بازگشت

الرفق و اللين


يقول الكاظم عليه السلام: «عليك بالرفق، فان الرفق يمن و الخرق شؤم، ان الرفق و البر و حسن الخلق يعمر الديار و يزيد في الرزق» [1] و يقول عليه السلام لبعض أصحابه و قد دار بين أحد الرجال و بين أشخاص آخرين نزاع عنف فيه هذا



[ صفحه 156]



الرجل، فقال عليه السلام: (فارفق بهم، فان كفر أحدهم في غضبه، و لا خير فيمن كان كفره في غضبه) [2] ، و قال عليه السلام «الرفق نصف العيش» [3] .

يعتبر مفهوم الرفق من المفاهيم الأخلاقية الحركية التي تنفتح علي الجانبين الايجابي و السلبي، و لأكثر من موقع و رؤية في حياة الانسان و المجتمع في خط الدعوة بأسلوبها العملي و في مواجهة المشاكل و التعقيدات التي تحدث بين الناس، و نلاحظ أن الكاظم عليه السلام يحدثنا عن الرفق كقيمة اسلامية رائعة يمكن أن تجعل الانسان قريبا الي الله و الي الناس من خلال وعيه و التزامه بالمبادي ء التي توصله الي الكمال الممكن له، لأن الرفق اذا كان ملكة راسخة في عقلك و قلبك، و حركة واعية في حياتك و أسلوبك مع الآخرين، فانه يعطيك الخير كله و السعادة كلها في الدنيا و الآخرة و علي ضوء ذلك، نجد أن مسألة الرفق و العنف لدي الامام الكاظم عليه السلام من المسائل التي تتسع لطريقة الانسان في تكامله الاجتماعي مع الناس الآخرين في توعيته لهم ثقافيا و اجتماعيا، كما نلحظ ذلك في قوله «فارفق بهم»، أي أن تعمل علي أساس أن تدرس عقليتهم و وعيهم فتعطيهم من عقلك بما يتناسب مع وعي عقلهم، و أن تدرك ثقافتهم فتعطيهم من ثقافتك الأسلوب الذي يمكنه أن يستوعب هذه الثقافة، فلا تفقد نفسك أمامهم، و لا تفقد مستواك معهم، ولكن حاول أن تتعامل معهم تعامل الانسان الذي يريد أن يصعد بالانسان الآخر الي مستواه برفق و أناة و عطف و حنان. فكلمه «الرفق» هنا تختزن في داخلها معني هذا العطف الذي ينفتح فيه انسان علي انسان ليفهمه ويعيه و يؤصل معه علاقات الانسانية في التعامل و الصحبة و المعيشة.

و طالما أننا نتحدث عن الرفق بمعناه الاجتماعي، فاننا نجد ضرورة في التطرق الي قضية الرفق و العنف بالمعني السياسي و الحركي في اطار الواقع العالمي الراهن، الذي يعمل فيه الاستكبار العالمي علي محاصرة الاسلام و الحركات الاسلامية و تشويه صورتها، بأنها مجرد حركات دموية تستخدم



[ صفحه 157]



العنف و القوة من أجل الوصول الي مصالحها و تحقيق غاياتها الخاصة، كذلك الايحاء بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة في حركيتها السياسية، كخصوصية مميزة لنشاط الاسلاميين.

و كان العنوان الجديد الذي حاول الاعلام الاستكباري الداخلي و الخارجي تحريكه ضد الاسلاميين هو عنوان «الأصولية»، كمفهوم يختزن في مضمونه الداخلي فكرة العنف و الغاء الآخر، و ذلك من خلال التجربة السياسية و الفكرية و التاريخية الغربية التي عاش فيها بعض الناس هذا الاتجاه، و من هنا انطلقت كلمات «التعصب» و «التطرف» و «الارهاب» في أجواء العنوان الأصولي لتلتصق به، و هو يوحي بذلك بأسلوب أو بآخر، لستهلكها الجو السياسي و الاعلامي الداخلي و الخارجي كمصطلحات سياسية يؤكدها (و يغذيها) الصراع بين الأنظمة و الاسلاميين. و تنسب [4] اليهم الكثير من الأعمال البعيدة عن التوازن الأخلاقي، كما لو كانوا وحوشا تتحرك ضد الثقافة و العلم و المجتمع في عملية حقد دفين ثائر علي كل عناصر التقدم و الرقي و الابداع و النظام المدني الانساني العام، و يتم ذلك في غياب الامكانات الاعلامية الواسعة لدي حركة الاسلاميين بالمستوي الذي تتولي فيه الدفاع عن الواقع الذي تعيش فيه دائرة الصراع، الأمر الذي جعل الأنظمة و حلفاءها الأوليين يمارسون القمع الأمني و الاعلامي و السياسي ضد الحركة الاسلامية هنا و هناك في نعتها بالارهاب [5] و قتل الأبرياء و الاعتداء علي



[ صفحه 158]



الناس، و هذه هي مشكلة الغربيين في ادارتهم السياسية أنهم يعتبرون طالب الحرية ارهابيا فيعتبرون مثلا، المجاهدين في جنوب لبنان الذين يقاتلون جيش الاحتلال الاسرائيلي، ارهابيين (مخربين) كما و يعتبرون الذين يدافعون عن أنفسهم ضد عنف المستكبرين و الظالمين ارهابيين اننا نؤكد - في اطار تحليلنا لمفهوم الرفق و العنف في المعيار القيمي الاسلامي - أن اللين و الرفق هو القيمة الاسلامية الأعلي من العنف لأنه هو الأصل في مواجهة المشاكل في اتجاه الحل، اضافة الي كونه الأسلوب العملي الناجح في المجال السياسي في تحويل الأعداء الي أصدقاء، و ذلك من خلال الآية الشريفة: (و لا تستوي الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فاذا الذي بينك و بينه عداوة كأنه ولي حميم و ما يلقاها الا الذين صبروا و ما يلقاها الا ذو حظ عظيم) [فصلت/ 35 -34]، و كما جاء الحديث الشريف: «ان الله رفيق يحب الرفق و يعطي علي الرفق ما لا يعطي علي العنف» لكن العنف - حسب ما نعتقد - أسلوب اضطراري و استثنائي، و قد يتحول في ظروف معينة الي أسلوب طبيعي، تفرضه طبيعة الحياة في صراعاتها و مشاكلها و تحدياتها، التي تلقي عليك بثقلها بالمستوي الذي يلغي وجودك أو يسقط قضيتك، أو يصادر حريتك بالكامل من دون أن يفسح لك المجال في التماسك لتفكر، أو لتتوازن، لتناقش أو لتحاور، فلا يبقي أمامك الا أن تقوم بعملية وقائية لتربك وضعه، و لتهز مواقعه، و تسقط خططه، أو عملية دفاعية تحفظ بها موقعك و موقفك، و تملك بها قرارك، و هذا أمر لا يختص بالاسلاميين فقط، بل يؤمن به كل الناس الذين يملكون بعض مواقع القوة في الحياة. ان العنف مرفوض، كقيمة طبيعية، لكنه مقبول بل



[ صفحه 159]



و مطلوب كمبدأ استثنائي.

من هنا نجد أهمية أن تعي الحركة السياسية الاسلامية - في سلوكها الاسلامي - و سائل تركيز و تأصيل المنطق الحضاري الاسلامي في أساليبه و أهدافه و مناهجه و علاقاته، فيلين حيث تحتاج الوقائع الي لين، و يعنف حين تقتضي الحالة العنف، و يقيم علاقاته - سلبا أو ايجابا - علي أساس المصلحة الاسلامية العليا في حركة الانسان في الواقع، من خلال الدراسة الدقيقة التي تفرض علي السلوك الاسلامي أن يقطع أو يصل، علي ضوء الحدود التي ينبغي الوقوف عندها أو تجاوزها، و يثير المسألة ما بين الحسم و المراوحة و المرونة و الرفق و الحدة تبعا للظروف الموضوعية التي تحيط به فيما هي طبيعة الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة.

و الملاحظ، ضمن هذا النسق، أن الحديث عن مسألة السلام، و مسألة القوة و العنف كشي ء لا ينسجم مع الحياة و لا يلتقي بوجودنا فيها قد زاد في الآونة الأخيرة خاصة بعد أن دخلنا أو أدخلنا في جو التعب و السكون و الاسترخاء، حيث ظهرت علي السطح الاعلامي هنا و هناك مفردات و صيغ كلامية من قبيل اللين أو التسامح و التساهل و المحبة و الرفق أطلقوها في دائرة المطلق من فكرهم و واقعهم، اننا نقول لهؤلاء و لغيرهم - ممن حرك تلك المفردات أو تحرك في هذا الجو بوحي ذاتي أو خارجي -: ان العنف و القوة أو اللين و الرفق هي قيم و أشياء ذاتية لا تلون الحياة بلونها الخاص و لا تصبغها بصبغتها المطلقة، لذلك عندما يكون العنف هو الوسيلة الوحيدة لحماية الحياة و القيم، فهل يكون العنف شيئا ضد الحياة و ضد القيم؟! و بمقابل ذلك عندما يكون الرفق في حركة الحياة سقوطا للحياة و رهنا للقيمة، هل نوافق علي سقوط الحياة و القيمة معا؟!.

و لمزيد من الايضاح نطرح الأسئلة التالية: تري ما الذي يفعله الانسان الفرد، أو الجماعة، أو المجتمع السياسي (و الدولة) اذا هوجم من قبل قوة مسلحة معتدية من قبل دولة أو جماعة أخري انتهكت حرمة أراضيه و عرضت حياته أو حريته أو أمواله أو كرامته للعدوان و السيطرة؟ ما الذي يفعله المجتمع



[ صفحه 160]



السياسي و الدولة (مثل دولنا العربية الاسلامية) أمام دولة أخري معتدية علي أراضيه، مدججة بالسلاح، تدعي التفوق العنصري و تريد أن تفرض ارادتها و سلطتها و وصايتها و تهيمن علي شعوب المنطقة بأكملها من خلال مشاريعها العسكرية الأمنية و السياسية و الاقتصادية، هل يدافع هذا الانسان أو الجماعة أو المجتمع أو الدولة عن نفسها ضد المعتدي الغازي، أو تستسلم و تخضع و ترهن وعيها و ارادتها، و تسلم اليه مقاليد أمورها معترفة بدعواه تحت شعار «حب السلام و الرفق و رفض و الحرب و استخدام القوة» فهل يكون هذا الموقف حكيما و نبيلا و أخلاقيا؟ أو ما هي هذه القيمة الأخلاقية لهكذا سلام ان صحت تسميته سلاما؟ و اذا ما انطلقت الأمة أو المجتمع للدفاع عن نفسه و محاربة المعتدين عليه و الغازين لوجوده، فهل يكون قد قام بعمل غير أخلاقي؟ هل يكون دفاعه عن نفسه - من الناحية الأخلاقية - عملا شريرا و رذيلة ينبغي أن ينزه الانسان نفسه عنها؟ ما هي القيمة الأخلاقية لوضعية تلغي الكرامة الانسانية و تحول الانسان الي عبد ذليل، و تحول الأمة الي مجرد أمة مستعبدة و مهانة؟!.

لقد أردنا، من خلال كل تلك التساؤلات، أن نعمل علي فتح آفاق و معالم جديدة لمسألة العنف و اللين أو الحرب و السلم، و نحاول اضاءتها من جميع جوانبها في الوقت الذي يعمل فيه اعلامنا العربي و الاسلامي - المنفعل بالاعلام الغربي و الصهيوني - علي استخدام مصطلحات سياسية و أمنية و ترويجها في أخباره و برامجه المختلفة تعكس، من خلالها، حركية القيم الأخلاقية في مسألة العنف و القوة ورد العدوان بطريقة سلبية توسس لمفاهيم و تصورات جديدة في حركة الواقع ليكون الاستسلام هو القيمة الأخلاقية المطلوبة و المرغوبة، و الحرب و العنف هو القيمة غير الأخلاقية المرفوضة، لذلك علينا ألا ننفعل بالاعلام، و أن ننهزم أمام الضراوة الشديدة للماكينة الاعلامية الغربية، التي تحاول أن تركز في واقعنا بعض المصطلحات من أجل أن تحاربنا بها و لتمنع الناس، من خلالها، أن يكون لهم حريتهم، من أجل أن يكون لهم استقلالهم و ليحركوا طاقاتهم و ثرواتهم في خدمة مستقبلهم و رخائهم و حياتهم.

طبعا لا نريد القول بأن علينا أن نغيب في الفراغ و نضيع في التجريد



[ صفحه 161]



و نستغرق في الخيال و الأحلام، لنعيش بعيدا عن الواقع، ولكنني أريد أن أقول: بأنه علينا في كل شعار من الشعارات - أن نكون الواعين جيدا و المتيقظين جيدا، و المتابعين جيدا، لأن المسألة هي أننا اذا لم نفهم جيدا عمق قضايانا، و لم نفهم جيدا طبيعة المستقبل الذي نفكر فيه و نحلم به، فاننا قد نواجه مشكلة أننا نتحرك نحو الهزيمة بارادتنا و اختيارنا، من حيث انه يخيل الينا و كأننا نتحرك نحو النصر الحتمي، من هنا نؤكد و نصر علي أن القوة و العنف الذي نستخدمه في حركية المواجهة المتصاعدة مع أعدائنا - خاصة الكيان الصهيوني - هو خيار استراتيجي، لا بديل له، ضد المحتل الغازي المستبد حتي يزول احتلاله للأرض و اغتياله للشعب.

ان رد العدوان ليس حقا للمعتدي عليه، و انما هو واجب مقدس، يتمتع بأعلي المميزات الأخلاقية، و التخلي عنه هو انحطاط في القيمة الانسانية و هو عمل غير أخلاقي، من هنا نحن نعتبر أن استخدام القوة و العنف و بالتالي شن الحروب (التي هي بذاتها ظاهرة شريرة و أليمة و مفجعة) هو عمل أخلاقي و قيمة أخلاقية، (بل و ضرورة أخلاقية) عليا، عندما يستهدف بلوغ غايات نبيلة و خيرة و سامية في الدفاع عن الأرض و الوجود و الهوية و الثروة و الكرامات و الحريات، و دحر كيد المعتدين و الغازين.

ان الاسلام يوجب علي المسلم العنف الدفاعي (الحرب الدفاعية)، و يعتبر أن التخلي عن الدفاع خيانة و معصية كبري، و يحرم عليه الاستسلام و الخضوع للطغيان و العدوان بحجة ضرورة المحافظة علي الأمن و السلام و اللين، لأن الأمر في هذه الحالة ليس سلاما (فالسلام - كما قلنا - ليس مجرد عدم الحرب) و انما هو استسلام و خضوع للطغيان، و هو مناقض لأبسط مقتضيات الانسانية و ليس له أي مبرر عقلي أو أخلاقي عند أحد من البشر.

ان مجرد عدم الحرب كنتيجة للاستسلام للمعتدي، و نتيجة للخضوع للطاغوت، ليس سلاما أو لينا أنه حرب و حركة عنف مستمرة من طرف واحد طاغ و شرير ضد طرف مستسلم «غير مسالم». ان الأمر الأخلاقي المشروع الوحيد، في هذه الحالة، هو الدفاع ضد المعتدي و ضد طغيانه ما دامت هناك



[ صفحه 162]



امكانية للانتصار، أو لرد العدوان بأية درجة ممكنة، فهذا الموقف موافق لحقيقة السلام و الرفق دون الاستسلام و في هذا المجال، و طالما أننا نتحدت عن موضوع السلام و الحرب أو اللين و العنف فانه يمكننا أن نمر سريعا علي واقع السلام المزعوم بين العرب و اسرائيل [6] الذي تعمل دوائر الغرب و أمريكا و مواقعهما المتقدمة (الطابور الخامس) في بلداننا العربية و الاسلامية علي تصويره و كأنه سلام العدل و الحرية و المساواة، في الوقت الذي تناسي فيه الجميع تقريبا ان الكيان الصهيوني «شرطي الغرب في منطقتنا» كيان غاصب للأرض و المقدسات، لا يزال يعمل ليلا و نهارا دون كلل أو ملل - بدعم و سند أميركي و غربي واضح، و بمساعدة مباشرة من بعض الأنظمة العربية - علي تركيز كيانه اليهودي في قلب الأمة العربية بعد الغاء كامل لهوية المنطقة العربية و الاسلامية، و السيطرة التامة علي ثرواتها و مقدراتها لكي تصبح، فيما بعد، (و البعيد عند الصهاينة قريب جدا بالعمل و المتابعة و الجهد) عصب منطقة «الشرق الأوسط» [7] و دماغها المفكر و حكومتها المركزية في النظام الشرق



[ صفحه 163]



- الأوسطي الجديد.

لقد قدمت الأنظمة العربية - باستسلامها و خضوعها للعدو الصهيوني - استقالتها من واجباتها و مهماتها الوطنية و القومية و الاسلامية، و أضحي من الواجب المقدس علي الشعوب العربية و الاسلامية - بجماهيرها الواسعة و نخبها المفكرة و الملتزمة - أن تبادر، و هي عملت ذلك، من لحظتها الي تسلم عملية ادارة الصراع الوجودي مع الكيان الصهيوني و مشروعه التلمودي التفتيتي، و سيكون من نتائج هذا العمل - علي المدي البعيد طبعا - اصطدام الشعوب و التيارات الشعبية، المناهضة و الرافضة لعملية التسوية، مع أنظمتها الحاكمة المفلسة التي لم تتوان. بالرغم من هزائمها و انكساراتها المتلاحقة - عن ضرب التيارات بعضها بالبعض الآخر و تفتيتها و كسرها، لذلك يجب أن تعمل تلك القوي و الاتجاهات و الحركات النضالية و الجهادية.

أولا - و قبل كل شي ء علي تفريغ تلك الاتفاقات من مضمونها أي تجويفها و جعلها «خاوية علي عروشها». و هذا الأمر لن يتحقق الا بالانتقال - في ادارة الصراع الداخلي و الخارجي - من سياسة الدفاع ورد الفعل الي سياسة الفعل و التأثير، و من سياسة التلقي و الخضوع و الارتهان الي سياسة المبادرة ضمن عمل منهجي مدروس و مخطط بوعي و حكمة، و عدم اصغاء (انصات) السمع كثيرا الي ما تحفل به ادارات الغرب السياسية من مصطلحات و مفاهيم سياسية [8] مختلفة تروج لها عالميا بهدف اسقاط روح المقاومة و الممانعة ضد مشاريع القهر و الاستلاب و الاغتصاب.



[ صفحه 164]




پاورقي

[1] تحف العقول (ص: 291).

[2] م.س.

[3] الكافي (ج: 2، ص: 120).

[4] أنا لا أبري ء ساحة الاسلاميين من الثغرات و الأخطاء و مواقع الخلل و الاضطراب و ما أكثرها، ولكنني أتحدث عن الأبعاد الخطيرة لظاهرة الضغط الاعلامي الداخلي و الخارجي ضد الاسلام و المسلمين، و تشويه صورتهم بحيث يتم تقديمهم و تصويرهم في كل أنظمة الاعلام الغربية و كأنهم حيوانات بشرية قادمة من العصور الحجرية. انني لا أدافع عنهم أو عن غيرهم ولكنني بالمقابل أتساءل، في سياق الاستعانة بالمثل [(الحدث) الجزائري الراهن] عن السبب الحقيقي للأزمة الواقعة هناك؟ و من هو المسؤول عن تلك المجاز الرهيبة التي تحدث؟ و هل صحيح - كما تقول بعض وسائل الاعلام - أن الاسلاميين و الجماعات المسلحة هناك هي المسؤولة الأولي و الأخيرة عن ذلك الوضع المأساوي الفظيع؟.

[5] الارهاب مفهوم نسبي، يعني - حضاريا (بالمعني السلبي الكلمة) - أن تندفع لتقتل انسانا أو لتنهب ماله أو لتخطفه من خلال حالات ذاتية فردية تتصل بمنافعك و مصالحك الخاصة أو تحقيق مشاريعك القائمة علي أساس العنصرية و القهر و الاستعباد، و ما يحدث في العالم الغربي من تزايد حالات الجريمة و العنف و الارهاب (ارهاب أفراد المافيا و عصابات الاجرام و المخدرات) هو دليل ساطع علي أن العالم الغربي، و أمريكا خصوصا، هو بؤرة الارهاب، حتي أنها شرعت لنفسها قانونا يخولها أن تخطف أي شخص في العالم مطلوبا للقضاء الأمريكي بعيدا عن رضا هذه الدولة أو تلك. ان الدليل الأبرز و الأوضح علي تورط الادارات السياسية الغربية في قضايا الارهاب هو أن أغلب حلفاء الغرب - و لا سيما حلفاء أمريكا - في العالم الثالث هم أكثر الحكام و الأنظمة انغلاقا و ارهابا و مصادرة للحريات.

[6] قد يتبادر لأذهان بعض القراء أننا نخرج - بهذا النوع من التحليلات السياسية من واقع حياتنا المعاصرة - عن سياقات بحثنا حول حياة و فكر و شخصية الامام الكاظم عليه السلام، لكننا نحب أن نذكر الجميع بأننا قد أكدنا - في بداية هذا الكتاب (تحديدا في مقدمته) - أننا سنعمل علي استلهام تجربة الكاظم عليه السلام و دراسة فكره و مواقفه في مواجهته لواقعه المنحرف و الفاسد بكل السبل و الوسائل الفكرية و العلمية التي أتيحت أمامه، و نحن هنا نعيش في واقع منحرف و ظالم و متغير نجد أنفسنا أمام الأهداف نفسها التي سعي امامنا عليه السلام الي تحقيقها في مواجهة الظروف و المشاريع التفتيتية و الاذلالية - ان صح التعبير - لذلك من الطبيعي أن نعمل علي تحليل واقع حياتنا المعاصرة، بمتغيراته و مستجداته، حتي نمتلك أسس مواجهتها و اسقاطها في المستقبل القريب أو البعيد.

[7] مصطلح «جغرافي -سياسي» اقترن بالدراسات الأمريكية عن المنطقة العربية و الاسلامية، يجمع بين «الجغرافيا - السياسة»، و قد تم طرحه في سياق مفاوضات التسوية بين العرب و اسرائيل التي انطلقت في مدريد 30 / 10 / 1991، و هو يعني جغرافيا وجود اقليم يتوسط دائرة تضم قارات آسيا و أفريقية و أوربا، تغيرت دلالتها الجغرافية ما بين اتساع و ضيق بحسب تطور المفهوم نحو الغرب، أما سياسيا فهو يعني وجود نظام سياسي اقليمي جديد في المنطقة يعطي الكيان الصهيوني امكانية الدخول و الاندماج في الجسم الاجتماعي و السياسي للمنطقة في اقامة مشروعات اقتصادية و سياسية و أمنية تجعل اسرائيل علي رأس المستفيدين منها. اذا يعتبر هذا المصطلح عن دلالة سياسية دقيقة الصلة بالسياسة الاستعمارية الغربية التي أوجدته و اعتمدته.

[8] من قبيل التطرف و التعصب و الأصولية و الارهاب.