بازگشت

لمحات عن كرمه و حلمه و صفاته


لقد اتفق واصفوه بأنه كان أعبد اهل زمانه و أزهدهم في الدنيا و أفقههم و أسخاهم كفا و أكرمهم نفسا، و كان يصلي نوافل الليل اذا دخل ثلثه الأخير و يستمر في الصلاة الي طلوع الفجر، فاذا جاء وقت صلاة الصبح صلاها ثم يشرع في الدعاء و البكاء من خشية الله حتي تخضل لحيته بالدموع و يغشي عليه من خشية الله، و اذا قرأ القرآن يجتمع عليه الناس لحسن صوته و يبكون احيانا لخشوعه و بكائه، و لقبه الناس بالعبد الصالح، و أصبح يعرف بهذا اللقب اكثر مما يعرف باسمه و كنيته.

و جاء في كتاب مطالب السؤال: أنه كان يلقب بالصالح والصابر و الامين و الكاظم، و يعرف بالبعد الصالح، و سمي الكاظم، لأنه كظم الغيظ و صبر علي ما احيط به من البلاء، و في رواية ابن الجوزي في تذكرته انه سمي الكاظم، لأنه كان اذا بلغه عن احد سوء بعث اليه بمال يغنيه.

و قد جاء في وصفه عن شقيق البلخي كما في رواية ابن الجوزي انه قال: خرجت حاجا سنة تسع و أربعين و مائة فنزلت القادسية و اذا بشاب حسن الوجه شديد السمرة عليه ثوب صوف مشتمل بشملة و في رجليه نعلان فجلس منفردا عن الناس، فقلت في نفسي: هذا الفتي من الصوفية يريد أن



[ صفحه 306]



يكون كلا علي الناس، والله لا مضين اليه و أوبخنه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا، قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم، فقلت في نفسي هذا عبد صالح قد نطق بما في خاطري لألحقنه و اسأله ان يجالسني فغاب عن عيني فلما نزلنا واقصة اذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تنحدر علي خديه، فقلت في نفسي امضي اليه واعتذر منه، فأوجز في صلاته و قال: يا شقيق و اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدي، فقلت: هذا من الابدال قد تكلم عن سري مرتين، فلما نزلنا زيالا اذا به قائم علي البئر و بيده ركوة يريد ان يستقي الماء فسقطت الركوة في البئر، فرفع طرفه الي السماء و قال:



أنت ربي اذا ظمئت الي الماء

و قوتي اذا اردت الطعاما



فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها فأخذ الركوة و ملأها و توضأ و صلي اربع ركعات ثم مال الي كثيب رمل هناك فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يشرب، فقلت اطعمني من فضل ما رزقك الله و ما انعم عليك، فقال: يا شقيق لم تزل نعم الله علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوة فشربت منها فاذا سويق و سكر ما شربت والله الذ منه و لا اطيب ريحا فشبعت و رويت و أقمت اياما لا اشتهي الطعام و لا الشراب، ثم لم أره حتي دخلت مكة فرأيته ليلة الي جانب قبة الشراب نصف الليل يصلي بخشوع و أنين و بكاء فلم يزل كذلك ختي ذهب الليل فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح فلما انتهي قام الي صلاة الفجر و طاف بالبيت سبعا و خرج، فتبعته لأعرف اين يذهب، فاذا له حاشية و أموال و غلمان و هو علي خلاف ما رأيته في الطريق و دار به الناس يسلمون عليه و يتبركون به، فقلت لبعضهم: من هذا؟ فقال: هو موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب (ع).

والحديث المذكور من حيث وصفه لعبادة الامام و انقطاعه الي الله



[ صفحه 307]



سبحانه موافق لما اجمع عليه واصفوه من المحدثين و غيرهم فلا يضره ضعف سنده و لا ميول روايه البلخي الي التصوف، و لا اشتماله علي تلك الكرامة لأن الروايات الشيعية و السنية تنسب له و لغيره من ائمة أهل البيت ما هو اعظم منها و ليس بكثير علي من استجاب لله و أطاعه أن يستجيب الله لطلبه و دعائه و أن يكون في عونه علي ان التصديق و الايمان بهذه الكرامات ليس من ضرورات التشيع لأهل البيت، كما أجمع واصفوه علي أنه كان اعبد اهل زمانه فقد اجمعوا علي أنه كان واسع العطاء يعطي القريب و البعيد لا تنقص صراره عن ثلاثمائة دينار، و قد قال أهل زمانه: عجبا لمن جاءته صرار موسي بن جعفر و شكا الفقر.

و جاء في تاريخ بغداد للخطيب انه كان سخيا كريما يصر ثلاثمائة دينار و أربعمائة دينار و يخرج بها ليلا يوزعها علي بيوت المحتاجين و كان يضرب المثل بصراره.

و روي البغدادي في تاريخه عن محمد بن عبدالله البكري أنه قال: قدمت المدينة اطلب بها دينا فأعياني فقلت لو ذهبت الي أبي الحسن موسي بن جعفر و شكوت اليه ذلك، فأتيته في ضيعته فابتدأني بالسؤال عن حاجتي و ذكرت له قصتي فدخل الي بيته و خرج منه مسرعا، و قال لغلامه: اذهب، فلما ذهب الغلام مد يده و دفع لي صرة فيها ثلاثمائة دينار فركبت دابتي وانصرفت.

كما روي الخطيب البغدادي في تاريخه ايضا عن عيسي بن محمد بن مغيث القرظي انه قال: زرعت بطيخا و قثاء و قرعا في موضع بالجوانية علي بئر يقال لهم ام عظام فلما قرب الخير واستوي الزرع بغتني الجراد فأتي علي الزرع كله و كنت غرمت علي الزرع و في ثمن جملين مائة و عشرين دينارا فبينما انا جالس اذ طلع علي موسي بن جعفر (ع) فسلم و قال: كيف حالك، فقلت: اصبحت كالصريم بغتني الجراد فأكل زرعي، قال: و كم غرمت عليه؟ قلت: مائة



[ صفحه 308]



و عشرين دينارا مع ثمن الجملين، فقال (ع) يا عرفة زن لأبي المغيث مائة و خمسين دينارا فنربحك ثلاثين دينارا و الجملين، فقلت: يا مبارك ادخل وادع لي بها فدخل و دعا بها، و حدثني عن رسول الله (ص)انه قال: تمسكوا ببقايا المصائب، ثم علقت عليه الجملين و سقيته فجعل الله فيها البركة.

و أضاف الي ذلك البغدادي في رواية اخري بسنده الي ادريس بن أبي رافع عن محمد بن موسي أنه قال: خرجت مع أبي الي ضياعه بساية فأصبحنا في غداة باردة و قد وفدنا منها و أصبحنا علي عين من عيون ساية فخرج الينا من تلك الضياع عبد زنجي فصيح مستزنر بخرقة علي رأسه قدر فخار يفور فوقف علي الغلمان و قال: أين سيدكم؟ فقالوا: هو ذاك، فقال أبومن؟ قالوا له: ابوالحسن، فوقف عليه و قال: يا سيدي يا اباالحسن هذه عصيدة اهديتها اليك، فقال له: ضعها عند الغلمان، فأكلوا منها ثم ذهب و رجع و علي رأسه حزمة حطب، فقال له: يا سيدي هذا حطب اهديته اليك، قال: ضعه عند الغلمان وهب لنا نارا، فذهب و جاء بالنار و كتب ابوالحسن اسمه و اسم مولاه و دفعه الي و قال: يا بني احتفظ بهذه الرقعة حتي اسألك عنها، فوردنا الي ضياعه و أقام بها ما طاب له، ثم قال: امضوا بنا الي زيارة البيت فخرجنا حتي وردنا مكة، فلما قضي ابوالحسن عمرته دعا صاعدا و قال: اذهب و اطلب لي هذا الرجل فاذا علمت بموضعه فأعلمني حتي أمشي اليه فاني اكره ان ادعوه و الحاجة لي، قال: صاعد، فذهبت حتي وقفت علي الرجل، فلما رآني عرفني و كنت اعرفه و كان يتشيع فسلم علي و قال: ابوالحسن قدم؟ قلت: لا، قال: فأي شي ء اقدمك؟ قلت: حوائج و قد كان علم مكانه بساية فتبعني و جعلت أقتصي منه و يلحقني، فلما رأيت أني لا اتفلت منه مضيت الي مولاي و مضي معي حتي أتيته فقال لي: الم اقل لك لا تعلمه، فقلت: جعلت لم اعلمه، ثم قال له الامام (ع): اتبيعني غلامك فلان؟ فقال له: جعلت فداك الغلام و الضيعة و جميع ما املك اقدمه لك، فقال: اما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها، و قد حدثني أبي



[ صفحه 309]



عن جدي ان بائع الضيعة ممحوق و مشتريها مرزوق، و أصر الرجل علي تقديمها له و أخيرا اشتري منه الضيعة و الغلام بألف دينار، ثم اعتق العبد و وهب له الضيعة.

و جاء في مقاتل الطالبيين بسنده عن يحيي بن الحسن أنه قال: كان موسي بن جعفر اذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث اليه بصرة دنانير و كانت صراره ما بين الثلاثمائة الي المائتين، و يضرب بها المثل.

و يروي الرواة عنه ان رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه و يشتم عليا (ع) فقال له بعض حاشيته: دعنا نقتله فنهاهم عن ذلك اشد النهي و زجرهم اشد الزجر، و سأل عن العمري في بعض الأيام فقيل له: انه يزرع بناحية من نواحي المدينة، فركب اليه في مزرعته فوجده فيها فدخل المزرعة بحماره، فصاح به العمري: لا تطأ زرعنا فاستمر في طريقه حتي انتهي اليه فنزل و جلس عنده و جعل يضاحكه، ثم قال له: كم غرمت في زرعك هذا؟ قال: مائة دينار، قال: فكم ترجو ان تصيب منه؟ قال: انا لا نعلم الغيب، فقال له الامام: انما قلت لك كم ترجو ان يجيئك منه، قال: ارجو ان يجيئني مائتا دينار فأعطاه ثلاثمائة دينار، و قال: هذا زرعك علي حاله، فقام العمري و قبل رأسه وانصرف فذهب الامام الي المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر اليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، فوثب اصحابه و قالوا له: ما قصتك لقد كنت تقول خلاف هذا فخاصمهم و شاتمهم و جعل يدعو لأبي الحسن موسي بن جعفر (ع) كلما دخل و خرج، و قال ابوالحسن لحاشيته الذين ارادوا قتل العمري: ايما كان خيرا ما اردتم او ما اردت ان اصلح امره بهذا المقدار.

الي غير ذلك من المرويات الكثيرة التي تعرضت لما كان يتمتع به من خلق رفيع و سخاء و صبر علي الشدائد و زهد في الدنيا و مغرياتها.

لقد كانت حياة أئمة الشيعة (ع) للعلم و الدين و خدمة الانسانية



[ صفحه 310]



يسترخصون كل شي ء في سبيل ذلك غير ان الظروف القاسية التي تجرعوا مرارتها في جميع الادوار و المراحل التي مروا بها كانت تحول بينهم و بين اهدافهم في اكثر الاحيان، و لم يذوقوا طعم الراحة الا في فترات معدودات استغلوها لخير الاسلام و نشر تعاليمه و أحكامه كما يشهد بذلك تاريخهم الطويل.

لقد مضي عهد و أقبل آخر علي حساب العلويين كما ذكرنا في الفصول السابقة و كانت بينهما حروب و أحداث أحس فيها الامامان الباقر و الصادق بالانفراج واجتمع اليهما الناس من هنا و هناك فكانت تلك الجامعة التي انضم اليها أربعة آلاف من العلماء و طلاب العلم، و ما أن اطمأن حكام الدولة الجديدة علي مصيرهم حتي وقف خليفتهم الثاني المنصور الدوانيقي لها موقف الخصم العنيد و حاول اكثر من مرة ان يفتك بزعيمها الامام الصادق (ع) ولكن ارادة الله سبحانه كانت تحول بينه و بين ذلك.

و بالرغم من رقابة المنصور علي الامام الصادق (ع) و مدرسته و التضييق عليه و علي أصحابه فلقد تابع رسالته حتي النفس الاخير من حياته، و لما بلغه نبأ وفاته طلب من واليه علي المدينة أن يقتل خليفته ان كان أوصي لأحد بعينه، و لما اخبره الوالي بوصيته لخمسة احدهم المنصور جعل يتحري خليفته الشرعي و يعمل علي تشتيت امر الشيعة بكل ما لديه من الوسائل كما ذكرنا من قبل فاحتجب الامام حتي عن اصحابه و شيعته و لم يعد بامكانهم ان يتصلوا به الا متسترين في جوف الليل و في ظروف خاصة.

في هذا الجو المحفوف بالمكاره كان أبوالحسن موسي بن جعفر (ع)يتابع رسالة آبائه في نشر العلم و الحديث و الاخلاق و الدفاع عن الاسلام و أحواله و روي عنه اصحاب آلاف الاحاديث في مختلف المواضيع.

و مع أن حياته بعد أبيه كانت تخضع للرقابة الشديدة و في ظل السجون و المعتقلات. فقد روي عنه المحدثون في مختلف أبواب الفقه و غيره من المواضيع الاسلامية اكثر مما رووه عن غيره ممن جاء بعده من أئمة أهل البيت



[ صفحه 311]



(ع) و لعل مرد ذلك الي أنه قد ادرك شطرا من حياة أبيه و أخذ منه ما لم يتيسر لأحد غيره و أصبح معروفا بين اصحابه و طلاب مدرسته فرجعوا اليه بعد وفاة أبيه، عندما كانت الظروف تسمح لهم بذلك و لو في ظلام الليل.

و قد اشتهر من بين اصحابه ستة بالصدق والامانة و أجمع الرواة علي تصديقهم فيما يروونه عن الأئمة (ع)، واشتهر بين المحدثين ثمانية عشر رجلا من أصحاب الأئمة الثلاثة الباقر و الصادق و موسي بن جعفر و هم أصحاب الاجماع ستة من أصحاب أبي جعفر، و ستة من أصحاب أبي عبدالله الصادق، و ستة من اصحاب أبي الحسن موسي بن جعفر، و هم يونس بن عبدالرحمن، و صفوان بن يحيي بياع السابري، و محمد بن عمير، و عبدالله بن المغيرة، والحسن بن محبوب السراد، و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي.

و جاء في ترجمة يونس بن عبدالرحمن انه اخذ من الامام موسي بن جعفر و كان من خلص اصحابه و صفوتهم و أدرك شطرا من حياة الامام الرضا (ع) و قال فيه: يونس بن عبدالرحمن في زمانه كسلمان الفارسي في زمانه.

و قال الشيخ الطوسي في كتابه الفهرست: ان له ثلاثين كتابا في مختلف المواضيع و كان كما جاء في ترجمته يزور في كل يوم اربعين رجلا من اخوانه المؤمنين ثم يرجع الي بيته لا يترك التأليف الا للصلاة و الطعام و قضاء الحاجة و له مؤلفات في علم الكلام و آراء تدل علي سعة علمه و قوة تفكيره كما نص علي ذلك الكشي و المرزا محمد في اتقان المقال و القمي في الكني و الالقاب. كما جاء في ترجمة محمد بن ابي عمير انه كان من اصحاب الامامين موسي بن جعفر و ولده الرضا (ع) و قد اخذ عنهما الحديث و الفقه و ألف فيما اخذه عنهما في الفقه و غيره.

و روي عنه احمد بن محمد بن عيسي القمي كتب عن مائة رجل من اصحاب الصادق (ع) و قال عنه الجاحظ: انه كان أوثق الناس عند الخاصة



[ صفحه 312]



والعامة و أعبدهم و أوحد أهل زمانه في الأشياء كلها.

و جاء في رواية الفضل بن شاذان أنه قال: دخلت العراق فرأيت رجلا يعاتب صاحبه و يقول له: انت رجل عليك دين و لك عيال و تحتاج ان تكتسب لأجلهم و لا آمن عليك ان تذهب عيناك لطول سجودك، فرد عليه بقوله: لقد اكثرت علي ويحك لو ذهبت علينا احد من السجود لذهبت عين ابن ابي عمير فلقد كان أطول الناس سجودا.

و حبسه الرشيد لأنه كان وثيق الصلة بالامامين الكاظم و الرضا (ع) و قد امتنع أن يخبره عن أصحاب الامام و خواصه و هو بهم عارف و خبير، و بقي حبسه مدة من الزمن، و لما ضاق به أمره دفع الي امير الحبس السندي ابن شاهك مائة و عشرين ألف درهم فأخرجه من السجن و كان كما جاء في ترجمته خاف ان تصادر اجهزة الرشيد كتبه التي ألفها من أحاديث الأئمة فدفنها في التراب في زواية من داره، و لما خرج من الحبس وجدها بالية، فأصبح بعد ذلك يعتمد احيانا فيما يحدث به علي ذاكرته بدون ذكر السند، و قد أخذ الفقهاء بمراسيله واعتمدوا عليها لعلمهم بوثاقته و سبب الارسال في مروياته، و شاع عن جماعة من المحدثين أن مراسيل ابن عمير كمسانيد غيره من الثقات.

و من الستة اصحاب الاجماع صفوان بن يحيي يباع السابري، و كان من تلامذة الامام أبي الحسن موسي بن جعفر (ع) و لازم بعد وفاته الامامين الرضا و الجواد، و روي كما في ترجمته عن أربعين من تلامذة الامام الصادق و ألف من آثار الأئمة اكثر من ثلاثين كتابا كما نص علي ذلك الكشي و الطوسي وابن النديم و غيرهم من المؤلفين في احوال الرواة.

و منهم عبدالله بن المغيرة البجلي، و قد أكون المؤلفون في أحوال الرواة وثاقته و أضافوا الي ذلك أنه ممن أجمع الاصحاب علي صحة مروياته عن الامام أبي الحسن الأول موسي بن جعفر و غيره و ترك مجموعة من المؤلفات في مختلف المواضيع.



[ صفحه 313]



و من الستة اصحاب الاجماع احمد بن محمد بن عمرو المعروف بالبزنطي و الحسن بن محبوب السراد و هما من ثقات أصحاب الامامين موسي بن جعفر و ولده الرضا (ع) و قد أدركا محمد الجواد و رويا عنه في الفقه و غيره، و نص المؤلفون في أحوال الرواة علي أن الأصحاب قد أجمعوا علي الأخذ بمروياتهما.

هؤلاء الستة و ستة من أصحاب الباقر و ستة من أصحاب أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق قد أجمع المحدثون علي تصديقهم والاخذ بمروياتهم، و هذا ما تعنيه تسميتهم بأصحاب الاجماع.

و قد اشتهر من بين تلامذة الامام الكاظم (ع) جماعة غير هؤلاء الستة، ولكنهم لم يبلغوا مرتبة هؤلاء علي ما يبدو من المؤلفات في احوال الرجال، منهم صفوان بن مهران الجمال و قد روي عن الامام الصادق و لازم بعده الامام موسي بن جعفر و أخذ عنه الفقه و الحديث و ألف فيهما كما نسب اليه ذلك الكشي و الطوسي وابن النديم و غيرهم.

و قال له الامام الكاظم: يا صفوان كل شي ء منك حسن جميل ما خلا شيئا واحدا، فقال: جعلت فداك أي شي ء هو؟ قال: اكراك جمالك لهارون الرشيد، فقال: والله ما اكريته أشرا و لا بطرا و لا لصيد أو لهو، ولكني أكريته لطريق مكة و لا اتولاها بنفسي، و انما ابعث معها غلماني، فقال لي: يا صفوان ألست تحب بقاءهم الي أن يخرج كراك منهم؟ قلت: )نعم يا ابن رسول الله ، قال : فمن احب بقاءهم فهو منهم، ( و من كان منهم فقد ورد النار.

و روي معمر بن خلاد ان اباالحسن موسي قال: والله ما ذئبان ضاريان في غنم غاب عنها رعايتها بأضر في دين المسلم من حب الرياسة ولكن صفوان لا يحب الرياسة.

و منهم عبدالرحمن البجلي الكوفي و كان قد روي عن الامامين الصادق و ولده ابي الحسن موسي و قد بشره الامام موسي بن جعفر بالجنة كما روي



[ صفحه 314]



الكشي في رجاله و كان واسع الافق قوي الحجة و محيطا بعلوم عصره، و قال له الامام (ع): كلم أهل المدينة فاني أحب ان يري الناس في رجال الشيعة مثلك.

و منهم اسحاق بن عمار الكوفي الصيرفي، و كان من شيوخ تلامذة الامامين الصادق و الكاظم و من الذين جمعوا احاديثهما في مختلف المواضيع، و قد وثقه العلامة في خلاصته و غيره ممن كتبوا في احوال الرواة و قالوا: بأنه ممن ساهم في تأليف الكتب المعروفة بالاصول الاربعمائة، و أضافوا الي ذلك أن الامام الصادق (ع) قال له: يا اسحاق خف الله كأنك تراه و ان شككت في أنه يراك فقد كفرت، و ان تيقنت انه يراك ثم برزت له في المعصية فقد جعلته من أهون الناظرين اليك.

و من الذين اخذوا عن الامام موسي بن جعفر اسماعيل بن موسي، فلقد أخذ عن ابيه و عن أصحاب جده الامام الصادق، و كان قد هاجر الي مصر و أقام فيها و ألف في الفقه كتبا كثيرة مما اخذه من أبيه و تلقاه من المرويات عن اجداده كما نص علي ذلك الطوسي في الفهرست و النجاشي في رجاله.

و ممن رحلوا الي مصر من اولاد الائمة و رواة احاديثهم اسحاق بن جعفر الصادق (ع) المعروف باسحاق المؤتمن، و هو و الامام موسي بن جعفر و محمد و فاطمة الكبري من حميدة البربرية، و كان كما يصفه المؤلفون في احوال الرواة من أهل الفضل و الاجتهاد و الورع و الصلاح يروي الحديث عن أبيه و أخيه و روي عنه الكثير من الناس و قد روي النص علي امامة اخيه موسي بن جعفر و لم يتردد في امامته، و كان ابن كاسب يعقوب بن حميد المدني اذا حدث عن اسحاق يقول: حدثني الثقة الرضا اسحاق بن جعفر، كما كان سفيان بن عيينة استاذ الشافعي يصفه بذلك. و قد تزوج من السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد بن الحسن السبط (ع) صاحبة المقام المعروف في مصر و الكرامات المشهورة بين المصريين الي يومنا هذا، و كانت بالاضافة الي ذلك



[ صفحه 315]



من الراويات لأحاديث النبي و الأئمة (ع)، و لما دخل الشافعي الي مصر سمع منها و أخذ عنها كما جاء في رواية ابن خلكان. وعد المؤلفون في احوال الرواة من ثقات اصحابه الحسن بن علي بن خصال و داود الرقي و علي بن جعفر الصادق و عبدالسلام بن صالح الحصروي و اسماعيل بن مهران و موسي بن بكير الواسطي و غيرهم ممن لا يسعنا احصاؤهم.

و جاء عن أحمد بن حنبل انه كان اذا روي عنه يقول: حدثني موسي ابن جعفر عن ابيه جعفر عن ابيه محمد عن ابيه علي بن الحسين عن ابيه الحسين عن علي بن ابي طالب عن رسول الله، ثم يعقب علي ذلك بقوله: ان هذا السند لو قري ء علي مجنون لأفاق ببركته.



[ صفحه 316]