بازگشت

في شهادته و رحلته


عن الفضل بن الربيع قال كنت ذات ليلة في فراشي مع بعض جواري فلما كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة فراعني ذلك فقالت الجارية لعل هذا من الريح فلم يمض الا يسير حتي رأيت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح و اذا مسرور الكبير قد دخل علي فقال لي اجب و لم يسلم علي فيئست من نفسي و قلت هذا مسرور دخل علي بلا اذن و لم يسلم ما هو الا القتل و كنت جنبا فلم أجسر ان اسأله انظاري حتي اغتسل فلما رأت الجارية تحيري و تبلدي قالت لي ثق بالله عزوجل و انهض فنهضت و لبست ثيابي و خرجت معه حتي اتيت الدار فسلمت علي اميرالمؤمنين و هو في مرقده فرد علي السلام فسقطت فقال لي دخلك رعب قلت نعم يا اميرالمؤمنين فتركني ساعة حتي سكنت فورتي ثم قال لي سر الي حبسي فاخرج موسي بن جعفر بن محمد و ادفع اليه ثلاثين الف درهم و اخلع عليه خمس خلع و احمله علي ثلاثة مراكب و خيره بين المقام معنا او الرحيل عنا الي اي بلد شاء و اراد فقلت و ما السبب في ذلك يا اميرالمؤمنين قال بينا



[ صفحه 169]



انا في مرقدي هذا اذ دخل علي اسود ما رأيت من السودان اعظم منه فقعد علي صدري و قبض علي حلقي قال لي حبست موسي بن جعفر ظالما له قلت فانا اطلقه و اهب له و اخلع عليه فاخذ علي عهد الله عزوجل و ميثاقه و قام عن صدري و قد كادت نفسي تخرج فخرجت من عنده و وافيت موسي ابن جعفر (ع) و هو في حبسه فرأيته قائما يصلي فجلست حتي سلم ثم ابلغته سلام اميرالمؤمنين و اعلمته بالذي امرني به في امره و اني قد احضرت ما وصله به فقال (ع) ان كنت امرت بشي ء غير هذا فافعل فقلت لا و حق جدك رسول الله ما امرت الا بهذا فقال لا حاجة لي في الخلع و المراكب و الدراهم اذ كانت فيه حقوق الأمة فقد ناشدتك بالله ان تردها اياه فقلت افعل ما احببت و اخذت بيده و اخرجته من الحبس ثم قلت له يا ابن رسول الله اخبرني بالسبب الذي نلت هذه الكرامة من هذا الرجل فقد وجب حق عليك لبشارتي اياك و لما اجراه الله عزوجل علي يدي من هذا الامر فقال (ع) رأيت النبي (ص) ليلة الاربعاء في النوم فقال لي يا موسي انت محبوس مظلوم فقلت نعم يا رسول الله محبوس مظلوم فكرر علي ثلاثا ثم قال لعله فتنة لكم و متاع الي حين اصبح غدا صائما و اتبعه بصيام الخميس والجمعة فاذا كان وقت الافطار فصل اثنتي عشرة ركعة تقرأ في كل ركعة الحمد مرة و اثنتي عشرة مرة قل هو الله احد فاذا صليت اربع ركعات فاسجد و قل في سجودك (يا سابق القول يا سامع كل صوت يا محيي العظام و هي رميم بعد الموت اسألك باسمك العظيم الاعظم ان تصلي علي محمد عبدك و رسولك و علي اهل بيته الطيبين و ان تعجل لي الفرج مما انا فيه) ففعلت فكان الذي رأيت و كان السبب في تلك الرؤيا ان الرشيد في تلك الايام اراد قتل موسي بن جعفر (ع) في الحبس فبلغ ذلك الامام (ع) فجدد (ع)



[ صفحه 170]



طهوره و استقبل القبلة بوجهه و صلي لله عزوجل اربع ركعات ثم دعا بهذه الدعوات يا سيدي نجني من حبس هارون يا مخلص الشجر من بين رمل و طين و يا مخلص اللين من فرث و دم و يا مخلص الولد من بين مشيمة و رحم و يا مخلص النار من بين الحديد و الحجر خلصني من يد هارون فاستجاب الله دعاءه فرأي هارون تلك الرؤيا و خاف و دعا الحاجب و قال له اذهب الي السجن فاطلق عن موسي بن جعفر قال فخرج الحاجب فقرع باب السجن فاجابه صاحب السجن فقال من ذا قال ان الخليفة يدعو موسي بن جعفر فاخرجه من سجنك و اطلق عينه فصاح السجان يا موسي ان الخليفة يدعوك فقام موسي مذعورا فزعا و هو يقول لا يدعوني في جوف الليل الا لشر يريد بي فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته فجاء الي هارون و هو ترتعد فرائصه فقال سلام علي هارون فرد عليه السلام ثم قال هارون ناشدتك بالله هل دعوت الله في جوف هذه الليلة بدعوات قال نعم قال و ما هن فحكي له فقال قد استجاب الله دعوتك يا حاجب اطلق عن هذا و اطلقه الرشيد من الحبس و اذن له في الانصراف و الرجوع الي حرم رسول الله ولكن لا يظهر من الاخبار انه عليه السلام رجع الي المدينة بل الظاهر انه بقي في بغداد لأنه كان عالما بان الرشيد لا يخلي سبيله و لا يتجاوز عنه و لا يأمن غوايله و لا يصان مكره فمن اجل ذلك لما خرج من الحبس نزل في دار في بغداد و كان شريفا كريما عنده و يدخل علي الرشيد في كل خميس و الرشيد يكرمه غاية الاكرام الي ان حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتي سلمه الي السندي بن شاهك لعنه الله و كان يضيق علي موسي بن جعفر (ع) غاية التضييق بحيث لا يطيق اللسان علي بيانه انزله في قعر داره و ظلم المطامير و قيده بقيود ثلاث و وكل عليه جماعة و اغلق و قفل عليه الابواب و هو روحي



[ صفحه 171]



له الفدا يخرج من هذه الابواب و يصلي في مسجد كان بازاء دار السندي و يرجع الي الحبس قال الراوي كان مسجد بازاء دار السندي بن شاهك و كنا في المسجد مع جماعة فاذا قد اقبل رجل من باب المسجد داخلا كادت لرؤيته العقول ان تذهل فعلمنا انه موسي بن جعفر فما كان باسرع من ان سمعنا و جيبا شديدا و اذا السندي بن شاهك يعدو داخلا الي المسجد معه جماعة و سألنا عن موسي بن جعفر (ع) قلنا نعم دخل المصلي ثم تقدم الي موسي و هو قائم في المحراب فاتاه من قبل وجهه و نحن نسمع فقال يا ويحك كم تخرج بسحرك هذا و حيلتك من وراء الابواب و الاغلاق و الاقفال و اردك فلو كنت هربت كان احب الي من وقوفك هاهنا اتريد يا موسي ان يقتلني الخليفة فقال موسي و نحن و الله نسمع كلامه كيف اهرب و لله في ايديكم موقت لي يسوق اليها اقداره و كرامتي علي ايديكم فاخذ السندي بيده و مشي و لم يزل في الشدة حتي ان اللعين سقاه السم و مرض و بقي في السجن مريضا في (البحار) ثم ان سيدنا موسي بن جعفر (ع) دعا بالمسيب و ذلك قبل وفاته بثلاثة ايام و كان موكلا به فقال له يا مسيب فقال لبيك يا مولاي قال اني ظاعن في هذه الليلة الي المدينة مدينة جدي رسول الله (ص) لأعهد الي علي ابني ما عهده الي ابي و اجعله وصي و خليفتي و امره بأمري قال المسيب فقلت يا مولاي كيف تأمرني ان افتح لك الابواب و الحرس معي علي الابواب فقال يا مسيب ضعف يقينك في الله عزوجل و فينا فقلت لا يا سيدي ادع الله ان يثبتني فقال اللهم ثبته ثم قال اني ادعوا الله عزوجل باسمه العظيم الذي دعا به اصف حتي جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ان يرتد اليه طرفه حتي يجمع بيني و بين ابني علي بالمدينة قال المسيب فسمعته (ع) يدعو ففقدته عن مصلاه فلم ازل قائما علي قدمي حتي



[ صفحه 172]



رأيته قد عاد الي مكانه و اعاد الحديد الي رجليه فحررت لله ساجدا لوجهي شكرا علي ما انعم به علي من معرفته فقال لي ارفع رأسك يا مسيب و اعلم اني راحل الي الله عزوجل في ثالث هذا اليوم قال فبكيت فقال لي لا تبك يا مسيب فان عليا ابني هو امامك و مولاك بعدي فاستمسك بولايته فانك لا تضل ما لزمته فقلت الحمدلله قال ثم ان سيدي (ع) دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال لي اني علي ما عرفتك من الرحيل الي الله عزوجل فاذا دعوت بشربة من ماء فشربتها و رأيتني قد اننفخت و ارنفع بطني و اصفر لوني و احمر و اخضر و تلون الوانا فخبر الطاغية بوفاتي فاذا رأيت بي هذا الحديث فاياك ان تظهر عليه احدا و لا علي من عندي الا بعد وفاتي قال المسيب بن زهير فلم ازل ارقب وعده حتي دعا (ع) بالشربة فشربها ثم دعاني فقال لي يا مسيب ان هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم انه يتولي غسلي و دفني و هيهات هيهات ان يكون ذلك ابدا فاذا حملت الي المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها و لا ترفعوا قبري فوق اربع أصابع مفرجات و لا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به فان كل تربة لنا محرمة الا تربة جدي الحسين بن علي (ع) فان الله عزوجل جعلها شفاء لشيعتنا و اوليائنا قال ثم رأيت شخصا اشبه الاشخاص به (ع) جالسا الي جانبه و كان عهدي بسيدي الرضا (ع) و هو غلام فاردت سؤاله فصاح بي سيدي موسي (ع) و قال لي أليس قد نهيتك يا مسيب فلم ازل صابرا جتي مضي و غاب الشخص ثم انهيت الخبر الي الرشيد فوافي السندي بن شاهك في (البحار) عن عمر بن واقد قال ارسل الي السندي بن شاهك في بعض الليل و انا ببغداد يستحضرني فحشيت ان يكون ذلك لسؤ يريده بي فاوصيت عيالي بما احتجت اليه و قلت انا لله و انا اليه راجعون ثم ركبت اليه فلما رآني



[ صفحه 173]



مقبلا قال يا اباحفص لعلنا ارعبناك و افزعناك قلت نعم قال فليس هنا الا خير قلت فرسول تبعثه الي منزلي ليخبرهم بخبري و سلامتي فقال نعم ثم قال يا ابا حفص اتدري لم أرسلت اليك فقلت لا فقال اتعرف موسي بن جعفر فقلت اي و الله اني لأعرفه و بيني و بينه صداقة منذ دهر فقال من هاهنا يعرفه ممن يقبل قوله فسميت له اقواما و وقع في نفسي انه (ع) قد مات قال فبعث و جاء بهم كما جاء بي فقال لهم هل تعرفون قوما يعرفون موسي بن جعفر (ع) فسموا له قوما فجاء بهم فاصبحنا و نحن في الدار نيف و خسمون رجلا ممن يعرف موسي بن جعفر (ع) و قد صحبه قال ثم قام و دخل وصلينا فخرج كاتبه و معه طور ما فكتب اسماءنا و منازلنا و اعمالنا و حلالنا ثم دخل الي السندي قال فخرج السندي فضرب يده الي فقال لي قم يا اباحفص اكشف الثوب عن وجه موسي بن جعفر (ع) فكشفته فرأيته ميتا فبكيت و استرجعت ثم قال للقوم انظروا اليه فدنا واحد بعد واحد فنظروا اليه ثم قال تشهدون كلكم ان هذا موسي بن جعفر بن محمد (ع) ثم قال يا غلام اطرح علي عورته منديلا و اكشفه ففعل فقال اترون به اثرا تنكرونه فقلنا لا ما نري به شيئا و لا نراه الا ميتا قال فلا تبرحوا حتي تغسلوه و تكفنوه و تدفنوه قال فلم نبرح حتي غسل و كفن و حمل فصلي عليه السندي بن شاهك و دفناه و رجعنا فكان عمر بن واقد يقول ما احد هو اعلم بموسي بن جعفر مني كيف انه حي و انا دفنته (و يظهر) من اخبار كثيرة ان الرضا (ع) حضر اباه في تجهيزه الي ان دفنه منها خبر مسيب الذي ذكرناه انفا و في آخر الخبر قال المسيب فو الله لقد رأيتهم بعيني و هم يظنون انهم يغسلونه فلا تصل ايديهم اليه و يظنون انهم يحنطونه و يكفنونه و اراهم لا يصنعون به شيئا و رأيت ذلك الشخص يتولي غسله



[ صفحه 174]



و تحنيطه و تكفينه و هو يظهر المعاونة لهم و هم لا يعرفونه فلما فرغ من امره قال لي ذلك الشخص يا مسيب مهما شككت فيه تشكن في فاني امامك و مولاك و حجة الله عليك بعد ابي يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق (ع) و مثلهم مثل اخوته حين دخلوا عليه فعرفهم و هم له منكرون ثم حمل (ع) حتي دفن في مقابر قريش و لم يرفع قبره اكثر مما امر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك و بنوا عليه و كانت وفاته بعد مضي خمس عشرة سنة من ملك الرشيد استشهد ولي الله موسي بن جعفر (ع) مسموما سمه السندي بن شاهك بامر الرشيد في الحبس المعروف بدار المسيب بباب الكوفة و مضي (ع) الي رضوان الله و كرامته يوم الجمعة لخمس خلون من رجب او لخمس بقين من رجب سنة ثلاث و ثمانين و مأة من الهجرة و قد تم عمره اربعا و خمسين سنة و تربته بمدينة السلام في الجانب الغربي بباب التبن في المقبرة المعروفة بمقابر قريش قال الرضا (ع) ان الله انجي بغداد ببركة قبر ابي الحسن موسي ابن جعفر (ع) و سأله ابن سنان عن ثواب زيارته فقال زره فان من زاره فله الجنة قال في (المناقب) عن علي بن خلال قال ما همني امر فقصدت قبر موسي بن جعفر و توسلت به الا سهل الله تعالي لي ما أحب و رأي في بغداد امرأة تهرول فقيل الي اين قالت الي موسي بن جعفر (ع) فانه حبس ابني فقال لها حنبلي انه قد مات في الحبس فقالت بحق المقتول في الحبس ان تريني القدرة فاذا بابنها قد اطلق و اخذ ابن المستهزي ء بجنايته في (البحار) ان احمد بن ربيعة كان احد كتاب الخليفة المقتدر بالله ظهر جرح في احدي يديه و لم تزل تزاد العلة حتي اسودت يده و نتنت و ظهرت منها رائحة كريهة و امر المعالج بقطعه استمهلهم ليلة ثم لجأ الي اميرالمؤمنين (ع) و استدعي منه الخلاص فنام فرأي اميرالمؤمنين (ع)



[ صفحه 175]



يراه النائم و قال له يا أحمد اني لمشغول عنك اذهب الي ولدي موسي ابن جعفر وسله حتي تبري ء من علتك فلما انتبة اغتسل و تطيب و أمر بأن يحملوه في محمل الي موسي بن جعفر (ع) ففعلوا ذلك و جاؤا به الي القبر الشريف فرمي بنفسه علي القبر و جعل يبكي و ينضرع و يتمسح بتراب القبر و يطلب الشفاء ثم شد يده فلما أصبح جاؤا اليه و كشفوا عنها فاذا هي بأحسن ما يكون كان لم يكن فيها جرح ببركة تربة موسي بن جعفر و التوسل به و له عليه السلام من الأولاد سبع و ثلاثون ذكرا و أناثا فابناؤه ثمانية عشر و بناته تسع عشرة و قد ذكرنا أحوالهم في كشف الدرر في أحوال أولاد أبي ابراهيم موسي بن جعفر و من أبنائه القاسم و من بناته فاطمة ذكرناهما في كتابنا الموسوم بشجرة طوبي فليراجع هناك و الحمدلله أولا و آخرا فليعلم أن الرشيد حمل موسي بن جعفر (ع) الي بغداد مرتين مرة حمله و حبسه في البصرة ثم في بغداد ثم رده الي المدينة و مرة اخري أخذه و حمله الي بغداد فلم يطلق عنه حتي سمه و سقاه السم و مات مسموما و دفن في مقابر قريش الخ.

أقول و ذكر السيد ابن طاوس (ره) الصلوة علي موسي بن جعفر (ع) أللهم صل علي محمد و أهل بيته و صل علي موسي بن جعفر وصي الأبرار و امام الأخيار و عيبة الأنوار و وارث السكينة و الوقار و الحكم و لآثار الذي كان يحيي الليل بالسهر الي السحر بمواصلة الأستغفار حليف السجدة الطويلة و الدموع الغزيرة و المناجاة الكثيرة و الضراعات المتصلة و مقهر النهي و العدل و الخبر و الفضل و الندي و البذل و مألف البلوي و الصبر و المضطهد بالظلم و المقبور بالجور و المعذب في قعر السجون و ظلم المطامير ذي الساق المرضوض بحلق القيود و الجنازة المنادي عليها بذل الأستخفاف



[ صفحه 176]



و الوارد علي جده المصطفي و أبيه المرتضي و أمه سيدة النساء بأرث منصوب و ولاء مسلوب و أمر مغلوب و دم مطلوب و سم مشروب أللهم و كما صبر علي غليظ المحن و تجرع غصص الكرب و أستسلم لرضاك و أخلص الطاعة لك و محض الخشوع و استشعر الخضوع و عادي البدعة و أهلها و لم يلحقه في شي ء من أوامرك و نواهيك لومة لائم صل عليه صلوة نامية منيفة زاكية توجب له شفاعة أمم من خلقك و قرون من براياك و بلغه عنا تحية و سلاما و آتنا من لدنك في موالاته فضلا و احسانا و مغفرة و رضوانا انك ذوالفضل العميم و التجاوز العظيم برحمتك يا أرحم الراحمين.