بازگشت

الشيعة بعد وفاة الامام الصادق


قال الشيخ المفيد رحمه الله: ثم لم تزل الامامية علي القول بنظام الامامة حتي افترقت كلمتها بعد وفاة أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهماالسلام، فقالت فرقة منها: ان أباعبدالله عليه السلام حي لم يمت، و لا يموت حتي يظهر فيملأ الأرض قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، لأنه القائم المهدي، و تعلقوا بحديث رواه رجل يقال له عنبسة بن مصعب عن أبي عبدالله عليه السلام، أنه قال: ان جاءكم من يخبركم عني بأنه غسلني و دفنني فلا تصدقوه، و هذه الفرقة تسمي: الناووسية، و انما سميت بذلك لأن رئيسهم في هذه المقالة رجل من أهل البصرة يقال له: عبدالله بن ناووس.



[ صفحه 45]



و قالت فرقة اخري: ان أباعبدالله عليه السلام توفي و نص علي ابنه اسماعيل ابن جعفر، و انه الامام بعده، و انه القائم المنتظر. و أنكروا وفاة اسماعيل في حياة أبي عبدالله عليه السلام، و قالوا: لم يمت، و انما لبس علي الناس في أمره لأمر رآه أبوه.

و قال فريق منهم: ان اسماعيل قد كان توفي علي الحقيقة في زمن أبيه عليه السلام غير أنه قبل وفاته نص علي ابنه محمد، فكان الامام بعده، و هؤلاء هم القرامطة، و هم المباركية، و نسبهم الي القرامطة برجل من أهل السواد يقال له قرمطويه، و نسبهم الي المباركية برجل يسمي المبارك مولي اسماعيل بن جعفر، و القرامطة أخلاف المباركية، و المباركية سلفهم [1] .

و قال فريق من هؤلاء: ان الذي نص علي محمد بن اسماعيل هو الصادق عليه السلام دون اسماعيل، و كان ذلك الواجب عليه، لأنه أحق بالأمر بعد أبيه من غيره، و لأن الامامة لا تكون في أخوين بعد الحسن و الحسين عليهماالسلام، و هؤلاء الفرق الثلاثة هم الاسماعيلية، و انما سموا بذلك لادعائهم امامة اسماعيل.

و أما علتهم في النص علي اسماعيل فهي أن قالوا: كان اسماعيل أكبر ولد جعفر، و ليس يجوز أن ينص علي غير الأكبر، قالوا: و قد أجمع من خالفنا علي أن أباعبدالله عليه السلام نص علي اسماعيل، غير أنهم ادعوا أنه بدا لله فيه، و هذا قول لا نقبله.

و قالت فرقة اخري: ان أباعبدالله توفي و كان الامام بعده محمد بن جعفر، و اعتلوا في ذلك بحديث تعلقوا به، و هو أن أباعبدالله عليه السلام - علي ما زعموا - كان



[ صفحه 46]



في داره جالسا، فدخل عليه محمد و هو صبي صغير، فعدا اليه فكبا في قميصه، و وقع لحر وجهه فقام اليه أبوعبدالله عليه السلام فقبله و مسح التراب عن وجهه، و ضمه الي صدره، و قال: سمعت أبي يقول: اذا ولد لك ولد يشبهني فسمه باسمي، و هذا الولد شبيهي و شبيه رسول الله صلي الله عليه و آله و علي سنته و شبيه علي عليه السلام، و هذه الفرقة تسمي السمطية [2] بنسبتها الي رجل يقال له: يحيي بن أبي السمط [3] ، و هو رئيسهم.

و قالت فرقة اخري: ان الامام بعد أبي عبدالله عليه السلام ابنه عبدالله بن جعفر، و اعتلوا في ذلك بأنه كان أكبر ولد أبي عبدالله عليه السلام، قالت: و ان أباعبدالله عليه السلام قال: الامامة لا تكون الا في الأكبر من ولد الامام. و هذه الفرقة تسمي الفطحية، و انما سميت بذلك لأن رئيسا لها يقال له: عبدالله بن أفطح، و يقال: انه أفطح الرجلين، و يقال: بل كان أفطح الرأس، و يقال: ان عبدالله كان هو الأفطح.


پاورقي

[1] سبق أن ذكرنا ذلك مفصلا في المجلد العاشر من هذه الموسوعة في فصل نشوء المذاهب و الفرق الاسلامية.

[2] و في نسخة: الشمطية.

[3] و في نسخة: ابن أبي الشمط.