بازگشت

الواقفة


هم الواقفون علي الامام الكاظم عليه السلام، و القائلون: انه حي يرزق، و انه هو القائم من آل محمد، و أن غيبته كغيبة موسي بن عمران عن قومه، و يلزم من ذلك عدم انتقال الامامة الي ولده الامام الرضا عليه السلام.

و قد روج لهذه الفكرة بعض الكبار من أصحاب الامام موسي بن جعفر عليه السلام، كعلي بن أبي حمزة البطائني، و زياد بن مروان القندي، و عثمان بن عيسي الرواسي، و يعتبر هؤلاء الثلاثة أول من ابتدع هذا المذهب، و أظهر الاعتقاد به، و الدعوة اليه.

و لم تكن هذه الانطلاقة المذهبية الجديدة ناشئة عن محض اعتقاد و اقتناع بواقعيتها، بل هي رغبات مادية و عوامل دنيوية أثرت في نفوسهم، فانحرفت بهم الي هذا الطريق.

و يعتذرون عن تورطهم في هذا المذهب بأخبار وضعوها، أو سمعوها من الامام الصادق عليه السلام و لكنهم جهلوا - أو تجاهلوا - محتواها و انغلق عليهم فهمها، علما بأن الامام موسي الكاظم عليه السلام شرحها لهم بقوله: «ما من امام يكون قائما



[ صفحه 214]



في امة الا و هو قائمهم، فاذا مضي عنهم، فالذي يليه هو القائم و الحجة حتي يغيب عنهم، فكلنا قائم».

و كان أصحاب هذا المذهب من قوام الامام موسي بن جعفر عليه السلام و خزنة أمواله التي تجبي اليه من شيعته، و حين مضي الي ربه، كان عند زياد بن مروان سبعون ألف دينار، و عند علي بن حمزة البطائني ثلاثون ألف دينار، و عند عثمان ابن عيسي الرواسي ثلاثون ألف دينار، و قد نازعتهم نفوسهم في تسليم هذه الأموال لولده القائم من بعده، فتحيلوا بانكار موت الامام موسي بن جعفر عليه السلام و ادعاء أنه حي يرزق، و أنهم لن يسلموا الأموال حتي يرجع فيسلموها له.

و قد غرر هؤلاء بصفوة بريئة من أصحاب الامام، و ألقوا عليهم الشبهة، فأذعنوا لهم، و دانوا بما قالوا، و لكنهم سرعان ما عادوا الي الاعتراف بامامة الرضا عليه السلام، و الانحراف عن مذهب الوقف، و قد استغرقت هذه الفرقة ردحا طويلا من المنازعات و الخلافات الي أن انقرضت و لم يبق لها أثر، و يطلق علي هؤلاء الممطورة [1] و الموسوية [2] .

قال الشيخ الصدوق: لم يكن موسي بن جعفر ممن يجمع المال، و لكنه قد حصل في وقت الرشيد و كثر أعداؤه، و لم يقدر علي تفريق ما كان يجتمع الا علي القليل ممن يثق بهم في كتمان السر، فاجتمعت هذه الأموال لأجل ذلك، و أراد أن لا يحقق علي نفسه قول من كان يسعي به الي الرشيد و يقول: انه تحمل اليه



[ صفحه 215]



الأموال، و تعقد له الامامة و يحمل علي الخروج عليه، و لولا ذلك لفرق ما اجتمع من هذه الأموال، علي أنها لم تكن أموال الفقراء، و انما كانت أمواله يصل بها مواليه [3] .


پاورقي

[1] لقب أطلقه عليهم علي بن اسماعيل، قال لهم: ما أنتم الا كلاب ممطورة. و قيل: أطلقه عليهم يونس بن عبدالرحمن القمي.

[2] معجم الفرق الاسلامية: 240، 238 و 268.

[3] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 114، البحار 48: 253، العوالم: 485.