بازگشت

ابطال قول الاسماعيلية


و أضاف الشيخ المفيد رحمه الله: و أما ما اعتلت به الاسماعيلية من أن اسماعيل رحمه الله كان الأكبر، و أن النص يجب أن يكون علي الأكبر، فلعمري ان ذلك يجب اذا كان الأكبر باقيا بعد الوالد، و أما اذا كان المعلوم من حاله أنه يموت في حياته و لا يبقي بعده فليس يجب ما ادعوه، بل لا معني للنص عليه، و لو وقع لكان كذبا، لأن معني النص أن المنصوص عليه خليفة الماضي فيما كان يقوم به، و اذا لم يبق بعده لم يكن خليفة، فيكون النص حينئذ عليه كذبا لا محالة، و اذا علم الله أنه يموت قبل الأول فأمره باستخلافه لكان الأمر بذلك عبثا مع كون النص كذبا؛ لأنه لا فائدة فيه، و لا غرض صحيح، فيبطل ما اعتمدوه في هذا الباب.

و أما ما ادعوه من تسليم الجماعة لهم حصول النص عليه، فانهم ادعوا في ذلك باطلا، و توهموا فاسدا، من قبل أنه ليس أحد من أصحابنا يعترف بأن أباعبدالله عليه السلام نص علي ابنه اسماعيل، و لا روي راو ذلك في شاذ من الأخبار و لا في معروف منها، و انما كان الناس في حياة اسماعيل يظنون أن أباعبدالله عليه السلام ينص عليه لأنه أكبر أولاده، و بما كانوا يرونه من تعظيمه، فلما مات اسماعيل رحمه الله زالت ظنونهم، و علموا أن الامامة في غيره، فتعلق هؤلاء المبطلون بذلك الظن، و جعلوه أصلا، و ادعوا أنه قد وقع النص، و ليس معهم في ذلك أثر و لا خبر يعرفه أحد من نقلة الشيعة، و اذا كان معتمدهم علي الدعوي المجردة من برهان فقد سقط بما ذكرناه.



[ صفحه 49]



فأما الرواية عن أبي عبدالله عليه السلام من قوله: ما بدا الله في شي ء كما بدا له في اسماعيل، فانها علي غير ما توهموه أيضا من البداء في الامامة، و انما معناها ما روي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: ان الله تعالي كتب القتل علي ابني اسماعيل مرتين، فسألته فيه فعفا عن ذلك، فما بدا له في شي ء كما بدا له في اسماعيل، يعني به ما ذكره من القتل الذي كان مكتوبا فصرفه عنه بمسألة أبي عبدالله عليه السلام.

و أما [أمر]الامامة فانه لا يوصف الله فيه بالبداء، و علي ذلك اجماع فقهاء الامامية و معهم فيه أثر عنهم عليهم السلام أنهم قالوا: مهما بدا لله في شي ء فلا يبدو له في نقل نبي عن نبوته، و لا امام عن امامته، و لا مؤمن قد أخذ عهده بالايمان عن ايمانه.

و اذا كان الأمر علي ما ذكرناه، فقد بطل أيضا هذا الفصل الذي اعتمدوه و جعلوه دلالة علي نص أبي عبدالله عليه السلام علي اسماعيل.

فأما من ذهب الي امامة محمد بن اسماعيل بنص أبيه عليه، فانه منتقض القول فاسد الرأي، من قبل أنه اذا لم يثبت لاسماعيل امامة في حياة أبي عبدالله عليه السلام لاستحالة وجود امامين بعد النبي صلي الله عليه و آله في زمان واحد، لم يجز أن تثبت امامة محمد لأنها تكون حينئذ ثابتة بنص غير امام، و ذلك فاسد بالنظر الصحيح.

و أما من زعم أن أباعبدالله عليه السلام نص علي محمد بن اسماعيل بعد وفاة أبيه، فانهم لم يتعلقوا في ذلك بأثر، و انما قالوه قياسا علي أصل فاسد، و هو ما ذهبوا اليه من حصول النص علي ابنه اسماعيل، و زعموا أن العدل يوجب بعد موت اسماعيل النص علي ابنه لأنه أحق الناس به، و اذا كنا قد بينا عن بطلان قولهم فيما ادعوه من النص علي اسماعيل، فقد فسد أصلهم الذي بنوا عليه الكلام.

علي أنه لو ثبت ما ادعوه من نص أبي عبدالله عليه السلام علي ابنه اسماعيل لما صح قولهم في وجوب النص علي ابنه من بعده، لأن الامامة و النصوص ليستا موروثتين



[ صفحه 50]



علي حد ميراث الأموال، و لو كانت كذلك لاشترك فيها ولد الامام، و اذا لم تكن موروثة، و كانت انما تجب لمن له صفات مخصوصة، و من أوجبت المصلحة امامته، فقد بطل أيضا هذا المذهب.