بازگشت

الزهد


كان الامام الكاظم عليه السلام في طليعة الزاهدين في الدنيا و المعرضين عن نعيمها



[ صفحه 72]



و زخارفها، فقد اتجه الي الله و رغب فيما أعده له في دار الخلود من النعيم و الكرامة، و كان عليه السلام دوما يتلو علي أصحابه سيرة أبي ذر الصحابي العظيم الذي ضرب المثل الأعلي لنكران الذات و التجرد عن الدنيا و الزهد في ملاذها، فقال عليه السلام: رحم الله أباذر، فلقد كان يقول: جزي الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغدي بأحدهما و أتعشي بالآخر، و بعد شملتي الصوف اتئزر باحداهما و أتردي بالاخري [1] .

و فيما يلي نورد بعض ما جاء من سيرته الدالة علي زهده و اعراضه عن الدنيا:

1 - عن ابراهيم بن عبدالحميد، قال: دخلت علي أبي الحسن الأول عليه السلام في بيته الذي يصلي فيه، فاذا ليس في البيت الا خصفة و سيف معلق. [2] و هذا يدل علي منتهي الزهد و غاية البساطة في حياة الامام عليه السلام، فقد كان بيته بسيطا و لا يحتوي علي شي ء من الأمتعة البسيطة التي تضمها بيوت الفقراء، و قد كانت تجبي له الأموال الطائلة و الحقوق الشرعية من مختلف ديار الاسلام، و كان يملك اليسيرية و ساية و غيرهما من الضياع و الأراضي الزراعية في ساية و نقمي و سواهما التي تدر عليه الأموال الطائلة، فاختار عليه السلام أن ينفقها بسخاء علي البائسين و المحرومين في سبيل الله و ابتغاء مرضاته معرضا عن الدنيا متجردا عن زخارفها.

2 - ذكر ابن عمار و غيره من الرواة: أنه لما خرج الرشيد الي الحج و قرب



[ صفحه 73]



من المدينة استقبلته الوجوه من أهلها يقدمهم موسي بن جعفر عليه السلام علي بغلة، فقال له الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أميرالمؤمنين عليه السلام؟! و أنت ان طلبت عليها لم تدرك، و ان طلبت لم تفت! فقال عليه السلام: انها تطأطأت عن خيلاء الخيل، و ارتفعت عن ذلة العير [3] ، و خير الامور أوسطها. [4] و هذا مثل رائع في الزهد و التواضع و الترفع عن مظاهر الترف الزائلة.


پاورقي

[1] الكافي 2: 134، الحديث 17.

[2] قرب الاسناد: 128. البحار 48: 100، الحديث 1.

[3] العير: الحمار الوحشي، و الأهلي أيضا.

[4] الارشاد 2: 234. مقاتل الطالبيين: 333. اعلام الوري: 307. المناقب 4: 320. البحار 48: 103. حلية الأبرار 2: 274. زهر الآداب 1: 133.