الاربلي
14 - علي بن عيسي الاربلي - المتوفي سنة 692 ه -:
قال: مناقب الكاظم عليه السلام و فضائله و معجزاته الظاهرة و دلائله و صفاته الباهرة و مخائله، تشهد أنه افترع قبة الشرف و علاها، و سما الي أوج المزايا فبلغ أعلاها، و ذللت له كواهل السيادة فركبها و امتطاها، و حكم في غنائم المجد فاختار صفاياها و اصطفاها.
تركت و الحسن تأخذه
تصطفي منه و تنتجب
فانتقت منه أحاسنه
و استزادت فضل ما تهب
طالت اصوله فسمت الي أعلي رتب الجلال، و طابت فروعه فعلت الي حيث لا ينال، يأتيه المجد من كل أطرافه، و يكاد الشرف يقطر من أعطافه.
أتاه المجد من هنا و هنا
و كان له بمجتمع السيول
[ صفحه 443]
السحاب الماطر قطرة من كرمه، و العباب الزاخر نغبة [1] من نغبه، و اللباب الفاخر عد من عبيده و خدمه، كأن الشعري [2] علقت في يمينه، و لا كرامة للشعري العبور، و كأن الرياض أشبهت خلائقه، و لا نعمي لعين الروض الممطور، و هو عليه السلام غرة في وجه الزمان، و ما الغرور و الحجول [3] ! و هو أضواء من الشمس و القمر.
و هذا جهد ما يقال، بل هو والله أعلي مكانة من هذه الأوصاف، و أسمي و أشرف عرقا من هذه النعوت و أنمي، فكيف تبلغ المدائح كنه مقداره، أو ترتقي همة البليغ الي نعت فخاره، أو تجري جياد الأقلام في جلباب صفاته، أو يسري خيال الأوهام في ذكر حالاته!
كاظم الغيظ، و صائم الغيظ، عنصره كريم، و مجده حادث و قديم، و خلق سؤدده وسيم، و هو بكل ما يوصف به زعيم، الآباء عظام، و الأبناء كرام، و الدين متين، و الحق ظاهر مبين، و الكاظم في أمر الله قوي أمين، و جوهر فضله عال ثمين، و واصفه لا يكذب و لا يمين، قد تلقي راية الامامة باليمين، فسما عليه السلام الي الخيرات منقطع القرين، و أنا أحلف علي ذلك فيه و في آبائه و أبنائه عليهم السلام باليمين.
كم له من فضيلة جليلة، و منقبة لعلو شأنه كفيلة، و هي و ان بلغت الغاية بالنسبة اليه قليلة، و مهما عد من المزايا و المفاخر فهي فيهم صادقة و في غيرهم مستحيلة.
اليهم ينسب العظماء، و منهم يأخذ العلماء، و منهم يتعلم الكرماء، و هم الهداة
[ صفحه 444]
الي الله فبهداهم اقتده، و هم الأدلاء علي الله فلا تحل عنهم و لا تنشده... [4] .
پاورقي
[1] النغبة: الجرعة.
[2] الشعري: الكوكب الذي يطلع في الجوزاء، و طلوعه في شدة الحر.
[3] الحجول: يوم مضي ء مشرق بالسرور.
[4] كشف الغمة 3: 46 - 47.