بازگشت

في البلايا و المنايا و الآجال


1 - عن اسحاق بن عمار، قال: سمعت العبد الصالح ينعي الي رجل نفسه، فقلت في نفسي: و انه ليعلم متي يموت الرجل من شيعته؟ فالتفت الي شبه مغضب، فقال: يا اسحاق، قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا و البلايا، و الامام أولي بعلم ذلك.

ثم قال: يا اسحاق، اصنع ما أنت صانع، فان عمرك قد فني، و انك تموت الي سنتين، و اخوتك و أهل بيتك لا يلبثون بعدك الا يسيرا حتي تتفرق كلمتهم و يخون بعضهم بعضا، حتي يشمت بهم عدوهم. فكان هذا في نفسك؟ فقلت: اني أستغفر الله بما عرض في صدري، فلم يلبث اسحاق بعد هذا المجلس الا يسيرا حتي مات. فما أتي عليهم الا قليل حتي قام بنو عمار بأموال الناس فأفلسوا [1] .

2 - و عن الأخطل الكاهلي، عن عبدالله بن يحيي الكاهلي، قال: حججت فدخلت عليه، فقال لي عليه السلام: اعمل خيرا في سنتك هذه، فقد دنا أجلك.



[ صفحه 126]



فبكيت، فقال: ما يبكيك؟ قلت: جعلت فداك، نعيت الي نفسي، فقال لي: أبشر، فانك من شيعتنا، و انك الي خير.

قال الأخطل: فما لبث عبدالله بعد ذلك الا يسيرا حتي مات [2] .

3 - و عن اسحاق بن عمار، قال: لما حبس هارون أباالحسن عليه السلام دخل عليه أبويوسف و محمد بن الحسن صاحبا أبي حنيفة، فقال أحدهما للآخر: نحن علي أحد أمرين: اما أن نساويه، و اما أن نشككه [3] ، فجلسا بين يديه، فجاء رجل كان موكلا به من قبل السندي، فقال: ان نوبتي قد انقضت، و أنا علي الانصراف، فان كانت لك حاجة فأمرني حتي آتيك بها في الوقت الذي تلحقني النوبة، فقال: ما لي حاجة.

فلما خرج قال لأبي يوسف و محمد بن الحسن: ما أعجب هذا، يسألني أن اكلفه حاجة ليرجع و هو ميت في هذه الليلة!

قال: فغمز أبويوسف محمد بن الحسن فقاما، فقال أحدهما للآخر: انا جئنا لنسأله عن الفرض و السنة، و هو الآن جاء بشي ء آخر كأنه من علم الغيب!

ثم بعثنا برجل مع الرجل فقالا: اذهب حتي تلازمه و تنظر ما يكون من أمره في هذه الليلة، و تأتينا بخبره من الغد. فمضي الرجل فنام في مسجد عند باب داره، فلما أصبح سمع الواعية، و رأي الناس يدخلون داره، فقال: ما هذا؟ قالوا: مات فلان في هذه الليلة فجأة من غير علة!



[ صفحه 127]



فانصرف اليهما فأخبرهما، فأتيا أباالحسن عليه السلام فقالا: قد علمنا أنك أدركت العلم في الحلال و الحرام، فمن أين أدركت أمر هذا الرجل الموكل أنه يموت في هذه الليلة؟ قال: من الباب الذي كان أخبر بعلمه رسول الله صلي الله عليه و آله علي ابن أبي طالب، فلما ورد عليهما هذا بقيا لا يحيران جوابا [4] .

4 - و عن عثمان بن عيسي، عن خالد بن نجيح، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: قال لي: افرغ فيما بينك و بين من كان له معك عمل في سنة أربع و سبعين و مائة حتي يجيئك كتابي، و انظر ما عندك و ما بعث به الي، و لا تقبل من أحد شيئا. و خرج الي المدينة، و بقي خالد بمكة خمسة عشر يوما ثم مات [5] .

5 - و عن علي بن أبي حمزة، قال: كنت عند أبي الحسن اذ أتاه رجل من أهل الري، يقال له جندب، فسلم عليه و جلس، فسأله أبوالحسن فأحسن السؤال، فقال له: ما فعل أخوك؟ فقال: بخير - جعلت فداك - و يقرئك السلام. قال: يا جندب، عظم الله أجرك في أخيك. فقال: ورد والله علي كتابه من الكوفة لثلاثة عشر يوما بالسلامة!

فقال: يا جندب، انه والله مات بعد كتابه بيومين، و دفع الي امرأته مالا،



[ صفحه 128]



و قال: ليكن هذا عندك، فاذا قدم أخي فادفعيه اليه، و قد أودعته الأرض في البيت الذي كان هو فيه، فاذا أنت أتيتها فتلطف لها و أطمعها في نفسك فانها ستدفعه اليك.

قال علي بن أبي حمزة، فلقيت جندبا بعد ذلك، فسألته عما كان قال أبوالحسن، فقال: صدق والله سيدي، ما زاد و لا نقص [6] .

6 - و عن علي بن أبي حمزة، قال: سمعت أباالحسن موسي عليه السلام يقول: لا والله لا يري أبوجعفر الدوانيقي بيت الله أبدا. فقدمت الكوفة فأخبرت أصحابنا، فلم يلبث أن خرج، فلما بلغ الكوفة قال لي أصحابنا في ذلك، فقلت: لا والله لا يري بيت الله أبدا، فلما نزل بئر ميمون أتيت أباالحسن عليه السلام فوجدته في المحراب قد سجد فأطال السجود، ثم رفع رأسه الي فقال: اخرج فانظر ما يقول الناس؛ فخرجت فسمعت واعية أبي جعفر، فرجعت فأخبرته، فقال: الله أكبر، ما كان ليري بيت الله أبدا [7] .

7 - و عن الحسين بن موسي، قال: اشتكي عمي محمد بن جعفر حتي أشرف علي الموت، قال: فكنا مجتمعين عنده، فدخل أبوالحسن عليه السلام فقعد في ناحية و اسحاق عمي عند رأسه يبكي، فقعد قليلا ثم قام فتبعته، فقلت: جعلت فداك،



[ صفحه 129]



يلومك اخوتك و أهل بيتك و يقولون دخلت علي عمك و هو في الموت ثم خرجت. قال: أرأيت هذا الباكي سيموت و يبكي ذاك عليه. قال: فبرأ محمد بن جعفر، و اشتكي اسحاق فمات، و بكي محمد عليه [8] .

8 - و عن خالد بن نجيح، قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: ان أصحابنا قدموا من الكوفة، فذكروا أن المفضل شديد الوجع، فادع الله له، فقال: قد استراح. و كان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيام [9] .

9 - و عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: استقرض أبوالحسن عليه السلام من شهاب بن عبد ربه مالا، و كتب كتابا و وضعه علي يدي، و قال: ان حدث بي حدث فحرقه، قال عبدالرحمن: فخرجت الي مكة، فلقيني أبوالحسن عليه السلام و أنا بمني، فقال لي: يا عبدالرحمن، حرق الكتاب. ففعلت، و قدمت الكوفة فسألت عن شهاب، فاذا هو قد مات في الوقت الذي أومأ الي في حرق الكتاب [10] .

10 - و عن علي بن أبي حمزه، قال: أرسلني أبوالحسن الي رجل من أهل



[ صفحه 130]



الوازارين. قلت: ليس تعرف الوازارين، قال: الوازارين الذي يشتري غدد اللحم. قلت: قد عرفته، قال: أتعرف فيه زقاقا يباع فيه الجواري؟ قلت: نعم. قال: فان علي باب الزقاق شيخ يقعد علي ظهر الطريق بين يديه طبق فيه نبع [11] يبيعه بنفسه للصبيان بفلس فلس، فأته و اقرأه مني السلام، فأعطه هذه الثمانية عشر درهما، و قل له: يقول لك أبوالحسن انتفع بهذه الدراهم فانها تكفيك حتي تموت.

قال: فأتيت الموضع، فطلبت الرجل فلم أجده في موضعه، فسألت عنه، فقالوا: هذه الساعة يجي ء، فلم ألبث أن جاء، فقلت: فلان يقرئك السلام، و هذه الدنانير خذها فانها تكفيك حتي تموت، فبكي الشيخ، فقلت له: ما يبكيك؟ قال: و لم لا أبكي و قد نعيت الي نفسي، فقلت: ما عند الله خير لك مما أنت فيه. قال: من أنت؟ قلت: أنا علي بن أبي حمزة، قال: والله ما كذبني، قال لي سيدي و مولاي: أنا باعث اليك مع علي بن أبي حمزة برسالتي.

فقلت: و من أنت لا أعرفك من اخواني؟ قال: أنا عبدالله بن صالح. قلت: و أين المنزل؟ قال: في سكة البربر عند دار أبي داود، و أنا معروف في منزلي اذا سألت عني هناك.

قال: فلبثت عشرين ليلة، و سألت عنه، فخبرت أنه شاك منذ أيام، فأتيت الموضع الذي وصف، فاذا الرجل في حد الموت، فسلمت عليه فأثبتني [12] فقلت له: أوصني بما أحببت، أنفذه من مالي، قال: يا علي، لست اخلف الا ابنتي و هذه



[ صفحه 131]



الدويرة، فاذا أنا مت فزوج ابنتي ممن أحببت من اخوانك، و لا تزوجها الا من رجل يدين الله بدينك، فاذا فعلت فبع داري، و احمل ثمنها الي أبي الحسن، و لتشهد لي بالوصية، و لا يلي أحد غسلي غيرك حتي تدخلني قبري؛ ففعلت جميع ما أوصاني به، و زوجت ابنته رجلا من أصحابنا له دين، و بعت داره، و حملت الثمن الي أبي الحسن، و أخبرته بجميع ما أوصاني به. فقال أبوالحسن: رحمه الله، لقد كان من شيعتنا، و كان لا يعرف [13] .

11 - عن الحسن بن علي الوشاء، عن هشام، قال: أردت شراء جارية بمني، فكتبت الي أبي الحسن عليه السلام أستشيره في ذلك، فأمسك و لم يخبر، قال: فانني من الغد عند مولي الجارية اذ مر بي عليه السلام و هي جالسة عند جوار، فتحدث مع جارية، فنظر اليها، ثم رجع الي منزله، و قال لي: لا بأس، ان لم يكن في عمرها قلة، فأمسكت عن شرائها، فلم أخرج من مكة حتي ماتت [14] .

12 - عن سليمان بن حفص المروزي، قال: سمعت أباالحسن موسي ابن جعفر عليه السلام يقول: ان ابني عليا مقتول بالسم ظلما، و مدفون الي جنب هارون بطوس، من زاره كمن زار رسول الله صلي الله عليه و آله [15] .



[ صفحه 132]




پاورقي

[1] الكافي 1: 404، الحديث 7، باب مولد الامام موسي الكاظم عليه السلام، بصائر الدرجات: 284، الحديث 9، اثبات الوصية: 166، رجال الكشي: 409، الرقم 768. اعلام الوري: 305، الخرائج و الجرائح 2: 712، الحديث 9، الثاقب في المناقب: 434، الحديث 366، اثبات الهداة 5: 504، الحديث 16، دلائل الامامة: 158.

[2] دلائل الامامة: 161، رجال الكشي: 448، الرقم 842.

[3] في نسخة: نشاكله.

[4] كشف الغمة 3: 41، الفصول المهمة: 238، نور الأبصار: 150، الخرائج و الجرائح 1: 322، الرقم 14، الاتحاف بحب الأشراف: 154.

[5] بصائر الدرجات: 284، الحديث 10، الثاقب في المناقب: 434، الحديث 367، الخرائج و الجرائح 2: 765، الحديث 14.

[6] دلائل الامامة: 159، اثبات المعصية: 166، عيون المعجزات: 98، الخرائج و الجرائح 1: 317، الحديث 10، الثاقب في المناقب: 462، الحديث 392، فرج المهموم: 230، كشف الغمة 2: 241، الصراط المستقيم 2: 190، الحديث 7.

[7] قرب الاسناد: 144.

[8] بصائر الدرجات: 264، الحديث 7.

[9] بصائر الدرجات: 284، الحديث 10. رجال الكشي: 329، الحديث 597، الخرائج و الجرائح 2: 715، الحديث 13، الثاقب في المناقب: 435، الحديث 368.

[10] بصائر الدرجات: 72، الحديث 6. الخرائج و الجرائح 2: 714، الحديث 12. الثاقب في المناقب: 435، الحديث 370.

[11] النبع: شجر ينبت في قلة الجبل تتخذ منه القسي و السهام.

[12] أي عرفني حق المعرفة.

[13] دلائل الامامة: 162.

[14] بصائر الدرجات: 72، الحديث 6. الخرائج و الجرائح 2: 716، الحديث 16. الثاقب في المناقب: 435، الحديث 371.

[15] عيون أخبار الرضا عليه السلام2: 260، الحديث 23، البحار 102: 38، الحديث 32.