بازگشت

الطريقة الموضوعية الفعالة في كيفية دراسة تاريخ الأئمة و طريقة و عي فكرهم و استله


الطريقة الموضوعية الفعالة في كيفية دراسة تاريخ الأئمة و طريقة و عي فكرهم و استلهام دورهم في القضايا المعاصرة
يشكل التاريخ أحد المنابع الرئيسية التي تزود الانسان - في المعطي الايجابي - بطاقة الحركة والفاعلية في الحياة. اضافة الي دوره الحيوي الهام في نمو الأمة و تقدمها و ازدهارها في مسيرتها الحضارية الصاعدة، نظرا الي أنه قد يجنبها كثيرا من الأهوال و المصاعب و المزالق التي يمكن أن تتعثر بها في مراحل انبعاثها و نموها الأولي، علي ضوء تلك الفكرة نحاول الانطلاق الي تاريخنا الاسلامي الخاص بأمتنا لندرسه بوعي فننفتح علي الواقع و الحياة، من خلال أهمية و عينا لطبيعة وجودنا الاسلامي في العصر الماضي و الحاضر كأمة هادية



[ صفحه 29]



أنشأت، لنفسها و لغيرها، حضارة عظيمة أغنت شخصية الانسان المسلم و غير المسلم.

اننا نحاول الانطلاق الي هذا التاريخ، بخاصة تاريخ أئمتنا عليهم السلام الذي نعتبر أن فيه الكثير من الاشكالات و المواضع التي تحتاج الي تحليل و تفكيك و استظهار ايجابي جديد، كي نقرأه علي هدي من وعي و عمق و معرفة و نقدمه لأجيالنا الحاضرة التي تبحث عن انتماء أصيل، يعيد اليها وجودها و حيويتها و نضارتها و وعيها المسلوب، نقدمه في اطاره الاسلامي الحقيقي بعيدا عن كل التأويلات و التصورات و المفاهيم الغريبة القلقة، لتعيش هذه الأجيال في جو نقي تتنفس فيه الصفاء في هوائها و النقاء في وجودها، كسبيل عملي من سبل المحافظة علي شخصيتنا الاسلامية الكيانية المستقلة فكيف يمكن أن نتوفر علي تلك الدراسة الواعية للتاريخ التي نحاول، عبرها، وعي جذوره الخصبة المعطاءة؟

ان القضية الأساسية التي تواجهنا، راهنا، في طريقنا نحو العمل في بناء الحاضر الاسلامي، و تلح علينا بقوة و اصرار كونها تتصل بالمرحلة الأولية من مراحل العمل و البناء، هي قضية (مرحلة) الاعداد و التكوين، اعداد الخطط التي يسير عليها العمل، و تكوين الأسس و المبادي ء العامة التي يرتكز عليها البناء. أما كيف تمثل هذه القضية مرحلة البداية للعمل، و كيف تساعد علي اعداد الخطط و تكوين الأسس، فهذا ما نتعرفه اذا وعينا طبيعة المعرفة التاريخية التي تقدمها لنا دراسة التاريخ، و علاقتها بالواقع الحياتي الذي نعايشه.

من هنا نجد أهمية قصوي ملقاة علي عاتق الباحث في وعيه و فهمه العميق لطبيعة المشكلات الحاضرة بيننا، و التي تسبب لنا أزمات و نكبات متعددة، تجعل واقعنا العربي و الاسلامي يتخبط فيها ليلا و نهارا.

اننا لا نرمي من خلال محاولتنا تلك «اختراع» تاريخ جديد، و انما نريد فهم هذا التاريخ علي ضوء الواقع المعاصر، و بما يخدم قضايانا المصيرية الملحة التي تضغط علينا في موقع هنا و في موقع آخر هناك، و بالتالي تكوين



[ صفحه 30]



وعي تاريخي كشرط أساسي من شرائط و أسباب النهوض الحضاري، من خلال حفظ تاريخنا من التزويرالفكري و العقائدي و المنهج الخاطي ء في التحليل و التركيب، و الابتعاد عن طبيعة «السرد القصصي الحرفي» لأحداث ماضية الي الطريقة التي تجعل منه أداة فاعلة تسهم في عملية بناء الحاضر و صنع المستقبل، الي الطريقة التي تجعل منه معني يتحرك في داخل وجودنا الحي ليحرك الحياة من حولنا.

ضمن هذا الخط المنهجي و العملي المشرق فاننا لا نري استخداما نوعيا فعالا - اذا صح التعبير - و وعيا تاريخيا راقيا لقضايا التراث [1] و التاريخ و العقيدة الاسلامية، أقوي و أنصع و أطهر و أشرق مما نشاهده و نلمسه يوميا من بطولات و ملاحم المقاومين و المجاهدين الأبطال في جنوب لبنان في مواجهاتهم المشرفة ضد المشروع التلمودي للكيان الصهيوني و عملائه في المنطقة.

فجاءت المقاومة الاسلامية - التي نأمل دراسة تجربتها و نشرها و تعميمها ثقافيا و حضاريا و اعلاميا - ردا قاسيا علي أولئك المتخاذلين و القانعين بواقع الذل و العار لتجعلنا نشعر بأننا نمتلك قوة استنهاض تاريخية لا مثيل لقوتها و لمخزونها و تراثها التاريخي القيمي الهادف قوة ممانعة و مواجهة اعتراضية اتخذت من ثقافة و حضارة القيم الاسلامية شعارا و مشروعا لها في حجم الأمة و الحياة كلها.



[ صفحه 31]




پاورقي

[1] أميز هنا بين لفظتين لكل منهما دلالة لغوية و حضارية الأولي كلمة «التراث» و أعني بها - في المفهوم الحضاري - مجموعة الآثار الثقافية و المعارف النظرية لشعب معين، كانت له مساحة عملية في التأثير و الفاعلية في ما مضي، فهو شي ء من بقايا الآباء و الأجداد لا يصلح للحياة في تطلعاتها الحاضرة و طموحاتها المستقبلية، أما الثانية فهي لفظة «الفكر» التي تعبر، في الوعي الحضاري، عن مجموعة المعارف و المناهج و المعايير و القيم التي تتقوم بها شخصية الأمة ثقافيا و حضاريا، و تدخل في صلب عقيدتها و عقلها و روحها و ضميرها الجماعي، و تعطيها دورها و حركتها في رحابة التاريخ و أنا أستعمل كلمة «التراث» هنا للدلالة علي الفكر الاسلامي دون أن أقصد بها موقفا فكريا معينا من المعرفة الاسلامية أي أنني أستخدم كلمة التراث لمجرد الدلالة اللغوية ليس الا.