بازگشت

مناظراته مع بعض اليهود و النصاري


1 - روي الحميري عن الحسن بن طريف، عن معمر، عن الرضا عليه السلام، عن أبيه موسي بن جعفر عليه السلام، قال: كنت عند أبي عبدالله عليه السلام ذات يوم و أنا طفل خماسي، اذ دخل عليه نفر من اليهود فقالوا: أنت ابن محمد نبي هذه الامة و الحجة علي أهل الأرض؟ قال لهم: نعم.

قالوا: انا نجد في التوراة أن الله تبارك و تعالي أتي ابراهيم عليه السلام و ولده الكتاب و الحكم النبوة، و جعل لهم الملك و الامامة، و هكذا وجدنا ذرية الأنبياء لا تتعداهم النبوة و الخلافة و الوصية، فما بالكم قد تعداكم ذلك و ثبت في غيركم، و نلقاكم مستضعفين مقهورين لا يرقب فيكم ذمة نبيكم.

فدمعت عينا أبي عبدالله عليه السلام، ثم قال عليه السلام: نعم، لم تزل امناء الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حق، و الظلمة غالبة، و قليل من عباد الله الشكور.

قالوا: فان الأنبياء و أولادهم علموا من غير تعليم، و اوتوا العلم تلقينا، و ذلك ينبغي لأئمتهم و خلفائهم و أوصيائهم، فهل اوتيتم ذلك؟

فقال أبوعبدالله عليه السلام: ادن يا موسي، فدنوت، فمسح يده علي صدري، ثم قال: اللهم أيده بنصرك بحق محمد و آله. ثم قال عليه السلام: سلوه عما بدا لكم، قالوا: و كيف نسأل طفلا لا يفقه؟ قلت: سلوني تفقها و دعوا التعنت.

قالوا: أخبرنا عن الآيات التسع التي اوتيها موسي بن عمران.

قلت: العصا، و اخراجه يده من جيبه بيضاء، و الجراد، و القمل، و الضفادع، و الدم، و رفع الطور، و المن و السلوي آية واحدة، و فلق البحر.



[ صفحه 182]



قالوا: صدقت، فما اعطي نبيكم من الآيات التي نفت الشك عن قلوب من ارسل اليهم.

قلت: آيات كثيرة أعدها ان شاء الله، فاسمعوا وعوا و افقهوا.

أما أول ذلك فأنتم تقرون أن الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه، فمنعت من أوان رسالته بالرجوم و انقضاض النجوم و بطلان الكهنة و السحر.

و من ذلك: كلام الذئب يخبر بنبوته، و اجماع العدو و الموالي علي صدق لهجته و صدق أمانته، و عدم جهله أيام طفولته، و حين أيفع و فتأ و كهل، لا يعرف له شكل، و لا يواريه مثل.

و من ذلك: أن سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة وفد عليه وفد قريش، فيهم عبدالمطلب، فسألهم عنه و وصف لهم صفته فأقروا جميعا بأن هذه الصفة في محمد صلي الله عليه و آله، فقال: هذا أوان مبعثه، و مستقره أرض يثرب، و موته بها.

و من ذلك: أبرهة بن يكسوم قاد الفيلة الي بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعثه، فقال عبدالمطلب: ان لهذا البيت ربا يمنعه، ثم جمع أهل مكة فدعا، و هذا بعدما أخبره سيف بن ذي يزن، فأرسل الله تبارك و تعالي عليهم طيرا أبابيل، و دفعهم عن مكة و أهلها.

و من ذلك: أن أباجهل عمرو بن هشام المخزومي أتاه و هو نائم خلف جدار و معه حجر يريد أن يرميه به فالتصق بكفه.

و من ذلك: أن أعرابيا باع ذودا [1] له من أبي جهل فمطله بحقه، فأتي قريشا، فقال: اعدوني علي أبي الحكم، فقد لوي حقي، فأشاروا الي محمد صلي الله عليه و آله،



[ صفحه 183]



و هو يصلي في الكعبة فقالوا: ائت هذا الرجل فاستعد به عليه، و هم يهزءون بالأعرابي، فأتاه فقال له: يا عبدالله، أعدني علي عمرو بن هشام فقد منعني حقي. قال: نعم، فانطلق معه فدق علي أبي جهل بابه، فخرج اليه متغيرا فقال: ما حاجتك؟ قال: اعط الأعرابي حقه. قال: نعم، فجاء الأعرابي الي قريش، فقال: جزاكم الله خيرا، انطلق معي الرجل الذي دللتموني عليه فأخذ حقي.

فجاء أبوجهل فقالوا: أعطيت الأعرابي حقه؟ قال: نعم. قالوا: انما أردنا أن نغريك بمحمد، و نهزأ بالأعرابي. قال: يا هؤلاء، دق بابي فخرجت اليه، فقال: اعط الأعرابي حقه و فوقه مثل الفحل، فاتحا فاه، كأنه يريدني، فقال: أعطه حقه، فلو قلت: لا، لابتلع رأسي، فأعطيته.

و من ذلك: أن قريشا أرسلت النضر بن الحارث و علقمة بن أبي معيط بيثرب الي اليهود و قالوا لهما: اذا قدمتما عليهم فاسألوهم عنه و هما قد سألوهم عنه، فقالوا: صفوا لنا صفته، فقالوا: و من تبعه منكم؟ قالوا: سفلتنا، فصاح حبر منهم و قال: هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة و نجد قومه أشد الناس عداوة له.

و عدد عليه السلام نحو ست و عشرين آية و دلالة اخري من دلالات نبوة خاتم الأنبياء صلي الله عليه و آله، الي أن قال:

و من ذلك: كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين مع ما اعطي من الخلال التي ان ذكرناها لطالت.

فقالت اليهود: و كيف لنا أن نعلم هذا كما وصفت؟

فقال لهم موسي عليه السلام: و كيف لنا أن نعلم ما تذكرون من آيات موسي علي ما تصفون؟



[ صفحه 184]



قالوا: علمنا ذلك بنقل البررة الصادقين.

قال لهم: فاعلموا صدق ما أنبأتكم به بخبر طفل لقنه الله من غير تلقين و لا معرفة عن الناقلين.

فقالوا: نشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله، و أنكم الأئمة القادة و الحجج من عند الله علي خلقه.

فوثب أبوعبدالله عليه السلام فقبل بين عيني، ثم قال: أنت القائم من بعدي، فلهذا قال الواقفة: انه حي، و انه القائم، ثم كساهم أبوعبدالله، و وهب لهم، و انصرفوا مسلمين [2] .

2 - عن يعقوب بن جعفر، قال: كنت عند أبي ابراهيم عليه السلام و أتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان و معه راهبة، فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له: اذا كان غدا فأت بهما عند بئر ام خير.

قال، فوافينا من الغد، فوجدنا القوم قد وافوا، فأمر بخصفة بواري، ثم جلس و جلسوا، فبدأت الراهبة بالمسائل، فسألت عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبها، و سألها أبوابراهيم عليه السلام عن أشياء لم يكن عندها فيها شي ء، ثم أسلمت.

ثم أقبل الراهب يسأله، فكان يجيبه في كل ما يسأله، فقال الراهب: قد كنت قويا علي ديني، و ما خلفت أحدا من النصاري في الأرض يبلغ مبلغي في العلم، و لقد سمعت برجل في الهند، اذا شاء حج الي بيت المقدس في يوم و ليلة،



[ صفحه 185]



ثم يرجع الي منزله بأرض الهند، فسألت عنه: بأي أرض هو؟ فقيل لي: انه بسبذان [3] .

و سألت الذي أخبرني فقال: هو علم الاسم الذي ظفر به آصف بن برخيا صاحب سليمان لما أتي بعرش سبأ، و هو الذي ذكره الله لكم في كتابكم، و لنا معشر الأديان في كتبنا.

فقال له أبوابراهيم: فكم لله من اسم لا يرد؟

فقال الراهب: الأسماء كثيرة، فأما المحتوم منها الذي لا يرد سائله فسبعة.

فقال له أبوالحسن عليه السلام: فأخبرني عما تحفظ منها؟

فقال الراهب: لا والله الذي أنزل التوراة علي موسي، و جعل عيسي عبرة للعالمين و فتنة لشكر اولي الالباب، و جعل محمدا صلي الله عليه و آله بركة و رحمة، و جعل عليا عليه السلام عبرة و بصيرة، و جعل الأوصياء من نسله و نسل محمد، ما أدري، و لو دريت ما احتجت فيه الي كلامك، و لا جئتك، و لا سألتك.

فقال له أبوابراهيم عليه السلام: عد الي حديث الهندي.

فقال له الراهب: سمعت بهذه الأسماء و لا أدري ما بطانتها و لا شرائحها، و لا أدري ما هي، و لا كيف هي، و لا بدعائها، فانطلقت حتي قدمت سبذان الهند، فسألت عن الرجل فقيل لي: انه بني ديرا في جبل، فصار لا يخرج و لا يري الا في كل سنة مرتين.

و زعمت الهند أن الله تعالي فجر له عينا في ديره، و زعمت الهند أنه يزرع له



[ صفحه 186]



من غير زرع يلقيه، و يحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت الي بابه، فأقمت ثلاثا لا أدق الباب، و لا اعالج الباب، فلما كان اليوم الرابع فتح الله الباب، و جاءت بقرة عليها حطب، تجر ضرعها، يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها و دخلت، فوجدت الرجل قائما ينظر الي السماء فيبكي، و ينظر الي الأرض فيبكي، و ينظر الي الجبال فيبكي. فقلت: سبحان الله، ما أقل ضربك في دهرنا هذا!

فقال لي: والله ما أنا الا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك. فقلت له: اخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تعاي تبلغ به في كل يوم و ليلة بيت المقدس و ترجع الي بيتك. فقال لي: و هل تعرف بيت المقدس؟ فقلت: لا أعرف الا بيت المقدس الذي بالشام.

فقال: ليس بيت المقدس، و لكنه البيت المقدس و هو بيت آل محمد.

فقلت له: أما ما سمعت به الي يومي هذا، فهو: بيت المقدس.

فقال لي: تلك محاريب الأنبياء، و انما كان يقال لها حظيرة المحاريب، حتي جاءت الفترة التي كانت بين محمد و عيسي صلي الله عليهما و قرب البلاء من أهل الشرك، و حلت النقمات في دور الشياطين، فحولوا و بدلوا و نقلوا تلك الأسماء، و هو قول الله تبارك و تعالي - البطن لآل محمد و الظهر مثل - (ان هي الا أسماء سميتموها أنتم و آباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) [4] .

فقلت له: اني قد ضربت اليك من بلد بعيد، تعرضت اليك بحارا و غموما و هموما و خوفا، و أصبحت و أمسيت مؤيسا ألا أكون ظفرت بحاجتي.



[ صفحه 187]



فقال لي: ما أري امك حملت بك الا و قد حضرها ملك كريم، و لا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بامك الا و قد اغتسل و جاءها علي طهر، و لا أزعم الا أنه قد كان درس السفر الرابع من سحره ذلك، فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتي تنزل مدينة محمد صلي الله عليه و آله التي يقال لها طيبة، و قد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثم اعمد الي موضع منها يقال له البقيع، ثم سل عن دار يقال لها دار مروان، فانزلها و أقم ثلاثا.

ثم سل الشيخ الأسود الذي يكون علي بابها يعمل البواري، و هي في بلادهم اسمها الخصف، فالطف بالشيخ، و قل له: بعثني اليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الأربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني، وسله أين ناديه؟ و سله أي ساعة يمر فيها؟ فليريكاه، أو يصفه لك فتعرفه بالصفة، و سأصفه لك.

قلت: فاذا لقيته فأصنع ماذا؟ فقال: سله عما كان و عما هو كائن؟ و سله عن معالم دين من مضي و من بقي، فقال له أبوابراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت.

فقال الراهب: ما اسمه جعلت فداك؟

قال عليه السلام: هو متمم بن فيروز، و هو من أبناء الفرس، و هو ممن آمن بالله وحده لا شريك له، و عبده بالاخلاص و الايقان، و فر من قومه لما خافهم، فوهب له ربه حكما، و هداه لسبيل الرشاد، و جعله من المتقين، و عرف بينه و بين عباده المخلصين، و ما من سنة الا و هو يزور فيها مكة حاجا، و يعتمر في كل رأس شهر مرة، و يجي ء من موضعه من الهند الي مكة فضلا من الله و عونا، و كذلك نجزي الشاكرين.



[ صفحه 188]



ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبه فيها، و سأل الراهب عن أشياء لم يكن عند الراهب فيها شي ء فأخبره بها.

ثم ان الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الأرض منها أربعة، و بقي في الهواء منها أربعة، علي من نزلت تلك الأربعة التي في الهواء، و من يفسرها؟

قال: ذاك قائمنا، ينزل الله عليه فيفسره، و ينزل عليه ما لم ينزل علي الصديقين و الرسل و المهتدين.

ثم قال الراهب: فأخبرني عن الاثنين من تلك الأربعة الأحرف التي في الأرض ما هي؟

قال: اخبرك بالأربعة كلها: أما أولهن فلا اله الا الله وحده لا شريك له باقيا، و الثانية محمد رسول الله صلي الله عليه و آله مخلصا، و الثالثة نحن أهل البيت، و الرابعة: شيعتنا منا، و نحن من رسول الله صلي الله عليه و آله و رسول الله صلي الله عليه و آله من الله بسبب.

فقال له الراهب: أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله، و أن ما جاء به من عند الله حق، و أنكم صفوة الله من خلقه، و أن شيعتكم المطهرون و المستبدلون و لهم عاقبة الله و الحمد لله رب العالمين.

فدعا أبوابراهيم عليه السلام بجبة خز و قميص قوهي و طيلسان و خف و قلنسوة، فأعطاه اياها، و صلي الظهر.

و قال له: اختتن، فقال: قد اختتنت في سابعي [5] .



[ صفحه 189]



3 - و في حديثه عليه السلام مع الراهب - عن ابن شهر آشوب - قال الراهب: يا هذا، أنت غريب؟ قال: نعم. قال: منا أو علينا؟ قال: لست منكم. قال: أنت من الامة المرحومة؟ قال: نعم. قال: أفمن علمائهم أنت، أم من جهالهم؟ قال: لست من جهالهم.

فقال: كيف طوبي أصلها في دار عيسي، و عندكم في دار محمد، و أغصانها في كل دار. فقال عليه السلام: الشمس قد وصل ضوؤها الي كل مكان و كل موضع، و هي في السماء.

قال: و الجنة لا ينفد طعامها و ان أكلوا منه، و لا ينقص منه شي ء؟ قال عليه السلام: السراج في الدنيا يقتبس منه و لا ينقص منه شي ء.

قال: و في الجنة ظل ممدود؟ فقال عليه السلام: الوقت الذي قبل طلوع الشمس كله ظل ممدود، قوله تعالي: (ألم تر الي ربك كيف مد الظل) [6] .

قال: ما يؤكل و يشرب في الجنة لا يكون بولا و لا غائطا؟ قال: الجنين في بطن امه.

قال: أهل الجنة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟ فقال عليه السلام: اذا احتاج الانسان الي شي ء عرفت أعضاؤه ذلك، و يفعلون بمراده من غير أمر.

قال: مفاتيح الجنة من ذهب أو فضة؟ قال عليه السلام: مفتاح الجنة لسان العبد «لا اله الا الله».

قال الراهب: صدقت، و أسلم الجماعة معه [7] .



[ صفحه 190]



4 - عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم، قال: كنت عند أبي الحسن موسي عليه السلام اذ أتاه رجل نصراني و نحن معه بالعريض [8] ، فقال له النصراني: اني أتيتك من بلد بعيد و سفر شاق، و سألت ربي منذ ثلاثين سنة أن يرشدني الي خير الأديان و الي خير العباد و أعلمهم - الي أن قال -: فقال النصراني: اني أسألك أصلحك الله؟ قال: سل.

قال: أخبرني عن كتاب الله الذي انزل علي محمد صلي الله عليه و آله و نطق به، ثم وصفه بما وصفه به، فقال: (حم و الكتاب المبين انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم) [9] ، ما تفسيرها في الباطن؟

فقال: أما (حم) فهو محمد صلي الله عليه و آله، و هو في كتاب هود الذي انزل عليه، و هو منقوص الحروف، و أما الكتاب المبين فهو أميرالمؤمنين عليه السلام، و أما الليلة ففاطمة صلوات الله عليها، و أما قوله: (فيها يفرق كل أمر حكيم) يقول: يخرج منها خير كثير، فرجل حكيم، و رجل حكيم، و رجل حكيم.

فقال الرجل: صف لي الأول و الآخر من هؤلاء الرجال.

فقال: ان الصفات تشتبه، و لكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله، و انه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم، ان لم تغيروها و تحرفوا و تكفروا، و قديما ما فعلتم.

فقال له النصراني: اني لا أستر منك ما علمت و لا اكذبك و أنت تعلم في صدق ما أقول و كذبه، و الله لقد أعطاك الله من فضله، و قسم عليك من نعمه



[ صفحه 191]



ما لا يخطره الخاطرون، و لا يستره الساترون، و لا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق كما ذكرت فهو كما ذكرت.

فقال له أبوابراهيم عليه السلام: اعجلك أيضا خبرا لا يعرفه الا قليل ممن قرأ الكتب، أخبرني ما اسم ام مريم؟ و أي يوم نفخت فيه مريم؟ و لكم من ساعة من النهار؟ و أي يوم وضعت مريم فيه عيسي عليه السلام؟ و لكم من ساعة من النهار؟

فقال النصراني: لا أدري.

فقال أبوابراهيم عليه السلام: أما ام مريم فاسمها مرثا، و هي وهيبة بالعربية، و أما اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال، و هو اليوم الذي هبط فيه الروح الأمين، و ليس للمسلمين عيد كان أولي منه، عظمه الله تبارك و تعالي، و عظمه محمد صلي الله عليه و آله، فأمر أن يجعله عيدا، فهو يوم الجمعة، و أما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلاثاء لأربع ساعات و نصف من النهار.

و النهر الذي ولدت عليه مريم عيسي عليه السلام، هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات، و عليه شجر النخل و الكرم، و ليس يساوي بالفرات شي ء للكروم و النخيل.

فأما اليوم الذي حججت فيه لسانها، و نادي قيدوس ولده و أشياعه فأعانوه، و أخرجوا آل عمران، لينظروا الي مريم، فقالوا لها: ما قص الله عليك في كتابه و علينا في كتابه، فهل فهمته؟ قال: نعم، و قرأته اليوم الأحدث.

قال عليه السلام: اذن لا تقوم من مجلسك حتي يهديك الله.

قال النصراني: ما كان اسم امي بالسريانية و بالعربية؟

فقال: كان اسم امك بالسريانية عنقالية، و عنقورة كان اسم جدتك لأبيك، و أما اسم امك بالعربية فهو مية، و أما اسم أبيك فعبد المسيح، و هو عبدالله بالعربية،



[ صفحه 192]



و ليس للمسيح عبد.

قال: صدقت و بررت، فما كان اسم جدي؟

قال: كان اسم جدك جبريل، و هو عبدالرحمن سميته في مجلسي هذا.

قال: أما انه كان مسلما؟

قال أبوابراهيم عليه السلام: نعم، و قتل شهيدا، دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة، و الأجناد من أهل الشام.

قال: فما كان اسمي قبل كنيتي؟

قال: كان اسمك عبدالصليب.

قال: فما تسميني؟

قال: اسميك عبدالله.

قال: فاني آمنت بالله العظيم، و شهدت أن لا اله الا الله وحده لا شريك له فردا صمدا، ليست كما يصفه النصاري، و ليس كما يصفه اليهود، و لا جنس من أجناس الشرك، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالحق فأبان به لأهله و عمي المبطلون، و أنه كان رسول الله صلي الله عليه و آله الي الناس كافة، الي الأحمر و الأسود، كل فيه مشرك، فأبصر من أبصر، و اهتدي من اهتدي، و عمي المبطلون، و ضل عنهم ما كانوا يدعون، و أشهد أن وليه نطق بحكمته، و أن من كان قبله من الأنبياء نطقوا بالحكمة البالغة، و توازروا علي الطاعة لله، و فارقوا الباطل و أهله، و الرجس و أهله، و هجروا سبيل الضلالة، و نصرهم الله بالطاعة له، و عصمهم من المعصية، فهم لله أولياء و للدين أنصار، يحثون علي الخير، و يأمرون به، آمنت بالصغير منهم و الكبير، و من ذكرت منهم و من لم أذكر، و آمنت بالله تبارك و تعالي رب العالمين.



[ صفحه 193]



ثم قطع زناره [10] ، و قطع صليبا كان في عنقه من ذهب، ثم قال: مرني حتي أضع صدقتي حيث تأمرني.

فقال عليه السلام: هاهنا أخ لك كان علي مثل دينك، و هو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة، و هو في نعمة كنعمتك، فتواسيا و تجاورا، و لست أدع أن اورد عليكما حقكما في الاسلام.

فقال: و الله أصلحك الله، اني لغني، و لقد تركت ثلاثمائة طروق بين فرس و فرسة، و تركت ألف بعير فحقك فيها أوفر من حقي.

فقال له: أنت مولي الله و رسوله، و أنت في حد نسبك علي حالك، فحسن اسلامه، و تزوج امرأة من بني فهر، و أصدقها أبوابراهيم عليه السلام خمسين دينارا من صدقة علي بن أبي طالب عليه السلام و أخدمه و بوأه، و أقام حتي اخرج أبوابراهيم عليه السلام الي البصرة، فمات بعد مخرجه بثمان و عشرين ليلة [11] .


پاورقي

[1] الذود من الابل: ما بين الثلاث الي العشر.

[2] قرب الاسناد: 141 - 132. الخرائج و الجرائح 1: 111، الحديث 186. البحار 17: 235، الحديث 1.

[3] في نسخة: بسندان، و كذا في الموضع الآتي.

[4] النجم: 23.

[5] الكافي 1: 481، الحديث 5. الوسائل 3: 264، الحديث 9. البحار 48: 92، الحديث 107.

[6] الفرقان: 45.

[7] البحار48: 105. العوالم: 180، الحديث 4 عن المناقب لابن شهر آشوب.

[8] العريض: واد قرب المدينة.

[9] الدخان: 4 - 1.

[10] الزنار: حزام يشده النصراني علي وسطه.

[11] الكافي 1: 478، الحديث 4. البحار 48: 85، الحديث 106. مدينة المعاجز 6: 297، الحديث 2023. تأويل الآيات 2: 573، الحديث 1.