بازگشت

اخباره مع الرشيد


1 - عن عبدالرحمن بن صالح الأزدي، قال: حج هارون الرشيد، فأتي قبر النبي صلي الله عليه و آله زائرا له، و حوله قريش و أفياء القبائل، و معه موسي بن جعفر، فلما انتهي الي القبر قال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عمي، افتخارا علي من



[ صفحه 378]



حوله، فدنا موسي بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبة. فتغير وجه هارون و قال: هذا الفخر يا أباالحسن حقا [1] .

2 - و في كامل الزيارات: عن عدة من أصحابنا، عن سهل، عن علي ابن حسان، عن بعض أصحابنا، قال: حضرت أباالحسن الأول عليه السلام و هارون الخليفة، و عيسي بن جعفر، و جعفر بن يحيي بالمدينة، و قد جاءوا الي قبر النبي صلي الله عليه و آله.

فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام: تقدم فأبي، فتقدم هارون فسلم و قال ناحية. فقال عيسي بن جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدم، فأبي، فتقدم عيسي، فسلم، و وقف مع هارون.

فقال جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدم، فأبي، فتقدم جعفر، فسلم، و وقف مع هارون.

و تقدم أبوالحسن عليه السلام فقال: «السلام عليك يا أبة، أسأل الله الذي اصطفاك و اجتباك و هداك، و هدي بك، أن يصلي عليك».

فقال هارون لعيسي: سمعت ما قال؟ قال: نعم.

قال هارون: أشهد أنه أبوه حقا [2] .



[ صفحه 379]



3 - و في الاختصاص: عن عبدالله بن محمد السائي، عن الحسن بن موسي، عن عبدالله بن محمد النهيكي، عن محمد بن سابق بن طلحة الأنصاري، قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن عليه السلام حين ادخل عليه: ما هذه الدار؟ فقال: هذه دار الفاسقين، قال الله تعالي: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق و ان يروا كل آية لا يؤمنوا بها و ان يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا و ان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا) [3] ، الآية.

فقال له هارون: فدار من هي؟ قال: هي لشيعتنا فترة و لغيرهم فتنة.

قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟

فقال: اخذت منه عامرة و لا يأخذها الا معمورة.

قال: فأين شيعتك؟ فقرأ أبوالحسن عليه السلام: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين منفكين حتي تأتيهم البينة) [4] .

قال: فقال له: فنحن كفار؟ قال: لا، و لكن كما قال الله: (الذين بدلوا نعمة الله كفرا و أحلوا قومهم دار البوار) [5] .

فغضب عند ذلك و غلظ عليه، فقد لقيه أبوالحسن عليه السلام بمثل هذه المقالة، و ما رهبه، و هذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف [6] .



[ صفحه 380]



4 - و في كتاب «أخبار الخلفاء»: أن هارون الرشيد كان يقول لموسي ابن جعفر عليه السلام: خذ فدكا حتي أردها اليك، فيأبي حتي ألح عليه، فقال عليه السلام: لا آخذها الا بحدودها، قال: و ما حدودها؟ قال: ان حددتها لم تردها؟ قال: بحق جدك الا فعلت.

قال: أما الحد الأول فعدن، فتغير وجه الرشيد، و قال: ايها.

قال: و الحد الثاني سمرقند، فاربد وجهه [7] .

قال: و الحد الثالث افريقية، فاسود وجهه، و قال: هيه.

قال: و الرابع سيف البحر [8] مما يلي الجزر و أرمينية.

قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء فتحول الي مجلسي.

قال موسي عليه السلام: قد أعلمتك أنني ان حددتها لم تردها، فعند ذلك عزم علي قتله [9] .

و في رواية ابن أسباط أنه قال: أما الحد الأول: فعريش مصر، و الثاني: دومة الجندل، و الثالث: احد، و الرابع: سيف البحر.

فقال: هذا كله! هذه الدنيا؟!

فقال عليه السلام: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة، فأفاءه الله علي رسوله بلا خيل و لا ركاب، فأمره الله أن يدفعه الي فاطمة عليهاالسلام [10] .



[ صفحه 381]



5 - و في «عيون أخبار الرضا عليه السلام»: عن الوراق، و المكتب، و الهمداني، و ابن ناتانة، و أحمد بن علي بن ابراهيم، و ماجيلويه، و ابن المتوكل رضي الله عنهم جميعا عن علي، عن أبيه، عن عثمان بن عيسي، عن سفيان بن نزار، قال: كنت يوما علي رأس المأمون فقال:

أتدرون من علمني التشيع! فقال القوم جميعا: لا والله ما نعلم.

قال: علمنيه الرشيد. قيل له: و كيف ذلك و الرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟!

قال: كان يقتلهم علي الملك، لأن الملك عقيم، و لقد حججت معه سنة، فلما صار الي المدينة تقدم الي حجابه، و قال: لا يدخلن علي رجل من أهل المدينة و مكة من أبناء المهاجرين و الأنصار و بني هاشم و سائر بطون قريش الا نسب نفسه. فكان الرجل اذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان، حتي ينتهي الي جده من هاشمي، أو قرشي، أو مهاجري، أو أنصاري، فيصله من المال بخمسة آلاف درهم، و ما دونها الي مائتي دينار، علي قدر شرفه، و هجرة آبائه.

فأنا ذات يوم واقف، اذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: يا أميرالمؤمنين، علي الباب رجل زعم أنه موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، فأقبل علينا و نحن قيام علي رأسه، و الأمين و المؤتمن و سائر القواد فقال: احفظوا علي أنفسكم، ثم قال لآذنه: ائذن له، و لا ينزل الا علي بساطي.

فأنا كذلك اذ دخل شيخ مسخد [11] قد أنهكته العبادة، كأنه شن بال، قد كلم [12] السجود وجهه و أنفه.



[ صفحه 382]



فلما رأي الرشيد رمي بنفسه من حمار كان راكبه، فصاح الرشيد: لا والله الا علي بساطي، فمنعه الحجاب من الترجل، و نظرنا اليه بأجمعنا بالاجلال و الاعظام، فما زال يسير علي حماره حتي صار الي البساط، و الحجاب و القواد محدقين به، فنزل، فقام اليه الرشيد و استقبله الي آخر البساط و قبل وجهه و عينيه، و أخذ بيده حتي صيره في صدر المجلس، و أجلسه معه فيه، و جعل يحدثه، و يقبل بوجهه عليه، و يسأله عن أحواله.

ثم قال له: يا أباالحسن، ما عليك من العيال؟ فقال: يزيدون علي الخمسمائة.

قال: أولاد كلهم؟ قال: لا، أكثرهم موالي و حشم، فأما الولد فلي نيف و ثلاثون: الذكران منهم كذا، و النسوان منهم كذا.

قال: فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن و أكفائهن؟ قال: اليد تقصر عن ذلك.

قال: فما حال الضيعة؟ قال: تعطي في وقت، و تمنع في آخر.

قال: فهل عليك دين؟ قال: نعم. قال: كم؟ قال: نحوا من عشرة آلاف دينار.

فقال الرشيد: يابن عم، أنا أعطيك من المال ما تزوج به الذكران و النسوان، و تقضي الدين، و تعمر الضياع. فقال له: وصلتك رحم يابن عم، و شكر الله لك هذه النية الجميلة، و الرحم ماسة، و القرابة واشجة، و النسب واحد، و العباس عم النبي صلي الله عليه و آله، و صنو أبيه، و عم علي بن أبي طالب عليه السلام، وصنو أبيه، و ما أبعدك الله من أن تفعل ذلك، و قد بسط يدك، و أكرم عنصرك، و أعلي محتدك. فقال: أفعل ذلك يا أباالحسن و كرامة.



[ صفحه 383]



فقال: يا أميرالمؤمنين، ان الله عزوجل قد فرض علي ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الامة، و يقضوا عن الغارمين، و يؤدوا عن المثقل، و يكسوا العاري، و يحسنوا الي العاني، و أنت أولي من يفعل ذلك. فقال: أفعل يا أباالحسن.

ثم قام، فقام الرشيد لقيامه، و قبل عينيه و وجهه، ثم أقبل علي و علي الأمين و المؤتمن فقال: يا عبدالله، و يا محمد، و يا ابراهيم، بين يدي عمكم و سيدكم، خذوا بركابه، و سووا عليه ثيابه، و شيعوه الي منزله.

فأقبل أبوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام سرا بيني و بينه فبشرني بالخلافة و قال لي: اذا ملكت هذا الأمر فأحسن الي ولدي.

ثم انصرفنا، و كنت أجرأ ولد أبي عليه، فلما خلا المجلس قلت: يا أميرالمؤمنين، من هذا الرجل الذي قد عظمته و أجللته، و قمت من مجلسك اليه فاستقبلته، و أقعدته في صدر المجلس، و جلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟

قال: هذا امام الناس، و حجة الله علي خلقه، و خليفته علي عباده.

فقلت: يا أميرالمؤمنين، أو ليست هذه الصفات كلها لك و فيك؟!

فقال: أنا امام الجماعة في الظاهر و الغلبة و القهر، و موسي بن جعفر امام حق. والله يا بني، انه لأحق بمقام رسول الله صلي الله عليه و آله مني، و من الخلق جميعا، و والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فان الملك عقيم.

فلما أراد الرحيل من المدينة الي مكة أمر بصرة سوداء فيها مائتا دينار، ثم أقبل علي الفضل بن الربيع، فقال له: اذهب بهذه الي موسي بن جعفر عليه السلام و قل له: يقول لك أميرالمؤمنين نحن في ضيقة، و سيأتيك برنا بعد هذا الوقت.

فقمت في صدره فقلت: يا أميرالمؤمنين، تعطي أبناء المهاجرين و الأنصار و سائر قريش، و بني هاشم، و من لا يعرف حسبه و نسبه خمسة آلاف دينار الي



[ صفحه 384]



ما دونها، و تعطي موسي بن جعفر و قد أعظمته و أجللته مائتي دينار؟! أخس عطية أعطيتها أحدا من الناس.

فقال: اسكت لا ام لك، فاني لو أعطيت هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته و مواليه، و فقر هذا و أهل بيته أسلم لي و لكم من بسط أيديهم و أعينهم.

فلما نظر الي ذلك مخارق المغني، دخله من ذلك غيظ، فقام الي الرشيد و قال: يا أميرالمؤمنين، قد دخلت المدينة و أكثر أهلها يطلبون مني شيئا، و ان خرجت و لم اقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أميرالمؤمنين علي، و منزلتي عنده، فأمر له بعشرة آلاف دينار.

فقال له: يا أميرالمؤمنين، هذا لأهل المدينة، و علي دين فأحتاج أن أقضيه، فأمر له بعشرة آلاف دينار اخري.

فقال له: يا أميرالمؤمنين، بناتي اريد أن ازوجهن، و أنا محتاج الي جهازهن، فأمر له بعشرة آلاف دينار اخري.

فقال له: يا أميرالمؤمنين، لابد من غلة تعطنيها ترد علي و علي عيالي و بناتي و أزواجهن القوت. فأمر له بأقطاع ما يبلغ غلته في السنة عشرة آلاف دينار، و أمر أن يعجل ذلك له من ساعته.

ثم قام مخارق من فوره و قصد موسي بن جعفر عليه السلام و قال له: قد وقفت علي ما عاملك به هذا الملعون، و ما أمر به لك، و قد احتلت عليه لك و أخذت منه صلات ثلاثين ألف دينار، و أقطاعا تغل في السنة عشرة آلاف دينار، و لا والله يا سيدي ما أحتاج الي شي ء من ذلك، و ما أخذته الا لك، و أنا أشهد لك بهذه الأقطاع، و قد حملت المال اليك.



[ صفحه 385]



فقال: بارك الله لك في مالك، و أحسن جزاك، ما كنت لآخذ منه درهما واحدا، و لا من هذه الأقطاع شيئا، و قد قبلت صلتك و برك، فانصرف راشدا، و لا تراجعني في ذلك. فقبل يده و انصرف [13] .


پاورقي

[1] تأريخ بغداد 13: 31. وفيات الأعيان 5: 309. اعلام الوري: 307.

[2] كامل الزيارات: 18. عنه البحار 48: 9 / 136. و رواه في الكافي 4: 8 / 553. عنه البحار 100: 26 / 155. و حلية الأبرار 2: 273. و أخرجه في التهذيب 6: 3 / 6. عن محمد بن يعقوب. و في الوسائل 10: 4 / 268 عن الكافي و التهذيب.

[3] الأعراف: 146.

[4] البينة: 1.

[5] ابراهيم: 28.

[6] الاختصاص: 256. البحار 49: 28 / 156، و 72: 22 / 136. تفسير العياشي 2: 78 / 29.

[7] اربد وجهه: احمر حمرة فيها سواد عند الغضب.

[8] أي ساحله.

[9] ربيع الأبرار 1: 315.

[10] بحارالأنوار 48: 20 / 144، عن المناقب لابن شهر آشوب.

[11] أي مصفر الوجه.

[12] أي جرحه و أثر فيه.

[13] عيون الأخبار 1: 11 / 88، عنه البحار 48: 4 / 129. و مدينة المعاجز: 74 / 449. و حلية الأبرار 2: 269.