بازگشت

تراثه الفكري، الروحي، الاجتماعي


و تراث الامام موسي؟ و لن يكون فكريا أكثر مما هو روحي... و ليكن فكريا - روحيا... إنما هو - في مآله الواسع و الشامل - اجتماعي بكل ما في الكلمة من أبعاد و مقاصد... كما و ان اجتماعيات الامام، لم تبرزها بكل ماهياتها الجليلة، أقواله المخطوطة في إطار الحروف - و هي فصيحة المبني، و المعني و الإشارات - انما كان لها مدد آخر، مدتها به، كل أفعاله الصادقة التعبير عن حقيقة ذاته، و حقيقة مناهجه في الحياة، و فرادة إيمانه بالأمة التي هي كل ملاذه في الوجود - و بالتالي - كيفية التعبير عن هذا الإيمان الوطيد بسلوك مدرب بالعفاف، و الصدق، و التقوي، و ليس من غيرها ما يبني الفرد - السائس و المسوس - في تجهيز الأمة نحو تحقيق البلوغ!!!

سيكون لنا التمعن بتراثه - بقدر ما يفسح لنا بالمجال - علي أن نستعين قليلا بأفعاله، و بتحمله الضيم بصبر فائق المثيل، ليكون ذلك - منه - مساندة فاعلة تثبت صدقه في كل ما قال، أو ما سيقول:

صحيح أن ما كتبه الامام، لا يؤلف مجموعة «كتيبة» تغص بها رفوف



[ صفحه 172]



المكتبات، و لكن الفكر فيها يدل إلي غزارة عنده، تصلح لأن تكون موسوعات علمية، و فلسفية، و اجتماعية، تمتلي ء بها كتب الباحثين... أقول ذلك لأعني أن اختلاء الإمام بنفسه، و بقلمه، لم يكن موفورا له، في مثل هذا الجو الرهيب الذي أحاطه به المتجنون عليه من بني العباس... يكفي أن نشير الي أن السجون الطويلة التي عاناها في حكم الرشيد، لم يكن له منها فسحة من وقت و طمأنينة، ينكسب فيها علي الانتاج، و التأليف... من هنا، أن اختلاءات الامام، ما كانت لمنادمة القلم و القرطاس، بل لتضميد الجراح التي كانت تصيب بدنه و روحه!!! و مع ذلك كله، فإن ما قدمه لنا الإمام، من جني غزاراته، لا يجعلنا إلا خاشعين أمام صلابة إنتاجه الذي ننوه علنه مع القليل القليل من التفسير: