تعليمات الامام لتهذيب الشعب المسلم
في أعالي النصح البشري، و قمة الوعي الاصلاحي تبدو للامام موسي بن جعفر وصايا و ارشادات و حكم قصار، تمثل عصارة الفكر التجريبي في حياة العقل، أفاض بها الامام نضرة عطرة تتروح بها القلوب، و تهفو لها المشاعر و الأحاسيس، و هي جزء لامع من ذلك الاشعاع المتوهج الداعي لتهذيب النفس الانسانية، و انقاذ الهيكل
[ صفحه 95]
الاجتماعي من التداعي و الانهيار، و الأخذ بكيان الشعب المسلم الي التماسك و الاستمرار، و كأنها تلك اليد التي تدفع به الي شواطي ء الأمن و الدعة و الحرية من وراء الغيب.
و هي بعد ألفاظ جارية مجري الأمثال في الذيوع و الانتشار، فيها بلاغة القول، و فخامة المعني، و جلاء الصورة، جاءت برصف بياني عفوي جديد، لاعنت فيه و لا تكلف به، فهو حديث النفس للنفس. و نداء الضمير للضمير، و أي ضمير أنقي و أطهر من ضمير الامام موسي بن جعفر، و هو يريد للمستوي الأخلاقي أن يتطور، و للذات أن ترتفع عن صغائر الأمور، و للنفس أن تمتلي ء نورا و ثباتا و يقينا، و أن يلتقي الوجه الخارجي للانسان بالمحتوي الداخلي ليشكل كلا لا ينفصل في تهذيب الأفكار. و تلك اشارات و رموز و شواخص لا تجد أمثالها في غير مشروع أهل البيت الحضاري، فهم للبشرية جمعاء، و هم للناس في كل زمان و مكان.
و الامام موسي بن جعفر (عليه السلام) قديس أهل البيت في السلوك و الانابة، و رهباني هذه الأمة في الخشوع و السمت العرفاني، هذا من جانب؛ و من جانب آخر نجده رمز التصدي للانحلال و التدهور، و قد نذر نفسه من موقع المسؤولية الرسالية لقيادة الأمة، و مباشرة مشكلاتها في التربية و التعليم و الأخلاق وجها لوجه، فما استلان عودا، و لا وهن تبليغا، و لا ضعف أداء، كيف لا؟ و هو الناطق الهادر بالابلاغ الرسالي، لم تثنه عن مهمته العقبات و لا النكبات في أقسي الظروف ضراوة، و أشد العصور استفزازا، فكان الشاخص الماثل الذي تستطيل له العيون، فيغمرها هيبة و وقارا و جلالا.
ان هذه النصائح و الوصايا المختارة التي ستقرأها بالامكان - لو استثمرت استثمارا عقليا مجردا - أن تؤدي الي رحاب الحكمة و رياضة
[ صفحه 96]
النفس بعيدا عن الأوهام و التعالي، فهي تصور المبدأ العام للآداب الرفيعة، و هي تعبد الطريق الي تفاعل الضمير مع الحياة، و تدعو الي التعامل البشري السليم، و هي بعد: ليست من قبيل الأصوات التي لا تجد لها صدي في التأثير، بل هي نهج عالمي نظما و تكوينا و فكرا، ينطلق من ذات عرفت بترسيخ القيم و المبادي ء، و من شأنها أن توفر علي الطالب قراءة عشرات الكتب في تهذيب النفس.
و لا يخالجنا أدني شك أن هذه المقتطفات السائرة من تعليمات الامام تعتبر كنزا من كنوز الاسلام، حاولنا اختيار نماذج منها تعني بالأدب، و الخلق، و البر، و الايثار، و التراحم، و الاحسان، و الارتفاع بالانسان الي انسانيته الفاضلة، و هي من خزائن علم الامام في الدين و الاجتماع و الحب و فلسفة الحياة من نوادر الآثار العالمية.
و ميزة أخري أنها من السهل الممتنع، فهي في غاية الوضوح و السماح، و كان دوري فيها: حسن الاختيار، و ترتيبها علي طريقة «الألفباء» تسهيلا للتداول، و تنظيما للآخذ.
و كانت مواردها منتشرة و مزدهرة في طائفة من المصادر منها: أصول الكافي للكليني، و التوحيد و المعاني للصدوق، و التهذيب و الاستبصار للشيخ الطوسي / و الارشاد للمفيد / و قرب الاسناد للحميري / و المحاسن للبرقي / و تحف العقول لابن شعبة / و الاحتجاج للطبرسي / و كشف الغمة للاربلي / و بحارالأنوار للمجلسي، و وسائل الشيعة للحر العاملي، و أعيان الشيعة للأمين الحسيني العاملي / و حياة الامام موسي بن جعفر لباقر شريف القرشي / و الامام موسي بن جعفر لمحمد حسن آل ياسين، و سواها.
[ صفحه 97]
(أ)
1 - الله ينزل المعونة علي قدر المؤونة، و ينزل الصبر علي قدر المصيبة.
2 - أداء الأمانة و الصدق يجلبان الرزق، و الخيانة و الكذب يجلبان الفقر و النفاق.
3 - اتق الله، و قل الحق و ان كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك.
4 - اتق الله، ودع الباطل و ان كان فيه نجاتك، فان فيه هلاكك.
5 - اياك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثليه في معصية الله.
قال عند قبر حضره:
6 - ان شيئا هذا آخره، لحقيق أن يزهد في أوله، و ان شيئا هذا أوله، لحقيق أن يخاف آخره.
7 - اذا كان الجور أغلب من الحق لم يحل لأحد أن يظن بأحد خيرا حتي يعرف ذلك منه.
8 - ان العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره.
9 - ان كان لا يغنيك ما يكفيك، فليس شي ء من الدنيا يغنيك.
10 - ان أعظم الناس قدرا الذي لا يري الدنيا لنفسه خطرا.
11 - أما أن أبدانكم ليس لها ثمن الا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها.
12 - أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا.
13 - ان العاقل: لا يحدث من يخاف تكذيبه، و لا يسأل من يخاف منعه، و لا يعد ما لا يقدر عليه، و لا يرجو ما يعنف برجائه، و لا يتقدم علي ما يخاف العجز عنه.
14 - ان الرفق و البر و حسن الخلق يعمر الديار، و يزيد في الرزق.
15 - اصبر علي طاعة الله، و اصبر عن معاصي الله...
[ صفحه 98]
16 - اياك و الكبر، فانه لا يدخل الجنة من كان في قلبه حبة من كبر.
17 - اياك و مخالطة الناس و الأنس بهم، الا أن تجد منهم عاقلا و مأمونا فأنس به، و اهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية.
18 - اياك و الطمع، و عليك باليأس من أيدي الناس.
19 - اياك و الكسل و الضجر، فانهما مفتاح كل سوء.
20 - اياك و المزاح فانه يذهب بنور ايمانك، و يستخف بمروءتك.
21 - اياك و الكسل و الضجر، فانهما يمنعانك من حظك في الدنيا و الآخرة.
22 - اياك أن يراك الله في معصية نهاك عنها، و اياك أن يفقدك عند طاعة أمرك بها...
23 - أمت الطمع من المخلوقين؛ فان الطمع مفتاح الذل، و اختلاس العقل، و اختلاف المروات، و تدنيس العرض، و الذهاب بالعلم.
24 - ان ضوء الروح العقل، فان كان العبد عاقلا كان عالما بربه، و اذا كان عالما بربه أبصر دينه.
25 - ان كل الناس يبصر النجوم، و لكن لا يهتدي بها الا من يعرف مجاريها و منازلها، و كذلك أنتم تدرسون الحكمة، و لكن لا يهتدي بها منكم الا من عمل بها.
26 - ان لله عبادا في الأرض يسعون في حوائج الناس هم الآمنون يوم القيامة. 27 - أفضل العبادة بعد المعرفة: انتظار الفرج.
28 - اذا كان الرجل حاضرا فكنه، و اذا كان غائبا فسمه.
29 - اتق المرتقي السهل اذا كان منحدره و عرا.
30 - ان قوما يصحبون السلطان يتخذهم المؤمنون كهوفا؛ هم الآمنون يوم القيامة.
[ صفحه 99]
31 - ان أهل الأرض لمرحومون ما تحابوا، و أدوا الأمانة، و عملوا بالحق.
32 - اذا لم تستح فاعمل ما شئت.
33 - ان الصبر علي البلاء أفضل من العافية عند الرخاء.
34 - ان الصمت باب من أبواب الحكمة، و ان الصمت يكسب المحبة، و انه دليل كل خير.
35 - أحسن من الصدق قائله، و خير من الخير فاعله.
36 - أما و الله؛ لئن عز بالظلم في الدنيا، ليذلن بالعدل بالآخرة.
(ت)
37 - التدبير نصف العيش.
38 - التودد الي الناس نصف العقل.
39 - تفقهوا في دين الله، فان الفقه مفتاح البصيرة، و تمام العبادة، و السبب الي المنازل الرفيعة و الرتب العالية في الدنيا و الدين.
(ث)
40 - ثلاثة يجلين البصر:
النظر الي الخضرة، و النظر الي الماء الجاري، و النظر الي الوجه الحسن.
(ر)
41 - رأس السخاء أداء الأمانة.
(ز)
42 - زاحموا العلماء في مجالسهم و لو حبوا علي الركب، فان الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر.
[ صفحه 100]
(ص)
43 - الصنيعة لا تكون صنيعة الا عند ذي دين أو حسب.
(ع)
44 - العجلة هي الخرق.
45 - عليك بالرفق فان الرفق يمن و الخرق شؤم.
46 - عليك بالاعتصام بربك، و التوكل عليه، و جاهد نفسك لتردها عن هواها، فانه واجب عليك كجهادك عدوك.
47 - عونك للضعيف أفضل من الصدقة.
48 - العجب كل العجب للمحتمين من الطعام و الشراب مخافة الداء ان نزل بهم، كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار اذا اشتعلت في أبدانهم.
(غ)
49 - الغضب مفتاح الشر.
(ف)
50 - فضل الفقيه علي العابد كفضل الشمس علي الكواكب.
(ق)
51 - قلة العيال أحد اليسارين.
52 - قلة الوفاء عيب بالمروءة.
(ك)
54 - كثرة الهم تورث الهرم.
55 - كفارة عمل السلطان الاحسان الي الاخوان.
[ صفحه 101]
56 - كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدون.
57 - كن بارا و اقتصر علي الجنة، و ان كنت عاقا فظا فاقتصر علي النار.
58 - كذب سمعك و بصرك عن أخيك...
59 - كفي بالتجارب تأديبا، و بممر الأيام عظة، و بأخلاق من عاشرت معرفة، و بذكر الموت حاجزا عن المعاصي...
60 - الكبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار.
(ل)
61 - لا دين لمن لا مروءة له، و لا مروءة لمن لا عقل له.
62 - لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها، و لا تمنعوها أهلها فتظلموهم.
63 - ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم، فان عمل حسنا استزاد منه، و ان عمل سيئا استغفر الله منه، و تاب اليه.
64 - لا تكونن مبتدعا.
65 - لا خير في العيش الا لمسمع واع أو عالم ناطق.
66 - لا تبذل لاخوانك من نفسك ما ضرره أكثر من منفعته لهم.
67 - لو ظهرت الآجال لافتضحت الآمال.
68 - لا تضيع حق أخيك اتكالا علي ما بينك و بينه، فانه ليس بأخ من ضيعت حقه. 69 - لا يكونن أخوك أقوي علي قطيعتك منك علي صلته.
70 - ليس حسن الجوار كف الأذي، و لكن حسن الجوار الصبر علي الأذي.
71 - لا تذهب الحشمة بينك و بين أخيك، و ابق منها، فان ذهابها ذهاب الحياء.
[ صفحه 102]
72 - لا تحدثوا أنفسكم بفقر و لا بطول عمر، فان من حدث نفسه بالفقر بخل، و من حدثها بطول العمر يحرص.
(م)
73 - من أيقن بالخلف جاد بالعطية.
74 - ما عال امرؤ اقتصد.
75 - من أحزن والديه فقد عقهما.
76 - من ضرب بيده علي فخذه، أو واحدة علي الأخري عند المصيبة، فقد حبط أجره.
77 - من اقتصده و قنع بقيت عليه النعمة.
78 - من بذر و أسرف زالت عنه النعمة.
79 - المصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها الا بالصبر، و الاسترجاع عند الصدمة.
80 - المؤمن كمثل كفتي ميزان، كلما زيد في ايمانه زيد في بلائه.
81 - من لم يتفقه في دينه لم يرض الله له عملا.
82 - المصيبة للصابر واحدة، و للجازع اثنتان.
83 - ما عبد الا و ملك آخذ بناصيته، فلا يتواضع الا رفعه الله، و لا يتعاظم الا وضعه الله.
84 - مجالسة أهل الدين شرف الدنيا و الآخرة.
85 - محادثة العالم علي المزابل، خير من محادثة الجاهل علي الزرابي.
86 - من نظر برأيه هلك.
87 - من ترك أهل بيت نبيه (صلي الله عليه و آله) ضل.
[ صفحه 103]
88 - مشاركة العاقل يمن و بركة و رشد و توفيق من الله، فاذا أشار عليك العاقل الناصح فاياك و الخلاف، فان في ذلك العطب.
89 - من قصد اليه رجل من اخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه، فقد قطع ولاية الله عزوجل.
90 - من أدخل علي مؤمن سرورا فرح الله قلبه يوم القيامة.
91 - المؤمن أعز من الجبل، الجبل يستغل بالمعاول، و المؤمن لا يستغل دينه بشي ء.
92 - من تكلف ما ليس من عمله ضاع عمله، و خاب أمله.
93 - ما أهان الدنيا قوم قط الا هنأهم الله اياها، و بارك لهم فيها، و ما أعزها قوم الا بغضهم الله اياها.
94 - من أتي الي أخيه مكروها فبنفسه بدأها.
95 - من ولده الفقر أبطره الغني.
96 - ما أستب اثنان الا انحط الأعلي منهما الي المرتبة السفلي.
97 - المؤمن أخو المؤمن لأمه و أبيه، و ان لم يلده أبوه.
98 - المعروف تلو المعروف غل لا يفكه الا مكافأة أو شكر.
99 - ملعون من اتهم أخاه.
100 - ملعون من لم ينصح لأخيه.
101 - ملعون من احتجب عن أخيه.
102 - ملعون من اغتاب أخاه.
103 - من لم يكن له من نفسه واعظ تمكن عدوه منه.
104 - المغبون من غبن من عمره ساعة.
[ صفحه 104]
105 - من ترك التماس المعالي لانقطاع رجائه فيها لم ينل جسيما.
106 - من تكلم في الله هلك، و من طلب الرئاسة هلك، و من دخله العجب هلك. 107 - من قصده رجل من اخوانه مستجيرا في بعض أحواله، فلم يجره أن يقدر عليه، فقد قطع ولاية الله عزوجل.
108 - من استشار لا يعدم عند الصواب مادحا، و عند الخطأ عاذرا.
109 - من اقتصد و قنع بقيت عليه النعمة، و من بذر و أسرف زالت عنه النعمة. 110 - من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فانما هي رحمة من الله تبارك و تعالي ساقها اليه، فان قبل ذلك فقد وصله بولايتنا، و هو موصول بولاية الله تبارك و تعالي، و ان رده عن حاجته و هو يقدر علي قضائها، سلط الله تبارك و تعالي عليه شجاعا من نار ينهشه في قبره الي يوم القيامة، مغفورا له أو معذبا، فان عذره الطالب كان أسوأ حالا.
(ي)
111 - يعرف شدة الجور من حكم به عليه.
112 - ينادي مناد يوم القيامة:
ألا من كان له علي الله أجر فليقم، فلا يقوم الا من عفا و أصلح، فأجره علي الله.
113 - ينبغي لمن عقل من الله أن لا يستبطأه في رزقه، و لا يتهمه في قضائه.
[ صفحه 105]