بازگشت

سجن الامام في أيام المهدي


ينقل لنا عن فترة قصيرة سجن فيها الامام الكاظم في زمان المهدي، و ذلك بعد فترة قصيرة من اعتماد سياسة المرونة و اللين التي اتبعها المهدي مع العلويين في بداية حكمه، و الذي تمثل في:

1- اطلاق جميع المسجونين منهم.

2- ورد جميع الأموال المنقولة و غير المنقولة التي صادرها أبوه ظلما و عدوانا الي أهلها.

فقد نشط الامام الكاظم و ذاع صيته خلال حكم المهدي، و لذا عمد الي استخدام سياسة التشدد مع الامام موسي الكاظم، فاستدعاه الي بغداد و حبسه فيها، ثم رده الي المدينة.

كان ذلك في أواخر عهده.

و نقل أنه عهد الي حميد بن قحطبه أن يقتل الامام الكاظم في السحر غيلة، فقام فرأي في منامه عليا يشير اليه و يقرأ: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم) فانتبه مذعورا و نهي حميدا عما أمره، و أكرم الامام الكاظم و وصله [1] .



[ صفحه 77]



أما غيرها أي قبلها و بعدها..فقد شهدت أعاصير مرت علي بيوت بني هاشم فقلت رجالهم و رملت نسائهم و يتمت أطفالهم و حرمت الأمة من الاستفادة من أنوار علمهم و هديهم و ربما يكون عهد الرشيد مثال علي ذلك.

و الذي سعي جاهدا الي قتل العلويين في سجونه كما فعل حميد بن قحطبة أحد رجاله مع ستين علويا قتلهم في ليلة واحدة.

ان معاناة الامام موسي بن جعفر عليه السلام الحدث الأبرز الذي يهمنا في هذا السياق في أيام هارون الرشيد.

حيث يورد المؤرخون جملة من المناظرات التي كانت بين الامام عليه السلام و هارون بعد توليه الحكم و الخلافة و تظهر هذه المحاورات صلابة الامام و بيانه للموقف الحق، نختار منها ما يلي:

1- بيان مكانة الامام من رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم.

و قد أغضب هذا الموقف هارون حين توجهه لزيارة النبي صلي الله عليه و اله و سلم و معه الناس. فتقدم الي قبر النبي صلي الله عليه و اله و سلم فقال: السلام عليك يا ابن عم مفتخرا بذلك علي غيره. و تقدم الامام أبوالحسن موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام الي القبر فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبه. فتغير وجه الرشيد و تبين الغيظ فيه [2] .



[ صفحه 78]



2- بيان مكانة الامام في قلوب الناس.

و التي كان يتحسس منها الخلفاء كثيرا، حيث شكل الامام و من قبله آباءه الأطهار عليهم السلام خطا مستقلا في داخل الأمة. تمتع بالاحترام و التقدير، و الاكبار في النفوس لتلك المواهب و الخصال النفيسة التي تميزت بها شخصياتهم من ناحية، و المواهب العلمية التي حبوابها من قبل الله.

و كان هذا مثار و سبب غضب و نقمة من قبل الخلفاء عليهم و في هذا السياق يروي أن الرشيد لقي الامام عند الكعبة فلم يقم له حتي وقف الرشيد علي رأسه فقال: أنت الذي يبايعك الناس؟

فقال الامام: نعم أنا امام القلوب و أنت امام الجسوم [3] .

و لأن صحت تلك الرواية فانها تدلل علي تلك المكانة التي يستشعرها هارون للامام في نفوس الناس. و انه لما كان يخاطبه بأنك من يبايعه الناس.

- و منها حول شرعية الامام الدينية.

و تأتي في ضمن السياق السابق حيث سأل هارون الامام - كما يروي التلعكبري باسناده عن الامام قال: قال لهارون:

- أتقولون أن الخمس لكم.



[ صفحه 79]



قلت نعم.

قال: انه لكثير.

قلت: ان الذي أعطانا علم أنه لنا غير كثير [4] .

هذه المحاورات و أمثالها و التي أراد هارون منها معرفة شخصية الامام في أبعادها المختلفة جعلت فاصلا حقيقيا بين الامامة الراشدة و السلطة الزمنية لذا فقد عزم هارون علي محاصرة الامام عليه السلام في السجون بعد أن عجزت العيون و الجواسيس و المضايقات عن شل حركته، و لم نقف أمام تعاطي الناس معه في مختلف المجالات الحياتية و العلمية.

و قد تراوحت سجون الامام في ثلاثة أماكن انتهت حياته الشريفة في السجن الثالث ببغداد.


پاورقي

[1] أعلام الهداية، الامام موسي بن جعفر، ص 92.

[2] الاحتجاج، ج 2، ص 167.

[3] عوالم العلوم، ج 21.

[4] بحار الأنوار، ج 48، ص 158.