بازگشت

الكاظم


و لف الإمام موسي جسد أبيه الراقد، بقميص و عمامة كان يرتديهما جده الإمام زين العابدين... و حملوه الي البقيع حيث واروه الثري قرب آبائه العظام...

و لما رجع الي البيت، كان هول الصدمة يغلفه بصمت رهيب، لا دمع فيه، بل سكون غائر في عينين شبه مغمضتين، ينبجس منهما شجي آخر، لا اسم له غير الخشوع!!! أما زواره الكثر - و قد توافدوا يعودونه للعزاء - فإنهم رهبوا المجال في صمته، و حجزوا الدمع في مآقيهم المرتهنة بمثل هذا الخشوع!!!

من جملة الذين زاروه للعزاء - شيخ وقور مخفي تحت جعادات وجهه - دخل علي الإمام - و توا توجه إليه، و قبل يده، و هو يقول:

- أكمل مسيرة أبيك - إذا تمكنت.

و هذا كل العزاء، و كل الثراء.

و طول البقاء!!!



[ صفحه 114]



ثم انسحب... اما الامام، فانه بدا، كأنه ابتسم، أو كأنه اكتأب... و لكن.... لا ابتسم، و لا اكتأب... بل انه التهب بنحيب ضمني جعله يلحق بالشيخ، ليحتجزه في مخبأ سري من حنوة لبة، فيكاشفه بسريرة نفسه، ساعة تزدحم عليه رزايا الدهر... و ما أشدها الآن وطأة عليه، غيبة أبيه الصادق في نقطة سم: صغيرة صغيرة كأنها حبة سمسم!!!

و ابتدأت - منذ هذه اللحظة - مناجاة الكاظم - علي أن لا ينتهي من الارتسام بها حتي اليوم!!!



[ صفحه 115]