بازگشت

ما جري له من الحكام في عهده


كان الابن الأوسط قد جلس في الغرفة هذا اليوم قبل اخوته. و كان الذي دعاه الي هذا التواجد هو ما و عده أبوه بالزيارة للامام موسي بن جعفر عليه السلام و الذي لم يحدد لها موعدا. الا أن الابن كان يري أن حديث أبيه عن الامام الكاظم عليه السلام هو الذي سيجعل من السفر للزيارة ليس بعيدا.

و حينما وجد أخوته جلوسه في الغرفة شاركوه جلسته. و لم يمض وقت طويل و اذا بالأب مسلما علي أسرته. و متخذا له مجلسا بينهم. و ما هي الا بعض دقائق حتي بدأ الأب الحديث قائلا: سبق و أن حدثتكم أن وفاة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام كانت في خلافة المنصور العباس. و هذا يعني أن ابتداء امامة موسي بن جعفر كانت في خلافته. و أن امره بسم الامام الصادق عليه السلام جعله لم يتعرض لأذية الكاظم عليه السلام و لو ظاهرا. و حينما توفي المنصور تسلم الأمر بعده محمد المهدي. و هذا لم يكن ليعيقه شي ء في أن يقدم علي اذي الامام. و قد طلبه الي العراق و حبسه. و حينما شاهد منه معجزات كثيرة خاف التعرض له في اذية. فاطلق صراحه ورده الي



[ صفحه 22]



المدينة [1] و دام حكم المهدي عشر سنين و شهرا. و بوفاته استلم الأمر بعده الهادي العباسي. فامر بحبس الامام موسي بن جعفر. فرأي في منامه علي بن أبي طالب عليه السلام. و هو يقول له: يا موسي (أي موسي الهادي العباسي). هل عسيتم أن توليتم ان تفسدوا في الأرض. و تقطعوا أرحامكم.

فانتبه موسي الهادي من نومه مذعورا. و قد عرف أنه المراد. فأمر باطلاق صراحه [2] الا أنه واصل حقده و بغضه للامام عليه السلام. و قبل أن يوصل اليه اذي. كان قد وافاه الأجل. و قد دام حكمه سنة و شهرا. ثم ملك الأمر هارون بن محمد. و لقب بالرشيد. و قد كانت فترة حكم الرشيد العباسي من أكثر الفترات أذي للامام موسي بن جعفر. فقد كان هارون قد أودع الي الامام الكاظم عليه السلام في السجن كثيرا. حتي آل به الأمر الي أن يأمر بسمه.

و مما روي عن عمر بن واقد قال: ان هارون الرشيد لما ضاق صدره مما كان يظهر له من فضل موسي بن جعفر عليه السلام. و ما كان يبلغه عنه من قول الشيعة بامامته. و اختلافهم اليه في السر بالليل و النهار. خشي علي نفسه و ملكه ففكر في قتله بالسم. فدعي برطب. فأكل منه. ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة. و أخذ سلكا فعركه بالسم (أي دلكه فيه). و أدخله في سم الخياط. و أخذ رطبة من ذلك الرطب. فأقبل يردد ذلك السم بذلك الخيط. حتي علم أنه قد حصل السم فيها. فاستكثر منه. ثم ردها في ذلك الرطب.



[ صفحه 23]



و قال لخادم له: احمل هذه الصينية الي موسي بن جعفر. و قل له: أن أميرالمؤمنين أكل من هذا الرطب. و تنغص لك به. و هو يقسم عليك بحقه. لما اكلتها عن آخر رطبة. فاني اخترتها لك بيدي. ثم قال للخادم: لا تتركه يبقي منها شيئا. و لا يطعم منها أحدا.

فاتاه الخادم بها. و أبلغه الرسالة. فقال له عليه السلام: اتيني بخلال. فناوله خلالا. و قام بازائه و هو يأكل من الرطب. و كانت للرشيد كلبة تعز عليه. فجذبت نفسها. و خرجت تجر سلاسلها من الذهب. حتي حاذت موسي بن جعفر. فبادر بالخلال الي الرطبة المسمومة. و رمي بها الي الكلبة فاكلتها. فلم تلبث أن ضربت بنفسها الأرض. و عوت. و تهرت لحمها قطعه قطعة.

و أستوفي عليه السلام باقي الرطب. و حمل الغلام الصينية حتي صار بها الي الرشيد. فقال له: قد أكل الرطب عن آخره؟ قال: نعم يا أميرالمؤمنين. قال: فكيف رأيته؟ قال: ما أنكرت منه شيئا يا أميرالمؤمنين.

ثم ورد علي هارون خبر الكلبة. و أنها قد تهرتت و ماتت. فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا و استعظمه. و وقف علي الكلبة فوجدها متهرتة بالسم. فأحضر الخادم. و دعي له بسيف. و نطع و قال له. لتصدقني الخبر. أو لأقتلنك. فقال: يا أميرالمؤمنين. اني حملت الرطب الي موسي بن جعفر. و أبلغته سلامك. و قمت بازائة. فطلب مني خلالا. فدفعته اليه. فأقبل يغرز في الرطبة بعد الرطبة و يأكلها. حتي مرت الكلبة فغرز الخلال في الرطبة. فرمي بها. فأكلتها الكلبة. و أكل هو باقي الرطب. فكان ما تري يا أميرالمؤمنين.



[ صفحه 24]



فقال هارون: ما ربحنا من موسي الا أنا أطعمناه جيد الرطب. و ضيعنا سمنا. و قتل كلبتنا. ما في موسي حيلة [3] .

الابن الأكبر: و أين حبس هارون الرشيد. الامام موسي بن جعفر يا أبي؟

الأب: لم يكن له مكان واحد يا ولدي. و قد روي أن عيسي بن جعفر حبسه عنده سنة. ثم كتب الي الرشيد أن خذه مني و سلمه الي من شئت. و الا خليت سبيله. فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة. فما أقدر علي ذلك. حتي اني لا تسمع عليه اذا دعي. لعله يدعو علي أو عليك. فما اسمعه يدعو الا لنفسه. يسأل الرحمة و المغفرة.

و حكي من كان موكلا بتفحص أحواله عليه السلام من جواسيس عيسي فقال: كنت كثيرا ما أسمع من موسي بن جعفر في تلك الأيام التي هو في الحبس يقول: اللهم. اني كثيرا ما كنت اسألك أن توفق لي خلوة و عزلة و فراغ خاطر لعبادتك و اطاعتك. فكيف أشكر هذه النعمة. و قد استجبت لدعائي. و بلغتني مناي.

ثم أنه لما بلغ الرشيد كتاب عيسي. وجه من تسلمه منه. و حبسه عند الفضل ابن الربيع ببغداد.

و كان هارون الرشيد قد أمر الفضل بن يحيي بقلته عليه السلام مرارا. فلم يقدم علي ذلك. و أبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة. و هو حينئذ بالرقة. فانفذ مسرور الخادم الي بغداد علي البريد. و أمره أن يدخل من فوره علي موسي بن جعفر عليه السلام فيعرف خبره. فان كان الأمر



[ صفحه 25]



علي ما بلغه أوصل كتابا منه الي العباس بن محمد و أمره بامتثاله، و أوصل كتابا آخر الي السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس.

فقدم مسرور. فنزل دار الفضل بن يحيي. لا يدري أحد ما يريد. ثم دخل علي موسي بن جعفر عليه السلام. فوجده علي ما بلغ الرشيد. فمضي مسرور من فوره الي العباس بن محمد. و السندي ابن شاهك. فأوصل الكتابين اليهما. فلم يلبث الناس. ان خرج الرسول الي الفضل ابن يحيي. فركب معه. و خرج مشدوها دهشا. حتي دخل علي العباس. فدعي بسياط و عقابين (أي الذين يعاقبون). فوجه ذلك الي السندي و أمر بالفضل فجرد. و ضربه مائة سوط. و خرج متغير اللون خلاف ما دخل. فاذهبت نخوته. فجعل يسلم علي الناس يمينا و شمالا. و كتب مسرور بالخبر الي الرشيد. فأمر بتسليم موسي بن جعفر عليه السلام الي السندي ابن شاهك... [4] .

ثم قال الأب: أرأيت يا ولدي كم مكان كان الامام موسي بن جعفر عليه السلام قد سجن فيه. لقد سجن عند عيسي بن جعفر. ثم عند الفضل بن الربيع ثم عند الفضل بن يحيي البرمكي ثم عند السندي بن شاهك. و هذا السجن كان آخر مكان له من الدنيا.

الابن الأوسط: و كيف يا أبي؟

الاب: سيأتي الحديث عن ذلك في حينه يا ولدي. ثم تابع الأب حديثه قائلا: و ليس الامام موسي بن جعفر عليه السلام وحده من وجد كثيرا من الاذي من هارون و من تبعه في هواه. و انما جمع كبير من العلويين.



[ صفحه 26]



الابن الأكبر: و كيف وجدوا أذي يا أبي؟ هل سجنواهم أيضا؟

فقال الأب: نعم يا ولدي سجنوا و قتلوا دون رحمة و لا خشية و لا رادع. و كأن الناس لم يكن لهم دين يحرم عليهم قتل الأبرياء من الناس.

الابن الأوسط: حدثنا عن قصتهم يا أبي؟

الأب: روي عن عبدالله البزاز النيشابوري (النيسابوري). و كان رجلا مسنا فقال: كان بيني و بين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة. فرحلت اليه في بعض الأيام. فبلغه قدومي. فاستحضرني للوقت. و علي ثياب السفر لم اغيرها. و ذلك في شهر رمضان. وقت صلاة الظهر. فلما دخلت عليه رايته في بيت يجري فيه الماء. فسلمت عليه. و جلست. فأتي بطشت و ابريق. فغسل يديه. ثم امرني فغسلت يدي. و احضرت المائدة. و ذهب عني اني صائم و اني في شهر رمضان. ثم ذكرت فأمسكت يدي. فقال لي حميد: مالك لا تأكل؟ فقلت: أيها الأمير. هذا شهر رمضان. و لست بمريض. و لا بي علة توجب الافطار. و لعل الأمير له عذر في ذلك. أو علة توجب الافطار. و اني لصحيح البدن. ثم دمعت عيناه و بكي. فقلت له بعدما فرغ من طعامه: ما يبكيك أيها الأمير؟

فقال: انفذ الي هارون الرشيد. وقت كونه بطوس في بعض الليل ان اجب. فلما دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتقد. و سيفا احضر مسلولا. و بين يديه خادم واقف. فلما قمت بين يديه. رفع رأسه الي فقال: كيف طاعتك لأميرالمؤمنين؟ فقلت: بالنفس و المال. فاطرق. ثم اذن لي بالانصراف. فلم البث في منزلي حتي عاد الرسول الي. و قال: أجب أميرالمؤمنين. فقلت في نفسي: انا



[ صفحه 27]



لله. اخاف أن يكون قد عزم علي قتلي. و أنه لما رآني استحي مني. فعدت بين يديه. فرفع رأسه الي فقال: كيف طاعتك لأميرالمؤمنين؟ فقلت: بالنفس و المال و الأهل و الولد. فتبسم ضاحكا. ثم أذن لي بالانصراف. فلما دخلت منزلي لم ألبث ان عاد الرسول الي. فقال: اجب أميرالمؤمنين. فحضرت بين يديه. و هو علي حاله. فرفع الي رأسه فقال: كيف طاعتك لأميرالمؤمنين؟ فقلت: بالنفس و المال و الأهل و الولد و الدين. فضحك ثم قال لي؛ خذ هذا السيف. و أمتثل ما يأمرك به هذا الخادم. قال حميد: فتناول الخادم السيف و ناولنيه. و جاء بي الي بيت مغلق. ففتحه. فاذا فيه بئر في وسطه. و ثلاث بيوت أبوابها مغلقة. ففتح باب بيت منها. فاذا فيها عشرون نفسا. عليهم الشعور و الذوائب. شيوخ و كهول و شبان مقيدون. فقال لي: أن أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء. و كانوا كلهم علوية من ولد علي و فاطمة عليه السلام. فجعل يخرج الي واحدا واحدا. فأضرب عنقه. و يرمي به في تلك البئر. حتي أتيت علي آخرهم.

ثم فتح بيت آخر. فاذا فيه أيضا عشرون نفسا من العلويين من ولد علي و فاطمة عليه السلام. مقيدون. فقال لي أن أميرالمؤمنين يأمرك بقتل هؤلاء. فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد. فأضرب عنقه. و يرمي به في تلك البئر. حتي أتيت علي آخرهم.

ففتح باب البيت الثالث: فاذا فيه مثلهم عشرون نفسا من ولد علي و فاطمة عليه السلام. مقيدون و عليهم الشعور و الذوائب. فقال لي: ان أميرالمؤمنين يأمرك أن تقتل هؤلاء أيضا. فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد. فأضرب عنقه. فيرمي به في تلك البئر. حتي أتيت علي تسعة عشر نفسا منهم. و بقي شيخ منهم عليه شعر. فقال لي: تبا لك يا ميشوم. أي عذر لك يوم القيامة اذا قدمت علي جدنا رسول



[ صفحه 28]



الله صلي الله عليه و آله و سلم. و قد قتلت من أولاده ستين نفسا. ولدهم علي و فاطمة. فارتعشت يداي. و أرتعدت فرائصي. فنظر الي الخادم مغضبا. و زبرني. فأتيت علي ذلك الشيخ أيضا فقتلته. و رمي به في البئر.

ثم قال حميد: فاذا كان فعلي هذا. و قد قتلت ستين نفسا من ولد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. فما ينفعني صومي و صلاتي. و أنا لا أشك اني مخلد في النار.. [5] .

فقال الابن الأكبر: اذا كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد خاطب عليا عليه السلام و قال: يا علي. لو أن أمتي صاموا حتي يكونوا كالخبايا. و صلوا حتي يكونوا كالأوتار. ثم ابغضوك لاكبهم الله في النار. [6] .

فان كان الباغض مصيره النار يا أبي. فما مصير من قتل من آل البيت؟

الأب: الله أعلم كيف يكون عذابه يا ولدي. لقد أنذرهم الله تعالي و رسوله الكريم صلي الله عليه و آله و سلم كثيرا. و حذرهم الأئمة من آل البيت أيضا. و لم ينفع الانذار و لا التحذير. و اختاروا لأنفسهم المصير. و سينالون جزاءهم و هم لا يظلمون.

ثم قال الأب: حينما يكون الاذي من البعيد فالعجب منه يكون بعيدا. الا أن الأذي حينما يأتي من القريب فهنا العجب و الحيرة. فالاذي الذي تعرض اليه الامام موسي بن جعفر عليه السلام لم يكن من البعيد فحسب. و انما جاءه من القريب أيضا. فقد روي أن الامام الكاظم عليه السلام كان يخاف ابن أخيه محمد بان اسماعيل. و كان عليه السلام



[ صفحه 29]



مع خوفه منه فقد كان يبره. الا أن محمد هذا كان لا يترك السعي به الي السلطان من بني العباس. [7] .

الابن الأكبر: نعم يا أبي. لقد حدثتنا عن هذا عند حديثك عن أبناء الامام جعفر الصادق عليه السلام. و لكنك لم تتحدث عن الموضوع بكثير من الايضاح.

فقال الأب: يروي أن هارون الرشيد قال يوما لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب. ليس بواسع الحال. يعرفني ما احتاج اليه؟ فدل علي علي بن اسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام. و في رواية أخري: فدل علي محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام.

فأمر هارون أن يحمل اليه يحيي البرمكي مالا.

و تذكر الرواية: ان الامام موسي بن جعفر عليه السلام كان يأنس اليه و يصله. و ربما افضي اليه باسراره كلها.

فقال الابن الأكبر: و هل تعتقد ذلك يا أبي؟

الأب: بالنسبة لي لا أظن ان ذلك يكون لاسباب منها: علم الامام موسي بن جعفر عليه السلام و فراسته تكشف له حقائق الناس بالتأكيد. اضافة الي كونه كما هو مروي و ثابت: انهم عليه السلام يعلمون ما كان و ما يكون. فكيف لا يعرف الامام حقيقة أمر هذا الرجل فيفضي اليه باسراره. و علي كل حال فنحن نذكر الرواية و الله أعلم بالأمر.

ثم قال الأب: كتب هارون ليشخص بمحمد بن اسماعيل.



[ صفحه 30]



فأحس الامام موسي عليه السلام بذلك. فدعاه و قال: الي أين يا ابن أخي؟ قال محمد: الي بغداد. قال عليه السلام: و ما تصنع؟ قال: علي دين و أنا مملق. قال عليه السلام له: فأنا أقضي دينك. و أفعل بك و أصنع.

فلم يلتفت محمد بن اسماعيل الي ذلك. فقال له عليه السلام: انظر يا ابن أخي. لا تؤتم أولادي.

ثم أمر عليه السلام له بثلثمائة دينار و أربعة آلاف درهم. فلما قام من بين يديه قال عليه السلام لمن حضره: و الله. ليستعين في دمي. و ليؤتمن أولادي. فقالوا له: جعلنا فداك. فأنت تعلم هذا من حاله و تعطيه و تصله؟

فقال عليه السلام لهم: نعم. حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان الرحم اذا قطعت فوصلت. قطعها الله. (و هناك رواية أخري لهذا الحديث سنذكرها ان شاء الله).

فخرج علي بن اسماعيل (محمد بن اسماعيل) حتي أتي الي يحيي بن خالد. فتعرف منه يحيي خبر موسي بن جعفر عليه السلام. و رفعه الي الرشيد و زاد عليه. [8] .

الابن الأكبر: و هل كان ذلك قبل أن يسجن الامام موسي بن جعفر عليه السلام يا أبي؟

الأب: يظهر ذلك. لأن الرواية التي ذكرتها لكم عن محمد بن اسماعيل قد رويت بشكل آخر. و هو: أنه حين دخل علي هارون



[ صفحه 31]



الرشيد سلم عليه بالخلافة ثم قال له: ما ظننت ان في الأرض خليفتين حتي رأين أخي موسي بن جعفر يسلم عليه بالخلافة... [9] .

الابن الأكبر: و هل قال: حتي رأيت أخي موسي بن جعفر...؟

فقال الأب: نعم يا ولدي هكذا رويت في جلاء العيون للسيد عبدالله شبر. أما في كتاب عمدة الطالب فالرواية تقول: قال أبونصر البخاري: كان محمد بن اسماعيل بن الصادق عليه السلام مع عمه موسي الكاظم عليه السلام. يكتب له السر الي شيعته في الآفاق. فلما ورد الرشيد الحجاز سعي محمد بن اسماعيل بعمه الي الرشيد. فقال: اعلمت ان في الأرض خليفتين يجيي ء اليهما الخراج؟ فقال الرشيد: ويلك. أنا و من؟ قال: موسي بن جعفر. و اظهر أسراره. فقبض الرشيد علي موسي الكاظم عليه السلام و حبسه. و كان سبب هلاكه.

و حظي محمد بن اسماعيل عند الرشيد. و خرج معه الي العراق. و مات ببغداد. و دعا عليه موسي بن جعفر عليه السلام بدعاء استجابه الله تعالي فيه و في أولاده. و لما ليم موسي بن جعفر عليه السلام في صلة محمد بن اسماعيل و الاتصال مع سعيه به قال عليه السلام: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم قال: الرحم اذا قطعت فوصلت. ثم قطعت فوصلت. ثم قطعت فوصلت. ثم قطعت قطعها الله تعالي: و انما أردت ان يقطع الله رحمه من رحمي. [10] .

الابن الأكبر: و هل روي سبب موت محمد بن اسماعيل يا أبي؟



[ صفحه 32]



الأب: نعم يا ولدي. فهو حينما قال للرشيد: ظننت أن في الأرض خليفتين... أمر الرشيد له بمائتي ألف درهم. فلما رجع الي داره عرض له عارض في حلقه فمات في تلك الليلة. و لم ينتفع بتلك الدراهم...

و في رواية أخري: أنه دخل في بعض الأيام الي الخلا. فزحر زحرة خرجت منها احشاؤه كلها فسقط. و جهدوا في ردها. فلم يقدروا. فوقع لما به. و لما جاءه المال و هو ينازع. قال: ما اصنع به و أنا في الموت... [11] .

ثم قال الأب: و روي عن محمد بن سليمان النوفلي قال: سمعت من أبي يقول: لما قبض الرشيد علي موسي بن جعفر عليه السلام. قبض عليه و هو عند رأس النبي صلي الله عليه و آله و سلم قائما يصلي. فقطع عليه صلاته. و حمل و هو يبكي و يقول: اليك أشكو يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما القي.

و أقبل الناس من كل جانب يبكون و يضجون. فلما حمل الي الرشيد شتمه و جفاه. فلما جن الليل. أمر الرشيد بقبتين فهيئا له. فحمل موسي بن جعفر عليه السلام الي احدهما في خفاء. و دفعه الي حسان السروي. و أمره أن يسير به في قبة الي البصرة. و يسلمه الي عيسي بن جعفر. و هو أميرها هناك.

و وجه قبة أخري علانية نهارا الي الكوفة. معها جماعة. ليعمي علي الناس أمر موسي بن جعفر عليه السلام.

فقدم حسان السروي البصرة قبل الترويه بيوم. فدفعه الي



[ صفحه 33]



عيسي بن جعفر نهارا علانية. حتي عرف ذلك و شاع أمره. فحسبه عيسي بن جعفر في بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه. و أقفل عليه. و شغله عنه العيد. فكان لا يفتح عنه الباب الا في حالتين. حال يخرج فيها الي الطهور. و حال يدخل اليه فيها الطعام.

الابن الأكبر: قبل أن تحدثنا عن استشهاده يا أبي. حدثنا عن فضائله و مناقبه عليه السلام؟

الأب: نعم يا ولدي. سنتحدث عن ذلك يوم غد ان شاء الله.



[ صفحه 34]




پاورقي

[1] جلاء العيون ج 3 ص 57 عن أعلام الوري للطبرس.

[2] عمدة الطالب ص 196.

[3] رواه الصدوق في العيون عن عمر بن واقد.

[4] راجع الغيبة للشيخ الطوسي.

[5] رواه الصدوق في العيون باسناده عن عبدالله البزاز الفيشابوري.

[6] راجع عمدة الطالب ص 233 و جلاء العيون عبدالله شبر ج 3 ص 58.

[7] راجع عمدة الطالب ص 233 و جلاء العيون للسيد عبدالله شبر ج 3 ص 58.

[8] جلاء العيون للسيد عبدالله شبر ج 3 ص 58 عن المجلسي.

[9] نفس المصدر السابق و الصفحة.

[10] عمدة الطالب ص 234 - 233.

[11] الروايتين عن العيون للصدوق.