بازگشت

روي الرواة


و جاء في أخبار الرضا عليه السلام و في البحار و غير ذلك من المراجع أن جثمان الامام موسي عليه السلام ألقي علي جسر الرصافة ملفوف بعباءته و روي أنه لما حمل النعش الشريف ليدفن عليه السلام في مقابر قريش نودي عليه هذا امام الرافضة فاعرفوه ثم أتي به الي السوق فوضع هناك ثم نودي عليه هذا موسي بن جعفر قد مات حتف أنفه ألا فانطروا اليه، فحف به الناس و جعلوا ينظرون اليه لا أثر به من جراحة و لا خنق.

و روي أن السوق الذي وضع فيه النعش سمي سوق الرياحين و بني علي الموضع بناء و جعل عليه باب لئلا يطأه الناس بأقدامهم بل يتبركون به و يزورونه قال الشيخ المفيد: و خرج فوضع علي الجسر ببغداد و نودي هذا موسي بن جعفر قد مات فانظروا اليه فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت و قال ابن شهر آشوب ان السندي بن شاهك أخرج النعش الشريف فوضع علي جسر بغداد و نودي عليه هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت، فانظروا اليه، و لهذا قيل: ان الواقفة يعتقدون بأنه الامام القائم و زعموا أن حبسه هو غيبته، و لما كان السندي مع الناس علي الجسر نفر به



[ صفحه 363]



فرسه فرمي به في الماء فغرق السندي و شتت الله جماعة يحيي بن خالد.

و جاء في تاريخ بغداد عن علي بن الخلال قال: (ما همني أمر فقصدت قبر موسي بن جعفر عليه السلام و توسلت به الا سهل الله لي ما أحب).

ذلك موسي بن جعفر عليه السلام يقول ابن سنان للرضا عليه السلام: ما لمن زار أباك؟ قال: له الجنة فزره. و قال زكريا بن آدم عن الرضا عليه السلام ان الله نجي بغداد بمكان قبر أبي الحسن عليه السلام.

و قال عليه السلام:



و قبر بغداد لنفس زكية

تضمنها الرحمن بالغرفات



و قبر بطوس يا لها من مصيبة

ألحت علي الأحشاء بالزفرات



و جاء في الكافي باسناده عن ابن سنان قال: دخلت علي أبي الحسن موسي عليه السلام من قبل أن يقدم العراق بسنة و علي ابنه جالس بين يديه فنظر الي فقال: يا محمد أما انه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع لذلك قال: قلت: و ما يكون جعلت فداك؟ فقد أقلقني ما ذكرت فقال: أصير الي الطاغية، أما انه لا يبدأني منه سوء و من الذي يكون بعده قال: قلت: و ما يكون جعلت فداك؟ قال: يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء قال: و قلت: و ما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه و جحد امامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقه و جحده و امامته بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: قلت: و الله لئن مد الله لي في العمر لأسلمن له حقد و لأقرن له بامامته قال: صدقت يا محمد يمدالله في عمرك و تسلم له حقه و تقر له بامامته و امامة من يكون بعده قال: قلت: و من ذاك؟ قال محمد ابنه قال: قلت: له الرضا و التسليم. [1] .



[ صفحه 364]



أما رسالة الامام عليه السلام الي هارون فقد روي الخطيب البغدادي باسناده عن محمد بن اسماعيل قال: بعث موسي بن جعفر الي الرشيد من الحبس رسالة كانت: انه لا ينقضي عني يوم من البلاء الا انقضي عنك معه يوم من الرخاء حتي نقضي جميعا الي يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون. [2] .

قال هندوشاه بن سنجر: روي الشيعة أنهم لما أخرجوا جثمان الامام موسي بن جعفر كانوا ينادون امام الرافضة مات حتف أنفه و كان أحمد بن حنبل حاضرا و كان يبكي خفية و لما قالوا مات امام الرافضة قال: لا و الله بل مات امام المغرب و المشرق. [3] .

و يحضر موسي بن جعفر عليه السلام أولاده فقال لهم: يا بني اني موصيكم بوصية من حفظها لم يضع معها: (ان اتاكم آت فأسمعكم في الأذن اليمني مكروها ثم تحول الي الأذن اليسري فاعتذر و قال: لم أقل شيئا فاقبلوا عذره...).

و يقف السندي مناديا (هذا موسي بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا اليه ميتا) [4] ... و ينادي (هذا الخبيث ابن الخبيث).

ألم تجد السلطة غير هذا الأسلوب القذر لمعرفة من سيأتي و من سيثور لهذا النداء أليس لها هم الا معرفة شيعة الامام لتصطادهم فلجأت الي التشهير بنداء لا يمت للقيم بصلة و أية قيم تطلب من سلطان الرشيد و جهابذته و جلاديه.. أبعد الفسق و الكفر من اثم كان النداء يصم الآذان و مجلا الأعطاف نكرا.. و ها هو الجثمان كما جاء في عمدة الطالب [5] يبقي ثلاثة أيام لم يوار...



[ صفحه 365]



حملوه من قعر السجن و ألقوه علي جسر الرصافة تراه المارة و ذلك للاستهانة به... و لو لا نداء سليمان عم الخليفة (ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب ابن الطيب موسي بن جعفر فليحضر) [6] هل كان هناك من يجسر علي السير أو علي البكاء.. لقد أراد سليمان محو العار عن أسرته التي قتلت الامام عليه السلام و أساءت لكرامة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم فقام بما يفرضه الواجب للحافظ علي سمعته و سمعة أسرته و محو العار الذي ألصق الرشيد بفعله الشائن... و أكبر الظن أن سليمان خاف من انتفاضة الشيعة و تمرد الجيش و حدوث الاضطرابات و الفتن الداخلية. لأن ذلك الاعتداء الصارخ علي كرامة الامام عليه السلام هو طعنة في صميم العقيدة الشيعية فكان ذلك من الطبيعي أن يثير عواطفهم و يحفزهم علي الثورة و الانتقام حيث ان خلق كثير اعتنقوا عقيدة الشيعة من رجالات الدولة و قادة الجيش و كبار الموظفين و الكتاب فتدارك سليمان الموقف و أنقذ حكومة الرشيد و أسدي يدا بيضاء علي الشيعة تذكرها له بالخير.


پاورقي

[1] الكافي، ج 16، ص 256.

[2] تاريخ بغداد، ج 12، ص 32.

[3] تجارب السلف، ص 140.

[4] الفصول المهمة، ص 54.

[5] عمدة الطالب، ص 185.

[6] مناقب، ج 2، ص 386.