بازگشت

الامام في خضم التيار الكلامي


و استبق الامام موسي بن جعفر (عليه السلام) خطا المتكلمين، و بادر الي الدفاع عن التوحيد، و أبطل شبهات الانحراف، و حمل الفكر علي المحجة البيضاء، كما حدب علي ايصال المفردات الرائدة الي الذهن الانساني بيسر و سماح من خلال ذلك الوهج اللماع لاستلهام الحقائق ناصعة مجردة. فللامام رسالة في التوحيد بلغ بها الذروة في الحديث عن الخالق و صفاته، و تنزيه الباري ء المصور من كل المقولات الضالة، و افتقار الناس اليه تعالي و استغناؤه عن الخلق، بما يعتبر سجلا حافلا بأصول التوحيد، و هو بمعطياته لا نظير له في تأريخ حضارة الانسان.

بدأ الامام (عليه السلام) في هذه الرسالة: بحمد الله الدال علي وجوده بمخلوقاته، و المستشهد بآياته علي قدرته.

و ذهب الامام أن صفات الله عين ذاته، فلا يحاط بحد، بصير لا بأداة، سميع لا بآلة، لا تدركه العقول لقصورها عن ذلك، و هو في غاية الظهور لتجرده عن الحجب، الديانة معرفته، و كمال معرفته توحيده، الي آخر ما أبان (عليه السلام)؛ و ان من كمال البحث العقلي اثبات نص هذه الرسالة.

قال الامام (عليه السلام): «الحمد لله الملهم عباده حمده، و فاطرهم علي معرفة ربوبيته، الدال علي وجوده بخلقه، المستشهد بآياته علي قدرته، الممتنعة من الصفات ذاته، و من الأبصار رؤيته، و من الأوهام الاحاطة به، لا أمد لكونه، و لا غاية لبقائه، لا تشمله المشاعر، و لا تحجبه الحجب، و الحجاب بينه و بين خلقه بأخلقه اياهم، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم، و لا مكان مما يمتنع منه، و لافتراق الصانع من المصنوع، و الحاد من المحدود، و الرب من المربوب، و الواحد بلا تأويل عدد، و الخالق لا بمعني حركة، و البصير



[ صفحه 127]



لا بأداة، و السميع لا بتفريق آلة، و الشاهد لا بمماسة، و الباطن باجتنان، و الظاهر البائن لا بتراخي مسافة، أزلة نهي لمجاول الأفكار، و دوامه ردع لطامحات العقول، قد حسر كنهه نوافذ الأبصار، و قمح وجوده جوائل الأوهام. أول الديانة به معرفته، و كمال معرفته توحيده، و كمال توحيده نفي الصفات عنه بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، و شهادة الموصوف أنه غير الصفة، و شهادتهما جميعا بالتثنية.

الممتنع من الأزل، فمن وصف الله فقد حده، و من حده فقد عده، و من عده فقد أبطل أزله، و من قال: كيف؟ فقد استوصفه، و من قال: فيم؟ فقد ضمنه، و من قال: علي م؟ فقد جهله، و من قال: أين؟ فقد أخلي منه، و من قال: ما هو؟ فقد نعته، و من قال: الي م؟ فقد غاياه، عالم اذ لا معلوم، و خالق اذ لا مخلوق، و رب اذ لا مربوب، و كذلك يوصف ربنا، و فوق ما يصفه الواصفون» [1] .

و لا أعلم وثيقة توحيدية نابضة كهذه الوثيقة في أدلتها و ايجازها و بلاغتها، الا أن تكون لأميرالمؤمنين الامام علي (عليه السلام) و أولاده المعصومين، فموردهم واحد، و رافدهم واحد.

و في مجال التجسيد، دحض الامام الأقوال بالحركة، و نزه الباري عزوجل عن الانتقال و التخطي، لأن ذلك وصف للمتحرك، و المتحرك لا يكون بمكانين في آن واحد، و الله تعالي فوق الزمان و المكان، و هو علي سواء في القرب و البعد، فلا يحد بمكان، و لا يتحرك بجوارح، و لا يتحدث بفم.

قال الامام (عليه السلام): «لا أقول انه قائم فأزيله عن مكانه، و لا أحده بمكان يكون فيه، و لا أحده أن يتحرك في شي ء من الأركان و الجوارح، و لا أحده



[ صفحه 128]



بلفظ شق فم، و لكن كما قال تعالي: (... كن فيكون) [2] بمشيئته من غير تردد في نفس، صمدا فردا، لم يحتج الي شريك يذكر له ملكه، و لا يفتح له أبواب عمله» [3] .

و في السياق نفسه نفي الامام نزول الله فيما تزعم بعض المرويات، و نفي احتياجه للنزول، فكل شي ء محتاج اليه، و هو ليس بحاجة الي شي ء.

قال الامام (عليه السلام):

«ان الله لا ينزل، و لا يحتاج أن ينزل، انما منظره في القرب و البعد سواء، لم يبعد منه قريب، و لم يقرب منه بعيد، و لم يحتج الي شي ء بل يحتاج اليه، و هو ذو الطول لا اله الا هو العزيز الحكيم» [4] .

ثم دعم الامام هذا الرأي بالدليل العقلي، فان النزول دليل الحركة، و المتحرك له من يحركه، و ذلك من المحدثات، و الله تعالي هو الأزلي القديم. قال الامام (عليه السلام):

«أما قول الواصفين: انه ينزل تبارك و تعالي، فانما يقول بذلك من ينسبه الي نقص أو زيادة، و كل متحرك يحتاج الي من يحركه أو يتحرك به، فمن ظن بالله الظنون فقد هلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له علي حد تحدونه بنقص، أو زيادة، أو تحريك، أو تحرك، أو زوال، أو استنزال، أو نهوض، أو قعود، فان الله جل و عز عن صفة الواصفين، و نعت الناعتين، و توهم المتوهمين» [5] .

و كما نفي الامام الحركة و أبطلها، فقد نفي القول بالجسم و الصورة و المثلية.



[ صفحه 129]



قال الامام: «سبحان من ليس كمثله شي ء، لا جسم و لا صورة» [6] .

و عرض علي الامام قول أهل التجسيم فيما نصه:

«ان الله جسم ليس كمثله شي ء، عالم، سميع، بصير، قادر، متكلم، ناطق، و الكلام و القدرة و العمل تجري مجري واحدا، ليس شي ء منها مخلوقا».

فرد الامام هذه المزاعم الفجة، و حمل علي قائلها، بقوله: «قاتله الله، أما علم أن الجسم محدود، و الكلام غير المتكلم، معاذ الله!! و أبرأ الي الله من هذا القول. لا جسم، و لا صورة، و لا تحديد، و كل شي ء سواه مخلوق. انما تكون الأشياء بارادته و مشيئته من غير كلام، و لا تردد نفس، و لا نطق لسان» [7] .

ان هذا المنطق الفياض بروائعه الكلامية ينطلق من معرفة خارقة بحقائق الأشياء، و من نفس أثيرة غمرها الايمان، فنظرت في صفات الباري بعين البصيرة، و كانت الأدلة البرهانية تتقاطر معها كالسيل اذا انحدر، لذلك كان المتكلمون ينتظمون في موقع الافادة و الاستزادة من الامام، لا في موضع الجدل و المناظرة، فهم بازاء أحد عباقرة الدنيا في استقراء المفاهيم و ابراز المصاديق، و انارة السبيل بين أيدي الباحثين الالهيين.

لقد سئل الامام عن ارادة الله تعالي، فأجاب بديهة:

«الارادة من الخلق الضمير، و ما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل. و أما من الله فارادته احداثه لا غير، لأنه لا يروي، و لا يهم، و لا يفكر، و هذه الصفات منفية عنه، و هي صفات الخلق، فارادة الله الفعل لا غير ذلك، يقول له: (... كن فيكون) [8] بلا لفظ، و لا نطق، و لا لسان، و لا همة، و لا تفكر، و لا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له» [9] .



[ صفحه 130]



أرأيت كيف أفرغت البلاغة جوهرها في هذا النص الفريد، فميز فيه بين ارادة الخالق و المخلوق، بأبلغ لفظ، و أوجز بيان، و أوضح أسلوب. فارادة الانسان قرار داخلي محدث فيما يبدو له من الأفعال بعد التأمل و التفكير، و ارادة الله تعالي احداثه للشي ء ليس غير، و هذا الاحداث يتم بأمر الكينونة المطلقة منه، دون لفظ و ذبذبة لسان، و لا نطق و لا هم و لا تفكير.

و الطريف في هذا الملحظ أن الامام يتحدث عن ارادة الله في شقيها التكويني و التشريعي، بما لم يسبق اليه من قبل فلاسفة عصره و المتكلمين. يقول الامام (عليه السلام): «ان الله ارادتين و مشيئتين: ارادة حتم، و ارادة عزم، ينهي و هو يشاء، و يأمر و هو يشاء، أو رأيت أنه نهي آدم و زوجته أن يأكلا من الشجرة و شاء ذلك؟ و لو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالي، و أمر ابراهيم بذبح اسحاق (ولده) و لم يشأ أن يذبحه، و لو شاء لما غلبت مشيئة ابراهيم مشيئة الله تعالي» [10] .

و قد عقب الأستاذ باقر شريف القرشي علي هذا بقوله: «و بيان مراده (عليه السلام): أن الارادة تنقسم الي الارادة التكوينية الحقيقية، و الي الارادة التشريعية الاعتبارية، فارادة الانسان التي تتعلق بفعل نفسه ارادة تكوينية تؤثر في أعضائه الي ايجاد المطاوعة الا لمانع، و أما الارادة التي تتعلق بفعل الغير كما اذا أمر بشي ء أو نهي عنه، فان هذه الارادة ليست تكوينية بل هي تشريعية لأنها لا تؤثر ايجاد الفعل أو تركه من الغير، بل تتوقف علي الارادة التكوينية له.

و اما ارادة الله التكوينية فهي التي تتعلق بالشي ء، و لابد من ايجاده، و يستحيل فيها التخلف.



[ صفحه 131]



و أما ارادته التشريعية فهي التي تتعلق بالفعل من حيث أنه حسن و صالح. و أما نهي الله لآدم عن الأكل... و أمره لابراهيم بالذبح... فان النهي و الأمر فيهما تشريعيان، كما أن المشيئة هي المشيئة التكوينية.

و الأخبار الواردة عن أئمة الهدي (عليهم السلام) بأن الذي جعل قربانا للبيت الحرام هو اسماعيل دون اسحاق» [11] .

و ها أنت تري أن هذا المناخ العقلي المتطور لدي الامام كان زاخرا بعبارات تنبض بالجمال الفني لغة، و تصقل بصفاء الأسلوب أداء، مما حول المعركة الكلامية المتنافرة الي مادة تفاهم و نشاط عقلي يبتعد بأفكاره عن الانكفاء وراء التهم، و يتحاشي الهجوم المرير. علي أن هذا المناخ الذي أوجده الامام كان يتردد في أفق ملتهب لا معقول، الا أن الامام قد عدل من مساره و قاده الي شواطي ء الأمن.

و لم يكن الامام الا داعية الي سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة، عليه ابداء الحقائق مجردة، و وضع الأعلام لائحة، فمن أخذ بها فقد أخذ بالسهم الأرشد، و من أبي ذلك عليه فهو و شأنه.

فقد دحض الامام مزاعم أهل الجبر باستدلال بديهي أن الله تعالي بأمره و نهيه قد جعل السبيل ممهدا للأخذ بما أمر، و جعله كذلك في ترك ما نهي عنه، و لم يجبر أحدا علي عمل، قال (عليه السلام): «ان الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون، فأمرهم و نهاهم، فما أمرهم به شي ء فقد جعل لهم السبيل الي الأخذ به، و ما نهاهم عنه من شي ء فقد جعل لهم السبيل الي تركه، و لا يكونون آخذين و لا تاركين الا باذنه، و ما جبر الله أحدا من خلقه علي معصيته، بل اختبرهم بالبلوي، و كما قال:



[ صفحه 132]



(... ليبلوكم أيكم أحسن عملا...) [12] [13] .

و من هذا القبيل ما روي عن الامام الرضا (عليه السلام) أنه قال: سأل رجل أبي: هل منع الله عما أمر به؟ و هل نهي عما أراد؟ و هل أعان علي ما لم يرد؟

فقال (عليه السلام): أما قولك هل منع عما أمر به، فلا يجوز ذلك عليه، و لو جاز ذلك لكان قد منع ابليس عن السجود لآدم، و لو منعه لقدره و لم يلعنه.

و أما قولك هل نهي عما أراد؟ فلا يجوز، و لو جاز ذلك لكان حيث نهي آدم عن أكل الشجرة أراد أكلها... و الله تعالي لا يجوز عليه أن يأمر بشي ء و يريد غيره.

و أما قولك: هل أعان علي ما لم يرد؟ فلا يجوز ذلك عليه، و تعالي الله عن أن يعين علي قتل الأنبياء و تكفيرهم، و قتل الحسين بن علي و الفضلاء من ولده، و كيف يعين علي ما لم يرد؟ و قد أعد جهنم لمخالفيه، و لعنهم علي تكذيبهم لطاعته و ارتكابهم لمخالفته، و لو جاز أن يعين علي ما لم يرد لكان أعان فرعون علي كفره و ادعائه أنه رب العالمين، أفتري أنه أراد من فرعون أن يدعي الربوبية...» [14] و هذا أبوحنيفة، النعمان بن ثابت، يسأل الامام و هو صبي.

قال له: «يا ابن رسول الله؛ ما تقول في أفعال العباد؛ ممن هي؟

قال الامام: يا نعمان، قد سألت فاسمع، و اذا سمعت فعه، و اذا وعيت فاعمل.

ان أفعال العباد لا تخلو من ثلاث خصال:



[ صفحه 133]



اما من الله علي انفراده، أو من الله و العبد شركة، أو من العبد بانفراده.

فان كانت من الله علي انفراده، فما باله سبحانه يعذب عبده علي ما لم يفعله مع عدله و رحمته و حكمته؟

و ان كانت من الله و العبد شركة، فما بال الشريك القوي يعذب شريكه علي ما قد شركه فيه، و أعانه عليه؟

ثم قال الامام: استحال الوجهان يا نعمان؟ فقال: نعم.

قال الامام: فلم يبق الا أن يكون من العبد علي انفراده...» [15] .

و هذا تأكيد علي أصل العدل من جهة، و هو نفي للجبر و التفويض من جهة أخري. و قد كرر أبوحنيفة نفسه هذا السؤال للامام بصيغة أخري تحوم حول الغرض ذاته، الا أنه خصص السؤال بصدور المعصية.

فأجابه الامام الجواب نفسه تقريبا بطرح جديد.

قال أبوحنيفة للامام: «جعلت فداك ممن المعصية؟...

قال الامام: ان المعصية لابد أن تكون من العبد أو من ربه، أو منهما جميعا، فان كانت من الله تعالي فهو أعدل و أنصف من أن يظلم عبده، و يأخذه بما لم يفعله. و ان كانت منهما فهو شريكه، و القوي أولي بانصاف عبده الضعيف. و ان كانت من العبد وحده فعليه وقع الأمر، و اليه توجه النهي، و له حق الثواب و العقاب، و وجبت له الجنة و النار.

قال أبوحنيفة: فقلت: (ذرية بعضها من بعض) [16] [17] .



[ صفحه 134]



و مع أن أباحنيفة من القائلين بالجبر، و ممن قيدوا حرية الارادة، فانه قد سجل اعجابه بما أجاب به الامام، سيما و الرواية تقول بأن الامام كان آنذاك صغير السن.

و كان الامام لا يبخل علي أحد بالافادة منه في النظر العقلي، لا سيما في أصول الدين و فروعه، و الظاهرة الماثلة للعيان أن جرت بينه و بين هارون الرشيد عدة مباحثات و مناظرات و احتجاجات، يأتي بعضها في محلها، و لكن الملفت للنظر حقا أن يطب اليه الرشيد أن يكتب له كلاما موجزا له أصول و فروع، يفهم تفسيره... فكتب الامام:

«بسم الله الرحمن الرحيم؛ أمور الدنيا أمران: أمر لا اختلاف فيه، و هو اجماع الأمة علي الضرورة التي يضطرون اليها، و الأخبار المجمع عليها، المعروض عليها شبهة، و المستنبط منها كل حادثة، و أمر يحتمل الشك و الانكار، و سبيل استنصاح أهل الحجة، فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع علي تأويله، أو سنة عن النبي (صلي الله عليه و آله) لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، ضاق علي من استوضح تلك الحجة ردها، و وجب عليه قبولها، و الاقرار و الديانة بها، و ما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع علي تأويله، أو سنة عن النبي (صلي الله عليه و آله) لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله، وسع خاص الأمة و عامها الشك فيه و الانكار له كذلك، هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه الي ارش الخدش و ما دونه، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، و ما غمض عنك ضوؤه نفيته.

و لا قوة الا بالله، و حسبنا الله و نعم الوكيل» [18] .



[ صفحه 135]



و هذا الانفتاح علي المناخ العقلي لدي الامام لم يكن مقتصرا علي المسلمين وحدهم، بل تجاوزه الي الملل و النحل الأخري... فقد روي هشام بن الحكم أن الامام موسي بن جعفر قال لأبرهة النصراني: كيف علمك بكتابك؟ قال: أنا عالم به و بتأويله.

قال: فابتدأ الامام (عليه السلام) يقرأ الانجيل.

فقال أبرهة: و المسيح لقد كان يقرأها هكذا؛ و ما قرأ هكذا الا المسيح، و أنا كنت أطلبه منذ خمسين سنة. فأسلم علي يديه [19] .

و اجتمع الامام موسي بن جعفر براهب، و جرت بينهما المحاورة الآتية:

قال الراهب للامام: يا هذا أنت غريب؟

قال الامام: نعم.

قال الراهب: منا أو علينا؟

قال الامام: لست منكم.

قال: أنت من الأمة المرحومة؟

قال الامام: نعم.

قال: أفمن علمائهم أنت أم جهالهم؟

قال الامام: لست من جهالهم.

قال: كيف طوبي أصلها في دار عيسي و عندكم في دار محمد، و أغصانها في كل دار؟

قال الامام: الشمس قد وصل ضوؤها الي كل مكان و كل موضع و هي في السماء.



[ صفحه 136]



قال الراهب: و في الجنة لا ينفد طعامها و ان أكلوا منه، و لا ينقص منه شي ء؟ قال الامام: السراج يقتبس منه و لا ينقص منه شي ء.

قال الراهب: و في الجنة ظل ممدود؟

فقال الامام: الوقت الذي قبل طلوع الشمس كلها؛ ظل ممدود.

و قوله: (ألم تر الي ربك كيف مد الظل...) [20] .

قال الراهب: ما يؤكل و يشرب في الجنة لا يكون بولا و لا غائطا؟

قال الامام: الجنين في بطنه أمه...

قال الراهب: أهل الجنة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟

قال الامام: اذا احتاج الانسان الي شي ء عرفت أعضاؤه ذلك، و يفعلون بما أرادوا من غير أمر.

قال الراهب: مفاتيح الجنة من ذهب أو فضة؟

قال الامام: مفتاح الجنة لسان العبد: لا اله الا الله.

قال صدقت، و أسلم و الجماعة معه [21] .

و لا تحسبن المناخ العقلي لدي الامام كان مقتصرا علي المناظرات و المحاورات، و انما هو خصيصة رسالية سيرها الامام ما وجد الي ذلك سبيلا، و مهمة قيادية وجه بها الأجيال نحو المعرفة الالهية و الكمال النفسي.



[ صفحه 137]




پاورقي

[1] الكليني / أصول الكافي 1 / 139 - 140.

[2] سورة ياسين / 82.

[3] الكليني / أصول الكافي 1 / 125.

[4] الكليني / الكافي 1 / 125.

[5] الكليني / الكافي 1 / 125.

[6] المصدر نفسه 1 / 104.

[7] المصدر نفسه 1 / 106.

[8] سورة ياسين / 82.

[9] الكليني / أصول الكافي 1 / 127.

[10] الكليني / أصول الكافي 1 / 151.

[11] باقر شريف القرشي / حياة الامام موسي بن جعفر 2 / 153.

[12] سورة الملك / 2.

[13] الطبرسي / الاحتجاج / 210.

[14] هاشم معروف الحسني / سيرة الأئمة الاثني عشر 2 / 329.

[15] المجلسي / بحارالأنوار: 48 / 175 و انظر مصدره.

[16] سورة آل عمران / 34.

[17] ظ: السيد المرتضي / أمالي المرتضي: 1 / 151، ابن شهر آشوب / المناقب: 3 / 429، المجلسي / بحارالأنوار: 48 / 109.

[18] الشيخ المفيد / الاختصاص / 58.

[19] ابن شهر آشوب / المناقب 3 / 426.

[20] سورة الفرقان / 45.

[21] ابن شهر آشوب / المناقب 3 / 427.