بازگشت

في ذكر معجزات موسي بن جعفر


روي عن أحمد بن عمر الخلال [1] قال: سمعت الأخرس يذكر موسي



[ صفحه 663]



ابن جعفر عليهماالسلام بسوء، فاشتريت سكينا و قلت في نفسي: و الله لأقتلنه إذا خرج من المسجد، فأقمت علي ذلك و جلست فما شعرت إلا برقعة أبي الحسن عليه السلام قد طلعت علي فيها: بحقي عليك إلا ما كففت عن الأخرس فإن الله تعالي يقضي، و هو حسبي. [2] .

و حدث أبوالفضل محمد بن عبدالله الشيباني أن علي بن محمد بن الزبير البلخي حدثني، قال: حدثنا خشنام بن حاتم الأصم، قال: حدثني أبي، قال: قال لي شقيق بن إبراهيم البلخي: خرجت حاجا في سنة تسع و أربعين و مائة، فنزلت القادسية، [3] فبينا أنا أنظر إلي الناس في رتبتهم و كثرتهم إذ نظرت إلي فتي حسن الوجه شديد السمرة تعلوا فوق ثيابه بثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان و قد جلس منفردا، فقلت في نفسي: هذا الفتي من الصوفية يريد أن يكون كلا علي الناس في طريقهم، و الله لأمضين إليه و لاوبخنه فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) [4] ثم تركني و مضي.

فقلت في نفسي: إن هذا لأمر عظيم قد تكلم علي ما في نفسي و نطق باسمي، و ما هذا إلا عبد صالح، لألحقنه و لأسألنه أن يحالني. فأسرعت في أثره فلم ألحقه و غاب عن عيني.

فلما نزلنا واقصة [5] إذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه و أستحله. فصبرت حتي جلس و أقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال لي: يا شقيق اتل: (و إني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا



[ صفحه 664]



ثم اهتدي) [6] ثم تركني و مضي.

فقلت في نفسي: إن هذا الفتي لمن الأبدال قد تكلم علي سري مرتين.

فلما نزلنا زبالة [7] إذا أنا بالفتي قائم علي البئر و بيده ركوة [8] يريد أن يستقي ماء، فسقطت الركوة من يده في البئر و أنا أنظر إليه، فرأيته قد رمق إلي السماء و سمعته يقول:



أنت ربي إذا ظمئت من الماء

و قوتي إذا أردت الطعاما



اللهم سيدي مالي سواها فلا تعدمنيها.

قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها، فمد يده فأخذ الركوة و ملأها و توضأ و صلي أربع ركعات ثم مال إلي كثيب [9] رمل، فجعل يقبض بيده و يطرحه في الركوة و يحركه و يشربه، فأقبلت إليه و سلمت عليه فرد علي السلام. فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك. فقال: يا شقيق لم تزل نعمه علينا ظاهرة و باطنة فأحسن ظنك بربك. ثم ناولني الركوة فشربت منها و إذا سويق و سكر. فوالله ما شربت قط ألذ منه و لا أطيب ريحا، فشبعت و رويت و أقمت أياما لا أشتهي طعاما و لا شرابا، ثم لم أره حتي دخلنا مكة فرأيته ليلة إلي جنب قبة الشراب في نصف الليل يصلي بخشوع و أنين و بكاء، فلم يزل كذلك حتي ذهب الليل، فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح الله، ثم قام فصلي الغداة، ثم طاف بالبيت سبعا و خرج فاتبعته فإذا له غاشية و موال و هو خلاف ما رأيته في الطريق و دار به الناس من حوله يسلمون عليه، فقلت لبعض من يقرب منه: من هذا الفتي؟ فقال: هذا موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد. [10] .



[ صفحه 665]



و قال أحمد بن حنبل: دخلت في بعض الأيام علي الإمام موسي بن جعفر عليهماالسلام حتي أقرأ عليه، إذا ثعبان قد وضع فمه علي اذن موسي بن جعفر عليه السلام كالمحدث له، فلما فرغ حدثه موسي بن جعفر عليه السلام حديثا لم أفهمه، ثم انساب الثعبان، فقال: يا أحمد هذا رسول من الجن قد اختلفوا في مسألة جاءني يسألني فأخبرته بها، بالله عليك يا أحمد لا تخبر بهذا أحدا إلا بعد موتي. فما أخبرت به أحدا حتي مات عليه السلام.

وحدث عمر الرافعي قال: كان لي ابن عم فقال له الحسن بن عبدالله، و كان زاهدا، من أعبد أهل زمانه، يتقيه السلطان لجده في الدين و اجتهاده، و ربما استقبل السلطان في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما يغضبه و كان يحتمل لصلاحه. فدخل يوما المسجد و فيه موسي بن جعفر عليهماالسلام، فأتاه فقال له: يا أباعلي ما أحب إلي ما أنت عليه، إلا أنه ليس لك معرفة، فاطلب المعرفة. فقال: و ما المعرفة؟ قال: اذهب و تفقه. قال: عمن؟ قال: عن فقهاء المدينة. فذهب و كتب الحديث ثم جاءه و قرأه عليه. قال: اذهب و تفقه و اطلب العلم. فذهب و كتب الخلاف، فجاءه فعرض عليه، فأسقطه كله و قال: اذهب فاعرف.

و كان الرجل معتنيا بدينه، فلم يزل يترصد أباالحسن حتي خرج إلي ضيعة له فلقيه في الطريق فقال له: يا ابن رسول الله إني أحتج عليك بين يدي الله عزوجل فدلني علي ما يجب علي معرفته. فأخبره أبوالحسن بأمر أميرالمؤمنين و أمر الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد ثم سكت.

قال: جعلت فداك فمن الإمام اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل. قال: نعم. قال: أنا. قال: فشي ء أستدل به. قال: اذهب إلي تلك الشجرة - و أشار إلي شجرة هناك - و قل لها: يقول لك موسي بن جعفر أقبلي. قال: فرأيتها تخذ الأرض خدا حتي وقفت بين يديه. ثم أشار إليها بالرجوع فرجعت، فأقر به ثم لزم الصمت و العبادة. و كان من قبل يري الرؤيا الصالحة الحسنة و تري له ثم انقطعت عنه الرؤيا، فرأي أباعبدالله في النوم فشكا إليه انقطاع الرؤيا. فقال له عليه السلام: لا تغتم فإن المؤمن



[ صفحه 666]



إذا رسخ في الإيمان رفعت عنه الرؤيا. [11] .

و قيل: إن المهدي أمر بحفر بئر يقرب «قبر العبادي» [12] لعطش الحاج هناك، فحفرت أكثر من مائة قامة، فبينا هم يحفرون إذ خرقوا خرقا فإذا تحته هواء لا يدري ما قعره، و إذا هو مظلم، للريح فيه دوي، فأدلوا رجلين إلي مستقره. فلما خرجا تغيرت ألوانهما و قالا: رأينا هواء واسعا و رأينا بيوتا قائمة و رجالا و نساء و إبلا و بقرا و غنما، كلما مسسنا شيئا منها رأيناه هباء.

فسئل الفقهاء عن ذلك فلم يدر أحد ما هو. فقدم أبوالحسن موسي بن جعفر عليه السلام علي المهدي فسأله عنه فقال: اولئك أصحاب الأحقاف هم بقية من عاد ساخت بهم منازلهم، فذكر علي مثل ما قال الرجلان. [13] .

و قال الأعمش: رأيت كاظم الغيض عليه السلام عند الرشيد و قد خضع له، فقال له عيسي بن هامان: يا أميرالمؤمنين لم تخضع له؟ قال: رأيت من ورائي أفعي يضرب نيابها و تقول: أجبه بالطاعة و إلا بلعتك، ففزعت منها فأجبته. [14] .

و حدث إبراهيم بن الحسن بن راشد، عن علي بن يقطين قال: كنت واقفا بين يدي الرشيد إذ جاءته هدايا من ملك الروم كانت فيها دراعة ديباج سوداء مذهبة لم أر شيئا أحسن منها، فنظر إلي و أنا أحد إليها النظر فقال: يا علي أعجبتك؟ قلت: اي و الله يا أميرالمؤمنين. قال: خدها. فأخذتها و انصرفت بها إلي منزلي، و شددتها في منديل و وجهتها إلي المدينة. فمكثت ستة أشهر، ثم انصرفت يوما من عند هارون و قد تغديت بين يديه [فلما دخلت داري] فقام إلي خادمي الذي يأخذ ثيابي بمنديل علي يديه و كتاب مختوم و ختمه [15] رطب، فقال: جاء بهذه الساعة رجل فقال: ادفع هذا إلي مولاك ساعة يدخل. ففضضت الكتاب فإذا فيه: يا علي



[ صفحه 667]



هذا وقت حاجتك الي الدراعة. فكشفت طرف المنديل عنها، و دخل علي خادم هارون فقال: أجب أميرالمؤمنين. فقلت: أي شي ء حدث؟ قال: لا أدري. و مضيت فدخلت عليه و عنده عمر بن بزيع واقفا بين يديه، فقال: يا علي ما فعلت الدراعة التي وهبتها لك؟ قلت: ما كساني به أميرالمؤمنين أكثر من ذلك، فعن أي دراعة تسألني يا أميرالمؤمنين؟ قال: الدراعة الديباج السوداء المذهبة. قلت: و ما عسي أن يصنع مثلي بمثلها، إذا انصرفت من دار أميرالمؤمنين دعوت بها فلبستها وصليت فيها ركعتين أو أربع ركعات، و لقد دخل علي الرسول و قد دعوت بها لأفعل ذلك. فنظر إلي عمر بن بزيع و قال: أرسل من يجيئني بها. فأرسلت خادمي فجاءني بها. فلما رآها قال: يا عمر ما ينبغي لنا أن نقبل قول أحد علي علي بعد هذا، و أمر لي بخمسين ألف درهم، فحملت مع الدراعة، فبعثت بها و بالمال إليه من يومي ذلك. [16] .

و قال سيف بن عمير، عن إسحاق بن عمار: سمعت العبد الصالح ينعي الي رجل نفسه. فقلت في نفسي: و أنه ليعلم متي يموت الرجل من شيعته. فالتفت إلي شبه المغضب و قال: يا إسحاق كان رشيد الهجري من المستضعفين و كان يعلم علم البلايا و المنايا، و الحجة أولي بعلم ذلك.

ثم قال: يا إسحاق اصنع ما أنت صانع عمرك قد فني و أنت تموت بعد قليل و أخوك و أهل بيتك لا يلبثون إلا يسيرا حتي تفترق كلمتهم و يخون بعضهم بعضا قال إسحاق: فاني استغفرالله مما عرض في صدري. قال سيف: فلم يلبث إسحاق بن عمار إلا يسيرا حتي مات، و ما ذهبت الأيام حتي أفلس ولد عمار و قاموا بأموال الناس. [17] .

و قال علي بن شعيب العقر قوفي: بعثت مولاي الي أبي الحسن عليه السلام و معه مائتا دينار و كتبت معه كتابا، كان من الدنانير خمسون دينارا من دنانير اختي فاطمة



[ صفحه 668]



أخذتها منها سرا لتمام المائتين دينار، و كنت سألتها ذلك و لم تعطني و قالت: إني اريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان. فذكر مولاي أنه قدم المدينة فسأل عن أبي الحسن فقيل له انه قد خرج الي مكة، فأسرع في السير، فقال: و الله إني لأسير من المدينة الي مكة في ليلة مظلمة لهاتف يهتف بي: يا مبارك يا مبارك مولي شعيب العقر قوفي. قلت: أيش أنت؟ قال: أنا معتب، يقول لك أبوالحسن: هات الكتاب الذي معك و وافني بما معك إلي مني.

قال: فنزلت من محملي فدفعت إليه الكتاب، و صرت إلي مني فدخلت عليه و صببت الدنانير عنده، فجر بعضها إليه و دفع بعضها بيده ثم قال لي: يا مبارك ادفع هذه الدنانير الي شعيب و قل له: يقول لك أبوالحسن ردها الي موضعها الذي أخذتها منه فإن صاحبتها تحتاج إليها.

قال: فخرجت من عنده و قدمت علي شعيب و قلت له: قد رد عليك من الدنانير التي بعثت بها خمسين دينارا و هو يقول لك: ردها الي موضعها الذي أخذتها منه، فما قصة هذه الدنانير فقد دخلني من أمرها ما الله به عليم؟ فقال: يا مبارك إني طلبت من اختي فاطمة خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير فامتنعت و قالت: اريد أشتري قراح [18] فلان بن فلان، فأخذتها سرا و لم ألتفت الي كلامها. قال شعيب: فدعوت بالميزان فوزنتها فإذا هي خمسون دينارا لا تزيد و لا تنقص. فقال: و الله لو حلفت عليها أنها دنانير فاطمة لكنت صادقا. قال شعيب: فقلت: هو و الله لتمام فرض الله لطاعته و هكذا صنع و الله بي أبوعبدالله عليه السلام. [19] .

و قال علي بن أبي حمزة: قال لي أبوالحسن عليه السلام مبتدئا من غير أن أسأله عن شي ء: يا علي يلقاك غدا رجل من أهل المغرب يسألك عني فقل له: هو و الله الإمام الذي قال لنا أبوعبدالله عنه، و إذا سأل عن الحلال و الحرام فأجبه عني. قلت: ما علامته؟ قال: رجل طوال جسيم اسمه يعقوب، و هو رائد قومه، و إن أحببت أن



[ صفحه 669]



تدخله علي فأدخله. قال: فوالله إني لفي الطواف إذ أقبل إلي رجل طوال جسيم فقال لي: اريد أن أسألك عن صاحبك. قلت: عن أي أصحابي؟ قال: عن فلان بن فلان. قلت: ما اسمك؟ قال: يعقوب. قلت: من أين أنت؟ قال: من المغرب. قلت: من أين عرفتني. قال: أتاني آت في منامي فقال لي ألق عليا فاسأله عن جميع ما تحتاج إليه، فسألت عنك حتي دللت عليك. فقلت: اقعد في هذا الموضع حتي أفرغ من طوافي و آتيك إن شاء الله. فطفت ثم أتيته فكلمت رجلا عاقلا، و طلب إلي أن ادخله علي أبي الحسن، فأخذت بيده و استأذنت، فاذن لي، فلما رآه أبوالحسن قال: يا يعقوب قدمت أمس و وقع بك و بين أخيك شي ء في موضع كذا و كذا حتي شتم بعضكم بعضا، و ليس هذا من ديني و لا دين آبائي و لا امر بهذا أحد من شيعتنا فاتق الله وحده فإنكما ستعاقبان بموت، أما أخوك فيموت في سفره قبل أن يصل الي أهله، و ستندم أنت علي ما كان، و ذلك أنكما تقاطعتما فبتر الله أعماركما. قال الرجل: جعلت فداك فأنا متي أجلي. قال: كان قد حضر أجلك فوصلت عمتك في منزل كذا و كذا فأنسأ الله في أجلك عشرين سنة. قال: فلقيت الرجل قابل بمكة فأخبرني أن أخاه توفي في ذلك الوجه و دفنه قبل أن يصل الي أهله. [20] .


پاورقي

[1] في المصدر: أحمد بن عمر الحلال.

[2] المناقب: ج 4 ص 289 و فيه: فان الله ثقتي.

[3] قرية قرب الكوفة، من جهة البر، بينها و بين الكوفة خمسة عشر فرسخا.

[4] الحجرات: 12.

[5] واقصة: بكسر القاف و الصاد المهملة، موضعان: منزل في طريق مكة بعد القرعاء نوح مكة، و واقصة أيضا بأرض اليمامة.

[6] طه: 82.

[7] زبالة: بضم أوله: موضع معروف بطريق مكة بين واقصة و الثعلبية، بها بركتان.

[8] الركوة: مثلثة: إنا صغير من جلد يشرب فيه الماء، جمع ركاء و ركوات.

[9] الكثيب: التل من الرمل، جمع كثب و كثبان و أكثبة.

[10] كشف الغمة: ج 2 ص 212 - 215.

[11] الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 650 ح 2.

[12] قبر العبادي: منزل في طريق مكة من القادسية الي العذيب (معجم البلدان: 4 / 304).

[13] الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 655 ح 8.

[14] دلائل الإمامة: ص 157.

[15] في الاصل: وطية.

[16] الخرائج و الجرائح: ج 2 ص 656 ح 9.

[17] بصائر الدرجات: ج 6 باب 1 ص 265 ح 13 مختصرا.

[18] القراح: الارض لا ماء فيها و لا شجر، جمع أقرحة.

[19] المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 294.

[20] رجال الكشي: ج 2 ص 741 ح 831.