بازگشت

ذكر مقتله


1 - روي أبوالفرج الاصفهاني بأسانيد متعددة و طرق مختلفة عن رجال



[ صفحه 362]



عدة، قالوا: كان سبب خروج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام أن موسي الهادي ولي المدينة اسحاق بن عيسي ابن علي، فاستخلف عليها رجلا من ولد عمر بن الخطاب يعرف بعبد العزيز بن عبدالله، فحمل علي الطالبيين و أساء اليهم، و أفرط في التحامل عليهم، و طالبهم بالعرض كل يوم، و كانوا يعرضون في المقصورة، و أخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه و نسيبه، فضمن الحسين بن علي و يحيي بن عبدالله بن الحسن، الحسن بن محمد ابن عبدالله بن الحسن، و وافي أوائل الحاج، و قدم من الشيعة نحو من سبعين رجلا، فنزلوا دار ابن أفلح بالبقيع و أقاموا بها، و لقوا حسينا و غيره، فبلغ ذلك العمري فأنكره. و كان قد أخذ قبل ذلك الحسن بن محمد بن عبدالله، و ابن جندب الهذلي الشاعر، و مولي لعمر بن الخطاب، و هم مجتمعون، فأشاع أنه وجدهم علي شراب، فضرب الحسن ثمانين سوطا، و ضرب ابن جندب خمسة عشر سوطا، و ضرب مولي عمر سبعة أسواط، و أمر بأن يدار بهم في المدينة مكشفي الظهور ليفضحهم، فبعثت اليه الهاشمية صاحبة الراية السوداء في أيام محمد بن عبدالله، فقالت له: لا و لا كرامة، لا تشهر أحدا من بني هاشم، و تشنع عليهم و أنت ظالم، فكف عن ذلك و خلي سبيلهم.

فلما اجتمع النفر من الشيعة في دار ابن أفلح، أغلظ العمري أمر العرض، و ولي علي الطالبيين رجلا يعرف بأبي بكر بن عيسي الحائك مولي الأنصار، فعرضهم يوم الجمعة فلم يأذن لهم بالانصراف حتي بدأ أوائل الناس يجيئون الي المسجد، ثم أذن لهم فكان قصاري أحدهم أن يغدو و يتوضأ للصلاة و يروح الي المسجد، فلما وصلوا حبسهم في المقصورة الي العصر ثم عرضهم، فدعا باسم الحسن بن محمد فلم يحضر، فقال ليحيي و الحسين بن علي، لتأتياني به أو



[ صفحه 363]



لأحبسنكما، فان له ثلاثة أيام لم يحضر العرض و لقد خرج أو تغيب، فراده بعض المرادة و شتمه يحيي، و خرج فمضي ابن الحائك هذا، فدخل علي العمري فأخبره، فدعا بهما فوبخهما و تهددهما، فتضاحك الحسين في وجهه، و قال: أنت مغضب يا أباحفص. فقال له العمري: أتهزأ بي و تخاطبني بكنيتي؟! فقال له: قد كان أبوبكر و عمر، و هما خير منك، يخاطبان بالكني، فلا ينكران ذلك، و أنت تكره الكنية و تريد المخاطبة بالولاية!

فقال له: آخر قولك شر من أوله، فقال: معاذ الله، يأبي الله لي ذلك و من أنا منه.

فقال له: أفانما أدخلتك الي لتفاخرني و تؤذيني؟ فغضب يحيي بن عبدالله فقال له: فما تريد منا؟ فقال: اريد أن تأتياني بالحسن بن محمد. فقال: لا نقدر عليه، و هو في بعض ما يكون فيه الناس، فابعث الي آل عمر بن الخطاب فاجمعهم كما جمعتنا، ثم اعرضهم رجلا رجلا، فان لم تجد فيهم من قد غاب أكثر من غيبة الحسن عنك فقد أنصفتنا. فحلف بطلاق امرأته و حرية مماليكه أنه لا يخلي عنه أو يجيئه به في باقي يومه و ليلته، و انه ان لم يجي ء به ليركبن الي سويقة فيخربها و يحرقها، و ليضربن الحسين ألف سوط، و حلف بهذه اليمين ان وقعت عينه علي الحسن بن محمد ليقتلنه من ساعته.

فوثب يحيي مغضبا، فقال له: أنا اعطي الله عهدا، و كل مملوك لي حر ان ذقت الليلة نوما حتي آتيك بالحسن بن محمد، أو لا أجده، فاضرب عليك بابك حتي تعلم أني قد جئتك. و خرجا من عنده و هما مغضبان، و هو مغضب. فقال الحسين ليحيي بن عبدالله: بئس لعمر الله ما صنعت حين تحلف لتأتينه به، و أين تجد حسنا!



[ صفحه 364]



قال: لم أرد أن آتيه بالحسن والله، و الا فأنا نفي من رسول الله صلي الله عليه و آله و من علي عليه السلام، بل أردت ان دخل عيني نوم حتي أضرب عليه بابه و معي السيف، و ان قدرت عليه قتلته.

فقال له الحسين: بئسما تصنع، تكسر علينا أمرنا.

قال له يحيي: و كيف أكسر عليك أمرك، و انما بيني و بين ذلك عشرة أيام حتي تسير الي مكة، فوجه الحسين الي الحسن بن محمد فقال: يابن عمي، قد بلغك ما كان بيني و بين هذا الفاسق، فامض حيث أحببت.

فقال الحسن: لا والله يابن عمي، بل أجي ء معك الساعة حتي أضع يدي في يده.

فقال له الحسين: ما كان الله ليطلع علي و أنا جاء الي محمد صلي الله عليه و آله و هو خصمي و حجيجي في دمك، و لكن أقيك بنفسي لعل الله أن يقيني من النار.

قال: ثم وجه، فجاءه يحيي و سليمان و ادريس بنو عبدالله بن الحسن، و عبدالله بن الحسن الأفطس، و ابراهيم بن اسماعيل طباطبا، و عمر بن الحسن ابن علي بن الحسن بن الحسين بن الحسن، و عبدالله بن اسحاق بن ابراهيم ابن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام، و عبدالله بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، و وجهوا الي فتيان من فتيانهم و مواليهم، فاجتمعوا ستة و عشرين رجلا من ولد علي عليه السلام، و عشرة من الحاج، و نفر من الموالي، فلما أذن المؤذن للصبح دخلوا المسجد ثم نادوا: أحد، أحد، و صعد عبدالله بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي صلي الله عليه و آله عند موضع الجنائز، فقال للمؤذن: أذن بحي علي خير العمل، فلما نظر الي السيف في يده أذن بها، و سمعه العمري فأحس بالشر و دهش و صاح: أغلقوا الباب و أطعموني حبتي ماء.



[ صفحه 365]



قال علي بن ابراهيم العلوي في حديثه: فولده الي الآن بالمدينة يعرفون ببني حبتي ماء.

قالوا: ثم اقتحم الي دار عمر بن الخطاب و خرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم بن عمر، ثم مضي هاربا علي وجهه يسعي و يضرط حتي نجا، فصلي الحسين ابن علي بالناس الصبح، و دعا بالشهود العدول الذين كان العمري أشهدهم عليه أن يأتي بالحسن اليه، و دعا بالحسن و قال للشهود: هذا الحسن قد جئت به، فهاتوا العمري، و الا و الله خرجت من يميني و مما علي.

قال: و خطب الحسين بن علي بعد فراغه من الصلاة، فحمد الله و أثني عليه، و قال: أنا ابن رسول الله، علي منبر رسول الله، و في حرم رسول الله، أدعوكم الي سنة رسول الله صلي الله عليه و آله.

أيها الناس، أتطلبون آثار رسول الله في الحجر و العود، و تتمسحون بذلك، و تضيعون بضعة منه؟!

قالوا: فأقبل خالد البربري، و كان مسلحة للسلطان بالمدينة، في السلاح، و معه أصحابه، حتي وافوا باب المسجد الذي يقال له: باب جبرئيل، فقصده يحيي ابن عبدالله و في يده السيف، فأراد خالد أن ينزل، فبدره يحيي فضربه علي جبينه، و عليه البيضة و المغفر و القلنسوة، فقطع ذلك كله، و أطار قحف رأسه، و سقط عن دابته، و حمل علي أصحابه فتفرقوا و انهزموا.

و حج في تلك السنة مبارك التركي - أحد قواد بني العباس - فبدأ بالمدينة للزيارة، فبلغه خبر الحسين، فبعث اليه من الليل: اني والله ما احب أن تبتلي بي و لا أبتلي بك، فابعث الليلة الي نفرا من أصحابك و لو عشرة يبيتون عسكري حتي أنهزم و اعتل بالبيات، ففعل ذلك الحسين، و وجه عشرة من أصحابه فجعجعوا



[ صفحه 366]



بمبارك و صبحوا في نواحي عسكره، فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده، فمضي به حتي انتهي الي مكة.

و حج في تلك السنة العباس بن محمد، و سليمان بن أبي جعفر، و موسي ابن عيسي، فصار مبارك معهم، و اعتل عليهم بالبيات.

و خرج الحسين بن علي قاصدا الي مكة و معه من تبعه من أهله و مواليه و أصحابه و هم زهاء ثلاثمائة، و استخلف علي المدينة دينار الخزاعي، فلما قربوا من مكة فصاروا بفخ و بلدح تلقتهم الجيوش، فعرض العباس علي الحسين الأمان و العفو و الصلة، فأبي ذلك أشد الاباء.

و لما أن رأي الحسين المسودة أقعد رجلا علي جمل معه سيف يلوح به و الحسين يملي عليه حرفا حرفا، يقول: ناد، فنادي: يا معشر الناس، يا معشر المسودة، هذا الحسين بن رسول الله صلي الله عليه و آله، و ابن عمه، يدعوكم الي كتاب الله و سنة رسول الله صلي الله عليه و آله.

و عن أرطأة قال: لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ، قال: ابايعكم علي كتاب الله و سنة رسول الله، و علي أن يطاع الله و لا يعصي، و أدعوكم الي الرضا من آل محمد، و علي أن نعمل فيكم بكتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله، و العدل في الرعية، و القسم بالسوية، و علي أن تقيموا معنا، و تجاهدوا عدونا، فان نحن و فينا لكم وفيتم لنا، و ان نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم.

و لقيته الجيوش بفخ، و قادها العباس بن محمد، و موسي بن عيسي، و جعفر و محمد ابنا سليمان، و مبارك التركي، و منارة، و الحسن الحاجب، و الحسين بن يقطين، فالتقوا في يوم التروية سنة 169 ه وقت صلاة الصبح، فأمر موسي بن عيسي بالتعبئة، فصار محمد بن سليمان في الميمنة، و موسي في الميسرة، و سليمان بن أبي جعفر



[ صفحه 367]



و العباس بن محمد في القلب، فكان أول من بدأهم موسي فحملوا عليه، فاستطرد لهم شيئا حتي انحدروا في الوادي، و حمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم، فطعنهم طعنة واحدة حتي قتل أكثر أصحاب الحسين، و جعلت المسودة تصيح للحسين: يا حسين، لك الأمان، فيقول: ما اريد الأمان، و يحمل عليهم حتي قتل، و قتل معه سليمان بن عبدالله بن الحسن، و عبدالله بن اسحاق بن ابراهيم بن الحسن.

و جعل الحسن بن محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام يقاتل أشد القتال، فناداه محمد بن سليمان: يابن خال، اتق الله في نفسك، و لك الأمان. فقال: و الله ما لكم أمان، و لكني أقبل منك، ثم كسر سيفا هنديا كان في يده، و دخل اليهم، فصاح العباس بن محمد بابنه عبيدالله: قتلك الله ان لم تقتله، أبعد تسع جراحات تنتظر هنا؟! فقال له موسي بن عيسي: اي والله عاجلوه! فحمل عليه عبيدالله فطعنه. و ضرب العباس بن محمد عنقه بيده صبرا، و نشبت الحرب بين العباس بن محمد و محمد بن سليمان، و قال: أمنت ابن خالي فقتلتموه! فقال: نحن نعطيك رجلا من العشيرة تقتله مكانه!

و في رواية أحمد بن الحارث: أن موسي بن عيسي هو الذي ضرب عنق الحسن بن محمد.

2 - قال أحمد بن الحارث: حدثني يزيد بن عبدالله الفارسي، قال: كان عمار التركي ممن حضر وقعة فخ، فقال للقوم: أروني حسينا، فأروه اياه، فرماه بسهم فقتله، فوهب له محمد بن سليمان مائة ألف درهم و مائة ثوب.

3 - قالوا: و غضب موسي الهادي علي مبارك التركي لانهزامه عن الحسين،



[ صفحه 368]



و حلف ليجعلنه سائسا، و غضب علي موسي بن عيسي في قتله الحسن بن محمد صبرا، و قبض أموالهم. و كان يقول: متي توافي فاطمة اخت الحسين بن علي، والله لأطرحنها الي السواس، فمات قبل أن يوافي بها.

4 - و عن القاسم بن ابراهيم، عمن ذكره، قال: رأيت الحسين بن علي صاحب فخ و قد دفن شيئا، فظننت أنه شي ء له مقدار، فلما كان من أمره ما كان نظرنا فاذا هو قطعة من جانب قد قطع فدفنه، ثم عاد فكر عليهم.

5 - و عن أبي العرجاء الجمال، قال: ان موسي بن عيسي دعاه فقال له: أحضرني جمالك، قال: فجئته بمائة جمل ذكر، فختم أعناقها و قال: لا أفقد منها و برة الا ضربت عنقك، ثم تهيأ للمسير الي الحسين صاحب فخ، فسار حتي أتينا بستان بني عامر فنزل فقال لي: اذهب الي عسكر الحسين حتي تراه و تخبرني بكل ما رأيت، فمضيت فدرت، فما رأيت خللا و لا فللا، و لا رأيت الا مصليا أو مبتهلا، أو ناظرا في مصحف أو معدا للسلاح، قال: فجئته فقلت: ما أظن القوم الا منصورين. فقال: و كيف ذلك يابن الفاعلة؟ فأخبرته: فضرب يدا علي يد و بكي، حتي ظننت أنه سينصرف، ثم قال: هم والله أكرم عندالله و أحق بما في أيدينا منا، و لكن الملك عقيم، و لو أن صاحب القبر - يعني النبي صلي الله عليه و آله - نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف!!! يا غلام، اضرب بطبلك، ثم سار اليهم، فوالله ما انثني عن قتلهم.

6 - قال: و حملت الأسري الي موسي الهادي، و فيهم العذافر الصيرفي، و علي ابن سابق القلانسي، و رجل من ولد الحاجب بن زرارة [1] فأمر بهم فضربت



[ صفحه 369]



أعناقهم، و من بين يديه رجل آخر من الأسري واقف، فقال: أنا مولاك يا أميرالمؤمنين. فقال: مولاي يخرج علي، و مع موسي سكين، فقال: والله لاقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا، قال: و غلبت عليه العلة، فمكث ساعة طويلة ثم مات، و سلم الرجل من القتل، فاخرج من بين يديه.

7 - و عن عمر بن خلف الباهلي، عن بعض الطالبيين، قال: لما قتل أصحاب فخ جلس موسي بن عيسي بالمدينة، و أمر الناس بالوقيعة علي آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتي لم يبق أحد.

8 - قالوا: و لما بلغ العمري و هو بالمدينة قتل الحسين بن علي صاحب فخ، عمد الي داره و دور أهله فحرقها و قبض أموالهم و نخلهم، فجعلها في الصوافي المقبوضة [2] .

9 - قال ياقوت: بقي قتلاهم ثلاثة أيام حتي أكلتهم السباع، و لهذا يقال: لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشد و أفجع من فخ [3] .

10 - و روي أبونصر البخاري عن أبي جعفر الجواد عليه السلام أنه قال: لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ [4] .



[ صفحه 370]




پاورقي

[1] في متن المصدر، زارة، و الصحيح ما أثبتناه.

[2] مقاتل الطالبيين: 303 - 294.

[3] معجم البلدان 4: 269.

[4] بحارالأنوار 48: 165.