بازگشت

شهادة الامام


أية صحف تلك التي تحمل حروف الهجاء و بها تسجد الكلمات و بها تئن النبرات و بها يعلو ذلك الصوت المجلجل... ذلك الصدي الرعد المالي ء الأكوان.. كيف خطت الأقلام بل ما هو مدادها.. و فواصلها... أقيود أم جنازير.. أم أقفال ضجت بها الأبواب..

يقول عبدالله بن طاوس: قلت للرضا عليه السلام: ان يحيي بن خالد سم أباك موسي بن جعفر صلوات الله عليهما؟ قال: نعم سمه في ثلاثين رطبة قلت له: فما كان يعلم أنها مسمومة؟ قال: غاب عنه المحدث، قلت: و ما المحدث؟ قال: ملك أعظم من جبرائيل و ميكائيل كان مع رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو مع الأئمة، و ليس كلما طلب وجد، ثم قال: انك ستعمر، فعاش مائة سنة. [1] .

الجانب الغربي ذاك و ذاك باب الكوفة. و ها هو سجن السندي و ذلك مسجد المسيب... أتراهم قتلوه في بيت السندي أم بيت المسيب لا فرق فكلها سجون تنوء بالجور و الظلم و الافتراء.. سجون ما فيها الا المظاليم و ما سمعت و ما رأيت الا الوجوه التي عفرها التراب..

ذاك المسيب بن زهرة الموكل بحراسة الامام عليه السلام و المسيب المسؤول عن شرطة بغداد فما ينتظر ممن ولي الشرطة هل يبتسم، لقد كان المسيب



[ صفحه 353]



شديدا غليظا جزارا حتي أن المنصور اذا أراد بأحد خيرا سلمه الي الربيع و اذا أراد شرا سلمه للمسيب [2] ، و ها هو موكل بالامام عليه السلام... فهل تراه يصمد أو تصمد شراسته و غلظته أمام دفعه نور الامام عليه السلام... لقد هداه الله و هيمن الامام علي مشاعره فانتهج طريق الحق و الصواب كي يغدو من خلص الشيعة و حملة أسرار الأئمة.

و قبل وفاة الامام عليه السلام بأيام ثلاثة استدعاه و قال له: يا مسيب قال: لبيك يا مولاي، قال: اني ظاعن في هذه الليلة الي المدينة مدينة جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأعهد الي ابني ما عهده الي أبي و اجعله وصيي و خليفتي و آمره بأمري.

قال المسيب: فقلت يا مولاي كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب و أقفالها و الحرس معي علي الأبواب؟ فقال: يا مسيب ضعف يقينك في الله عزوجل و فينا؟ فقلت: لا يا سيدي، قال: فمه؟ قلت: يا سيدي ادع الله أن يثبتني فقال عليه السلام: اللهم ثبته ثم قال: اني أدعو الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا به آصف حين جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه اليه حتي يجمع بيني و بين علي ابني بالمدينة. قال المسيب: فسمعته عليه السلام يدعو، ففقدته عن مصلاه فلم أزل قائما علي قدمي حتي رأيته قد عاد الي مكانه و أعاد الحديد الي رجليه فخررت علي وجهي ساجدا شاكرا لله علي ما أنعم به علي من معرفته، و التفت الي الامام عليه السلام فقال لي: يا مسيب ارفع رأسك و اعلم أني راحل الي الله عزوجل في ثالث هذا اليوم قال: فبكيت فقال لي: لا تبك يا مسيب فان عليا ابني هو امامك و مولاك بعدي فاستمسك بولايته فانك لن تضل ما لزمته، فقلت: الحمد لله. [3] .



[ صفحه 354]




پاورقي

[1] رجال الكشي، ص 371.

[2] الجهشياري، ص 7.

[3] عيون الأخبار. - البحار.