بازگشت

الفاصل (1)


ليس علينا أن نعيد سرد الأحداث التي حصلت في العشر سنوات الأول في عهد المنصور - فلقد جئنا عليها باللمح المختصر، تاركين للتاريخ التوسع بسردها... و لكننا هنا نقصد ابداء العرض، ليكون موجها الي المنصور هكذا:

- إننا نفترض أنك حاكم شرعي، و أن الأمة كلها بين يديك... و أن عليك - وحدك - تدبير أمرها، بالحكمة، و الروية، و العدل، و القسطاس! كما تنص الآيات في قرآنها المنزل عليها و لها... و ها هو المدعو عبدالله بن



[ صفحه 126]



الحسن، ينهض بوجهك، و لا يقبل بك متوليا شؤون المسلمين!!! و رأسا، بدل أن تحكامه بإمعان و روية، حذفته من الوجود!!!

و هكذا صنعت مع ابنيه: محمد ذي النفس الزكية، و إبراهيم الثائر الآخر!!! و بدلا من أن تتلقط بهما - بمهارة و دراية، و تحاكمهما بإمعان و روية، و محبة... نكلت بهما، و حذفتهما من الوجود!!! و هكذا مضيت الي ترويع جميع الناس، لا لتأمين الأمة و صيانتها، بل حتي لا يروع الناس حكمك... و ما كان الناس في نظرك، غير العلويين بالتخصيص، من دون أن تمهد لهم: حبا و معروفا، تفيض بهما مهجة الاسلام!!!

- فليكن لنا أن نفترض - أن لك الحق المطلق في الدفاع عن عرض يهدده رعاع القوم بالعصيان، و ان العاصين ما نالوا إلا ما جنت لهم أياديهم الآثمة... فليكن لك أن تدعي ما تشاء، و أنت في كرسيك السيد!!! و لكن؟ كيف تغطي تصرفك الأسود، مع رجل فريد من نوعه، لا يجوز أن تمتد اليه يد! و اسمه جعفر الصادق: رهن عمره كله، مع أبيه الباقر، و جده زين العابدين - علي طول سبعين من السنين - في خدمة العلم، و خدمة جامعة علمية خاصة، لم تحقق الأمة مثيلا لها في سالف عهدها الطويل!!! و ها هي المعارف كلها تكر أمام ناظريك، بأكثر من أربعة آلاف طالب، هم انتاجها حتي الآن: بالتفكير، و التأليف، و الابداع في الفلسفة، و الفيزياء، و الكيمياء، و الطبابة



[ صفحه 127]



و الهندسات، و التاريخ، و كل أنواع الجغرافيات!!! كيف تمتد يدك اليه، بنقطة سم!!! و هو الآتي إليك - و إلي الأمة التي تدعي أنت تريوضها بخفق النعال - بدرياق يشفيك من كل السموم!!!

أنا لا أظن الآن إلا المنصور قد صمت أمام الافتراض المقدم اليه، و اني أقدم الدليل في تقديم الفاصل الثاني الذي نعرضه الآن: