بازگشت

(و) ـ النصّ عليه ومناقبه عن أبيه الإمام الصادق عليهماالسلام


الأوّل ـ النصّ عليه وأنّ عنده عليه السلام ما يحتاج إليه الناس:

(363) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ،

عن أبي الحكم الأرمنيّ، قال: حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم بن عليّ بن عبد اللّه بن

جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيديّ.

قال أبو الحكم: وأخبرني عبد اللّه بن محمّد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن

سليط، قال: لقيت أبا إبراهيم عليه السلام ـ ونحن نريد العمرة ـ في بعض الطريق فقلت:

جعلت فداك؛ هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟

قال عليه السلام: نعم، فهل تثبته أنت؟

قلت: نعم، إنّي أنا وأبي لقيناك ههنا وأنت مع أبي عبد اللّه عليه السلام، ومعه إخوتك،

فقال له أبي: بأبي أنت وأُمّي! أنتم كلّكم أئمّة مطهّرون، والموت لا يعري منه أحد،

فأحدث إليّ شيئا أحدّث به من يخلفني من بعدي فلا يضلّ.

قال عليه السلام: نعم، يا أبا عبد اللّه! هؤلاء ولدي وهذا سيّدهم - وأشار إليك -، وقد

علم الحكم والفهم والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس، وما اختلفوا فيه من أمر

دينهم ودنياهم، وفيه حسن الخلق وحسن الجواب، وهو باب من أبواب اللّه عزّ

وجلّ، وفيه أخري خير من هذا كلّه.

فقال له أبي: وما هي ـ بأبي أنت وأُمّي ـ؟

قال عليه السلام: يخرج اللّه عزّ وجلّ منه غوث هذه الأُمّة وغياثها، وعلمها ونورها،

وفضلها وحكمتها، خير مولد وخير ناشي، يحقن اللّه عزّ وجلّ به الدماء، ويصلح به

ذات البين، ويلمّ به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به

الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل اللّه به القطر، ويرحم به العباد، خير كهل وخير

ناشي، قوله حكم، وصمته علم، يبيّن للناس ما يختلفون فيه، ويسود عشيرته من

قبل أوان حلمه.

فقال له أبي: بأبي أنت و أُمّي! وهل ولد؟

قال عليه السلام: نعم، ومرّت به سنون.

قال يزيد: فجاءنا من لم نستطع معه كلاما. قال يزيد: فقلت لأبي إبراهيم عليه السلام:

فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام.

فقال لي: نعم، إنّ أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه.

فقلت له: فمن يرضي منك بهذا فعليه لعنة اللّه.

قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا ثمّ قال: أُخبرك يا أبا عمارة! إنّي

خرجت من منزلي فأوصيت إلي ابني فلان وأشركت معه بنيّ في الظاهر، وأوصيته

في الباطن فأفردته وحده، ولمّا كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم ابني، لحبّي إيّاه

ورأفتي عليه، ولكن ذلك إلي اللّه عزّ وجلّ يجعله حيث يشاء، ولقد جاءني بخبره

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم ثمّ أرانيه وأراني من يكون معه، وكذلك لا يوصي إلي أحد منّا

حتّي يأتي بخبره رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، وجدّي عليّ صلوات اللّه عليه، ورأيت مع

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة، فقلت: ما هذا يا رسول اللّه؟

فقال لي: أمّا العمامة فسلطان اللّه عزّ وجلّ، وأمّا السيف فعزّ اللّه تبارك و تعالي،

وأمّا الكتاب فنور اللّه تبارك وتعالي، وأمّا العصا فقوّة اللّه، وأمّا الخاتم فجامع هذه

الأمور، ثمّ قال لي: والأمر قد خرج منك إلي غيرك.

فقلت: يا رسول اللّه! أرنيه أيّهم هو؟

فقال صلي الله عليه و آله وسلم: ما رأيت من الأئمّة أحدا أجزع علي فراق هذا الأمر منك ولو

كانت الإمامة بالمحبّة لكان إسماعيل أحبّ إلي أبيك منك، ولكن ذلك من اللّه عزّ وجلّ.

ثمّ قال أبو إبراهيم: ورأيت ولدي جميعا الأحياء منهم والأموات، فقال لي أمير

المؤمنين عليه السلام: هذا سيّدهم وأشار إلي ابني عليّ، فهو منّي وأنا منه، واللّه مع المحسنين.

قال يزيد: ثمّ قال أبو إبراهيم عليه السلام: يا يزيد! إنّها وديعة عندك.

قال: فلا تخبر بها إلاّ عاقلاً أو عبدا تعرفه صادقا، وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها،

وهو قول اللّه عزّ وجلّ: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ

الْأَمَـنَـتِ إِلَي أَهْلِهَا»[145].

وقال لنا أيضا: «وَ مَنْ أَظْـلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَـدَةً عِندَهُو مِنَ اللَّهِ»[146]؟

قال: فقال أبو إبراهيم عليه السلام: فأقبلت علي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم فقلت: قد جمعتهم لي

- بأبي وأُمّي - فأيّهم هو؟

فقال: هو الذي ينظر بنور اللّه عزّ وجلّ، ويسمع بفهمه، وينطق بحكمته، يصيب

فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، معلّما حكما وعلما، هو هذا - وأخذ بيد عليّ ابني ـ، ثمّ

قال: ما أقلّ مقامك معه، فإذا رجعت من سفرك فأوص وأصلح أمرك، وأفرغ ممّا

أردت، فإنّك منتقل عنهم ومجاور غيرهم، فإذا أردت فادع عليّا، فليغسّلك

وليكفّنك، فإنّه طهر لك، ولا يستقيم إلاّ ذلك، وذلك سنّة قد مضت فاضطجع بين

يديه وصفّ إخوته خلفه وعمومته، ومره فليكبّر عليك تسعا فإنّه قد استقامت

وصيّته ووليّك، وأنت حيّ، ثمّ أجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم وأشهد اللّه

عزّ وجلّ وكفي باللّه شهيدا.

قال يزيد: ثمّ قال لي أبو إبراهيم عليه السلام: إنّي أوخذ في هذه السنة، والأمر هو إلي

ابني عليّ سميّ عليّ وعليّ، فأمّا عليّ الأوّل فعليّ بن أبي طالب، وأمّا الآخر فعليّ بن

الحسين عليهماالسلام أعطي فهم الأوّل وحلمه ونصره وودّه ودينه، ومحنته ومحنة الآخر،

وصبره علي ما يكره، وليس له أن يتكلّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين.

ثم قال لي: يا يزيد! وإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه فبشّره أ نّه سيولد له

غلام أمين مأمون مبارك، وسيعلمك أنّك قد لقيتني، فأخبره عند ذلك أ نّ الجارية

التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أُمّ

إبراهيم، فإن قدرت أن تبلغها منّي السلام فافعل.

قال يزيد: فلقيت بعد مضيّ أبي إبراهيم عليه السلام عليّا عليه السلام فبدأني فقال لي: يا يزيد!

ما تقول في العمرة؟

فقلت: بأبي أنت وأُمّي ذلك إليك، وما عندي نفقة؟

فقال: سبحان اللّه! ما كنّا نكلّفك ولا نكفيك، فخرجنا حتّي انتهينا إلي ذلك الموضع،

فأبدأني فقال: يا يزيد! إنّ هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك وعمومتك.

قلت: نعم، ثمّ قصصت عليه الخبر.

فقال لي: أمّا الجارية فلم تجئ بعد، فإذا جاءت بلّغتها منه السلام، فانطلقنا إلي

مكّة فاشتراها في تلك السنة فلم تلبث إلاّ قليلاً حتّي حملت فولدت ذلك الغلام.

قال يزيد: وكان إخوة عليّ يرجون أن يرتوه، فعاودني إخوته من غير ذنب

فقال لهم إسحاق بن جعفر: واللّه! لقد رأيته وإنّه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الذي

لا أجلس فيه أنا[147].

الثاني ـ النصّ عليه وأ نّه عليه السلام معصوم مطهّر:

(364) 1 ـ الخزّاز القمّيّ رحمه الله: ... عن مسعدة، قال: كنت عند الصادق عليه السلام إذ أتاه

شيخ كبير قد انحنا متّكئا علي عصاه. فسلّم، فردّ أبو عبد اللّه عليه السلامالجواب ... قال: يا

شيخ! إنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن، والحسن يخرج من صلب عليّ، وعليّ يخرج

من صلب محمّد، ومحمّد يخرج من صلب عليّ وعليّ يخرج من صلب ابني هذا ـ

وأشار إلي موسي عليه السلام ـ وهذا خرج من صلبي، نحن اثنا عشر كلّنا معصومون

مطهّرون ... [148].

الثالث - النصّ عليه ونزول المطر لإمامته عليه السلام:

(365) 1 ـ المسعوديّ رحمه الله: روي أنّ أبا عبد اللّه عليه السلام كان محبّا لإسماعيل ابنه

وكان يثني عليه خيرا، فتشاجر قوم من مواليه وموالي أبي الحسن موسي عليه السلام في

ذلك، وادّعوا لإسماعيل الأمر في حياة أبي عبد اللّه عليه السلام.

فقال لهم أصحاب أبي الحسن: باهلونا فيه، فخرجوا معهم إلي الصحراء

ليباهلوهم فأظلّت الجمع غمامة، فأمطرت علي أصحاب أبي الحسن عليه السلامدون

أولئك.

فاستبشروا ورجعوا إلي أبي عبد اللّه فأخبروه بذلك، فسمّاهم الممطورة[149].

الرابع - النصّ عليه وأنّ الشيطان لا يتمثّل به عليه السلام:

(366) 1 ـ زيد النرسيّ رحمه الله: حدّثنا الشيخ أبو محمّد هارون بن موسي بن أحمد

التَلَّعُكْبريّ أيّده اللّه، قال: حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن سعيد الهمدانيّ، قال: حدّثنا

جعفر بن عبد اللّه العلويّ أبو عبد اللّه المحمّديّ، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن

زيد، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: إنّ شيطانا قد ولع بابني إسماعيل يتصوّر في صورته

ليفتن به الناس، وإنّه لا يتصوّر في صورة نبيّ ولا وصيّ نبيّ، فمن قال لك من الناس:

إنّ إسماعيل ابني حيّ لم يمت، فإنّما ذلك الشيطان تمثّل له في صورة إسماعيل، ما زلت

أبتهل إلي اللّه عزّ وجلّ في إسماعيل ابني أن يحييه لي، ويكون القيّم من بعدي، فأبي

ربّي ذلك.

وإنّ هذا شيء ليس إلي الرجل منّا يضعه حيث يشاء، وإنّما ذلك عهد من اللّه

عزّ وجلّ يعهده إلي من يشاء، فشاء اللّه أن يكون موسي ابني، وأبي أن يكون إسماعيل،

ولو جهد الشيطان أن يتمثّل بابني موسي ما قدر علي ذلك أبدا، والحمد للّه[150].

الخامس - النصّ عليه وأنّ عنده عليه السلام كتب رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم:

(367) 1 ـ ابن بابويه القمّيّ رحمه الله: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن أحمد، عن الحسن

ابن عليّ بن مهزيار، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن فضالة

ابن أيّوب، عن أبي جعفر الضَرير، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد اللّه عليه السلام، وعنده

إسماعيل ابنه، فسألته عن قبالة الأرض، فأجابني فيها.

فقال له إسماعيل: يا أبة! إنّك لم تفهم ما قال لك!

قال: فشقّ ذلك عليَّ، لأنّا كنّا يومئذ نأتمّ به بعد أبيه.

فقال: إنّي كثيرا ما أقول لك: (الزمني، وخذ منّي) فلا تفعل.

قال: فطفق إسماعيل وخرج، ودارت بي الأرض، فقلت: إمام يقول لأبيه: (إنّك لم

تفهم) ويقول له أبوه: (إنّي كثيرا ما أقول لك أن تقعد عندي وتأخذ منّي فلا تفعل!).

قال: فقلت: بأبي أنت وأُمّي! وما علي إسماعيل أن لا يلزمك ولا يأخذ عنك إذا

كان ذلك، وأفضت الأمور إليه، علم منها الذي علمته من أبيك حين كنت مثله؟

قال: فقال: إنّ إسماعيل ليس منّي كأنا من أبي.

قال: قلت: إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، ثمّ إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، فمن بعدك؟ -

بأبي أنت وأُمّي! - فقد كانت في يدي بقيّة من نفسي، وقد كبرت سنّي، ودقّ عظمي،

وجاء أجلي، وأنا أخاف أن أبقي بعدك.

قال: فرددت عليه هذا الكلام ثلاث مرّات، وهو ساكت لا يجيبني، ثمّ نهض في

الثالثة، وقال: لا تبرح.

فدخل بيتا كان يخلو فيه، فصلّي ركعتين يطيل فيهما، ودعا فأطال الدعاء، ثمّ

دعاني فدخلت عليه، فبينا أنا عنده إذ دخل عليه العبد الصالح، وهو غلام حدث،

وبيده درّة، وهو يبتسم ضاحكا.

فقال له أبوه: بأبي أنت وأُمّي! ما هذه المخفقة التي أراها بيدك؟

فقال: كانت مع إسحاق يضرب بها بهيمة له، فأخذتها منه.

فقال: ادن منّي، فالتزمه وقبّله وأقعده إلي جانبه، ثمّ قال: إنّي لأجد بابني هذا ما

كان يعقوب يجد بيوسف.

قال: فقلت: بأبي أنت وأُمّي! زدني.

فقال: ما نشأ فينا - أهل البيت - ناشي ء مثله.

قال: فقلت: زدني.

قال: فقال: تري ابني هذا؟ إنّي لأجد به كما كان أبي يجد بي.

قال: قلت: يا سيّدي! زدني.

قال: إنّ أبي كان إذا دعا فأحبّ أن يستجاب له، وقّفني عن يمينه، ثمّ دعا وأمّنت،

وإنّي لأفعل ذلك بابني هذا، ولقد ذكرتك أمس في الموقف فدعوت لك ـ كما كان أبي

يدعو لي - وابني هذا يؤمّن، وإنّي لا أحتشم منه كما كان أبي لا يحتشم منّي.

قال: فقلت: يا سيّدي! زدني.

قال: أتري ابني هذا؟ إنّي لأئتمنه علي ما كان أبي يأتمنني عليه.

فقلت: يا مولاي! زدني.

فقال: إنّ أبي كان إذا خرج إلي بعض أرضه أخرجني معه، فرآني أنعس في

الطريق، أمرني فأدنيت راحلتي من راحلته، ثمّ وسّدني ذراعي، وناقتانا مقترنان ما

يفترقان، فنكون كذلك الليلتين والثلاث، وإنّ ابني يصنع هذا، علي ما تري من

حداثة سنّه، كما كنت أصنع.

قال: قلت: يا مولاي! زدني.

قال: إنّ أبي كان يأتمنني علي كتب رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم بخطّ عليّ بن

أبي طالب عليه السلام، وإنّي لأئتمن ابني هذا عليه، فهي عنده اليوم.

قال: قلت: يا مولاي زدني.

قال: قم، فخذ بيده فسلّم عليه، فهو مولاك وإمامك من بعدي، لا يدّعيها - فيما

بيني وبينه - أحد إلاّ كان مفتريا.

يا فلان! إن أخذ الناس يمينا وشمالاً، فخذ معه، فإنّه مولاك وصاحبك، أما إنّه لم

يؤذن لي في أوّل ما كان منك.

قال: فقمت إليه، فأخذت بيده، فقبّلتها وقبّلت رأسه، وسلّمت عليه، وقلت:

أشهد أنّك مولاي وإمامي.

قال: فقال لي: أجل، صدقت وأصبت وقد وفّقت، أما إنّه لم يؤذن لي في أوّل ما

كان منك.

قال: قلت له: بأبي أنت وأُمّي! أخبر بهذا؟

قال: نعم، فأخبر به من تثق به وأخبر به فلانا وفلانا - رجلين من أهل الكوفة -

وأرفق بالناس، ولا تلقينّ بينهم أذي.

قال: فقمت فأتيت فلانا وفلانا، وهما في الرحل، فأخبرتهما الخبر.

وأمّا فلان فسلّم وقال: سلّمت ورضيت.

وأمّا فلان فشقّ جيبه وقال: لا واللّه ! لا أسمع ولا أطيع ولا أقرّ حتّي أسمع منه، ثمّ نهض

مسرعا من فوره - وكانت فيه أعرابيّة - وتبعته حتّي انتهي إلي باب أبي عبد اللّه عليه السلام.

قال: فاستأذنّا، فأذن لي قبله، ثمّ أذن له فدخل.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: يا فلان! أيريد كلّ امري منكم أن يؤتي صحفا منشّرة،

إنّ الذي أتاك به فلان الحقّ فخذ به.

قال: فقلت: بأبي أنت وأُمّي! أنا أحبّ أن أسمعه من فيك.

فقال: ابني موسي عليه السلام إمامك ومولاك من بعدي لا يدّعيها أحد فيما بيني وبينه إلاّ

كاذب ومفتر.

قال: فالتفت إليّ - وكان رجلاً له قبالات يتقبّل بها، وكان يحسن كلام النبطيّة -

فالتفت إليّ فقال: (رزقه). قال: فقال أبو عبد اللّه: إنّ (رزقه) بالنبطيّة: خذ هذا،

أجل، خذها[151].

السادس - النصّ عليه وأنّه صاحب كتاب عليّ عليهماالسلام:

(368) 1 ـ النعمانيّ رحمه الله: أخبرنا عبد الواحد بن عبد اللّه بن يونس، قال: حدّثنا

أحمد بن محمّد بن رَباح الزُهْرِيّ الكوفيّ، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الحِمْيَريّ، قال:

حدّثني الحسن بن أيّوب، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعميّ، عن جماعة الصائغ،

قال: سمعت المفضّل بن عمر يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام: هل يفرض اللّه طاعة عبد، ثمّ

يكتمه خبر السماء؟

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: اللّه أجلّ وأكرم وأرأف بعباده وأرحم من أن يفرض

طاعة عبد، ثمّ يكتمه خبر السماء صباحا ومساء، قال: ثمّ طلع أبو الحسن موسي عليه السلام.

فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام: أيسرّك أن تنظر إلي صاحب كتاب عليّ؟

فقال له المفضّل: وأيّ شيء يسرّني إذا أعظم من ذلك؟

فقال: هو هذا صاحب كتاب عليّ، الكتاب المكنون الذي قال اللّه عزّ وجلّ:

«لاَّ يَمَسُّهُو إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ »[152][153].

السابع - النصّ عليه ووجوده قبل خلق آدم عليهماالسلام:

(369) 1 ـ النعمانيّ رحمه الله: ... عن داود بن كثير الرقّيّ، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه

جعفر بن محمّد عليهماالسلام ... فضرب بيده إلي بسرة من عذق، فشقّها، واستخرج منها رقّا

أبيض، ففضّه ودفعه إليّ، وقال: اقرأه.

فقرأته، وإذا فيه سطران ... والثاني: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا

فِي كِتَـبِ اللَّهِ ... »[154] أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ... موسي بن جعفر ... .

ثمّ قال: ... كتب هذا ... قبل أن يخلق اللّه آدم بألفي عام[155].

الثامن - النصّ عليه وأنّ نوره عليه السلام في جنب العرش:

(370) 1 ـ السيّد شرف الدين الأستراباديّ رحمه الله: ... سأل جابر بن يزيد الجعفيّ،

جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام عن تفسير هذه الآية: «وَ إِنَّ مِن شِيعَتِهِي

لاَءِبْرَ هِيمَ»[156].

فقال عليه السلام: إنّ اللّه سبحانه لمّا خلق إبراهيم عليه السلام كشف له عن بصره، فنظر ...

فقال: إلهي! وأري تسعة أنوار قد أحدقوا بهم؟!

قيل: يا إبراهيم! هؤلاء الأئمّة، من ولد عليّ وفاطمة عليهماالسلام.

فقال إبراهيم: إلهي! بحقّ هؤلاء الخمسة إلاّ عرّفتني من التسعة؟

قيل: يا إبراهيم! أوّلهم عليّ بن الحسين، وابنه محمّد، وابنه جعفر، وموسي ...[157].

التاسع - النصّ عليه وأ نّه وارث رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم:

(371) 1 ـ الخزّاز القمّيّ رحمه الله: ... يونس بن ظبيان، قال: دخلت علي

الصادق عليه السلام ... .

ثمّ قال: يا يونس! إذا أردت العلم الصحيح، فعندنا أهل البيت، فإنّا ورثنا،

وأوتينا شرع الحكمة وفصل الخطاب.

فقلت: يا ابن رسول اللّه! وكلّ من كان من أهل البيت ورث كما ورثتم من كان

من ولد عليّ وفاطمة عليهماالسلام؟

فقال عليه السلام: ماورثه إلاّ الأئمّة الاثنا عشر.

قلت: سمّهم لي يا ابن رسول اللّه؟

فقال: أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وبعده الحسن ... ثمّ أنا وبعدي موسي ولدي،

و ... اصطفانا اللّه وطهّرنا، وأُوتينا ما لم يؤت أحدا من العالمين ...[158].

العاشر - النصّ عليه وأ نّه عليه السلام الناطق بالقرآن:

(372) 1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: ... تَمِيم بن بُهلول، قال: حدّثني عبد اللّه بن

أبي الهذيل، وسألته عن الإمامة فيمن تجب؟ وما علامة من تجب له الإمامة؟

فقال: إنّ الدليل علي ذلك والحجّة علي المؤمنين، والقائم بأمور المسلمين،

والناطق بالقرآن، والعالم بالأحكام، ... ثمّ موسي بن جعفر ... .

وهم عترة الرسول صلوات اللّه عليهم أجمعين، المعروفون بالوصيّة والإمامة ... .

وقال تميم بن بهلول: حدّثني أبو معاوية عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام

في الإمامة مثله سواء[159].

الحادي عشر - النص عليه وأنّ عنده عليه السلام السلاح ومواريث الأنبياء عليهم السلام:

(373) 1 ـ حسين بن عبد الوهّاب رحمه الله: ولمّا حان وقته وقرب أمره عليه السلام، أحضر

ابنه أبا إبراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام، ودفع إليه السلاح ومواريث الأنبياء عليهم السلام،

ونصّ عليه بمشهد جماعة من مواليه وشيعته[160].

پاورقي

[145] في إثبات الوصيّة: زلول: وهو بفتح أوّله، وتكرير اللام، وهو فعول من الزلل: مدينة في شرقي أزيلي بالمغرب، كما في معجم البلدان: ج 3، ص 146.

[146] البقرة: 2/229.

[147] دلائل الإمامة: 388، ح 343. عنه مدينة المعاجز: 7/285، ح 2328، و حلية الأبرار:

4/549، ح 9.

إثبات الوصيّة: .22، س 8، مرسلاً عن المحموديّ، بتفاوت. عنه مستدرك الوسائل: 18/136، ح 22309، و190، ح 22473، قطعتان منه.

عيون المعجزات: 122، س 1، بتفاوت. عنه مدينة المعاجز: 7/288 ح 2329، والبحار: 50/99 ح 12، وحلية الأبرار: 4/546، ح 8، والأنوار البهيّة: 260، س 10.

[148] القَصَب: ثياب من كتان ناعمة. المصباح المنير: 504.

[149] في البحار: حذو.

[150] الاختصاص: 102، س 4. عنه البحار: 50/85، ح 1، ووسائل الشيعة: 28/280، ح

34759، باختصار، والأنوار البهيّة: 259، س 12.

[151] في المستدرك: محمّد بن جمهور القمّيّ.

[152] تكبّس الرجل: أدخل رأسه في جيب قميصه. أقرب الموارد: 2/1062، (كبس).

[153] الجوزاء: برج في السماء. أقرب الموارد: 1/150 جوز.

النسر، كوكب، وهما إثنان، يقال لأحدهما النسر الواقع وللآخر النسر الطائر. أقرب الموارد: ج

2، ص 1295، (نسر).

[154] المناقب لابن شهر آشوب: 4/382، س 18. عنه البحار: 50/89، ح 5، بتفاوت يسير،

ومستدرك الوسائل: 15/291، ح 18281، باختصار.

[155] عمدة الطالب: 203، س 10.

الشجرة المباركة: 90، س 14، بتفاوت يسير.

[156] المجديّ في أنساب الطالبيّين: 116، س 19، بتفاوت يسير.

[157] المجديّ في أنساب الطالبيّين: 111، س 9.

[158] عمدة الطالب: 204، س 2.

الشجرة المباركة: 90، س 18، بتفاوت يسير.

[159] إكمال الدين وإتمام النعمة: 433، ح 15.

يأتي الحديث بتمامه في ج 2 رقم 925.

[160] الكافي: 1/313 ح 14.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 363.