حوائج المؤمنين
صفتان بارزتان تميزت بهما حياة الامام موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام كان يقضي حوائج الناس في حياته، و يحث علي قضائها لمن كان قادرا علي ذلك.
هذه الميزة الكبيرة في مضمونها تدلك علي عدة معاني سامية:
1- انها قيمة ايمانية ندب اليها الدين الحنيف و أكد عليها ليصبغ أتباعه بها و يصبح فاعلها قريبا من رب السماء. فقد ورد عن الامام الصادق عليه السلام قوله:- الساعي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا و المروة.
و من قضي لأخيه المؤمن حاجة، قضي الله له يوم القيامة ألف حاجة أو لها الجنة.
2- انها شيمة انسانية تنم عن روح شفافة تستشف حاجات الناس، و تسعي لقضائها قدر استطاعتها كما تعبر عن
[ صفحه 50]
عمق التلاحم الانساني بين الانسان و أخيه و سائر أفراد المجتمع.
3- انها قيمة تربوية يتجاوز الانسان من خلالها الذاتية و الشح ببذله ماء وجهه أو جاهه أو ماله و وقته في سبيل الغير، و كل ذلك ينم عن عظم النفس و اشتغالها بالعمل الصالح.
4- و قضاء الحوائج للغير: تارة يكون مساعدة مالية. و أخري تعليمية و ثالثة اصلاحية، و رابعة بواسطة الوجاهة و كلها مصاديق للآية الكريمة: (و تعاونوا علي البر و التقوي). و للآية الكريمة: (و تواصوا بالمرحمة).
و مصداق للمروي عن الصادق: الساعي في حاجة أخيه و قد كان الامام موسي بن جعفر عليه السلام يعلم شيعته أن يهتموا بأمر التعاون فيما بينهم، و يحثهم علي التواضع حتي يقوم الكبير بما يلزم و يحتاج اليه الصغير.
و من أبرز المصادق في هذا الشأن موردان:
1- علي بن يقطين: كان من شيعته و أحبته، و كان يشتغل منصب وزير في بلاط هارون العباسي. و قد كتب للامام الكاظم عليه السلام رسالة يطلب منه أن يعفيه من أمر الوزارة.
فكتب اليه الامام في الجواب:
دعك في مكانك و لا تتركه أبدا، و كن حيث أنت.
لا تفعل فان لنا بك أنسا، و لاخوانك بك عزا عسي أن
[ صفحه 51]
يجبر الله بك كسيرا، و يكسر بك نائرة المخالفين.
يا علي: كفارة أعمالكم الاحسان الي اخوانكم.
اضمن لي واحدة و أضمن لك ثلاثة:
اضمن لي أن لا تلقي أحدا من أوليائنا، الا قضيت حاجته، و أكرمته.
و أضمن لك: أن لا يظلك سقف سجن أبدا.
و لا ينالك حد سيف أبدا.
و لا يدخل الفقر بيتك أبدا.
يا علي: من سر مؤمنا فبالله بدا، و بالنبي صلي الله عليه و اله و سلم ثنا. و بنا ثلث.
و امتثل علي بن يقطين الأمر فكان باب الحوائج المحتاجين و سبيلا لقضاء مسائل الموالين. و كان الامام موسي بن جعفر عليه السلام. يدعو له بين الصفا و المروة: و يقول: اللهم اغفر لعلي بن يقطين في أعلي عليين.