بازگشت

في علمه بالمغيبات و بما يكون


1 - عن ابن سنان، قال: حمل الرشيد في بعض الأيام الي ابن يقطين ثيابا أكرمه بها، و كان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، و تقدم علي بن يقطين بحمل تلك الثياب الي أبي الحسن موسي عليه السلام، و أضاف اليها مالا كان أعده علي رسمه له فيما يحمله اليه من خمس ماله، فلما وصل ذلك الي أبي الحسن عليه السلام قبل المال و الثياب و رد الدراعة علي يد غير الرسول الي علي بن يقطين، و كتب اليه: احتفظ بها و لا تخرجها من يدك، فسيكون لك شأن تحتاج اليها معه، فارتاب علي بن يقطين بردها عليه، و لم يدر ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدراعة.

فلما كان بعد أيام تغير ابن يقطين علي غلام له كان يختص به، فصرفه عن خدمته، فسعي به الي الرشيد و قال: انه يقول بامامة موسي بن جعفر، و يحمل اليه خمس ماله في كل سنة، و قد حمل اليه الدراعة التي أكرمه أميرالمؤمنين بها في وقت كذا و كذا.

فاستشاط الرشيد غضبا و قال: لأكشفن عن هذه الحال، و أمر باحضار علي ابن يقطين، فلما مثل بين يديه قال: ما فعلت بتلك الدراعة التي كسوتك بها؟ قال: هي يا أميرالمؤمنين عندي في سفط مختوم فيه طيب، و قد احتفظت بها، و كلما أصبحت فتحت السفط و نظرت اليها تبركا بها، و أردها الي موضعها، و لما أمسيت صنعت مثل ذلك.

فقال: ائت بها الساعة. قال: نعم. و أنفذ بعض خدمه فقال: امض الي البيت الفلاني، و افتح الصندوق، و جئني بالسفط الذي فيه بختمه. فلم يلبث الغلام أن جاء



[ صفحه 135]



بالسفط مختوما، و وضع بين يدي الرشيد، ففك ختمه، و نظر الي الدراعة مطوية مدفوفة بالطيب، فسكن غضب الرشيد، و قال: ارددها الي مكانها و انصرف راشدا، فلن اصدق عليك بعدها ساعيا، و أمر له بجائزة سنية، و أمر بضرب الساعي ألف سوط، فضرب خمسمائة سوط فمات في ذلك [1] .

2 - و عن محمد بن الفضل، قال: ان علي بن يقطين كتب الي الامام عليه السلام: ان أصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين، فان رأيت أن تكتب الي بخطك ما يكون عملي عليه فعلت ان شاء الله.

فكتب اليه أبوالحسن عليه السلام: فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء، و الذي آمرك به في ذلك أن تتمضمض ثلاثا، و تستنشق ثلاثا، و تغسل وجهك ثلاثا، و تخلل شعر لحيتك، و تمسح رأسك كله، و تمسح ظاهر اذنيك و باطنهما، و تغسل رجليك الي الكعبين ثلاثا، و لا تخالف ذلك الي غيره.

فلما وصل الكتاب الي علي بن يقطين تعجب بما رسم فيه مما أجمع العصابة علي خلافه، ثم قال: مولاي أعلم بما قال، و أنا ممتثل أمره، و كان يعمل في وضوئه علي هذا الحد و يخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالا لأمر أبي الحسن عليه السلام.

و سعي بعلي بن يقطين الي الرشيد و قيل: انه رافضي مخالف لك، فقال الرشيد لبعض خاصته: قد كثر عندي القول في علي بن يقطين و القرف له [2] بخلافنا،



[ صفحه 136]



و ميله الي الرفض، و لست أري في خدمته لي تقصير، و قد امتحنته مرارا فما ظهرت منه علي ما يقرف به، و احب أن أستبري ء أمره من حيث لا يشعر بذلك فيتحرز مني.

فقيل له: ان الرافضة يا أميرالمؤمنين تخالف الجماعة في الوضوء فتخففه، و لا تري غسل الرجلين، فامتحنه يا أميرالمؤمنين من حيث لا يعلم بالوقوف علي وضوئه. فقال: أجل، ان هذا الوجه يظهر به أمره، ثم تركه مدة و ناطه بشي ء من الشغل في الدار حتي دخل وقت الصلاة، و كان علي بن يقطين يخلو في حجرة في الدار لوضوئه و صلاته.

فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء حائط الحجرة بحيث يري علي بن يقطين و لا يراه هو، فدعا بالماء للوضوء، فتمضمض ثلاثا، و استنشق ثلاثا، و غسل وجهه ثلاثا، و خلل شعر لحيته، و غسل يديه الي المرفقين ثلاثا، و مسح رأسه و اذنيه، و غسل رجليه، و الرشيد ينظر اليه.

فلما رآه فعل ذلك لم يملك نفسه حتي أشرف عليه بحيث يراه، ثم ناداه: كذب يا علي بن يقطين من زعم أنك من الرافضة، و صلحت حاله عنده، و ورد عليه كتاب أبي الحسن عليه السلام، ابتداء من الآن يا علي بن يقطين فتوضأ كما أمر الله، و اغسل وجهك مرة فريضة و اخري اسباغا، و اغسل يديك من المرفقين كذلك، و امسح مقدم رأسك و ظاهر قدميك بفضل نداوة وضوئك، فقد زال ما كان يخاف عليك، والسلام [3] .



[ صفحه 137]



3 - و عن عثمان بن سعيد، عن أبي علي بن راشد، قال: اجتمعت العصابة بنيشابور في أيام أبي عبدالله عليه السلام، فتذاكروا ما هم فيه من الانتظار للفرج، و قالوا: نحن نحمل في كل سنة الي مولانا ما يجب علينا، و قد كثرت الكاذبة، و من يدعي هذا الأمر، فينبغي لنا أن نختار رجلا ثقة نبعثه الي الامام، ليتعرف لنا الأمر.

و اختاروا رجلا يعرف بأبي جعفر محمد بن ابراهيم النيشابوري، و دفعوا اليه ما وجب عليهم في السنة من مال و ثياب، و كانت الدنانير ثلاثين ألف دينار، و الدراهم خمسين ألف درهم، و الثياب ألفي شقة.

و جاءت عجوز من عجائز الشيعة الفاضلات اسمها شطيطة و معها درهم صحيح، و شقة من غزلها تساوي أربعة دراهم، و قالت: ما يستحق علي في مالي غير هذا، فأدفعه الي مولاي، فقال: يا امرأة، استحي من أبي عبدالله عليه السلام أن أحمل اليه درهما و شقة. فقالت: لم لا تفعل؟! ان الله لا يستحي من الحق، هذا الذي يستحق، فاحمل يا فلان، فلئن ألقي الله عزوجل و ما له قبلي حق قل أم كثر، أحب الي من أن ألقاه و في رقبتي لجعفر بن محمد حق.

قال: فعوجت الدرهم و طرحته في كيس فيه أربعمائة درهم لرجل يعرف بخلف بن موسي اللؤلؤي، و طرحت الشقة في رزمة فيها ثلاثين ثوبا لأخوين بلخيين يعرفان بابني نوح بن اسماعيل، و جاءت الشيعة بالجزء الذي فيه المسائل، و كان سبعين ورقة، و كل مسألة تحتها بياض، و قد أخذوا كل ورقتين فحزموها بحزائم ثلاثة، و ختموا علي كل حزام بخاتم.

ثم انه لما وصل النيشابوري الي الكوفة سمع بنعي الامام الصادق عليه السلام، فازدادت في نفسه الحيرة و الأسي، فسار الي المدينة، و جعل رحله في بعض الخانات، و سأل أهل المدينة: الي من أوصي جعفر بن محمد؟ فقالوا: الي ابنه



[ صفحه 138]



الأفطح عبدالله. فقال: هل يفتي؟ قالوا: نعم. فاختبره في عدة مسائل، فعرف أنه ليس بصاحبه و لا يحسن شيئا.

قال أبوجعفر النيشابوري: فانصرفت من عنده، و جئت الي ضريح النبي صلي الله عليه و آله فانكببت علي قبره، و شكوت خيبة سفري، و قلت: يا رسول الله، بأبي أنت و امي، الي من أمضي في هذه المسائل التي معي؟ الي اليهود، أم الي النصاري، أم الي المجوس، أم الي فقهاء النواصب؟ فما زلت أبكي و أستغيث به، فاذا أنا بانسان يحركني، فرفعت رأسي من فوق القبر، فرأيت عبدا أسود عليه قميص خلق، و علي رأسه عمامة خلق. فقال لي: يا أباجعفر النيشابوري، يقول لك مولاك موسي بن جعفر عليه السلام: لا الي اليهود، و لا الي النصاري، و لا الي المجوس، و لا الي أعدائنا من النواصب، الي فأنا حجة الله، قد أجبتك عما في الجزء و بجميع ما تحتاج اليه منذ أمس، فجئني به و بدرهم شطيطة الذي فيه درهم و دانقان، الذي في كيس أربعمائة درهم اللؤلؤي، و شقتها التي في رزمة الأخوين البلخيين.

قال: فطار عقلي، و جئت الي رحلي، ففتحت و أخذت الجزء و الكيس و الرزمة فجئت اليه، الي أن قال: ثم قال لي: هات الكيس، فدفعته اليه، فحله و أدخل يده فيه، و أخرج منه درهم شطيطة، و قال لي: هذا درهمها؟ فقلت: نعم. فأخذ الرزمة و حلها، و أخرج منها شقة قطن مقصورة طولها خمسة و عشرون ذراعا، و قال لي: اقرأ عليهاالسلام كثيرا، و قل لها: قد جعلت شقتك في أكفاني، و بعثت اليك بهذه من أكفاننا، فاجعليها في كفنك.

ثم قال: يا معتب [4] ، جئني بكيس نفقة مؤنتنا. فجاء به، فطرح درهما فيه،



[ صفحه 139]



و أخرج منه أربعين درهما، و قال: اقرأها مني السلام، و قل لها: ستعيشين تسع عشرة ليلة من دخول أبي جعفر و وصول هذا الكفن، و هذه الدراهم فانفقي منها ستة عشر درهما، و اجعلي أربعة و عشرين صدقة عنك، و ما يلزم عليك، و أنا أتولي الصلاة عليك، فاذا رأيتني [يا نيشابوري] فاكتم، فان ذلك أبقي لنفسك، و افكك هذه الخواتيم و انظر هل أجبناك أم لا، قبل أن تجي ء بدراهمهم كما أوصوك، فانك رسول.

الي أن قال: و رجعت الي خراسان، فاستقبلني الناس، و شطيطة من جملتهم، فسلموا علي، فأقبلت عليها من بينهم و أخبرتها بحضرتهم بما جري، و دفعت اليها الشقة و الدراهم، و كادت تنشق مرارتها من الفرح، و دفعت الجزء اليهم، ففتحوا الخواتيم، فوجدوا الجوابات تحت مسائلهم.

و أقامت شطيطة تسعة عشر يوما، و ماتت رحمها الله فتزاحمت الشيعة علي الصلاة عليها، فرأيت أباالحسن عليه السلام علي نجيب، فنزل عنه و أخذ بخطامه، و وقف يصلي عليها مع القوم، و حضر نزولها الي قبرها، و نثر في قبرها من تراب قبر أبي عبدالله الحسين عليه السلام، فلما فرغ من أمرها ركب البعير و ألوي برأسه نحو البرية، و قال: عرف أصحابك و اقرأهم عني السلام، و قل لهم: انني و من جري مجراي من أهل البيت لابد لنا من حضور جنائزكم في أي بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم، و أحسنوا الأعمال لتعينونا علي خلاصكم وفك رقابكم من النار.

قال أبوجعفر: فلما ذهب عليه السلام عرفت الجماعة، فرأوه و قد بعد و النجيب يجري به، فكادت أنفسهم تسيل حزنا اذ لم يتمكنوا من النظر اليه [5] .



[ صفحه 140]



4 - و عن علي بن أبي حمزة، قال: قال لي أبوالحسن مبتدئا من غير أن أسأله عن شي ء، يا علي، يلقاك غدا رجل من أهل المغرب يسألك عني، فقل له: هو والله الامام الذي قال لنا أبوعبدالله، و اذا سأل عن الحلال و الحرام فأجبه عني، قلت: ما علامته؟ قال: رجل طوال [6] جسيم، اسمه يعقوب، و هو رائد [7] قومه، و اذا أحب أن تدخله علي فأدخله.

قال: فوالله اني لفي الطواف، اذ أقبل الي رجل طوال جسيم، فقال: اني اريد أن أسألك عن صاحبك. قلت: عن أي صاحبي؟ قال: عن فلان بن فلان. قلت: ما اسمك؟ قال: يعقوب. قلت: من أين أنت؟ قال: من المغرب. قلت: من أين عرفتني؟ قال: أتاني آت في منامي فقال: الق عليا فاسأله عن جميع ما تحتاج اليه، فسألت عنك حتي دللت عليك، فقلت: اقعد في هذا الموضع حتي أفرغ من طوافي و آتيك ان شاء الله. فطفت ثم أتيته فكلمت رجلا عاقلا، و طلب الي أن ادخله علي أبي الحسن، فأخذت بيده و استأذنت، فأذن لي، فلما رآه أبوالحسن قال: يا يعقوب، قدمت أمس، و وقع بينك و بين أخيك شر في موضع كذا و كذا حتي شتم بعضكم بعضا، و ليس هذا من ديني و لا دين آبائي، و لا نأمر بهذا أحدا، فاتق الله وحده، فانكما ستعاقبان بموت، أما أخوك فيموت في سفره قبل أن يصل الي أهله، و ستندم أنت علي ما كان، ذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما، قال الرجل: جعلت فداك، فأنا متي أجلي؟ قال: كان حضر أجلك، فوصلت عمتك بها وصلتها في منزلك كذا و كذا، فأنسأ [8] الله به أجلك عشرين سنة.



[ صفحه 141]



قال: فلقيت الرجل في قابل بمكة، فأخبرني أن أخاه توفي في ذلك الوجه، و دفنه قبل أن يصل الي أهله [9] .

5 - و عن شعيب العقرقوفي، قال: بعثت مولاي الي أبي الحسن عليه السلام و معه مائتي دينار، و كتبت معه كتابا، و كان من الدنانير خمسين دينارا من دنانير اختي فاطمة، و أخذتها سرا لتمام المائتي دينار، و كنت سألتها لم تعطني، و قالت: اني اريد أشتري بها قراح [10] فلان بن فلان.

فذكر مولاي أنه قدم فسأل عن أبي الحسن عليه السلام، فقيل له: انه خرج، فأسرع في السير، فقال: والله اني لأسير من المدينة الي مكة في ليلة مظلمة، و اذا الهاتف يهتف بي، يا مبارك، يا مبارك مولي شعيب العقرقوفي. قلت: من أنت؟ قال: أنا معتب، يقول لك أبوالحسن: هات الكتاب الذي معك، و وافني بما معك الي مني.

قال: فنزلت من محملي، فدفعت اليه الكتاب، و صرت الي مني، فدخلت عليه، و طرحت الدنانير عنده، فجر بعضها اليه و دفع بعضها بيده. ثم قال لي: يا مبارك، ادفع هذه الدنانير الي شعيب، و قل له: يقول لك أبوالحسن ردها الي موضعها الذي أخذتها منه، فان صاحبتها تحتاج اليها.

قال: فخرجت من عنده، و قدمت علي شعيب، فقلت له: قد رد عليك



[ صفحه 142]



من الدنانير التي بعثت بها خمسين دينارا، و هو يقول لك: ردها الي موضعها الذي أخذتها منه، فما قصة هذه الدنانير، فقد دخلني من أمرها ما الله به عليم.

فقال: يا مبارك، اني طلبت من فاطمة اختي خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير، فامتنعت و قالت: اريد ان أشتري بها قراح فلان بن فلان، فأخذتها سرا، و لم ألتفت الي كلامها.

قال شعيب: فدعوت بالميزان فوزنتها، فاذا هي خمسين دينارا، لا تزيد و لا تنقص، فوالله لو حلفت عليها أنها دنانير فاطمة لكنت صادقا.

قال شعيب: فقلت لمبارك: هو والله امام فرض الله طاعته، و هكذا صنع بي أبوعبدالله، الامام من الامام [11] .

6 - و عن عثمان بن عيسي، عن الحارث بن المغيرة النضري، قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام سنة الموت بمكة، و هي سنة أربع و سبعين و مائة [12] ، فقال لي: من هاهنا من أصحابكم مريض، فقلت: عثمان بن عيسي من أوجع الناس، فقال: قل له يخرج، ثم قال: من هاهنا؟ فعددت عليه ثمانية، فأمر باخراج أربعة، و كف عن أربعة، فما أمسينا من غد حتي دفنا الأربعة الذين كف عن اخراجهم، فقال عثمان بن عيسي: و خرجت أنا فأصبحت معافي [13] .



[ صفحه 143]



7 - و عن عيسي المدائني، قال: خرجت سنة الي مكة، فأقمت مجاورا، ثم قلت: أذهب الي المدينة فاقيم بها سنة مثل ما أقمت بمكة، فهو أعظم لثوابي، و قدمت المدينة فنزلت طرف المصلي بجنب دار أبي ذر رضي الله عنه، و جعلت أختلف الي سيدي موسي الكاظم عليه السلام، فبينما أنا عنده في ليلة مطيرة اذ قال: يا عيسي، قم فقد انهدم البيت علي متاعك. فقمت فاذا البيت قد انهدم علي المتاع، فاكتريت قوما كشفوا عن متاعي، و استخرجت جميعه لم يذهب لي شي ء غير سطل للوضوء.

فلما أتيته من الغد قال: فقد شي ء من متاعك، فندعو الله لك بالخلف، فقلت: ما فقدت غير سطل كنت أتوضأ به. فأطرق رأسه ثلاثا، ثم رفعه فقال: قد ظننت أنك نسيته قبل جارية رب الدار، فاسألها عنه، و قل لها: نسيت السطل في بيت الخلاء فرديه، و انها سترده عليك، قال: فسألتها عنه فردته [14] .

8 - و عن عثمان بن عيسي، قال: قال موسي الكاظم عليه السلام لابراهيم ابن عبدالحميد، و قد لقيه سحرا، و ابراهيم ذاهب الي قبا [15] ، و موسي داخل الي المدينة: يا ابراهيم، الي أين؟ قال: الي قبا. قال: في أي شي ء؟ فقال: انا في كل سنة نشتري من هذا التمر، فأردت أن آتي في هذه السنة الي رجل من الأنصار فأشتري منه من الثمار. فقال له موسي عليه السلام: و قد أمنتم الجراد؟!



[ صفحه 144]



ثم فارقه، فوقع كلامه في صدره، فلم يشتر شيئا، فما مرت بنا خامسة حتي بعث الله جرادا أكل عامة ما في النخل [16] .

9 - و عن عبدالرحمن بن الحجاج، قال: استقرضت من غالب مولي الربيع ستة آلاف درهم، تمت بها بضاعتي، و دفع الي شيئا أدفعه الي أبي الحسن الأول عليه السلام و قال: اذا قضيت من الستة آلاف درهم حاجتك فادفعها أيضا الي أبي الحسن عليه السلام.

فلما قدمت المدينة بعثت اليه بما كان معي من الأمانة و الذي من قبل غالب، فأرسل الي: فأين الستة آلاف درهم؟ فقلت: استقرضتها و أمرني أن أدفعها اليك، فاذا بعت متاعي بعثت بها اليك، فأرسل الي: عجلها فانا نحتاج اليها، فبعثت بها اليه [17] .

10 - و عن الأصمعي، قال: دخلت علي الرشيد، و كنت غبت عنه حولين بالبصرة، فأومأ الي بالجلوس قريبا منه، فجلست قليلا، ثم نهضت، فأومأ الي أن اجلس، فجلست حتي خف الناس، ثم قال لي: يا أصمعي، ألا تحب أن تري محمدا و عبدالله [18] ؟ قلت: بلي يا أميرالمؤمنين، اني لاحب ذلك، و ما أردت القيام الا اليهما لاسلم عليهما. قال: تكفي. ثم قال: علي بمحمد و عبدالله! فانطلق الرسول



[ صفحه 145]



و قال: أجيبا أميرالمؤمنين. فأقبلا كأنهما قمرا افق، قد قاربا خطاهما، و ضربا ببصرهما الأرض حتي وقفا علي أبيهما، فسلما عليه بالخلافة، و أومأ اليهما، فدنيا منه، فأجلس محمدا عن يمينه، و عبدالله عن شماله.

الي أن قال: فضمهما الي صدره، و سبقته عبرته حتي تحدرت دموعه، ثم أذن لهما، حتي اذا نهضا و خرجا قال: كيف بكم اذا ظهر تعاديهما و بدا تباغضهما، و وقع بأسهما بينهما حتي تسفك الدماء، و يود كثير من الأحياء أنهم كانوا موتي؟

فقلت: يا أميرالمؤمنين، هذا شي ء قضي به المنجمون عند مولدهما، أو شي ء أثرته العلماء في أمرهما؟ قال: بل شي ء أثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما. قالوا: فكان المأمون يقول في خلافته: قد كان الرشيد سمع جميع ما جري بيننا من موسي بن جعفر بن محمد، فلذلك قال ما قال [19] .

11 - عن محمد بن سنان، قال: دخلت علي أبي الحسن موسي عليه السلام قبل أن يحمل الي العراق بسنة، و علي عليه السلام ابنه بين يديه، فقال لي: يا محمد، قلت: لبيك. قال: انه ستكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع منها، ثم أطرق و نكت الأرض بيده، ثم رفع رأسه الي و هو يقول: (و يضل الله الظالمين و يفعل الله ما يشاء) [20] .

قلت: و ما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه و جحد امامته



[ صفحه 146]



من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب عليه السلام حقه و امامته من بعد محمد صلي الله عليه و آله، فعلمت أنه قد نعي الي نفسه و دل علي ابنه، فقلت: و الله لئن مد الله في عمري لاسلمن اليه حقه، و لاقرن له بالامامة، و أشهد أنه من بعد حجة الله تعالي علي خلقه و الداعي الي دينه.

فقال لي: يا محمد، يمد الله في عمرك، و تدعو الي امامته و امامة من يقوم مقامه من بعده.

فقلت: و من ذاك جعلت فداك؟ قال: محمد ابنه] أي محمد بن علي الجواد. قلت: فالرضا و التسليم. فقال: كذلك قد وجدتك في صحيفة أميرالمؤمنين عليه السلام، أما انك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء، ثم قال: يا محمد، ان المفضل انسي و مستراحي، و أنت أنسهما و مستراحهما، حرام علي النار أن تمسك أبدا [21] .

12 - عن زيد بن علي بن الحسين بن زيد، قال: مرضت فدخل الطبيب علي ليلا، و وصف لي دواء آخذه في السحر كذا و كذا يوما، فلم يمكنني تحصيله من الليل، و خرج الطبيب من الباب، و ورد صاحب أبي الحسن عليه السلام في الحال و معه صرة فيها ذلك الدواء بعينه، فقال لي: أبوالحسن يقرئك السلام، و يقول لك: خذ هذا الدواء كذا و كذا يوما، فأخذته و شربت فبرأت [22] .



[ صفحه 147]




پاورقي

[1] اعلام الوري: 302، البحار 48: 137، الحديث 12، المناقب 4: 289، عيون المعجزات: 99، الخرائج و الجرائح 1: 334، الحديث 25، الصراط المستقيم 2: 192، الحديث 20، دلائل الامامة: 156.

[2] القرف: التهمة، فيقال: هو يقرف بكذا، أي يرمي عليه و يتهم، فهو مقروف.

[3] اعلام الوري: 293، المناقب 4: 288، الثاقب في المناقب: 451، الحديث 4، الخرائج و الجرائح 1: 335، الحديث 26.

[4] هو مولي أبي الحسن عليه السلام.

[5] الخرائج و الجرائح 1: 328، الحديث 22، المناقب 4: 291، الثاقب في المناقب: 439، الحديث 376.

[6] أي طويل.

[7] الرائد: الذي يتقدم قومه ليرتاد لهم.

[8] أي أخر.

[9] دلائل الامامة: 163، رجال الكشي 831، 442، الخرائج و الجرائح 1: 307، الحديث 1، المناقب 4: 294، الصراط المستقيم 2: 189، الحديث 1.

[10] القراح: المزرعة التي ليس عليها بناء و لا فيها شجر.

[11] دلائل الامامة: 163، المناقب 4: 292.

[12] ذكر الطبري في حوادث سنة 174 وقوع الوباء بمكة.

[13] دلائل الامامة: 168، بصائر الدرجات: 284، الحديث 11. و الصفحة 285، الحديث 16، الخرائج و الجرائح 2: 714، الحديث 12، البحار 48: 55، الحديث 61، العوالم: 105، الحديث 14.

[14] الفصول المهمة: 232، نور الأبصار: 150.

[15] قبا: قرية قرب المدينة فيها أول مسجد أسسه الرسول صلي الله عليه و آله و نزلت فيه آية من القرآن الكريم.

[16] الفصول المهمة: 233، قرب الاسناد: 145، البحار 48: 46، الحديث 30.

[17] قرب الاسناد: 142.

[18] و هما الأمين و المأمون ولدا الرشيد.

[19] الأخبار الطوال: 388.

[20] ابراهيم: 27.

[21] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 32، الحديث 29، غيبة الطوسي: 32، الحديث 8، الكافي 1: 319، الحديث 16، رجال الكشي: 508، الحديث 982.

[22] روضة الواعظين: 244، الثاقب في المناقب: 549، الحديث 10.