بازگشت

ما رأي الرشيد من الآيات و المعجزات حين حبسه


1 - قال أبوالحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي في كتاب «مروج الذهب»: في أخبار هارون الرشيد:

ان عبدالله بن مالك الخزاعي كان علي دار هارون الرشيد و شرطته، فقال: أتاني رسول الرشيد وقتا ما جاءني فيه قط، فانتزعني من موضعي و منعني من تغيير ثيابي، فراعني ذلك، فلما صرت الي الدار سبقني الخادم فعرف الرشيد خبري، فأذن لي في الدخول عليه، فدخلت فوجدته قاعدا علي فراشه، فسلمت



[ صفحه 404]



عليه فسكت ساعة، فطار عقلي و تضاعف الجزع علي، ثم قال: يا عبدالله، أتدري لم طلبتك في هذا الوقت؟ قلت: لا والله يا أميرالمؤمنين. قال: اني رأيت الساعة في منامي كأن حبشيا قد أتاني و معه حربة، فقال: ان خليت عن موسي بن جعفر الساعة و الا نحرتك بهذه الحربة، فاذهب فخل عنه. قال: فقلت: يا أميرالمؤمنين، اطلق موسي بن جعفر؟ ثلاثا، قال: نعم، امض الساعة حتي تطلق موسي بن جعفر، و أعطه ثلاثين ألف درهم، و قل له: ان أحببت المقام قبلنا فلك عندي ما تحب، و ان أحببت المضي الي المدينة فالاذن في ذلك لك.

قال: فمضيت الي الحبس لاخرجه، فلما رآني موسي عليه السلام وثب الي قائما، و ظن أني قد امرت فيه بمكروه، فقلت: لا تخف، فقد أمرني باطلاقك و أن أدفع لك ثلاثين ألف درهم، و هو يقول لك: ان أحببت المقام قبلنا فلك كل ما تحب، و ان أحببت الانصراف الي المدينة فالأمر في ذلك مطلق لك، و أعطيته ثلاثين ألف درهم، و خليت سبيله! و قلت له: لقد رأيت من أمرك عجبا. قال: فاني اخبرك، بينما أنا نائم اذ أتاني رسول الله صلي الله عليه و آله فقال: يا موسي، حبست مظلوما، فقل هذه الكلمات، فانك لا تبيت هذه الليلة في الحبس، فقلت: بأبي و امي ما أقول؟ قال: قل: «يا سامع كل صوت، و يا سابق الفوت، و يا كاسي العظام لحما، و منشرها بعد الموت، أسألك بأسمائك الحسني، و باسمك الأعظم الأكبر المخزون المكنون الذي لم يطلع عليه أحد من المخلوقين، يا حليما ذا أناة لا يقوي علي أناته، يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا و لا يحصي عددا، فرج عني»، فكان ما تري [1] .



[ صفحه 405]



2 - و روي الصدوق باسناده عن عبدالله بن الفضل، عن أبيه الفضل، قال: كنت أحجب الرشيد، فأقبل علي يوما غضبانا و بيده سيف يقلبه، فقال لي: يا فضل، بقرابتي من رسول الله صلي الله عليه و آله لئن لم تأتني بابن عمي لآخذن الذي فيه عيناك. فقلت: بمن أجيئك؟ فقال: بهذا الحجازي. قلت: و أي الحجازيين؟ قال: موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. قال الفضل: فخفت من الله عزوجل ان جئت به اليه، ثم فكرت في النقمة، فقلت له: أفعل. فقال: ائتني بسوطين و هصارين و جلادين.

قال: فأتيته بذلك، و مضيت الي منزل أبي ابراهيم موسي بن جعفر عليه السلام، فأتيت الي خربة فيها كوخ من جرائد النخل، فاذا أنا بغلام أسود، فقلت له: استأذن لي علي مولاك يرحمك الله، فقال لي: لج [2] ؛ ليس له حاجب و لا بواب. فولجت اليه، فاذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه و عرنين أنفه من كثرة سجوده، فقلت له: السلام عليك يابن رسول الله، أجب الرشيد.

فقال: ما للرشيد و ما لي؟ أما تشغله نعمته عني؟ ثم قام مسرعا، و هو يقول: لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله: «ان طاعة السلطان للتقية واجبة»، اذن ما جئت.

فقلت له: استعد للعقوبة يا أباابراهيم رحمك الله. فقال عليه السلام: أليس معي من يملك الدنيا و الآخرة، و لن يقدر اليوم علي سوء بي ان شاء الله.

قال الفضل بن الربيع: فرأيته و قد أدار يده يلوح بها علي رأسه ثلاث مرات.

فدخلت الي الرشيد، فاذا هو كأنه امرأة ثكلي قائم حيران.



[ صفحه 406]



فلما رآني قال لي: يا فضل. فقلت: لبيك. فقال: جئتني بابن عمي. قلت: نعم.

قال: لا تكون أزعجته؟ فقلت: لا. قال: لا تكون أعلمته أني عليه غضبان؟ فاني قد هيجت علي نفسي ما لم ارده، ائذن له بالدخول، فأذنت له.

فلما رآه وثب اليه قائما و عانقه، و قال له: مرحبا بابن عمي و أخي، و وارث نعمتي، ثم أجلسه علي فخذه و قال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال: سعة ملكك و حبك للدنيا.

فقال: ائتوني بحقة الغالية [3] ، فاتي بها فغلفه بيده، ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع و بدرتان دنانير.

فقال موسي بن جعفر عليه السلام: والله لولا أني أري من ازوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله أبدا، ما قبلتها. ثم تولي عليه السلام و هو يقول: الحمد لله رب العالمين.

فقال الفضل: يا أميرالمؤمنين، أردت أن تعاقبه، فخلعت عليه و أكرمته!

فقال لي: يا فضل، انك لما مضيت لتجيئني به، رأيت أقواما قد أحدقوا بداري، بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون: ان آذي ابن رسول الله خسفنا به، و ان أحسن اليه انصرفنا عنه و تركناه.

فتبعته عليه السلام فقلت له: ما الذي قلت حتي كفيت أمر الرشيد؟ فقال: دعاء جدي علي بن أبي طالب عليه السلام، كان اذا دعا به ما برز الي عسكر الا هزمه، و لا الي فارس الا قهره، و هو دعاء كفاية البلاء.



[ صفحه 407]



قلت: و ما هو؟ قال: قلت:

«اللهم بك اساور، و بك احاول، و بك احاور، و بك أصول، و بك أنتصر، و بك أموت، و بك أحيا، أسلمت نفسي اليك، و فوضت أمري اليك، لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

اللهم انك خلقتني و رزقتني و سترتني عن العباد بلطف ما خولتني أغنيتني، و اذا هويت رددتني، و اذا عثرت قومتني، و اذا مرضت شفيتني، و اذا دعوت أجبتني، يا سيدي، ارض عني فقد أرضيتني» [4] .

3 - و في «عيون أخبار الرضا عليه السلام»: عن ماجيلويه، عن علي، عن أبيه، قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس الرشيد موسي بن جعفر عليه السلام جن عليه الليل، فخاف ناحية هارون أن يقتله، فجدد موسي عليه السلام طهوره و استقبل بوجهه القبلة و صلي لله عزوجل أربع ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات، فقال:

«يا سيدي، نجني من حبس هارون، و خلصني من يده، يا مخلص الشجر من بين رمل و طين، و يا مخلص اللبن من بين فرث و دم، و يا مخلص الولد من بين مشيمة و رحم، و يا مخلص النار من بين الحديد و الحجر، و يا مخلص الروح من بين الأحشاء و الأمعاء، خلصني من يدي هارون».

قال: فلما دعا موسي عليه السلام بهذه الدعوات أتي هارون رجل أسود في منامه، و بيده سيف قد سله، فوقف علي رأس هارون و هو يقول، يا هارون، أطلق عن موسي بن جعفر و الا ضربت علاوتك بسيفي هذا.



[ صفحه 408]



فخاف هارون من هيبته، ثم دعا الحاجب، فجاء الحاجب فقال له: اذهب الي السجن فأطلق عن موسي بن جعفر.

قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟

قال: ان الخليفة يدعو موسي بن جعفر فأخرجه من سجنك، و أطلق عنه.

فصاح السجان: يا موسي، ان الخليفة يدعوك.

فقام موسي عليه السلام: و هو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل الا لشر يريد بي، فقام مغموما آيسا من حياته.

فجاء الي هارون، فقال: سلام علي هارون، فرد عليه السلام.

ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذه الليلة بدعوات؟

فقال: نعم.

قال: و ما هن؟

قال: جددت طهورا و صليت لله عزوجل أربع ركعات، و رفعت طرفي الي السماء و قلت: «يا سيدي خلصني من يد هارون و شره».

و ذكر له ما كان من دعائه.

فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك، يا حاجب أطلق عن هذا.

ثم دعا بخلع فخلع عليه ثلاثا و حمله علي فرسه، و أكرمه، و صيره نديما لنفسه. ثم قال: هات الكلمات. فعلمه، فأطلق عنه، و سلمه الي الحاجب ليسلمه الي الدار و يكون معه.

فصار موسي بن جعفر عليه السلام كريما شريفا عند هارون، و كان يدخل عليه في كل خميس الي أن حبسه الثانية، فلم يطلق عنه حتي سلمه الي السندي بن شاهك،



[ صفحه 409]



و قتله بالسم [5] .

4 - و في «عيون أخبار الرضا عليه السلام»: عن الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن عبيدالله بن صالح، قال: حدثني حاجب الفضل بن الربيع، عن الفضل بن الربيع، قال: كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواريي، فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة، فراعني ذلك، فقالت الجارية: لعل هذا من الريح، فلم يمض الا يسيرا حتي رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح، و اذا مسرور الكبير قد دخل علي فقال لي: أجب الأمير، و لم يسلم علي. فيئست من نفسي و قلت: هذا مسرور دخل الي بلا اذن و لم يسلم، ما هو الا القتل، و كنت جنبا، فلم أجسر أن أسأله انظاري حتي أغتسل.

فقالت لي الجارية لما رأت تحيري و تبلدي: ثق بالله عزوجل و انهض.

فنهضت و لبست ثيابي، و خرجت معه حتي أتيت الدار، فسلمت علي أميرالمؤمنين، و هو في مرقده، فرد علي السلام، فسقطت.

فقال: تداخلك رعب؟! قلت: نعم يا أميرالمؤمنين. فتركني ساعة حتي سكنت.

ثم قال لي: صر الي حبسنا، فأخرج موسي بن جعفر بن محمد، و ادفع اليه ثلاثين ألف درهم، و اخلع عليه خمس خلع، و احمله علي ثلاثة مراكب، و خيره بين المقام معنا، أو الرحيل عنا الي أي بلد أراد و أحب.



[ صفحه 410]



فقلت: يا أميرالمؤمنين، تأمر باطلاق موسي بن جعفر؟! قال: نعم.

فكررت ذلك عليه ثلاث مرات، فقال لي: نعم، ويلك أتريد أن أنكث العهد؟

فقلت: يا أميرالمؤمنين، و ما العهد؟

قال: بينا أنا في مرقدي هذا اذ ساورني أسود ما رأيت من السودان أعظم منه، فقعد علي صدري، و قبض علي حلقي، و قال لي: حبست موسي بن جعفر ظالما له. فقلت: فأنا اطلقه و أهب له، و أخلع عليه. فأخذ علي عهد الله عزوجل و ميثاقه، و قام من صدري و قد كادت نفسي تخرج.

فخرجت من عنده و وافيت موسي بن جعفر عليه السلام و هو في حبسه، فرأيته قائما يصلي، فجلست حتي سلم، ثم أبلغته سلام أميرالمؤمنين، و أعلمته بالذي أمرني به في أمره، و اني قد أحضرت ما وصله به.

فقال: ان كنت امرت بشي ء غير هذا فافعله.

فقلت: لا و حق جدك رسول الله صلي الله عليه و آله ما امرت الا بهذا.

فقال: لا حاجة لي في الخلع و الحملان و المال اذ كانت فيه حقوق الامة.

فقلت: ناشدتك بالله أن لا ترده فيغتاظ.

فقال: اعمل به ما أحببت، و أخذت بيده عليه السلام و أخرجته من السجن، ثم قلت له: يابن رسول الله، أخبرني بالسبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل؟ فقد وجب حقي عليك لبشارتي اياك، و لما أجراه الله عزوجل علي يدي من هذا الأمر.

فقال عليه السلام: رأيت النبي صلي الله عليه و آله ليلة الأربعاء في النوم فقال لي: يا موسي، أنت محبوس مظلوم.



[ صفحه 411]



فقلت: نعم يا رسول الله، محبوس مظلوم، فكرر علي ذلك ثلاثا.

ثم قال: «و ان أدري لعله فتنة لكم و متاع الي حين».

أصبح غدا صائما، و أتبعه بصيام الخميس و الجمعة، فاذا كان وقت الافطار فصل اثنتي عشرة ركعة، تقرأ في كل ركعة «الحمد» و اثنتي عشرة مرة «قل هو الله أحد» فاذا صليت منها أربع ركعات فاسجد ثم قل:

«يا سابق الفوت، و يا سامع كل صوت، يا محيي العظام و هي رميم بعد الموت، أسألك باسمك العظيم الأعظم أن تصلي علي محمد عبدك و رسولك و علي أهل بيته الطيبين الطاهرين و أن تعجل لي الفرج مما أنا فيه»، ففعلت فكان الذي رأيت.

«الاختصاص»: حمدان بن الحسين النهاوندي، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي، عن أحمد بن اسماعيل، عن عبيدالله بن صالح (مثله) و فيه:

فبرزت اليه مرعوبا فقال لي: يا فضل، اطلق موسي بن جعفر الساعة، وهب له ثمانين ألف درهم، و اخلع عليه خمس خلع، و احمله علي خمسة من الظهر [6] .


پاورقي

[1] وفيات الأعيان 5: 309. مروج الذهب 3: 356. و نحوه في مهج الدعوات: 245. البحار 48: 52 / 245.

[2] أي: ادخل.

[3] الغالية: أخلاط من الطيب.

[4] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 5 / 76. البحار 48: 16 / 215، و 85: 16 / 166.

[5] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 13 / 93. أمالي الصدوق: 3 / 308. أمالي الطوسي: 36. البحار 48: 3 / 219.

[6] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 4 / 73. البحار 48: 14 / 213. الاختصاص: 52.