بازگشت

في الطريق


بعد خمس سنين، ترك الفتي موسي حضن أمه حميدة، و التحق بالجامعة التي أسسها جده الأول الإمام زين العابدين، و ملأها بالكتب العزيرة جده الثاني الامام محمد الباقر، و نقلها الي الرحب الفسيح أبوه العلامة الإمام جعفر، و جعلها جامعة تفيض بالمعارف، الكنوز الفكرية و الروحية... و ها هي تغص بأكثر من أربعة آلاف طالب، و بأكثر من عشرة أساتذة يتوسعون بشرح موادها العلمية، و الفلسفية، و الاجتماعية... و ها هي الأمة قد ازدانت موائدها بالمؤلفات النفيسة، و كلها نازلة في كتب تتوسع الأذهان بقراءتها، مع العلم الأكيد، أن جميع الذين ألفوها هم خريجو الجامعة بالذات - الجامعة الزينعابدينية التي يوسعها الآن - بغزارة علمه و جهده - الإمام جعفر الصادق، و لقد اتسع هذا الكتاب، في خاتمة إطاره الأول، بنبذة تلميحية عنه، فلنرجع اليها إذا أحوجنا الأمر.

أجل، لقد التحق الفتي موسي بالجامعة التي يعالج أبوه الإمام شؤونها الوسيعة، و تربع فوق طراريحها اللاصقة بأرض المسجد في يثرب، و راح يجيد العب من مناهلها المقروءة و المشروحة، بإصغاءات طويلة



[ صفحه 80]



و عميقة، و باستقراءات وسيعة في مداها المتجاوب مع مدي أبيه الإمام الذي بقي - خمسة عشر عاما - الي جانب فتاه المصغي الي كل همسة، فيها علم، و فكر، و روح... حتي إذا ما أغمض عينيه اللتين أطفأتهما نقطة سم - تكرم ببخها في حدقتيهما ذلك الهمجي منصور الدوانيقي - كان الفتي موسي قد أضحي عجينة مكتملة الاختمار، تؤهله - بحق بهيج - لأن يكون إماما يلبس عباءة أبيه، في المشوار فوق الطريق الذي لا يزال معميا بالغبار!!!



[ صفحه 81]