بازگشت

كظم الغيظ و عدم الخضوع


و لم يخطر ببال الكاظم عليه السلام رغم قسوة السجن و شدته و عمق المرارة لفراق أهله و أصحابه، أن يمد يد الاقرار و الاذعان الي السلطان الجائر أو يظهر بمظهر الخاضع أمامه، علي أن الرشيد كان قد طلب ذلك منه فأباه عليه السلام. فعن محمد ابن غياث المهلبي، قال: لما حبس هارون الرشيد أباابراهيم موسي بن جعفر عليه السلام و أظهر الدلائل و المعجزات و هو في الحبس، تحير الرشيد، فدعا يحيي بن خالد



[ صفحه 412]



البرمكي، فقال له: يا أباعلي، أما تري ما نحن فيه من هذه العجائب، ألا تدبر في أمر هذا الرجل تدبيرا يريحنا من غمه؟

فقال له يحيي بن خالد: الذي أراه لك يا أميرالمؤمنين، أن تمن عليه و تصل رحمه، فقد والله أفسد علينا قلوب شيعتنا، فقال له هارون: انطلق اليه و أطلق عنه الحديد، و أبلغه عني السلام، و قل له: يقول لك ابن عمك: انه قد سبق مني فيك يمين، اني لا اخليك حتي تقر لي بالاساءة، و تسألني العفو عما سلف منك، و ليس عليك في اقرارك عار، و لا في مسألتك اياي منقصة، و هذا يحيي بن خالد هو ثقتي و وزيري و صاحب أمري، فسله بقدر ما أخرج من يميني و انصرف راشدا.

قال محمد بن غياث: فأخبرني موسي بن يحيي بن خالد: أن أباابراهيم عليه السلام قال ليحيي: يا أباعلي، أنا ميت، و انما بقي من أجلي اسبوع، اكتم موتي و ائتني يوم الجمعة عند الزوال، و صل علي أنت و أوليائي فرادي، و انظر اذا سار هذا الطاغية الي الرقة و عاد الي العراق لا يراك و لا تراه لنفسك، فاني رأيت في نجمك و نجم ولدك و نجمه أنه يأتي عليكم فاحذروه. ثم قال: يا أباعلي، أبلغه عني، يقول لك موسي ابن جعفر: رسولي يأتيك يوم الجمعة فيخبرك بما تري، و ستعلم غدا اذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم و المعتدي علي صاحبه، والسلام.

فخرج يحيي من عنده، و احمرت عيناه من البكاء، حتي دخل علي هارون، فأخبره بقصته و ما رد عليه، فقال هارون: ان لم يدع النبوة بعد أيام، فما أحسن حالنا!

فلما كان يوم الجمعة توفي أبوابراهيم موسي بن جعفر عليه السلام، و قد خرج هارون الي المدائن قبل ذلك، فاخرج الي الناس حتي نظروا اليه ثم دفن عليه السلام [1] .



[ صفحه 413]




پاورقي

[1] غيبة الطوسي: 19. البحار 48: 37 / 230.