بازگشت

فوق القناطر


هنيئا لك أيها الإمام - ما رضيت النوم إلا فوق القناطر!!! و أي معني للقناطر؟ إلم تتقاطر اليها ميازيب السحب، في حوملات المجادل... كأن المجرات كلها، هي المتهافتة الي صحفة الأرض، تجدل لها الري جدائل جدائل، لتكون باحات الرمال - في نشفتها المحروقة - واحات جديدة، يسوق اليها العظيم دجلة، روفدا الخير، و منابت الخصب، و مضوعات الزهر، و أضاميم الثمر...

انه دجلة في اختزانه دموع السحب، و توزيعها مرافق مرافق علي المساكب المتموجة بسيقان القصب، و علي الجذوع النامية بكل أنواع الرطب...

انه دجلة الخصب يمر تحت القناطر... و أنت - أيها السيد - دجلة الحق، جئت تسقي النفوس بأعذب ما تنمو بها هاتيك المكارم، و هي - وحدها - تشتد بها أواصر الأمة... و رحت تحميها بدفقات المكارم...

و دفقات المكارم؟ أنت الذي حزمتها رزما رزما، من فوق القناطر،



[ صفحه 218]



و جئت توزعها - تحت القناطر - ضمائر ضمائر، ترفخ بها أكواب الطحين، و تغمر بها فسحات الموائد... كأن الخبز هو المرقوق، لجعل القوت من أطيب منا تتشبع به أفواه الجياع!!!

و انساقت اليك دفقات المكارم، لا لتختزنها في عب الذات، بل لتدفقها حيث تمر ليربوبها، حتي الأجنة، في بطون الأمهات... انها الأمة في تحضير اليوم، و تحضير الغد: تجبي لها من الضيم المكظوم، ما يسقيها من الضيم، إذا تحملته، و أغدقت عليه صبرا يعلمها - بواسطة المران - كيف تطبخه في الأفران التقية، و تفتله من سم الي درياق... و كانت التقوي درياقك، ما حملته في غرة نفسك، إلا لتجلو به صدور الآخرين، و تكشح عنها حوملات الزغل!



[ صفحه 219]