بازگشت

الأدلة علي بطلان ما تعلقوا به


1 - قال الشيخ المفيد عليه السلام: ثم لم تزل الامامية بعد من ذكرناه علي نظام الامامة، حتي قبض موسي بن جعفر عليه السلام، فافترقت بعد وفاته فرقا:

- فقال جمهورهم بامامة أبي الحسن الرضا عليه السلام، و دانوا بالنص عليه،



[ صفحه 219]



و سلكوا الطريقة المثلي في ذلك.

- و قال جماعة منهم بالوقف علي أبي الحسن موسي عليه السلام، و ادعوا حياته و زعموا أنه هو المهدي المنتظر، و قال فريق منهم: انه قد مات و سيبعث، و هو القائم بعده.

- و شذت فرقة ممن كان علي الحق الي قول سخيف جدا، فأنكروا موت أبي الحسن عليه السلام و حبسه، و زعموا أن ذلك كان تخيلا للناس، و ادعوا أنه حي غائب، و أنه المهدي، و زعموا أنه استخلف علي الأمر محمد بن بشر مولي بني أسد، و ذهبوا الي الغلو و القول بالاباحة و دانوا بالتناسخ.

و اعتلت الواقفة فيما ذهبوا اليه بأحاديث رووها عن أبي عبدالله عليه السلام، منها أنهم حكوا عنه عليه السلام: أنه لما ولد موسي بن جعفر عليه السلام دخل أبوعبدالله عليه السلام علي حميدة البربرية، ام موسي عليه السلام، فقال لها: بخ بخ، حل الملك في بيتك. قالوا: و سئل عن اسم القائم، فقال: اسمه اسم حديدة الحلاق.

فيقال لهذه الفرقة: ما الفصل بينكم و بين الناووسية الواقفة علي أبي عبدالله عليه السلام، و الكيسانية الواقفة علي أبي القاسم ابن الحنفية رحمة الله عليه، و المفوضة المنكرة لوفاة أبي عبدالله الحسين عليه السلام الدافعة لقتله، و السبائية المنكرة لوفاة أميرالمؤمنين عليه السلام المدعية حياته، و المحمدية النافية لموت رسول الله صلي الله عليه و آله المتدينة بحياته، و كل شي ء راموا به كسر مذاهب من عددناهم فهو كسر لمذهبهم، و دليل علي ابطال مقالتهم.

ثم يقال لهم، فيما تعلقوا به من الحديث الأول: ما أنكرتم أن يكون الصادق عليه السلام أراد بالملك الامامة علي الخلق و فرض الطاعة علي البشر و ملك الأمر و النهي، و أي دليل في قوله لحميدة: «حل الملك في بيتك» علي أنه نص علي ابنه،



[ صفحه 220]



و أنه القائم بالسيف! أو ما سمعتم قول الله تعالي يقول: (فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب و الحكمة و آتيناهم ملكا عظيما) [1] ؟ و انما أراد ملك الدين و الرياسة فيه علي العالمين.

و أما قوله عليه السلام و قد سئل عن اسم القائم فقال: «اسم حديدة الحلاق»، فانه ان صح و ثبت ذلك، علي أنه غير معروف، فانما أشار به الي القائم بالامامة بعده عليه السلام، و لم يشر به الي القائم بالسيف، و قد علمنا أن كل امام فهو القائم بالأمر بعد أبيه، فأي حجة فيما تعلقوا به لولا عمي القلوب؟

مع أنه يقال لهم: ما الدليل علي امامة أبي الحسن موسي عليه السلام، و ما البرهان علي أن أباه نص عليه؟ فبأي شي ء تعلقوا في ذلك و اعتمدوا عليه، أريناهم بمثله حجة امامة الرضا عليه السلام و ثبوت النص علي أبيه عليه السلام، و هذا ما لا يجدون عنه مخلصا [2] .

2 - و قال الشيخ الطوسي رحمه الله: أما الذي يدل علي فساد مذهب الواقفة الذين وقفوا في امامة أبي الحسن موسي عليه السلام و قالوا: انه المهدي، فقولهم باطل بما ظهر من موته عليه السلام، و اشتهر و استفاض، كما اشتهر موت أبيه و جده و من تقدم من آبائه عليهم السلام، و لو شككنا لم ننفصل من الناووسية و الكيسانية و الغلاة و المفوضة الذين خالفوا في موت من تقدم من آبائه عليهم السلام.

علي أن موته اشتهر ما لم يشتهر موت أحد من آبائه عليهم السلام، لأنه أظهر و احضر القضاة و الشهود، و نودي عليه ببغداد علي الجسر، و قيل: «هذا الذي تزعم الرافضة أنه حي لا يموت، مات حتف أنفه». و ما جري هذا المجري لا يمكن الخلاف فيه.



[ صفحه 221]



فروي يونس بن عبدالرحمن قال: حضر الحسين بن علي الرواسي جنازة أبي ابراهيم عليه السلام، فلما وضع علي شفير القبر، اذا رسول من السندي بن شاهك قد أتي أباالمهنا خليفته - و كان مع الجنازة - أن اكشف وجهه للناس قبل أن تدفنه حتي يروه صحيحا لم يحدث به حدث.

قال: و كشف عن وجه مولاي حتي رأيته و عرفته، ثم غطي وجهه و ادخل قبره صلي الله عليه.

و روي محمد بن عيسي بن عبيد العبيدي، قال: أخبرتني رحيمة ام ولد الحسين بن علي بن يقطين - و كانت امرأة حرة فاضلة قد حجت نيفا و عشرين حجة - عن سعيد مولي أبي الحسن عليه السلام، و كان يخدمه في الحبس، و يختلف في حوائجه، أنه حضره حين مات كما يموت الناس من قوة الي ضعف الي أن قضي عليه السلام [3] .

و روي عدة أحاديث سنأتي علي ذكرها في شهادته عليه السلام تدل بمجموعها دلالة قاطعة علي تحقق الوفاة أولا، ثم ان النصوص المتظافرة عن النبي الأعظم صلي الله عليه و آله و أئمة الهدي عليهم السلام تشير الي أن الامام الغائب هو الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام و ليس غيره، و هذان الأمران يدلان بوضوح علي فساد مذهب الواقفة، و أضاف الشيخ الطوسي دليلا آخر علي بطلان مذهبهم حيث قال:

علي أن المشهور عنه عليه السلام أنه وصي الي ابنه علي بن موسي عليه السلام و أسند اليه أمره بعد موته، و الأخبار بذلك أكثر من أن تحصي، و لو كان حيا باقيا لما احتاج اليه [4] .



[ صفحه 222]



هذا و قد أورد الشيخ الطوسي جملة الأحاديث التي رواها رجال الواقفة، و بين أوجه فسادها و بطلانها [5] .


پاورقي

[1] النساء: 54.

[2] الفصول المختارة: 255 - 252.

[3] الغيبة: 19.

[4] الغيبة: 24.

[5] انظر الغيبة: 46 - 29.