بازگشت

في عبادته و ورعه و زهده




احببتكم يا بني الزهراء محتسبا

و حب غيري حب غير محتسب



لا حاجة لي الي الخلق و لا ادب

الا اليكم و حسبي ذاك من ارب



ما طاب لي مولدي الا بحبكم

يا طيبون و لولا ذاك لم يطب



انتم بنوا المصطفي و المرتضي نجب

من كل منتجب سمي بمنتجب



انتم بنو شاهد النجوي من الغيب

انتم بنو صاحب الآيات و العجب



انتم بنو خير من يمشي علي قدم

بعد النبي مقال الحق لا الكذب



كان ابوالحسن موسي (ع) اعبد اهل زمانه وافقههم و اسخاهم كفا و اكرمهم و كان يصلي نوافل الليل و يصلها بصلاة الصبح ثم يعقب حتي تطلع الشمس و يخر لله ساجدا فلا يرفع رأسه من السجود و التحميد حتي يقرب زوال الشمس و كان يدعو كثيرا فيقول اللهم اني اسألك الراحة عند الموت و العفو عند الحساب و يكرر ذلك و كان من دعائه (ع) عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو و التجاوز من عندك و له (ع) بضع عشرة سنة كل يوم يسجد بعد ابيضاض الشمس الي وقت الزوال و قال الخطيب البغدادي و هو من اعاظم اهل السنة كان موسي (ع) يدعي العبد الصالح من شدة عبادته



[ صفحه 131]



و اجتهاده روي انه دخل مسجد رسول الله (ص) فسجد سجدة في اول الليل فسمع و هو يقول عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك يا اهل التقوي و يا اهل المغفرة فجعل يرددها حتي اصبح و في حديث طويل عن المأمون يصف فيه موسي بن جعفر (ع) و يذكر وروده علي ابيه الرشيد بالمدينة يقول اذ دخل شيخ مسجد قد انهكته العبادة كأنه شن بال قد كلم السجود وجهه و انفه و الحاصل كان (ع) حليف السجدة الطويلة و الدموع الغزيرة و كان له غلام اسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه و عرنين انفه من كثرة السجود



طالت لطول سجود منه ثفنته

فقرحت جبهة منه و عرنينا



رأي فراغته في السجن منيته

و نعمة شكر الباري بها حينا



و حكي انه توفي (ع) في حال السجود لله تعالي انفذ هارون الرشيد الي موسي بن جعفر (ع) في الحبس جارية حصيفة لها جمال و وضاءة لتخدمه في السجن و انفذ الخادم اليه ليستفحص عن حال الجارية فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها و تقول قدس و قدوس سبحانك سبحانك سبحانك فاتي بها الي الرشيد و هي ترعد شاخصة الي السماء بصرها و اقبلت في الصلوة فقيل لها ما شأنك قالت هكذا رأيت العبد الصالح فما زالت الجارية كذلك حتي ماتت و كان يستغفر في كل يوم خسمة آلاف مرة و الناس يسمونه زين المجتهدين و كان يبكي من خشية الله حتي تخضل لحيته بالدموع و كان افقه اهل زمانه و احفظهم لكتاب الله و احسنهم صوتا بالقرآن و اذا قرأ يحزن و يبكي و يبكي السامعون لتلاوته لقد بلغ روحي له الفدا في العبادة ما لم يبلغه أحد قال الراوي ما رأيت احدا اشد خوفا علي نفسه



[ صفحه 132]



من موسي بن جعفر (ع) و لا أرجي للناس منه و كانت قراءته حزنا فاذا قرأ فكأنه يخاطب انسانا قال علي بن أبي حمزة رأيت أباالحسن (ع) يعمل له في ارض قد استنقعت قدماه في العرق و اشتغلت شفتاه بذكر الله فقلت جعلت فداك أين الرجال فقال يا علي قد عمل بالسحاة من هو خير مني في أرضه و من أبي فقلت و من هو فقال رسول الله (ص) و اميرالمؤمنين (ع) و آبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم و هو من عمل النبيين و المرسلين و الأوصياء و الصالحين و لا يخلو من احدي ثلاث خصال أما صائما و أما ذاكرا و أما ساجدا قال هشام بن أحمر كنت أسير مع أبي الحسن (ع) في بعض أطراف المدينة اذ ثني رجله عن دابته فخر ساجدا فأطال و أطال ثم رفع رأسه و ركب دابته فقلت جعلت فداك قد اطلت السجود فقال انني ذكرت نعمة أنعم الله بها علي فأجببت أن أشكر ربي و يسجد لله كثيرا و له سجدات طويلة كما مر و لقد سمع منه في الحبس يقول أللهم انني كنت أسألك ان تفرغني لعبادتك أللهم و قد فعلت فلك الحمد و ربما كان هارون يصعد سطحا يشرف منه علي الحبس الذي حبس فيه أباالحسن موسي بن جعفر (ع) فكان يري أباالحسن (ع) ساجدا فقال للربيع ما ذاك الثوب الذي أراه كل يوم في ذلك الموضع قال يا أميرالمؤمنين ما ذاك بثوب و انما هو موسي ابن جعفر له كل يوم سجدة بعد طلوع الشمس الي وقت الزوال قال الربيع فقال لي هرون أما أن هذا من رهبان بني هاشم قلت فمالك فقد ضيقت عليه في الحبس قال هيهات لا بد من ذلك.

و عن أحمد بن عبدالله القزويني عن أبيه قال دخلت علي الفضل ابن الربيع و هو جالس علي سطح فقال لي أدن مني فدنوت منه حتي حاذيته



[ صفحه 133]



ثم قال لي أشرف الي البيت في الدار فأشرفت فقال لي ما تري في البيت قلت ثوبا مطروحا فقال انظر حسنا فتأملت و نظرت فتيقنت فقلت رجل ساجد فقال لي تعرفه قلت لا قال هذا مولاك قلت و من مولاي فقال تتجاهل علي فقلت ما اتجاهل ولكني لا أعرف لي مولي فقال هذا ابوالحسن موسي بن جعفر (ع) اني أتفقده في الليل و النهار فلم أجده في وقت من الأوقات الا علي الحال التي أخبرك بها أنه يصلي الفجر فيعقب ساعة في دبر صلوته الي أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتي تزول الشمس و قد و كل من يترصد له الزوال فلست أدري متي يقول الغلام قد زالت الشمس اذ يثب فيبتدي ء بالصلوة من غير أن يجدد و ضوءا فأعلم أنه لم ينم في سجوده و لا أغفي فلا يزال كذلك الي أن يفرغ من صلوة العصر فاذا صلي العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا الي أن تغيب الشمس فاذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلي المغرب من غير أن يحدث حدثا و لا يزال في صلواته و تعقيبه الي أن يصلي العتمة أفطر علي شوي يؤتي به ثم يجدد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة ثم يقوم فيجدد الوضوء ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل حتي يطلع الفجر قلت أدري متي يقول الغلام ان الفجر قد طلع اذ قد وثب هو لصلوة الفجر فهذا دأبه منذ حول الي فقلت أتق الله و لا تحدثن في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة فقد تعلم أنه لم يفعل احد بأحد منهم سوءا الا كانت نعمته زايلة فقال قد أرسلوا الي في غير مرة يأمرونني تقبله فلم أحببهم الي ذلك و أعلمتهم اني لا أفعل ذلك و لو قتلوني ما أجبتهم الي ما سألوني فلما كان بعد ذلك حول الي الفضل بن يحيي البرمكي فجلس عنده أياما فكان الفضل بن الربيع



[ صفحه 134]



يبعث اليه في كل ليلة مائدة و منع ان يدخل اليه من عند غيره فكان لا يأكل و لا يفطر الا علي المائدة التي يؤتي بها حتي مضي علي تلك الحال ثلاثة ايام و لياليها فلما كانت اليلة الرابعة قدمت اليه مائدة للفضل بن يحيي قال و رفع رأسه الي السماء فقال يا رب انك تعلم الي آخر ما ذكر في المجلس السابق فليراجع هناك