الهادي و موكب الرؤوس
و عندما جي ء بالرؤوس الي الهادي، و من ضمنهم رأس الحسين بن علي - شهيد فخ - نظر اليه و أنشد:
[ صفحه 64]
بني عمنا لا تنظموا الشعر بعد ما
دفتنم بصحراء الغميم القوافيا
فلست كمن كنتم تصيبون نيله
فيقبل ضيما أو يحكم قاضيا
و لكن حكم السيف فيكم مسلط
فنرضي اذا ما أصبح السيف راضيا
فان قلتم أنا ظلمنا فلم نكن
ظلمنا و لكن أسأنا التقاضيا
ثم أمر برجل من الأسري فوبخه ثم قتله.
و صنع مثل ذلك بجماعة من ولد أميرالمؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين و أخذ ينال من الطالبيين.
ثم ذكر موسي بن جعفر فنال منه، و قال: و الله ما خرج الحسين الا عن أمره، و لا أتبع الا محبته لأنه صاحب الوصية في هذا البيت. قتلني الله ان أبقيت عليه [1] .
عن علي بن يقطين قال: و لما أنهي الخبر الي أبي الحسن موسي بن جعفر عليه السلام و عنده جماعة من أهل بيته ما عزم عليه موسي بن المهدي (الهادي) في أمره.
قال لأهل بيته ما تشيرون. قالوا: نري أن تتباعد عنه، و أن تغيب شخصك منه فانه لا يؤمن شره.
تبسم أبوالحسن ثم قال:
زعمت سخينة أن ستغلب
و ليغلبن مغالب الغلابا
[ صفحه 65]
ثم رفع يده الي السماء فقال:
- اللهم كم من عدو شحذ لي ظبية حديه، و أرهف لي شباحذه و ردف لي قواتل سمومه، و لم تنم عني عين حراسته فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح و عجزي عن ملمات الحوائج صرفت عني ذلك بحولك و قوتك لا بحولي و قوتي.
خائبا مما أمله في دنياه متباعدا عما رجاه في آخرته فلك الحمد علي ذلك قدر استحقاقك سيدي.
اللهم فخذه بعزتك و افلل حده عني بقدرتك و اجعل بشغل حيثما يلبسه و عجزا عما بنا و به.
اللهم و أعدني علي عدوي حاضرة تكون من غيظي شفاء و من حيفي عليه وفاء و صل الله دعائي بالاجابة.
و انظم شكايتي بالتقصير، و عرفه عما قليل ما وعدت الظالمين، و عرفني ما وعدت من اجابة المضطرين، انك ذوالفضل العظيم و المن الكريم.
ثم تفرق القوم فما اجتمعوا الا لقراءة الكتاب الوارد عليه موت موسي بن المهدي (الهادي).
و هكذا انتهت حياة الهادي القاتل بعد مقتل الحسين الشهيد من فخ. و لم تطل أيام حكمه أكثر من سنتين.
و قد رثي عيسي بن عبدالله الحسين شهيد فخ بقصيدة
[ صفحه 66]
عصماء قال فيها:
فلأبكين علي الحسين
بعولة و علي الحسن
و علي ابن عاتكة الذي
أثووه ليس بذي كفن
تركوا بفخ غدوة
في غير منزلة الوطن
كانوا كراما فانقضوا
لا طائشين و لا جبن
غسلوا المذلة عنهم
غسل الثياب من الدرن
هدي العباد بجدهم
فلهم علي الناس المنن
و قتل الهادي بمؤامرة - قيل - ان أمه الخيزران دبرتها لأنه عارض نفوذها و تدخلها في شؤون الحكم في حين استشهد الحسين عليه السلام مظلوما حرا كريما لأجل مبادي ء سامية و قيم عالية أراد من خلالها رفع الظلامة عن النسا و احقاق كلمة الله... و هو كما قال سيدنا الكاظم ذهب نقي السريرة عابدا كريما أمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر فرحمة الله عليه. و أسكنه فسيح الجنان الواسعة.
پاورقي
[1] بحار الأنوار، ج 48، ص 151 - 150.