بازگشت

سيرته


هذه مقتطفات من سيرة الامام موسي الكاظم عليه السلام، و شذرات من سجاياه الفاضلة، و أخلاقه الحميدة، و ما أحوجنا اليوم الي السير علي هدي هذه السيرة الغراء، و التخلق بمثل هذا الخلق الكريم، لنحقق ما نهدف اليه من خير و سعادة، و نستعيد ماضينا المجيد.

نذكر بعض ما ورد من سيرته عليه السلام:

1 - روي أن رجلا كان بالمدينة يؤذي أباالحسن موسي عليه السلام، و يسبه اذا رآه، و يشتم علياً عليه السلام، فقال له أصحابه: دعنا نقتل هذا الفاجر، فنهاهم عن ذلك و زجرهم أشد الزجر، و سأل عن الرجل فأخبر أنه خرج الي زرع له، فخرج اليه و دخل المزرعة بحماره فصاح به الرجل: لا تطأ زرعنا، فتوطاه أبوالحسن عليه السلام بالحمار حتي وصل اليه، فنزل و جلس عنده، و باسطه و ضاحكه، و قال: كم غرمت علي زرعك هذا؟

فقال: مائة دينار.

فكم ترجو أن يحصل منه؟

قال: لست أعلم الغيب.

قال: انما قلت: كم ترجو أن يجيئك فيه.

قال: أرتجي فيه مائتي دينار، فأخرج له أبوالحسن صرة فيها ثلثمائة دينار و قال: هذا زرعك علي حاله، و الله يرزقك ما ترجو. فقام فقبل رأسه و سأله أن يصفح عنه فارطه، فتبسم اليه أبوالحسن و انصرف، وراح الي المسجد فوجد الرجل جالساً، فلما نظر اليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته.



[ صفحه 19]



فوثب أصحابه فقالوا: ما قصتك؟ قد كنت تقول غير هذا!!

فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، و جعل يدعو لأبي الحسن عليه السلام، فخاصمهم و خاصموه.

فلما رجع أبوالحسن عليه السلام الي داره قال لأصحابه الذين أشاروا بقتل الرجل: كيف رأيتم أصلحت أمره و كفيت شره [1] .

2 - مر عليه السلام برجل من أهل السواد دميم المنظر فسلم عليه، و نزل عنده، و حادثه طويلاً، ثم عرض عليه نفسه في القيام بحاجة ان عرضت.

فقيل له: يا ابن رسول الله أتنزل الي هذا ثم تسأله عن حوائجه و هو اليك أحوج؟!

فقال عليه السلام: عبد من عبيدالله، و أخ في كتاب الله، و جار في بلاد الله، يجمعنا و اياه خير الآباء آدم، و أفضل الأديان الاسلام، و لعل الدهر يرد من حاجتنا اليه فيرانا بعد الزهو عليه متواضعين بين يديه، ثم قال:



نواصل من لا يستحق وصالنا

مخافة أن نبقي بغير صديق [2] .



3 - حج هارون الرشيد فأتي قبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم زائراً و حوله قريش و أفياء القبائل، و معه موسي بن جعفر، فلما انتهي الي القبر قال: السلام عليك يا رسول الله، يا ابن عمي، افتخاراً علي من حوله. فدنا موسي بن جعفر فقال: السلام عليك يا أبه، فتغير وجه هارون و قال: هذا الفخر يا أباالحسن [3] .

4 - أعتق عليه السلام ألف مملوك [4] .



[ صفحه 20]



5 - عن الحسن بن علي بن حمزة عن أبيه قال: رأيت أباالحسن... يعمل في أرض و قد استنقعت قدماه في العرق.

فقلت: جعلت فداك أين الرجال؟!

قال: يا علي قد عمل باليد من هو خير مني في أرضه و من أبي.

فقلت: و من هو؟

فقال: رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين عليه السلام؛ و آبائي كلهم كانوا قد عملوا بأيديهم، و هو من عمل النبيين و المرسلين و الأوصياء و الصالحين [5] .

6 - عن معتب قال: كان أبوالحسن يأمرنا اذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها و نشتري مع المسلمين يوماً بيوم [6] .

7 - قال يحيي بن خالد يوماً لبعض ثقاته: أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال، يعرفني ما أحتاج اليه - يريد التعرف منه علي أخبار الكاظم عليه السلام - فدل علي علي بن اسماعيل بن جعفر بن محمد، فحمل اليه يحيي بن خالد مالا، و كان موسي يأنس اليه و يصله و ربما أفضي اليه أسراره كلها، فكتب ليشخص به. فأحس موسي بذلك فدعاه فقال: الي أين يا ابن أخي؟

قال: الي بغداد.

قال: و ما تصنع؟

قال: علي دين و أنا مملق.

قال: فأنا أقضي دينك، و أفعل بك و أصنع.

فلم يلتفت الي ذلك.

فقال له: أنظر يا ابن أخي لا تؤتم أولادي، و أمر له بثلثمائة دينار، و أربعة آلاف درهم. فلما قام من بين يديه، قال أبوالحسن موسي عليه السلام لمن حضره: و الله ليسعين في دمي، و يوتمن أولادي.



[ صفحه 21]



فقالوا له: جعلنا الله فداك فأنت تعلم هذا من حاله و تعطيه و تصله؟!

فقال لهم: نعم، حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلي الله عليه و اله و سلم: أن الرحم اذا قطعت فوصلت فقطعت قطعها الله، و اني أردت أن أصله بعد قطعه لي، حتي اذا قطعني قطعه الله.

قالوا: فخرج علي بن اسماعيل حتي أتي يحيي بن خالد، فتعرف منه خبر موسي بن جعفر عليه السلام، فرفعه الي الرشيد و زاد فيه، ثم أوصله الي الرشيد فسأله عن عمه، فسعي به اليه، و قال له: ان الأموال تحمل اليه من المشرق و المغرب، و انه اشتري ضيعة سماها (اليسيرية) بثلاثين ألف دينار، فقال له صاحبها و قد أحضر المال: لا آخذ هذا النقد، و لا آخذ الا نقد كذا و كذا، فأمر بذلك المال فرد، و أعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه.

فسمع ذلك منه الرشيد و أمر له بمائتي ألف درهم يسبب بها علي بعض النواحي، فاختار علي بعض كور المشرق، و مضت رسله لقبض المال، و أقام ينتظر وصوله، فدخل في تلك الأيام الي الخلاء، فزحر زحرة خرجت منها حشوته كلها فسقط، و جهدوا في ردها فلم يقدروا، فوقع لما به، و جاءه المال و هو ينزع فقال: ما أصنع به و أنا في الموت، فرد المال الي خزانة الرشيد، و خسر علي الدنيا و الآخرة [7] .



[ صفحه 22]




پاورقي

[1] كشف الغمة 247، تاريخ بغداد 13 / 29.

[2] تحف العقول 305.

[3] تاريخ بغداد 13 / 31.

[4] حياة الامام موسي بن جعفر 1 / 89.

[5] بحارالأنوار 11 / 266.

[6] بحارالأنوار 11 / 267.

[7] أعيان الشيعة 4 ق 3 / 70 و في أصول الكافي 1 / 485 بلفظ مقارب.