بازگشت

الشيخ محمد علي اليعقوبي


[20] و قال الشيخ محمد علي اليعقوبي [1] يمدح الامام الكاظم عليه السلام [2] .



نعم هكذا تبدو الكرامات منهم

كشهب الدراري ليس تخفي و تكتم



بنو الوحي سر الكائنات بأسرها

بهم بدأت قدما و فيهم ستختم



فلم يرو الا عنهم خبر الندي

و لم يسند المعروف الا اليهم



أقول لمرتاد النجاح تقله

من العيس كوماء تخب و ترسم [3] .



اذا جئت من بغداد جانب كرخها

و نار الجوي ما بين جنبيك تضرم



و لاحت لعينيك القباب زواهرا

تشق الدجي أنوارها و هو مظلم



فيمم بها مثوي لموسي بن جعفر

فما الخير الا حيث أنت ميمم



و عرج علي ذاك الضريح الذي غدت

بساحته غر الملائك تخدم



فان يك حول البيت في العام موسم

ففي كل آن فيه للناس موسم



يحوم عليه المعتقون كأنهم

علي الورد أسراب من الطير حوم





[ صفحه 495]





هناك تري قلب العدو من الأذي

يذوب و آناف الحواسد ترغم



مزايا توالت كل يوم و ليلة

بها قد أقر الجاحدون و سلموا



تناقلها الراوون غربا و مشرقا

فذا منجد فيها و ذلك متهم



أينكرها قوم عنادا و انها

شموس بآفاق المعالي و أنجم!



فقل للنصاري: أين ضلت عقولكم

خذو ما رأيتم و اتركوا ما سمعتم



لئن عظمت آيات عيسي بعصرها

فآيات موسي في الحقيقة أعظم



فهاتيك تحصي ان تعد و هذه

علي مدد الأيام لم يحصها فم



فكم أكمه [4] في فضله عاد مبصرا

و أخرس أضحي ناطقا يتكلم



و من داخل جارت صروف زمانه

عليه فوافي شاكيا يتظلم



و من خارج تضفو عليه سوابغا

صنايع من جد الجواد و أنعم



فبلغهم باب المراد مرادهم

و كف الأذي باب الحوائج عنهم



أليس عجيبا أن يصدق ملحد

و يجنح للتكذيب فيهن مسلم!



فقل للأعادي كم تسيئون أحمدا

ألم يكفكم من آله ما عرفتم!



الي م و كم تطوون كل كرامة

فينشر منها الله ما قد طويتم؟



أجل قد علمتم موقنين بصدقها

و لكن تجاهلتم بما قد علمتم



هم الحبل حبل الله فاعتصموا به

و عروته الوثقي التي ليس تفصم



فيا جاحدي آياتهم ان فضلهم

بدا واضحا صلوا عليهم و سلموا [5] .





[ صفحه 496]



و قال أيضا [6] .



حملت وسوق [7] الهم يوم تحملوا

و ظل خلي القلب يلحو [8] و يعذل



نأوا ففؤادي ليس يألف بعدهم

سلوا و طرفي بالكري ليس يكحل



و ما جزعي يوم الفراق بنافع

و صبر الفتي في البين أحجي و أجمل



أحباي جرتم بالصبابة فاعدلوا

بذي شغف عن حبكم ليس يعدل



فان تكن الأهواء منكم تبدلت

فحبي علي العلات لا يتبدل



حملت العنا فيكم وفاء لعهدكم

و من شيم الحر الوفا و التحمل



و لولا الوفا ما اختار أن يرد ابنه

حياض الردي دون الذمار السموأل [9] .



[ صفحه 497]





عذيري من الخلان لم ألق واحدا

عليه اذا جار الزمان يعول



سوي من يريني في الرخاء مودة

و يسلمني عند البلاء و يخذل



و مذ أكدت [10] الآمال مني و لم أجد

علي الأرض من يرجي لنيل و يسأل



قصدت بحاجاتي لموسي بن جعفر

فيممت بابا عنده الصعب يسهل



حمي عكفت فيه ملائكة السما

فتعرج أفواج و اخري تنزل



فأبت و قد بلغت أسني رغائبي

و خولت من جدواه ما لا يخول



و كم رحت أستجدي سواه فخيبت

ظنوني و هل أجدي عن البحر جدول!



مزاياه لم تحصر بعد كأنها

عطاياه ان وافي اليه المؤمل



بدت مثلما تبدو الكواكب في السما

سوي أنها أبهي سناء و أكمل





[ صفحه 498]





فلولاه ما كان ابن يقطين تاركا

طريقته الاولي التي ليس تجهل



علي حين قد كان الرشيد بمرصد

يراقبه في سره كيف يفعل



فعاين منه غير ما كان سامعا

و كذب ما عنه الوشاة تقولوا



و سار لنيشابور من أرض طيبة

لينجز فيها موعدا ليس يمطل



أتي فتولي من شطيطة أمرها

غداة بها أودي الحمام [11] المعجل



نحا [12] قبره العافون من كل وجهة

الي الله في أعتابه تتوسل



و بالأمس بالزوراء بانت كرامة

بها فاجأتنا صحفها تتمثل



فكم من وجوه قطبت عند ذكرها

و اخري سرورا أصبحت تتهلل



أتي قبره الأعمي الذي في علاجه

اساة [13] الوري أضحت تحار و تذهل





[ صفحه 499]





توسل في ذاك الضريح و يا له

ضريحا به أهل السما تتوسل



فما حاجة الا بمغناه تنقضي

و لا غلة الا بجدواه تنهل



فعاد بصير المقلتين لأهله

يردد آيات الثنا و يرتل



بنفسي الذي لاقي من القوم صابرا

أذي لو يلاقي يذبلا [14] ساخ يذبل



بعيدا عن الأوطان و الأهل لم يزل

ببغداد من سجن لآخر ينقل



يعاني وحيدا لوعة السجن مرهقا

و يرسف [15] بالأصفاد و هو مكبل



و دس له السم ابن شاهك غيلة

فأدرك منه الرجس ما كان يأمل



و مات سميما حيث لا متعطف

لديه و لا حان عليه يعلل



قضي فغدا ملقي علي الجسر نعشه

له الناس لا تدنو و لا تتوصل





[ صفحه 500]





و نادوا علي جسر الرصافة حوله

نداء تكاد الأرض منه تزلزل



فقل لبني العباس فيم اعتذارها

عن الآل لو أن المعاذير تقبل



بحيث رسول الله و الطهر فاطم

خصيمان و الرحمن يقضي و يفصل



يمينا لقد زادت بما هي قد جنت

علي ما جنته عبد شمس و نوفل



رمت قبلها حرب فأصمت سهامها

و سهم بني الأعمام أدمي و أقتل



فيا بن الالي عن حبهم و ولائهم

جميع الوري يوم القيامة تسأل



خذوا يوم حشري ان وهنت بساعدي

فاني بأعباء الجرائم مثقل [16] .



و قال أيضا يرثيه عليه السلام:



للكرخ سارت بنا عيس الرجا تخد [17] .

و في الضلوع لظي الأشواق تتقد



تؤم في وخدها باب الحوائج واليم

الذي منه هلاك الوري وردوا





[ صفحه 501]





يابن الاولي بلغوا من كل مكرمة

شأوا بعيد المراقي لم تنله يد



و من اذا الدهر قد هبت زعازعه

عليهم الناس بعد الله تعتمد



لم أعتقد أبدا الا مودتهم

و المرء يسأل عما كان يعتقد



تصرم العمر مني و انقضي أملي

و ما وفت لي أيامي بما تعد



و لو تعي الهضب ما في القلب من ألم

دكت و لم تتحمل بعض ما أجد



فلذت فيك و آمالي بك انعقدت

و هل سواك به الآمال تنعقد



ما أنصفتك بنو الأعمام اذ قطعت

أواصرا برسول الله تتحد



أبكيك رهن السجون المظلمات و قد

ضاق الفضا و توالي حولك الرصد



لبثت فيهن أعواما ثمانية

ما بارحتك القيود الدهم و الصفد



تمسي و تغدو بنو العباس في مرح

و أنت في محبس السندي مضطهد!



دسوا اليك نقيع السم في رطب

فاخضر لونك مذ ذابت به الكبد



حتي قضيت غريب الدار منفردا

لله ناء غريب الدار منفرد



أبكي لنعشك و الأبصار ترمقه

ملقي علي الجسر لا يدنو له أحد



أبكيك ما بين حمالين أربعة

تشال جهرا و كل الناس قد شهدوا



نادوا عليه نداء تقشعر له السبع

الطباق فهلا زلزل البلد



لم تجتمع هاشم البطحا لديه و لا الأ

شراف من مضر الحمراء تحتشد



كأنها ما درت أن العميد مضي

و من رواق علاها قد هوي العمد [18] .





[ صفحه 502]




پاورقي

[1] هو الشيخ محمد علي بن يعقوب بن جعفر النجفي، الملقب باليعقوبي نسبة الي أبيه، خطيب شهير، و أديب معروف، ولد سنة 1313 ه في النجف الأشرف، و انتخب عميدا للرابطة الأدبية، و بقي حتي وفاته في سنة 1385 ه، و ترك آثارا منها: المقصورة العلوية، عنوان المصائب، البابليات، الذخائر، ديوان شعر، وقائع الأيام، و غيرها. مستدرك الأعيان 1: 190، شعراء الغري 9: 505.

[2] نظمت في مدحه عليه السلام و القيت في «الصحن الكاظمي» ليلة الاثنين 15 ذي الحجة سنة 1349 باحتفال مهيب بمناسبة ظهور بعض الكرامات من مشهده الطاهر، و نشرت في مجلة «الهدي»، العدد 3 من المجلد الثالث من السنة المذكورة.

[3] الكوماء: الناقة الضخمة السنام، و رسمت الناقة: سارت فوق الذميل، و هو نوع من سير الابل.

[4] الكمه: العمي.

[5] الذخائر: 50.

[6] نظمها في مدح و رثاء الامام موسي بن جعفر عليه السلام علي أثر ظهور بعض الكرامات لدي مرقده الشريف و نشرت في (المرشد) البغدادية سنة 1347 ه.

[7] الوسوق: جمع وسق، و هو حمل البعير، و قيل: يساوي 60 صاعا.

[8] يلحو: يقبح و يلعن.

[9] هو السموأل بن غريض بن عاديا، الأزدي، شاعر جاهلي حكيم، و قصة وفائه مع امري ء القيس الشاعر مشهورة. أعلام الزركلي 3: 140.

[10] أي خابت و لم يظفر صاحبها بشي ء.

[11] أي الموت.

[12] نحا: قصد.

[13] الاساة: جمع اسوة، القدوة.

[14] يذبل: اسم جبل.

[15] رسف بالقيد: مشي فيه رويدا.

[16] الذخائر: 52.

[17] وخد البعير يخد: أسرع.

[18] الذخائر: 55.