بازگشت

الثقات من رواته


لقد التف حول الامام الكاظم عليه السلام أثناء اقامته في المدينة المنورة جمع غفير من كبار الرواة و العلماء ممن تتلمذوا في جامعة الامام الصادق عليه السلام الكبري، حيث قام الامام موسي عليه السلام بعد أبيه بادارة شؤون تلك المدرسة التي أعزت العلم و رفعت مناره، فأصبح عليه السلام بعد أبيه عميدا و زعيما للحركة العلمية و النهضة الفكرية في عصره.

و كان العلماء و الرواة ملازمون لمجلسه عليه السلام و لا يفترقون عنه، حتي بلغ من احتفائهم به و اقبالهم عليه أنه اذا نطق بكلمة أو أفتي بفتوي سارعوا الي تدوين ذلك.

روي ابن طاوس: أن أصحاب الامام الكاظم عليه السلام و خواصه من شيعته و أهل بيته كانوا يحضرون مجلسه و معهم في أكمامهم ألواح آبنوس و أميال، فاذا نطق بكلمة أو أفتي في نازلة بادروا الي تسجيل ذلك [1] .

لقد روي العلماء و الفقهاء من أحاديثه عليه السلام الكثير و دونوها في كتبهم



[ صفحه 230]



و مسانيدهم، و في شتي العلوم التي تلقوها منه، علي اختلاف آرائهم و تباين نزعاتهم، من الحكمة و التفسير و الفقه و الحديث، حتي طبقت آراؤه الخافقين، و ضربت لأجل ذلك آباط الابل، للاستماع الي حديثه و الانتهال من علومه.

فكانت مدرسته امتدادا لمدرسة أبيه الامام الصادق عليه السلام حتي ضاق الحكام العباسيون به ذرعا، مما جعلهم يقررون تصفيته جسديا، و اشخاصه عليه السلام من المدينة الي العراق و حبسه في سجن عيسي بن موسي بالبصرة، و من ثم نقله الي حبس الفضل بن الربيع في بغداد، و بعدها نقل الي حبس الفضل بن يحيي البرمكي، و آخرها نقل الي حبس السندي بن شاهك حتي قضي بالسم شهيدا بأمر من الطاغية هارون الرشيد.

قال ابن شهر آشوب: أخذ عنه العلماء من العلوم ما لا يحصي كثرة، ذكر ذلك الخطيب في «تأريخ بغداد» و السمعاني في «الرسالة القوامية» و أبوصالح أحمد المؤذن في «الأربعين» و أبوعبدالله بن بطة في «الابانة» و الثعلبي في «الكشف و البيان».

و كان أحمد بن حنبل مع انحرافه علي خط أهل البيت عليهم السلام كما روي عنه قال: حدثني موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله، ثم قال أحمد: و هذا اسناد لو قري ء علي المجنون لأفاق [2] .

يربو عدد الرواة عن الامام الكاظم عليه السلام في الخمسمائة راو [3] ، و ذكر الشيخ



[ صفحه 231]



الطوسي في رجاله مائتين و سبعين رجلا ممن روي عنه عليه السلام، و لم تكن هذه الطائفة من العلماء و الرواة علي مستوي واحد من حيث الثقة و العدالة، ففيهم الثقة و الصحيح و الحسن و الضعيف و المتروك و المجهول، و تفصيل ذلك موكول الي كتب الرجال و أصحاب الجرح و التعديل.

و سنقتصر في هذا الباب علي بعض الثقات من أصحابه عليه السلام ممن كان عليهم المعول في نقل أحاديثه و أخباره.

قال ابن شهر آشوب رحمه الله: في «اختيار الرجال» عن الطوسي: أنه اجتمع أصحابنا علي تصديق ستة نفر من فقهاء الامامين الكاظم و الرضا عليهماالسلام و هم: يونس بن عبدالرحمن، و صفوان بن يحيي بياع السابري، و محمد بن أبي عمير، و عبدالله بن المغيرة، و الحسن بن محبوب السراء، و أحمد بن محمد بن أبي نصر.

كذا من ثقاته: الحسن بن علي بن فضال الكوفي مولي لتيم الرباب، و عثمان بن عيسي، و داود بن كثير الرقي مولي بني أسد، و أخيه علي بن جعفر الصادق عليه السلام.

و من خواص أصحابه: علي بن يقطين مولي بني أسد، و أبوالصلت عبدالسلام بن صالح الهروي، و اسماعيل بن مهران، و علي بن مهزيار من قري فارس ثم سكن الأهواز، و الريان بن الصلت الخراساني، و أحمد بن محمد الحلبي، و موسي بن بكير الواسطي، و ابراهيم بن أبي البلاد الكوفي [4] .

و يضاف الي هؤلاء بعض من نص أصحاب الرجال و الجرح و التعديل بثقته و حسن حاله، و فيما يلي نذكر تراجمهم علي ترتيب حروف المعجم:



[ صفحه 232]




پاورقي

[1] مهج الدعوات: 219.

[2] المناقب 4: 317 - 316.

[3] عد الشبستري في «أحسن التراجم لأصحاب الامام موسي الكاظم عليه السلام» خمسمائة و اثنين و ثلاثين رجلا ممن روي عنه عليه السلام، و استدرك سبعة آخرين في نهاية الكتاب.

[4] المناقب 4: 325.