بازگشت

اهتمامه بالحكم و المواعظ و الارشادات العامة


قدم لنا الكاظم عليه السلام تراثا ثريا و غنيا من الحكم و المواعظ الأخلاقية العملية حاول، من خلالها، التأثير الايجابي علي الناس في تنمية مداركهم المعنوية، و رفع مستوي ايمانهم العملي، و تحصينه من حالات الذوبان و التمييع و الاهتزاز و الانفلات الأخلاقي التي كانت سائدة بكثرة في ذلك العصر.

لقد انطلقت تلك الجمل الوعظية في صيغ لغوية جميلة هادفة، لها دلالتها اللفظية و أبعادها الحركية المنفتحة علي أكثر من صعيد في الواقع الاجتماعي الرسالي الاسلامي.

يقول عليه السلام في وصيته لبعض ولده: «يا بني عليك بالجد، لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عزوجل و طاعته، فان الله لا يعبد حق عبادته» [1] ، و يقول عليه السلام: «ان العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، و لا يغلب الحرام صبره» [2] .



[ صفحه 49]



ان الميزة الأساسية لهذه المواعظ أنها كانت صادقة قولا و فعلا، و لم تكن حالة تخديرية، تجمد العقل، و توقف الفكر عن الحركة و العمل و الامتداد، أو تشده الي آخرته في اطار سلبي، أو تلقي به في مهلكات الدنيا الملحة بملذاتها و شهواتها [3] ، بل كانت تعبر - في العمق الفكري و الديني - عن بناء و تأسيس ايماني منفتح، و ترشيد روحي واع و مؤثر تتوازن فيه المسيرة الحياتية في المسار و الهدف، من خلال طموحات الدنيا و التشويق الي التفاعل مع حركة الآخرة، فتتواصل و تتلاقح في مستوي الانجاز الأرضي و الأفق الأخروي.

يقول عليه السلام في وصيته لهشام [4] : «يا هشام من سلط ثلاثا علي ثلاث فكأنما أعان علي هدم عقله: من أظلم نور تفكره بطول أمله، و محا طرائف حكمته بفضول كلامه، و أطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه علي هدم عقله، و من هدم عقله أفسد عليه دينه و دنياه».


پاورقي

[1] الكافي للكليني، (ج: 2 ص: 72)، (ط: 3)، دار الكتب الاسلامية، 1388 ه.

[2] م. س، (ج: 1، ص: 16).

[3] نبيل علي صالح، نورالولاية. مخطوط.

[4] الكافي (ص: 17) م. س.