بازگشت

العمل العلني


دافع الامام الكاظم عليه السلام عن الاسلام الصحيح و باشر في ايجاد علاج فوري لحالة جهل الأمة باسلامها و عقيدتها، ورد - في أجوبته و محاججاته و مناظراته العلمية العلنية - علي الشبهات التي كانت تثيرها التيارات الدهرية و الالحادية المنتشرة بكثرة في ذلك الوقت، و التي أنتجتها حالة الاتصال غير المتوازن مع حضارات و ثقافات أجنبية غريبة، نتيجة حركة الفتوحات الاسلامية.

لقد أتاح العمل العلني لامامنا الكاظم عليه السلام فرصة المباشرة بحركة علمية [1] واسعة النطاق، و القيام بمناظرات احتجاجية مع أئمة المذاهب الاسلامية الأخري للتدليل علي أطروحة و نهج و خط أهل البيت عليهم السلام، و قد كانت، تلك الحلقات العلمية، تعقد في أجواء علنية (في الأماكن العامة) و كان يقوم بها كل من هشام بن الحكم، و هشام بن سالم، و مؤمن الطاق، مما أدي الي انتشار الفكر الاسلامي الشيعي، و ذيوع أفكاره و قيمه بين المسلمين بفضل تلك الحجج القوية و البراهين الواضحة التي كان يسوقها أولئك العلماء الأعلام، و التي كانت تقوم علي المنطق العقلي و البحث العلمي المجرد [2] ، حتي



[ صفحه 104]



نعتهم (كرادي فوا) [3] بأنهم أصحاب الفكر الحر [4] .

- روي [5] أنه دخل أبوحنيفة المدينة و معه عبدالله بن مسلم فقال له: يا أباحنيفة أن ها هنا جعفر بن محمد من علماء آل محمد فاذهب بنا اليه نقتبس منه علما، فلما أتيا، اذا هما بجماعة من علماء شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه، بينما هو كذلك اذ خرج غلام حدث فقام الناس هيبة له، فالتفت أبوحنيفة فقال: يا بن مسلم من هذا؟.

قال: موسي ابنه.

قال: و الله لأخجلنه بين يدي شيعته، قال له: لن تقدر علي ذلك.

قال: و الله لأفعلنه، ثم التفت الي موسي فقال: يا غلام أين يضع الغريب في بلدتكم هذه.

قال: «يتواري خلف الجدار، و يتوقي أعين الجار، و شطوط الأنهار و مسقط الثمار، و لا يستقبل القبلة و لا يستدبرها. فحينئذ يضع حيث يشاء».

ثم قال: يا غلام ممن المعصية؟ قال: «يا شيخ لا تخلو من ثلاث: اما أن تكون من الله و ليس من العبد شي ء، فليس للحكيم أن يأخذ عبده بما لم يفعله، و اما أن تكون من العبد و من الله، و الله أقوي الشريكين فليس للشريك الأكبر أن يأخذ الشريك الأصغر بذنبه، و اما أن تكون من العبد و ليس من الله شي ء، فان شاء عاقب».

قال: فأصابت أباحنيفة سكتة كأنما ألقم فوه الحجر.

قال: فقلت له: ألم أقل لك لا تتعرض لأولاد رسول الله صلي الله عليه وآله و سلم و في ذلك يقول الشاعر:



لم تخل أفعالنا اللاتي نذم بها

احدي ثلاث معان حين نأتيها



[ صفحه 105]



اما تفرد بارينا بصنعتها

فيسقط اللوم عنا حين ننشيها



أو كان يشركنا فيها فيلحقه

ما سوف يلحقنا اللوم من لائم فيها



أو لم يكن لالهي في جنايتها

ذنب فما الذنب الا ذنب جانيها




پاورقي

[1] تحدثنا عن هذه المسألة بالتفصيل عند مناقشتنا لدور الكاظم (ع) في حقل العقيدة الاسلامية و الدفاع عن القيم الاسلامية الأصيلة.

[2] عادل الأديب، الأئمة الاثنا عشر (ص: 194).

[3] أحد العاملين في حقل الاستشراق.

[4] راجع الحضارة الاسلامية (ج: 1، ص: 127).

[5] م. س، ص: 387.