بازگشت

خبر المسيب بن زهير


روي الصدوق بالاسناد عن عمر بن واقد، قال: ثم ان سيدنا موسي ابن جعفر عليه السلام دعا بالمسيب، و ذلك قبل وفاته بثلاثة أيام، و كان موكلا به، فقال: يا مسيب. فقال: لبيك يا سيدي. قال: اني ظاعن في هذه الليلة الي المدينة مدينة جدي رسول الله صلي الله عليه و آله لأعهد الي ابني علي بن موسي الرضا بما عهد الي أبي جعفر، و أجعله وصيي و خليفتي و آمره بأمري.

فقال المسيب: كيف تأمرني يا مولاي أن أفتح لك الأبواب و أقفالها مغلقة، و الحرس علي الأبواب؟

فقال عليه السلام: يا مسيب، أضعف يقينك في الله تعالي و فينا؟ قلت: لا يا سيدي. قال: قم. قلت: يا سيدي، ادع الله أن يثبتني. فقال عليه السلام: اللهم ثبته.



[ صفحه 420]



ثم قال: أعوذ بالله عزوجل، و باسمه العظيم الأعظم، الذي دعا به آصف ابن برخيا عليه السلام حتي جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه اليه، اجمع بيني و بين ابني في المدينة.

قال المسيب رحمه الله: سمعته يدعو ففقدته من مصلاه، فلم أزل قائما علي قدمي حتي رأيته قد عاد الي مكانه و أعاد الحديد الي رجله، فخررت ساجدا لله شكرا علي ما أنعم الله به علي من معرفته.

فقال لي: ارفع رأسك يا مسيب، و اعلم أني راحل الي الله تعالي في ثالث هذا اليوم. قال: فبكيت، فقال عليه السلام: تبكي، فان عليا ابني امامك من بعدي، فاستمسك بولايته، فانك لن تضل ما لزمته، فقلت: الحمد لله.

ثم ان سيدي دعاني ليلة اليوم الثالث فقال لي: اني علي ما عرفتك من الرحيل الي الله تعالي، فاذا دعوت بشربة من الماء فشربتها، و رأيتني قد انتفخت و ارتفع بطني، و اخضر لوني، و احمر و تلون ألوانا، فخبر الطاغية بوفاتي، و اذا رأيت هذا الحدث فاياك أن تظهر عليه أحدا الا بعد وفاتي.

قال المسيب بن زهير: فلم أزل أرقب وعده عليه السلام حتي دعا بالشربة فشربها، ثم دعاني، فقال: يا مسيب، ان هذا الرجل اللعين السندي بن شاهك لعنه الله سيزعم أنه تولي غسلي و دفني، هيهات هيهات، لا يكون ذلك أبدا، فاذا حملت الي المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدني فيها، و لا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مفرجات، و لا تأخذوا من تربتي شيئا فتتبركوا به، فان كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين عليه السلام، فان الله عزوجل جعلها شفاء لشيعتنا و أوليائنا.

ثم رأيت شخصا أشبه الخلق به عليه السلام جالسا الي جانبه، و كان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام و هو غلام، فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسي عليه السلام: أليس نهيتك



[ صفحه 421]



يا مسيب؟ فلم أزل صابرا حتي مضي و غابت الشمس.

ثم اني أتيت بالخبر الي الرشيد، فوافاني السندي بن شاهك، فوالله لقد رأيتهم و هم يظنون بأنهم يغسلونه و لا تصل أيديهم اليه، و يظنون أنهم يحنطونه و يكفنونه و أراهم لا يصنعون به شيئا، و رأيت ذلك الشخص يتولي غسله و تحنيطه و تكفينه، و هو يظهر المعونة لهم و هم لا يعرفونه، فلما فرغ من تجهيزه قال ذلك الشخص: يا مسيب، مهما شككت فيه فلا تشك في، فاني امامك و مولاك و حجة الله تعالي عليك بعد أبي.

يا مسيب، مثلي مثل يوسف الصديق عليه السلام، و مثلهم مثل اخوته حين دخلوا فعرفهم و هم له منكرون.

ثم حمل حتي دفن في مقابر قريش، و لم يرفع قبره أكثر مما أمر به عليه السلام، ثم رفعوا قبره بعد ذلك و بنوا عليه [1] .

و الذي يوضح ما ورد في خبر المسيب حديث علي بن أبي حمزة حين سأل الرضا عليه السلام، قال: انا روينا عن آبائك، أن الامام لا يلي أمره الا امام مثله؟

فقال له أبوالحسن الرضا عليه السلام: فأخبرني عن الحسين بن علي، كان اماما أو كان غير امام؟ قال: كان اماما.

قال: فمن ولي أمره؟ قال: علي بن الحسين.

قال: و أين كان علي بن الحسين؟ كان محبوسا في يد عبيدالله بن زياد. قال: خرج و هم لا يعلمون حتي ولي أمر أبيه ثم انصرف.



[ صفحه 422]



فقال له أبوالحسن عليه السلام: ان هذا الذي أمكن علي بن الحسين عليه السلام أن يأتي كربلاء فيلي أمر أبيه، فهو يمكن صاحب هذا الأمر أن يأتي بغداد فيلي أمر أبيه، ثم ينصرف و ليس في حبس و لا في أسار... [2] .

و يدل عليه أيضا ما رواه الكليني رحمه الله بالاسناد عن مسافر مولي أبي الحسن عليه السلام، قال: أمر أبوابراهيم عليه السلام حين اخرج به أباالحسن الرضا عليه السلام أن ينام علي بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا الي أن يأتيه خبره.

قال: فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن الرضا عليه السلام في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام، فاذا أصبح انصرف الي منزله، قال: فمكث علي هذه الحال أربع سنين.

فلما كان في ليلة من الليالي أبطأ عنا و فرش له، فلم يأت كما كان يأتي، فاستوحش العيال و ذعروا، و دخلنا أمر عظيم من ابطائه، فلما كان من الغد أتي الدار و دخل الي العيال و قصد الي ام أحمد، فقال لها: هاتي الذي أودعك أبي، فصرخت و لطمت وجهها و شقت جيبها، و قالت: مات والله سيدي، فكفها و قال لها: لا تكلمي بشي ء و لا تظهريه حتي يجي ء الخبر الي الوالي.

فأخرجت اليه سفطا و ألفي دينار، أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع اليه دون غيره، و قالت: انه قال لي فيما بيني و بينه، و كانت أثيرة [3] عنده: «احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتي أموت، فاذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها اليه، و اعلمي أني قد مت» و قد جاءتني والله علامة سيدي.



[ صفحه 423]



فقبض عليه السلام ذلك منها، و أمرهم بالامساك جميعا الي أن ورد الخبر، و انصرف فلم يعد لشي ء من المبيت كما كان يفعل، فما لبثنا الا أياما يسيرة حتي جاءت الخريطة [4] بنعيه، فعددنا الأيام و تفقدنا الوقت، فاذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبوالحسن الرضا عليه السلام ما فعل من تخلفه عن المبيت و قبضه لما قبض [5] .

و في حديث صفوان، قال: قلت للرضا عليه السلام: أخبرني عن الامام متي يعلم أنه امام، حين يبلغه أن صاحبه قد مضي، أو حين يمضي مثل أبي الحسن موسي عليه السلام قبض ببغداد و أنت هاهنا؟

قال عليه السلام: يعلم ذلك حين يمضي صاحبه. قلت: بأي شي ء؟ قال: يلهمه الله [6] .


پاورقي

[1] عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 6 / 100. بحارالأنوار 48: 26 / 222. دلائل الامامة: 154 - 152.

[2] رجال الكشي: 883 / 464. البحار 48: 29 / 270.

[3] أي مفضلة و راجحة علي غيرها.

[4] كيس تصان فيه الكتب.

[5] الكافي 1: 6 / 381. البحار 48: 53 / 246.

[6] الكافي 1: 4 / 381. البحار 48: 55 / 247. بصائر الدرجات: 1 / 466.