بازگشت

اغتيال الامام بالسم


ذهب أغلب المؤرخين الي أن الامام مات مسموما في سجن السندي بن شاهك، و انفرد أبوالفرج الأصبهاني بأن الامام لف في بساط و هو حي، فجلس عليه السجانون حتي توفي [1] .

و وافقه ابن عنبة بالقول: بأنه لف في بساط و غمز حتي مات [2] .

الا أن الروايات الأكثر شيوعا: أن الامام دس له السم في سجن السندي بأمر الرشيد فمات مسموما، و هذه الروايات يمكن تصنيفها كالآتي:

1 - ان السندي بن شاهك حضر، بعدما كان بين يدي الامام السم في عشر رطبات، و أنه (عليه السلام) أكلها.

فقال له السندي: تزداد؟ فقال (عليه السلام) له: حسبك فقد بلغت ما يحتاج اليه في ما أمرت به.

ثم ان السندي أحضر القضاة و العدول قبل وفاته بأيام، و أخرجه اليهم، و قال: ان الناس يقولون: ان أباالحسن موسي في ضنك و ضر، و ها هو ذا لا علة به و لا مرض، و لا ضر.



[ صفحه 249]



فالتفت الامام (عليه السلام)، فقال لهم: اشهدوا علي أني مقتول بالسم منذ ثلاثة أيام، اشهدوا أني صحيح الظاهر لكني مسموم، و سأحمر في آخر هذا اليوم حمرة شديدة منكرة، و أصفر غدا صفرة شديدة منكرة، و أبيض بعد غد، و أمضي الي رحمة الله و رضوانه، فمضي (عليه السلام) كما قال في آخر اليوم الثالث

[3] .

2 - ان يحيي بن خالد البرمكي خرج علي البريد حتي وافي بغداد، فماج الناس و أرجفوا بكل شي ء، و أظهر أنه ورد لتعديل السواد، و النظر في أمور العمال، و تشاغل ببعض ذلك أياما، ثم دعا السندي بن شاهك، فأمره بأمره فامتثل، و كان الذي تولي به السندي قتله (عليه السلام)، سما جعله في طعام قدمه اليه. و يقال: انه جعله في رطب أكل منه، فأحس بالسم، و لبث بعده ثلاثا موعوكا منه، ثم مات في اليوم الثالث [4] .

3 - ان يحيي بن خالد البرمكي هو الذي سم الامام بأمر الرشيد مباشرة: فعن عبدالله بن طاووس، قال:

قلت للرضا (عليه السلام): ان يحيي بن خالد سم أباك موسي بن جعفر صلوات الله عليهما؟ قال: نعم، سمه في ثلاثين رطبة [5] .

4 - و في عيون الأخبار جاء النص الآتي:

«ثم حبس - يعني الامام موسي بن جعفر - و سلم الي السندي بن شاهك، فحبس، و ضيق عليه، ثم بعث اليه الرشيد بسم في رطب، و أمره أن يقدمه اليه، و يحتم عليه في تناوله منه، ففعل، فمات صلوات الله عليه» [6] .



[ صفحه 250]



و كانت هنالك محاولة سابقة لسم الامام في الرطب في رواية عمر بن واقد، قال: ان هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسي بن جعفر (عليه السلام)، و ما كان يبلغه من قول الشيعة بامامته، و اختلافهم في السر اليه بالليل و النهار خشية علي نفسه و ملكه، ففكر في قتله بالسم، فدعا برطب فأكل منه، ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة، و أخذ سلكا فعركه في السم، أدخله في سم الخياط، و أخذ رطبة من ذلك الرطب، فأقبل يردد اليها ذلك السم بذلك الخيط، حتي علم أنه قد حصل السم فيها، فاستكثر منه، ثم ردها في ذلك الرطب، و قال لخادم:

احمل هذه الصينية الي موسي بن جعفر، و قل له: ان أميرالمؤمنين أكل من هذا الرطب، و تنغص لك به، و هو يقسم عليك بحقه لما أكلتها عن آخر رطبة... فتحاشي الامام هذه الرطبة في حديث طويل، فباءت المحاولة بالفشل [7] .

و لئن باءت هذه المحاولة بالفشل فما باءت المحاولات الأخري.

و مهما يكن من أمر فان الوثائق التأريخية المعتمدة تشير أن الامام (عليه السلام) مات مسموما علي يد السندي بأمر الرشيد [8] .

و مما يؤكد هذا الرأي ما رواه الشيخ المفيد:

ان الامام لما حضرته الوفاة سأل السندي بن شاهك أن يحضر مولي له مدنيا ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولي غسله و تكفينه ففعل ذلك.



[ صفحه 251]



قال السندي: فكنت أسأله في الاذن أن أكفنه فأبي، و قال: «انا أهل بيت مهور نسائنا، و حج صرورتنا، و أكفان موتانا، من طاهر أموالنا، و عندي كفني، و أريد أن يتولي غسلي و جهازي مولاي فلان، فتولي ذلك منه» [9] .

و هكذا تنطوي حياة الامام في ظل الارهاب السياسي.


پاورقي

[1] الأصبهاني / مقاتل الطالبيين / 504.

[2] ابن عنبة / عمدة الطالب / 185.

[3] ظ: المجلسي / بحارالأنوار 48 / 247 - 248 عن عيون المعجزات / 95.

[4] المفيد / الارشاد / 339، الأربلي / كشف الغمة 3 / 27.

[5] النجاشي / الرجال / 371، المجلس / البحار 48 / 242.

[6] الصدوق / عيون أخبار الرضا 1 / 85، البحار 48 / 222.

[7] ظ: المجلسي / بحارالأنوار 48 / 223 و انظر مصدره.

[8] ظ: المفيد / الارشاد / 339، المسعودي / مروج الذهب 3 / 273، ابن الطقطقي / الفخري / 172، الطوسي / التهذيب 6 / 81، ابن شهر آشوب / المناقب 3 / 437، ابن خلكان / وفيات الأعيان 4 / 395، ابن حجر / الصواعق المحرقة / 122، ابن الصباغ / الفصول المهمة / 222، القندوزي / ينابيع المودة / 363، المجلسي / البحار 48 / 207.

[9] الشيخ المفيد / الارشاد / 339.