بازگشت

الحياة السياسية للامام الكاظم


تعد دراسة الجانب السياسي من حياة أية شخصية تاريخية، لها و زنها و ثقلها الروحي و المفاهيمي، من أهم المداخل و المقدمات اللازمة لفهم و عيها و أصول تفكيرها و تحليلها للواقع الذي عايشته بكل أبعاده و امتدادته، خصوصا اذا اتسم ذلك الواقع بالتنوع و التلون في أدوار و مواقف أحداثه و معطياته الفكرية و السياسية، و هذه هي الصفة العامة التي غلبت علي المرحلة التي عاصرها الامام موسي بن جعفر الذي حفلت حياته عليه السلام بمواقف و رؤي سياسية و فكرية هامة أعطتنا صورة عملية واقعية عن الطرق و السبل السياسية التي سار عليها في اطار حركته الدعوتية السياسية و العملية التي كانت تريد اعادة الأمة علي طريق التوازن و الاعتدال علي مستوي ممارستها لدورها الحضاري الطبيعي في الحياة الانسانية.

و لعلنا لا نغالي اذا ما قلنا بأن هناك تأثيرا سياسيا واضحا لامامنا الكاظم عليه السلام في مسيرة عصره في مشاركته الفاعلة في ضبط معايير التحرك السياسي (الخاص و العام)، و أبرز دليل يساق في هذا المضمار - علي صعيد وجود مهام و ممارسات سياسية هادفة و واعية في شخصية الكاظم عليه السلام - هو في انزعاج السلاطين و الحكام الذين عاصروه حتي من مجرد وجود حركة علمية و تبليغية دينية مارسها امامنا عليه السلام، و اندفاع هؤلاء الحكام في اتجاه تهديده



[ صفحه 77]



بالقتل و توعده بالتعذيب [1] في البداية، ثم تنفيذ ذلك المخطط- بعد تلك الفترة - حتي قضي عليه السلام معظم حياته الشريفة متنقلا من سجن الي آخر.

ان القلق و التوتر النفسي و السلوكي الذي عاشته الدولة العباسية علي اختلاف زعمائها و ملوكها و جسدته عمليا، من خلال ملاحقة الامام عليه السلام و سجنه و تعذيبه و ايذائه حتي مات شهيدا في أحد سجونها، لا يصلح أن يفسر في اطار وعيها لخطورة حركة الكاظم عليه السلام و جاذبيته الفكرية و النفسية و السلوكية الحركية التي شخصها، أولئك الحكام، علي أنها ثورة سياسية، روحية و عقائدية، علي الرغم من أن الامام الكاظم لم يكن، أصلا، في صدد القيام بثورة سياسية، لكنهم شعروا بالخطر المحدق بهم، الذي يهدد مصالحهم و استئثارهم بالسلطة، فلاحقوه و اعتقلوه و سجنوه و من ثم قتلوه.



[ صفحه 78]




پاورقي

[1] راجع: حياة الامام موسي بن جعفر (ع) لباقر شريف القرشي، مقاتل الطالبيين و كتاب الأغاني للأصفهاني، تاريخ الطبري، تاريخ اليعقوبي، و مناقب ابن شهر آشوب.