
فاجعل لنا بهم السبيل لدوحهم
نقفو و ما بابا نروده موصدا
و أنر لنا قلبا و فكرا نرتجي
علما بطينا أو ظهيرا يغتدي
رباه اني سائل و بحقهم
منجاة نفس ان تضل هم الهدي
و نسأل الله المنجاة من الكرب العظيم..
و ها هو الطبيب النصراني يتقدم و جثة الامام عليه السلام علي الجسر..
يكشف العباءة عن وجهه، و ينظر في يده و يقوم.. و لم يتكلم.
و يقول علي بن سويد ضاقت صدورنا من الألم و الانتظار و كنا نترقب خروج الامام، و كانت عائلته في أسي ولوعة فحاولت أن أصل اليه بمختلف الطرق فأرضيت السجانين الي أن دخلت عليه، و لما رآني مقبلا قال لي: مكانك يا ابن سويد حتي يؤتي اليك بشمعة، ثم دخلت فوجدته قد افترش عباءته و استقبل القبلة، فقلت له: سيدي و الله لقد ضاقت صدورنا من الانتظار فمتي تكون أيام الفرج؟ قال لي: يا ابن سويد الفرج قريب، قلت متي؟ قال: الجمعة الآتية و الموعد علي الجسر ببغداد.
و يتابع علي بن سويد فيقول: خرجت و أنا لا تكاد تحملني قدماي من الفرح و أقبلت لأصحابنا أطرق عليهم أبوابهم بابا بابا أبشرهم بقرب خروج الامام عليه السلام و حددت لهم الموعد يوم الجمعة علي جسر بغداد. و لما صار يوم الموعد اكتظت بنا الطرق ننتظر خروج الامام و بينما نحن كذلك و اذ
[ صفحه 34]
بجنازة يحملها أربعة من الحمالين أقبلوا بها و طرحوها علي جسر و نودي عليها (هذا امام الرافضة الذي تزعم أنه لا يموت، ها هو قد مات حتف أنفه). و يقول علي: ذهلت و دهشت، بينما كنا نتوقع خروج الامام و اذا به يخرج جنازة... ثم أقبلت الي طبيب نصراني كانت لي معه صحبة صادف أن مر بي قلت: بالمسيح عيسي عليك الا ما أقبلت معي، ثم أخذت بيده حتي جئت الي جسد الامام و كان مسجي و ملفوفا بعباءته...
نعم لم يتكلم الطبيب فألح عليه علي بن سويد قائلا: بالمسيح عيسي عليك، الا ما أخبرتني ما داؤه؟ لا تطل يا ابن سويد أما للرجل من عشيرة فلتطالب بدمه!! ان الرجل مات مسموما.
علي الجسر رميت الجنازة و بصوت النكر صاحوا يا رافضة ملفوف بعباءته ملقي... ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم...
يا أهل بيت رسول الله حبكم
فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكمو من عظيم القدر أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له
عندما توفي هند بن أبي هالة و كان ظئر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تنافست القبائل علي تكفينه خمسمائة قبيلة كل قبيلة جاءت الي البصرة بكفن لتحظي بشرف تكفينه... لماذا؟ لأنه ظئر رسول الله و هذا الامام موسي بن جعفر ابن رسول الله أخرجوه بلا كفن، ملفوف بعباءته.
و يقف هارون الرشيد عند قبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم ليقول: بأبي أنت و أمي يا رسول الله، اني أعتذر اليك من أمر عزمت عليه، اني أريد أن آخذ موسي بن جعفر فأحبسه لأني خشيت أن يلقي بين أهلك حربا يسفك فيها دماءهم...
و ها هو الامام عليه السلام واقف بجوار جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصلي و ها هي شرطة الرشيد تدخل عليه خلوته و تقطع صلاته و تلقي القبض عليه.. آخذوه
[ صفحه 35]
عنوة و جروه غصبا و دموعه تنهمر علي خديه مناديا يا جداه يا رسول الله...
انها نفس الصورة تتكرر مع الأئمة عليهم سلام الله.. ها هو صوت الحسين عليه السلام ينادي يا جداه و ها هو الصادق عليه السلام ينادي يا جداه... و لكن الظلمة لا يعون و لا يعرفون الا أن يزيحوا ذلك الواقف في طريق كفرهم و أن يكموا صوت الحق الصارخ في وجههم الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر... لم و لن يتعظوا ممن سبقهم... ويل للمنصور قبل الرشيد و ويل للرشيد قبل القتلة من أبنائه..
عندما تدور عجلة الزمن و يضرب الدهر ضربته... أين قبور بني أمية و أين قصور بني العباس.. أين تلك التي لم تبق سوي أطلال و خرائب تصفر فيها الرياح... و ها هو الكوخ المتواضع قد استحال الي قباب تناطح السماء رفعة و علوا من الذهب الابريز... أصبحت منارا للمقهورين و المعذبين في الأرض و ها هو شاعر يقول:
لقدسك يا باب الحوائج باب
جثت حوله للطالبين ركاب
يمر عليه المستحيل فينثني
الي ممكن يدعي به فيجاب
ليهنك عقبي الصابرين أبا الرضا
و ان طال سجن و استطال عذاب
فكوخ به عشت استطال الي السما
و قصر به عاش الرشيد خراب
و مظلم سجن عشت في جنباته
اليفاك محراب به و كتاب
تحول صرحا قد تكامل عنده
لأروع آيات الفنون نصاب
و أقول: