بازگشت

موقف السلطة من الامام


لقد عاني الامام الكاظم عليه السلام من تجاوزات الحكم و تصرفاته الحاقدة، و لم يكن ثمة ما يبرر كل تلك التجاوزات و التصرفات سوي قلق رؤوس السلطة و أزلامهم من وجود الامام نفسه بما يتمتع به من سمو شخصيته العلمية و الروحية الفذة، التي تمتاز بالنزاهة و الأصالة و عمق الايمان في مختلف الأوساط العامة.

و يحاول الرشيد بما يمتلك من مخطط تصفوي أن يفتعل الأعذار و المبررات للوقيعة بالامام و التخلص منه حتي لا يواجه الامة بالجريمة دون أن يكون لها ما يستدعيها، و كان الامام عليه السلام يتصدي لمحاولات التصفية بالصبر و كظم الغيظ.

لقد استدعي الامام عليه السلام و لأكثر من مرة الي بغداد في زمان المهدي و من بعده في زمان الرشيد و ذلك لتقليص نفوذه في الامة و عزله بعيدا عن وجدانها و تفكيرها.

فحينما يشعر الآخرون بالرقابة تفرض علي الامام بقوة، و الملاحقة تستمر بعنف لا يسعهم انسجاما مع حب السلامة و العافية الا أن يقلصوا من ارتباطهم به و يحدوا من ممارساتهم العادية معه عليه السلام.



[ صفحه 346]



و لم يكن الرشيد ليجهل موقف الامام عليه السلام و اعتزاله العمل السياسي في سبيل الوصول للحكم، بل لقد صرح الرشيد مرة ببراءة الامام عن كل ما يرمي به من قبل الوشاة حيث قال: الناس يحملوني علي موسي بن جعفر و هو بري ء مما يرمي به [1] ، ولكنها عقدة النجاح الهائل الذي لقيه الامام عليه السلام و التأثر بسيرته الصالحة في مختلف أوساط الامة، و المحبة له التي عمرت قلوب الناس، و صلابته في موقف الحق، و تفوقه بالعلم و مكارم الأخلاق، كل ذلك جعل منه في نظر الرأي العام المسلم البديل المتعين لعناصر الخلافة الظالمة، أضف الي أن سلبية الامام عليه السلام في التعاون مع الحكم و عدم التعاطف مع مواقفه المشبوهة، كل ذلك جعل الامام عليه السلام في تصورات الرشيد و سابقيه منافسا خطيرا و خصما عنيدا دون أن تبدو منه عليه السلام أي بادرة خلاف عملية تصطدم مع هيكل الحكم.

و فيما يلي نستعرض مواقف الحكام الذين عاصرهم، و ما جري له معهم.


پاورقي

[1] الكافي 1: 99 / 366. البحار 48: 7 / 165. العوالم: 1 / 366.