بازگشت

الكاظم


انه اللقب الكبير الخافت النبضات، و النابض الأكمات... يأخذك اليه، و يأسرك في ظله - و أنت واقف - كالمشدوه - تسأل: عمن تعرف «أل» التعريف، و أي شي ء يخبي ء في عبه، هذا الكاظم؟

و علي مهل مشبع بالتأمل، يأتي الجواب بتفسير الفعل: كظم، تفسيرا قاموسيا: يعني: كظم الغيظ، أي أخفي الغيظ - أي خبأه - أي صمت عليه و لم يذكره - أي طواه في دخيلة نفسه و تحمله - أي صبر عليه و لم يطلب تخفيفا منه!!!، اما الذي كظم الغيظ، و تحمل أثقاله النازلة عليه كأنها القناطير، فهو الامام موسي: تحمله منذ أن ولد، إلي أن طواه الوجود - تحمله اضطهادا، و إبعادا عن دائرته الإمامية - تحمله ذائدا عن الأمة، و عن الطالبيين - بالتخصيص - حتي لا يشتتهم التنكيل و التشفي - تحمله مع المنصور يقبله قبلة يوضاس الضائعة بين الحب و البغض - تحمله مع المهدي و الهادي، و هو قابع في الزواريب حتي ينجو من سخافاتهما الظالمة - و أخيرا، تحمله وسيعا بلا حدود: مع هارون الرشيد - يزجه في السجون المعتمة، طيلة سبعة عشر عاما، و لم تنته إلا بإطعامه ثلاث حبات من العنب، محشوة، بماذا؟!!! بنقطة سم!!!

لقد تحمل الامام موسي كل هذا الغيظ الجسيم و المتفرع اللقطات، و هو الصابر و المعلم الأمة كلها صبرا شبيها بصبره، حتي لا ينالها، لا التشفي، و لا الاضطهاد... تحمله بصبر عجيب، و بإيمان بالله المنيل الصابرين حسن الجزاء... تحمله بأناة كريمة الصفاء، من دون أن يتذمر منه، و من دون أن يخسر من عزة نفسه، و لا مقدار حبة سمسم... تحمله بكل إباء، و لم يلتمس تخفيفه عنه، و لا مقدار شعرة - تحمله بكبرياء



[ صفحه 192]



النفس: قصدا منه أن يجعل الضيم المتعدي علي الحق، شهادة علي الجائر بجبروته المتوحش، و وساما يتسم به المتحمل وطأة الهمجية... و تحمله - أخيرا - كأنه قرص الفداء، يعلم الأمة التحمل الي أن يأتيها يوم الظفر.

كل ذلك هو معني الكاظم - أسوقه إليه أيها المتسائل المشدوه... اما الأمة... و اما الرأي العام الاجتماعي... فهو الذي يصف اسم الفاعل، أو الصفة المشبهة «الكاظم»، «بأل» التعريف... و لقب الامام موسي:

- بالكاظم -