بازگشت

خلقه وفضائله


إنما جعل الله أنبياءه وحملة رسالاته من البشر، لكي تتم الحجة علي الناس فيقتدوا بهم، ولو كانوا ملائكة لكان الناس يقولون مالنا والملائكة، أوليسوا من جنس آخر؟

بلي وإن الإنسان مفطور علي حب الفضيلة، وإذا تجسدت في شخص ازداد لها حباً، ودفعته دواعي الخير في ذاته إلي اتباعه، والسعي لكي يكون مثله.

إنك لو ألقيت علي شخص محاضرة مفصّلة عن فضيلة الإحسان فإنه لا يندفع بقدر ما لو حكيت له قصة رجل محسن.

إن مكارم أخلاق الأئمة من أهل البيت (ع) أفضل منهاج تربوي، وإنهم - بحق - أسمي قدوات الخير والفضيلة، وإن سيرة حياتهم الحافلة بالمكرمات أقوي حجة علي سلامة نهجهم في التربية وسلامة خطتهم في الحياة، وإن أفكارهم التي تناقلتها الرواة هي التفسير الصحيح للقرآن الحق، أوليسوا من البشر؟ إذاً كيف بلغوا هذا الشأن من العظمة، ألم يبلغوه بتطبيق هذه الأفكار التي رويت عنهم؟ بلي، أولسنا نحن أيضاً نريد العظمة؟ إذاً دعنا نقرأ تلك الأفكار ونتفاعل معها.

والواقع أن التاريخ لم يحفظ لنا من سيرة الأئمة إلاّ قليلاً، لأنهم كانوا محاصرين إعلامياً من قبل سلطات الجور حتي أن رواية فضيلة لهم كانت تكلِّف في بعض العصور حياة الراوي، وكان علي الشاعر دعبل أن يحمل علي كتفه خشبة إعدامه لمدة ربع قرن، ويهيم علي وجهه في القفار لأنه كان يمدح أهل البيت. ومع ذلك فإن ما تبقّي من فضائلهم يعتبر دورة تربوية كاملة لمكارم الأخلاق.

ولأن عاش إمامنا الكاظم (ع) في أشد أيام الصراع وأصعب أوقات التقيّة وسرّية العمل، فإن اختراق قصصه لحصار السلطات يعتبر معجزة، وعلينا أن نستدل بما وصلتنا من قصصه وهي قليلة علي ما لم تصل إلينا وهي الأكثر.