بازگشت

(ج) ـ إخباره عليه السلام بالمغيبات


الأوّل ـ إخباره عليه السلام بما في النفس:

(407) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن

أبي عمير، عن حفص بن البَخْتَريّ وغيره، عن عيسي [بن] شَلَقان، قال: كنت

قاعدا فمرّ أبو الحسن موسي عليه السلام، ومعه بَهْمة[214]، قال: قلت: يا غلام! ما تري ما

يصنع أبوك؟ يأمرنا بالشيء ثمّ ينهانا عنه، أمرنا أن نتولّي أبا الخطّاب، ثمّ أمرنا أن

نلعنه، ونتبرّء منه.

فقال أبو الحسن عليه السلام، وهو غلام: إنّ اللّه خلق خلقا للإيمان لا زوال له، وخلق

خلقا للكفر لا زوال له، وخلق خلقا بين ذلك أعاره الإيمان، يسمّون المعارين، إذا

شاء سلبهم، وكان أبو الخطّاب ممّن أعير الإيمان.

قال: فدخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام، فأخبرته ما قلت لأبي الحسن عليه السلاموما قال

لي، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: إنّه نبعة نبوّة[215].

2 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: ... حسام بن حاتم الأصمّ، قال: حدّثني أبي، قال:

قال لي شقيق ـ يعني ابن إبراهيم البلخيّ ـ: خرجت حاجّا إلي بيت اللّه الحرام في

سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلنا القادسيّة ... .

فبينما أنا قائم وزمام راحلتي بيدي، وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن

الناس، إذ نظرت إلي فتيً حدث السنّ حسن الوجه، شديد السمرة، عليه سيماء

العبادة وشواهدها، وبين عينيه سجّادة كأنّها كوكب درّيّ، وعليه من فوق ثوبه شملة

من صوف، وفي رجله نعل عربيّ، وهو منفرد في عزلة من الناس، فقلت في نفسي:

هذا الفتي من هؤلاء الصوفيّة المتوكّلة، يريد أن يكون كلاًّ علي الناس في هذا

الطريق، واللّه ! لأمضينّ إليه، ولأوبّخنّه.

قال: فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلاً نحوه قال لي: يا شقيق! «اجْتَنِبُواْ كَثِيرًا مِّنَ

الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لاَ تَجَسَّسُواْ» وقرأ الآية، ثمّ تركني ومضي، فقلت في

نفسي: قد تكلّم هذا الفتي علي سرّي، ونطق بما في نفسي، وسمّاني باسمي، وما فعل هذا

إلاّ وهو وليّ اللّه، ألحقه وأسأله أن يجعلني في حلّ، فأسرعت وراءه، فلم ألحقه وغاب

عن عيني فلم أره.

وارتحلنا حتّي نزلنا واقصة، فنزلت ناحية من الحاجّ، ونظرت فإذا صاحبي قائم

يصلّي علي كثيب رمل، وهو راكع وساجد، وأعضاؤه تضطرب، ودموعه تجري من

خشية اللّه (عزّ وجلّ).

فقلت: هذا صاحبي لأمضينّ إليه، ثمّ لأسألنّه أن يجعلني في حلّ، فأقبلت نحوه،

فلمّا نظر إليّ مقبلاً قال لي: يا شقيق! «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَ ءَامَنَ وَ عَمِلَ صَــلِحًا

ثُمَّ اهْتَدَي»، ثمّ غاب عن عيني فلم أره ... .

فقلت لبعض الناس أحسبه من مواليه: من هذا الفتي؟

فقال لي: هذا أبو إبراهيم، عالم آل محمّد، قلت: ومن أبو إبراهيم؟

قال: موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن

أبيطالب عليهم السلام ...[216].

3 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: ... محمّد بن الحسين، أنّ بعض أصحابنا،

كتب إلي أبي الحسن الماضي عليه السلام، يسأله عن الصلاة علي الزجاج؟ ... .

قال: فلمّا نفذ كتابي إليه تفكّرت، وقلت: هو ممّا أنبتت الأرض، وما كان لي أن

أسأله عنه، قال: فكتب إليّ: لا تصلّ علي الزجاج، وإن حدّثتك نفسك أنّه ممّا أنبتت

الأرض ... [217].

(408) 4 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: حدّثنا عليّ بن إبراهيم المصريّ، عن صرّاد بن

الأرمور، يرفعه إلي المفضّل بن عمر، قال: كنت بين يدي مولاي موسي بن

جعفر عليهماالسلام، وكان [ الوقت] شتاءا شديد البرد، وعلي مولاي عليه السلامجبّة حرير صينيّ

سوداء، وعلي رأسه عمامة خزّ صفراء، وبين يديه رجل يقال له: مهران بن صدقة،

كان كاتبه وعليه طاق قميص، وهو يرتعد بين يديه من شدّة البرد.

فقال له المولي عليه السلام: ما استوفيت واجبك؟

فقال: بلي، فقال: أفلا أعددت لمثل هذا اليوم ما يدفع عن نفسك البرد؟!

فقال: يا مولاي! ما علمت أن يأتي الزمهرير عاجلاً.

فقال عليه السلام: أما إنّك يا مهران! لشاكّ في مولاك موسي؟!

فقال: إنّما أنا شاكّ فيك لأنّه ما ظهر في الأئمّة أسود مثلك، أو غيرك.

فقال عليه السلام: ويلك، لا تخاف من سطوات ربّ العالمين ونقمته؟! ويلك، سأزيل

الشكّ عن قلبك، إن شاء اللّه.

فاستدعي البوّاب، فقال: لا تدعه يدخل إليّ بعد هذا اليوم إلاّ أن آذن له بذلك،

فخرج من بين يديه، وهو يقول: واسوءة منقلباه!

وخرج إلي الجبّانة، فإذا السحب قد انقطعت، والغيوم قد انقشعت، وكان يتردّد

متفكّرا، فإذا هو بقصر قد حفّت به النخيل والأشجار والرياحين، وإذا بابه مفتوح،

فدنا من الباب ودخل القصر.

فإذا به ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وإذا مولاي عليه السلام علي سرير من ذهب

ونور وجهه يبهر نور الشمس، وحواليه خدم ووصائف، فلمّا رآه تحيّر.

فقال له: يا مهران! مولاك أسود أم أبيض؟!

فخرّ مهران ساجدا.

فقال عليه السلام: لولا ما سبق لك عندنا من الخدمة، لأنزلنا بك النقمة.

قال: فألهمني اللّه أن أقرأ: «ذَ لِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ

الْعَظِيمِ »[218].

ثمّ غاب عنّي القصر ومن فيه، وعدت إلي موضعي وأنا مذعور، وإذا أنا بمولاي،

هو علي بغلة، فقال لها: قولي له.

فقالت لي البغلة بلسان فصيح: ما كان مولاك، أسود أم أبيض؟

فخررت ساجدا.

فقال: ارفع رأسك فقد عفوت عنك، فإنّ قولك من قلّة معرفتك.

ثمّ قال لي: انظر الساعة، فرأيته كالقمر المنير ليلة تمامه.

ثمّ قال: أنا ذلك الأسود، وأنا ذلك الأبيض، ثمّ هوي من البغلة، وقال: « عَــلِمُ

الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَي غَيْبِهِي أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَي مِن رَّسُولٍ [219] »[220].

(409) 5 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: روي الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعلّي بن

محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن عليّ، عن خالد الجَوّان، قال: دخلت علي

أبي الحسن عليه السلام، وهو في عرصة داره، وهو يومئذ بالرميلة، فلمّا نظرت إليه، قلت في

نفسي: بأبي وأُمّي، سيّدي مظلوم، مغصوب مضطهد، ثمّ دنوت منه، فقبّلت بين عينيه،

ثمّ جلست بين يديه، فالتفت إليّ، ثمّ قال: يا خالد! نحن أعلم بهذا الأمر، فلا يضيقنّ

هذا في نفسك.

قلت: جعلت فداك! واللّه، ما أردت بهذا شيئا.

فقال: نحن أعلم بهذا الأمر من غيرنا، وإنّ لهؤلاء القوم مدّة وغاية، لابدّ من

الإنتهاء إليها.

قلت: لا أعود، ولا أضمر في نفسي شيئا[221].

(410) 6 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: وعن الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد، عن

محمّد بن عليّ، عن عليّ بن محمّد، عن الحسن، عن عيسي شَلَقان، قال: دخلت علي

أبي عبد اللّه عليه السلام أريد أن أسأله عن أبي الخطّاب.

فقال عليه السلام مبتدئا: ما يمنعك أن تلقي ابني، فتسأله عن جميع ما تريد.

قال: فذهبت إليه، وهو قاعد في الكتّاب، وعلي شفتيه أثر مداد، فقال لي مبتدئا:

يا عيسي! إنّ اللّه تبارك وتعالي أخذ ميثاق النبيّين علي النبوّة، فلن يتحوّلوا إلي

غيرها عنها أبدا، وأخذ ميثاق الوصيّين علي الوصيّة، فلن يتحوّلوا عنها أبدا، وأعار

قوما الإيمان زمانا، ثمّ سلبهم إيّاه، وإنّ أبا الخطّاب ممّن أعير الإيمان ثمّ سلبه اللّه إيّاه.

قال: فضممته إلي صدري وقبّلت بين عينيه، فقلت: بأبي أنت وأُمّي «ذُرِّيَّةَم

بَعْضُهَا مِنم بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»[222].

ثمّ رجعت إلي أبي عبد اللّه عليه السلام، فقال لي: ما صنعت يا عيسي؟!

قلت له: بأبي أنت وأُمّي! أتيته فأخبرني، مبتدئا من غير أن أسأله، عن شيء،

بجميع ما أردت.

قال: يا عيسي! إنّ ابني الذي رأيته، لو سألته عمّا بين دفّتي

المصحف لأجابك فيه بعلم.

قال عيسي: ثمّ أخرجه ذلك اليوم من الكتّاب، فعلمت عند ذلك أنّه صاحب

هذا الأمر[223].

(411) 7 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: وروي الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد، عن

محمّد بن عليّ، عن عليّ، عن ، 4شعيب العَقَرْقُوفيّ، قال: بعثت مولاي إلي

أبي الحسن عليه السلام ومعه مائتي دينار، وكتبت معه كتابا، وكان من الدنانير خمسين

دينارا من دنانير أختي فاطمة، وأخذتها سرّا لتمام المائتي دينار، وكنت سألتها ذلك

فلم تعطني، وقالت: إنّي أريد أن أشتري بها قراح[224] فلان بن فلان.

فذكر مولاي أنّه قدم فسأل عن أبي الحسن عليه السلام، فقيل له: إنّه قد خرج، فأسرع

في السير، فقال: واللّه! إنّي لأسير من المدينة إلي مكّة في ليلة مظلمة، وإذا الهاتف

يهتف بي: يا مبارك! يا مبارك، مولي شعيب العقرقوفيّ!

قلت: من أنت؟

قال: أنا معتّب، يقول لك أبو الحسن عليه السلام: هات الكتاب الذي معك، ووافني بما

معك إلي مني.

قال: فنزلت من محملي، فدفعت إليه الكتاب، وصرت إلي مني، فدخلت عليه

وطرحت الدنانير عنده، فجرّ بعضها إليه، ودفع بعضها بيده، ثمّ قال لي: يا مبارك!

ادفع هذه الدنانير إلي شعيب، وقل له: يقول لك أبو الحسن: ردّها إلي موضعها الذي

أخذتها منه، فإنّ صاحبتها تحتاج إليها.

قال: فخرجت من عنده، وقدمت علي شعيب، فقلت له: قد ردّ عليك من الدنانير

التي بعثت بها خمسين دينارا، وهو يقول لك: ردّها إلي موضعها الذي أخذتها منه، فما

قصّة هذه الدنانير، فقد دخلني من أمرها ما اللّه به عليم.

فقال: يا مبارك! إنّي طلبت من فاطمة أختي خمسين دينارا لتمام هذه الدنانير،

فامتنعت، وقالت: أريد أن أشتري بها قراح فلان بن فلان، فأخذتها سرّا، ولم ألتفت

إلي كلامها.

قال شعيب: فدعوت بالميزان فوزنتها، فإذا هي خمسون دينارا، لا تزيد

ولا تنقص.

قال: فو اللّه! لو حلفت عليها أنّها دنانير فاطمة لكنت صادقا.

قال شعيب: فقلت لمبارك: هو واللّه! إمام فرض اللّه طاعته، وهكذا صنع بي

أبو عبد اللّه عليه السلام الإمام من الإمام[225].

(412) 8 ـ ابن شهر آشوب رحمه الله: خالد السمّان في خبر: أنّه دعا الرشيد رجلاً يقال

له: عليّ بن صالح الطالقانيّ، وقال له: أنت الذي تقول: إنّ السحاب حملتك من بلد

الصين إلي طالقان؟

فقال: نعم، قال: فحدّثنا كيف كان؟

قال: كسر مركبي في لجج البحر، فبقيت ثلاثة أيّام علي لوح تضربني الأمواج،

فألقتني الأمواج إلي البرّ، فإذا أنا بأنهار وأشجار، فنمت تحت ظلّ شجرة، فبينا أنا

نائم إذ سمعت صوتا هائلاً، فانتبهت فزعا مذعورا، فإذا أنا بدابّتين يقتتلان علي هيئة

الفرس، لا أحسن أن أصفهما، فلمّا بصرا بي دخلتا في البحر.

فبينما أنا كذلك إذا رأيت طائرا عظيم الخلق، فوقع قريبا منّي بقرب كهف في جبل،

فقمت مستترا بالشجر حتّي دنوت منه لأتأمّله، فلمّا رآني طار، وجعلت أقفو أثره،

فلمّا قمت بقرب الكهف سمعت تسبيحا وتهليلاً وتكبيرا، وتلاوة قرآن، فدنوت من

الكهف، فناداني مناد من الكهف: ادخل يا عليّ بن صالح الطالقانيّ! رحمك اللّه!

فدخلت وسلّمت، فإذا رجل فخم ضخم غليظ الكراديس[226]، عظيم الجثّة، أنزع،

أعين، فردّ عليّ السلام، وقال:

يا عليّ بن صالح الطالقانيّ! أنت من معدن الكنوز، لقد أقمت ممتحنا بالجوع

والعطش والخوف، لولا أنّ اللّه رحمك في هذا اليوم، فأنجاك وسقاك شرابا طيّبا،

ولقد علمت الساعة التي ركبت فيها، وكم أقمت في البحر، وحين كسر بك المركب،

وكم لبثت تضربك الأمواج، وما هممت به من طرح نفسك في البحر لتموت اختيارا

للموت، لعظيم ما نزل بك، والساعة التي نجوت فيها، ورؤيتك لما رأيت من

الصورتين الحسنتين، واتّباعك للطائر الذي رأيته واقعا، فلمّا رآك صعد طائرا إلي

السماء، فهلمّ فاقعد رحمك اللّه!

فلمّا سمعت كلامه قلت: سألتك باللّه! من أعلمك بحالي؟

فقال: عالم الغيب والشهادة، والذي يراك حين تقوم، وتقلّبك في الساجدين، ثمّ

قال: أنت جائع، فتكلّم بكلام تململت به شفتاه، فإذا بمائدة عليها منديل فكشفه،

وقال: هلمّ إلي ما رزقك اللّه فكل.

فأكلت طعاما ما رأيت أطيب منه، ثمّ سقاني ماءً ما رأيت ألذّ منه ولا أعذب، ثمّ

صلّي ركعتين.

ثمّ قال: يا عليّ! أتحبّ الرجوع إلي بلدك؟

فقلت: ومن لي بذلك؟

فقال: كرامة لأوليائنا أن نفعل بهم ذلك، ثمّ دعا بدعوات، ورفع يده إلي السماء،

وقال: الساعة، الساعة.

فإذا سحاب قد أظلّت باب الكهف قطعا قطعا.

وكلّما وافت سحابة قالت: سلام عليك يا وليّ اللّه وحجّته!

فيقول: وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته، أيّتها السحابة السامعة المطيعة! ثمّ

يقول لها: أين تريدين؟

فتقول: أرض كذا، فيقول: لرحمة أو سخط؟

فتقول: لرحمة أو سخط، وتمضي حتّي جاءت سحابة حسنة مضيئة.

فقالت: السلام عليك يا وليّ اللّه وحجّته!

قال: وعليك السلام أيّتها السحابة السامعة المطيعة! أين تريدين؟

فقالت: أرض طالقان.

فقال: لرحمة، أو سخط؟

فقالت: لرحمة.

فقال لها: احملي ما حملت مودعا في اللّه.

فقالت: سمعا وطاعة.

قال لها: فاستقرّي بإذن اللّه علي وجه الأرض، فاستقرّت، فأخذ بعض عضدي

فأجلسني عليها، فعند ذلك قلت له: سألتك باللّه العظيم، وبحقّ محمّد خاتم النبيّين،

وعليّ سيّد الوصيّين، والأئمّة الطاهرين، من أنت؟! فقد أعطيت واللّه! أمرا عظيما.

فقال: ويحك! يا عليّ بن صالح! إنّ اللّه لا يخلّي أرضه من حجّة طرفة عين، إمّا

باطن وإمّا ظاهر، أنا حجّة اللّه الظاهرة، وحجّته الباطنة، أنا حجّة اللّه يوم الوقت

المعلوم، وأنا المؤدّي الناطق عن الرسول، أنا في وقتي هذا موسي بن جعفر.

فذكرت إمامته وإمامة آبائه، وأمر السحاب بالطيران، فطارت واللّه ! ما

وجدت ألما ولا فزعت، فما كان بأسرع من طرفة العين حتّي ألقتني بالطالقان في

شارعي الذي فيه أهلي وعقاري سالما في عافية.

فقتله الرشيد وقال: لا يسمع بهذا أحد[227].

9 ـ ابن شهر آشوب رحمه الله: بيان بن نافع التفليسيّ، قال: خلّفت والدي مع الحرم

في الموسم، وقصدت موسي بن جعفر عليهماالسلام ... فجئت إليه أسأله عمّا أخفاه ورائي.

فقال لي: أبدا ما أخفاه وراءك، ثمّ قال: يا ابن نافع! إن كان في أمنيّتك كذا وكذا

أن تسأل عنه، فأنا جنب اللّه، وكلمته الباقية، وحجّته البالغة[228].

(413) 10 ـ الإربليّ رحمه الله: عن خالد، قال: خرجت وأنا أريد أبا الحسن عليه السلام

فدخلت عليه وهو في عرصة داره جالس، فسلّمت عليه وجلست وقد كنت أتيته

لأسأله عن رجل من أصحابنا كنت سألته حاجة فلم يفعل، فالتفت إليّ.

وقال: ينبغي لأحدكم إذا لبس الثوب الجديد أن يمرّ يده عليه، ويقول: «الحمد

للّه الذي كساني ما أواري به عورتي، وأتجمّل به بين الناس».

وإذا أعجبه شيء فلا يكثر ذكره، فإنّ ذلك ممّا يهدّه، وإذا كانت لأحدكم إلي أخيه

حاجة أو وسيلة لا يمكنه قضاؤها فلا يذكره إلاّ بخير، فإنّ اللّه يوقع ذلك في صدره

فيقضي حاجته.

قال: فرفعت رأسي وأنا أقول: لا إله إلاّ اللّه، فالتفت إليّ، وقال: يا خالد! اعمل

ما أمرتك[229].

(414) 11 ـ حسن بن سليمان الحلّيّ رحمه الله: محمّد بن الحسن بن عليّ بن فضّال،

عن الحسن بن الجهم، عن حبيب بن عليّ، قال: كنت في المسجد الحرام ونحن

مجاورون، وكان هِشام بن أحمر يجلس معنا في المجلس، فنحن يوما في ذلك المجلس،

فأتانا سعيد الأزرق، وابن أبي الأصبغ، فقال لهشام: إنّي قد جئتك في حاجة، وهي

يد تتّخذها عندي وعظم الأمر، وقال: ما هو؟

قال: معروف أشكرك عليه ما بقيت.

فقال هشام: هاتها، قال: تستأذن لي علي أبي الحسن عليه السلام، وتسأله أن يأذن لي في

الوصول إليه.

قال له: نعم، أنا أضمن لك ذلك، فلمّا دخل علينا سعيد وهو شبه الواله، فقلت له:

ما لك؟

فقال: ابغ لي هشاما، فقلت له: اجلس، فإنّه يأتي.

فقال: إنّي لأحبّ أن ألقاه، فلم يلبث أن جاء هشام، فقال له سعيد: يا أبا الحسن!

إنّي قد سألتك ما قد علمت، فقال له: نعم، قد كلّمت صاحبك، فأذن لك، فقال له

سعيد: فإنّي لمّا انصرفت جاءني جماعة من الجنّ، فقالوا: ما أردت بطلبتك إلي هشام

يكلّم لك إمامك؟

أردت القربة إلي اللّه تعالي بأن يدخل عليه ما يكره، ويكلّفه ما لا يحبّ، إنّما

عليك أن تجيب إذا دعيت، وإذا فتح بابه تستأذن، وإلاّ جرمك في تركه أعظم من أن

تكلّفه ما لا يحبّ، فأنا أرجع فيما كلّفتك فيه، ولا حاجة لي في الرجوع إليه، ثمّ

انصرف.

فقال لنا هشام: أما علمت يا أبا الحسن بها!؟

قال: فإن كان الحائط كلّمني فقد كلّمني، أو رأيت في الحائط شيئا فقد رأيته في

وجهه[230].

الثاني ـ إخباره عليه السلام بالوقائع الماضية:

(415) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد،

عن القاسم بن يحيي، عن جدّه الحسن بن راشد، قال:

سمعت أبا إبراهيم عليه السلام، يقول: لمّا احتفر عبد المطّلب زمزم، وانتهي إلي قعرها،

خرجت عليه من إحدي جوانب البئر رائحة منتنة أفظعته، فأبي أن ينثني، وخرج

ابنه الحارث عنه.

ثمّ حفر حتّي أمعن، فوجد في قعرها عينا تخرج عليه برائحة المسك، ثمّ احتفر فلم

يحفر إلاّ ذراعا حتّي تجلاّه النوم.

فرأي رجلاً طويل الباع، حسن الشعر، جميل الوجه، جيّد الثوب، طيّب الرائحة،

وهو يقول: احفر تغنم، وجدّ تسلم، ولا تدّخرها للمقسم، الأسياف لغيرك، والبئر لك.

أنت أعظم العرب قدرا، ومنك يخرج نبيّها ووليّها، والأسباط النجباء الحكماء

العلماء البصراء، والسيوف لهم، وليسوا اليوم منك ولا لك، ولكن في القرن الثاني منك.

بهم ينير اللّه الأرض، ويخرج الشياطين من أقطارها، ويذلّها في عزّها، ويهلكها

بعد قوّتها، ويذلّ الأوثان، ويقتل عبّادها حيث كانوا.

ثمّ يبقي بعده نسل من نسلك، هو أخوه ووزيره ودونه في السنّ، وقد كان القادر

علي الأوثان لا يعصيه حرفا، ولا يكتمه شيئا، ويشاوره في كلّ أمر هجم عليه.

واستعيي عنها عبد المطّلب، فوجد ثلاثة عشر سيفا مسندة إلي جنبه، فأخذها

وأراد أن يبثّ.

فقال: وكيف ولم أبلغ الماء، ثمّ حفر فلم يحفر شبرا حتّي بدا له قرن الغزال ورأسه،

فاستخرجه، وفيه طبع: لا إله إلاّ اللّه، محمّد رسول اللّه،

عليّ وليّ اللّه، فلان خليفة اللّه.

فسألته، فقلت: فلان متي كان قبله، أو بعده؟

قال: لم يجئ بعد، ولا جاء شيء من أشراطه، فخرج عبد المطّلب، وقد استخرج

الماء، وأدرك وهو يصعد، فإذا أسود له ذنب طويل يسبقه بدارا إلي فوق، فضربه

فقطع أكثر ذنبه، ثمّ طلبه ففاته، وفلان قاتله إن شاء اللّه.

ومن رأي عبد المطّلب أن يبطل الرؤيا التي رآها في البئر، ويضرب السيوف

صفائح البيت.

فأتاه اللّه بالنوم فغشيه، وهو في حجر الكعبة، فرأي ذلك الرجل بعينه، وهو

يقول: يا شيبة الحمد! احمد ربّك، فإنّه سيجعلك لسان الأرض، ويتّبعك قريش

خوفا، ورهبة، وطمعا، ضع السيوف في مواضعها.

واستيقظ عبد المطّلب، فأجابه أنّه يأتيني في النوم، فإن يكن من ربّي فهو أحبّ

إليّ، وإن يكن من شيطان، فأظنّه مقطوع الذنب، فلم ير شيئا، ولم يسمع كلاما.

فلمّا أن كان الليل، أتاه في منامه بعدّة من رجال وصبيان.

فقالوا له: نحن أتباع ولدك، ونحن من سكّان السماء السادسة، السيوف ليست لك،

تزوّج في مخزوم تقو[ ي]، واضرب بعد في بطون العرب، فإن لم يكن معك مال فلك

حسب، فادفع هذه الثلاثة عشر سيفا إلي ولد المخزوميّة، ولا يبان لك أكثر من هذا،

وسيف لك منها واحد سيقع من يدك، فلا تجد له أثر إلاّ أن يستجنّه جبل كذا وكذا.

فيكون من أشراط قائم آل محمّد صلّي اللّه عليه وعليهم.

فانتبه عبد المطّلب، وانطلق والسيوف علي رقبته، فأتي ناحية من نواحي مكّة،

ففقد منها سيفا كان أرقّها عنده، فيظهر من ثمّ، ثمّ دخل معتمرا وطاف بها علي رقبته

والغزالين أحدا وعشرين طوافا، وقريش تنظر إليه.

وهو يقول: «اللّهمّ صدّق وعدك، فأثبت لي قولي، وانشر ذكري، وشدّ

عضدي»، وكان هذا ترداد كلامه، وما طاف حول البيت بعد رؤياه في البئر ببيت

شعر حتّي مات، ولكن قد ارتجز علي بنيه يوم أراد نحر عبد اللّه، فدفع الأسياف،

جميعها إلي بني المخزوميّة إلي الزبير، وإلي أبي طالب، وإلي عبد اللّه.

فصار لأبي طالب من ذلك أربعة أسياف، سيف لأبي طالب، وسيف لعليّ، وسيف

لجعفر، وسيف لطالب، وكان للزبير سيفان، وكان لعبد اللّه سيفان.

ثمّ عادت، فصارت لعليّ الأربعة الباقية، اثنين من فاطمة، واثنين من أولادها،

فطاح سيف جعفر يوم أصيب، فلم يدر في يد من وقع حتّي الساعة.

ونحن نقول: لا يقع سيف من أسيافنا في يد غيرنا إلاّ رجل يعين به معنا إلاّ صار فحما.

قال: وإنّ منها لواحدا في ناحية يخرج كما تخرج الحيّة، فيبين منه ذراع وما

يشبهه، فتبرق له الأرض مرارا، ثمّ يغيب فإذا كان الليل فعل مثل ذلك، فهذا دأبه

حتّي يجيء صاحبه، ولو شئت أن أسمّي مكانه لسمّيته، ولكن أخاف عليكم من أن

أُسمّيه فتسمّوه، فينسب إلي غير ما هو عليه[231].

(416) 2 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: أبي رحمه الله قال: حدّثني سعد بن عبد اللّه، قال:

حدّثني الهيثم بن أبي مسروق النهديّ، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن يقطين،

قال: قال لي أبو الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: إنّه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن،

وكان له جار كافر، وكان يرفق بالمؤمن ويولّيه المعروف في الدنيا، فلمّا أن مات

الكافر بني اللّه له بيتا في النار من طين، فكان يقيه حرّها ويأتيه الرزق من غيرها،

وقيل له: هذا بما كنت تدخل علي جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق، وتولّيه من

المعروف في الدنيا[232].

(417) 3 ـ الراونديّ رحمه الله: إنّ عيسي المدائنيّ قال: خرجت سنة إلي مكّة فأقمت

بها، ثمّ قلت: أقيم بالمدينة مثل ما أقمت بمكّة (فهو أعظم) لثوابي.

فقدمت المدينة، فنزلت طرف المصلّي إلي جنب دار أبي ذرّ، فجعلت أختلف إلي

سيّدي فأصابنا مطر شديد بالمدينة، فأتيت أبا الحسن عليه السلاممسلّما عليه يوما، وإنّ

السماء تهطل.

فلمّا دخلت ابتدأني، فقال لي: وعليك سلام اللّه يا عيسي! ارجع فقد انهدم بيتك

علي متاعك.

فانصرفت راجعا وإذا البيت قد انهار، واستعملت عملة، فاستخرجوا متاعي

كلّه، ولا افتقدته غير سطل كان لي.

فلمّا أتيته الغد مسلّما عليه، قال: هل فقدت من متاعك شيئا فندعوا اللّه لك بالخلف؟

قلت: ما فقدت شيئا ما خلا سطلاً كان لي أتوضّأ منه، فقدته.

فأطرق مليّا، ثمّ رفع رأسه إليّ، فقال لي: قد ظننت أنّك قد أنسيت (السطل) فسل

جارية ربّ الدار عنه، وقل لها: أنت رفعت السطل في الخلاء، فردّيه، فإنّها ستردّه عليك.

فلمّا انصرفت أتيت جارية ربّ الدار فقلت: إنّي نسيت السطل في الخلاء فردّيه

عليَ أتوضّأ منه، فردّت عليّ سطلي[233].

(418) 4 ـ أبو منصور الطبرسيّ رحمه الله: روي عن عليّ بن يقطين أنّه قال: أمر

أبو جعفر الدوانيقيّ يقطين أن يحفر له بئرا بقصر العباديّ، فلم يزل يقطين في حفرها

حتّي مات أبو جعفر، ولم يستنبط منها الماء، فأخبر المهديّ بذلك، فقال له: احفر أبدا

حتّي يستنبط الماء، ولو أنفقت عليها جميع ما في بيت المال.

قال: فوجّه يقطين أخاه أبا موسي في حفرها، فلم يزل يحفرها حتّي ثقبوا ثقبا في أسفل

الأرض فخرجت منه الريح، قال: فهالهم ذلك، فأخبروا به أبا موسي، فقال: أنزلوني.

قال: فأنزل، وكان رأس البئر أربعين ذراعا في أربعين ذراع، فأجلس في شقّ

محمل ودلي في البئر، فلمّا صار في قعرها نظر إلي هول، وسمع دويّ الريح في أسفل

ذلك، فأمرهم أن يوسّعوا الخرق، فجعلوه شبه الباب العظيم، ثمّ دلي فيه رجلان في

شقّ محمل، فقال: ايتوني بخبر هذا ما هو؟

قال: فنزلا في شقّ محمل فمكثا مليّا، ثمّ حرّكا الحبل فأصعدا، فقال لهما: ما رأيتما؟

قالا: أمرا عظيما، رجالاً ونساءً وبيوتا وآنية ومتاعا، كلّه ممسوخ من حجارة،

فأمّا الرجال والنساء فعليهم ثيابهم، فمن بين قاعد ومضطجع ومتّكئ، فلمّا

مسسناهم إذا ثيابهم تتفشّي شبه الهباء، ومنازل قائمة.

قال: فكتب بذلك أبو موسي إلي المهديّ، فكتب المهديّ إلي المدينة إلي موسي بن

جعفر عليهماالسلام يسأله أن يقدم عليه، فقدم عليه، فأخبره فبكي بكاءً شديدا، وقال: يا

أمير المؤمنين! هؤلاء بقيّة قوم عاد، غضب اللّه عليهم فساخت بهم منازلهم، هؤلاء

أصحاب الأحقاف.

قال: فقال له المهديّ: يا أبا الحسن! وما الأحقاف؟

قال: الرمل[234].

الثالث ـ إخباره عليه السلام بالوقائع الحاليّة:

(419) 1 ـ العيّاشيّ رحمه الله: عن سليمان بن عبد اللّه، قال: كنت عند أبي الحسن

موسي عليه السلام قاعدا، فأتي بامرأة قد صار وجهها قفاها، فوضع يده اليمني في جبينها،

ويده اليسري من خلف ذلك، ثمّ عصر وجهها عن اليمين، ثمّ قال: « إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ

مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ»[235]، فرجع وجهها، فقال: احذري أن تفعلين كما

فعلت.

قالوا: يا ابن رسول اللّه! وما فعلت؟

فقال: ذلك مستور إلاّ أن تتكلّم به، فسألوها؟

فقالت: كانت لي ضرّة[236]، فقمت أصلّي، فظننت أنّ زوجي معها، فالتفتّ إليها

فرأيتها قاعدة، وليس هو معها، فرجع وجهي[237] علي ما كان[238].

(420) 2 ـ الصفّار رحمه الله: حدّثنا سلمة بن الخطّاب، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عبد

اللّه بن القاسم بن الحرث البطل، عن مُرازِم، قال:

دخلت المدينة فرأيت جارية في الدار التي نزلتها فعجبتني، فأردت أن أتمتّع منها،

فأبت أن تزوّجني نفسها، قال: فجئت بعد العتمة، فقرعت الباب، فكانت هي التي

فتحت لي، فوضعت يدي علي صدرها، فبادرتني حتّي دخلت، فلمّا أصبحت دخلت

علي أبي الحسن عليه السلام فقال: يا مرازم! ليس من شيعتنا من خلا، ثمّ لم يرع قلبه[239].

(421) 3 ـ الصفّار رحمه الله: حدّثنا جعفر بن إسحاق، عن سعد، عن عثمان بن عيسي،

عن خالد بن نجيح، عن أبي الحسن عليه السلام، قال:

قال لي: افرغ فيما بينك وبين من كان له معك عمل في سنة أربع وسبعين ومائة

حتّي يجيئك كتابي، وانظر ما عندك وما بعث به إليّ، و لا تقبل من أحد شيئا،

وخرج عليه السلام إلي المدينة، وبقي خالد بمكّة خمسة عشر يوما، ثمّ مات[240].

(422) 4 ـ الراونديّ رحمه الله: وعن ابن بابويه، حدّثنا محمّد بن عليّ ماجِيلَوَيْه، عن

عمّه محمّد بن أبي القاسم، حدّثنا محمّد بن عليّ الكوفيّ، عن شريف بن سابق

التفليسيّ، عن أسود بن رزين القاضي، قال: دخلت علي أبي الحسن الأوّل عليه السلامولم

يكن رآني قطّ، فقال: من أهل السدّ أنت؟

فقلت: من أهل الباب.

فقال الثانية: من أهل السدّ أنت؟

قلت: من أهل الباب.

قال: من أهل السدّ، قلت: نعم، ذاك السدّ الذي عمله ذو القرنين[241].

(423) 5 ـ الراونديّ رحمه الله: قال المعلّي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن بكّار

القمّيّ، قال: حججت أربعين حجّة، فلمّا كان في آخرها أصبت بنفقتي بجمع، فقدمت

مكّة، فأقمت حتّي يصدر الناس، ثمّ قلت: أصير إلي المدينة، فأزور رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم

وأنظر إلي سيّدي أبي الحسن موسي عليه السلام، وعسي أن أعمل عملاً بيدي، فأجمع شيئا

فأستعين به علي طريقي إلي الكوفة.

فخرجت حتّي صرت إلي المدينة، فأتيت رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم فسلّمت عليه ثمّ

جئت إلي المصلّي إلي الموضع الذي يقوم فيه الفعلة، فقمت فيه رجاء أن يسبّب اللّه

لي عملاً أعمله، فبينا أنا كذلك إذ أنا برجل قد أقبل فاجتمع حوله الفعلة، ف جئت

فوقفت معهم، فذهب بجماعة فاتّبعته.

فقلت: يا عبد اللّه! إنّي رجل غريب، فإن رأيت أن تذهب بي معهم فتستعملني؟

فقال: أنت من أهل الكوفة؟

قلت: نعم.

قال: اذهب، فانطلقت معه إلي دار كبيرة تبني جديدة، فعملت فيها أيّاما وكنّا

لا نعطي من أسبوع إلي أسبوع إلاّ يوما واحدا، وكان العمّال لا يعملون، فقلت

للوكيل: استعملني عليهم حتّي أستعملهم وأعمل معهم.

فقال: قد استعملتك، فكنت أعمل وأستعملهم.

قال: فإنّي لواقف ذات يوم علي السلّم إذ نظرت إلي أبي الحسن موسي عليه السلام قد

أقبل وأنا في السلّم في الدار، فدار في الدار ثمّ رفع رأسه إليّ فقال: يا بكّار! جئتنا،

انزل، فنزلت.

قال: فتنحّي ناحية، فقال لي: ما تصنع هاهنا؟

فقلت: جعلت فداك! أصبت بنفقتي بجمع، فأقمت بمكّة إلي أن صدر الناس، ثمّ إنّي

صرت إلي المدينة فأتيت المصلّي، فقلت: أطلب عملاً فبينا أنا قائم إذ جاء وكيلك

فذهب برجال، فسألته أن يستعملني كما يستعملهم؟

فقال لي: قم يومك هذا.

(فلمّا كان من الغد وكان اليوم الذي يعطون فيه جاء)، فقعد علي الباب، فجعل

يدعو الوكيل برجل رجل يعطيه، فكلّما ذهبت إليه أومأ بيده إليّ أن اقعد، حتّي إذا

كان في آخرهم، قال لي: ادن، فدنوت فدفع إليّ صرّة فيها خمسة عشر دينارا، فقال:

خذ، هذه نفقتك إلي الكوفة.

ثمّ قال: اخرج غدا، قلت: نعم، جعلت فداك! ولم أستطع أن أردّه، ثمّ ذهب وعاد

إليّ الرسول، فقال: قال أبو الحسن عليه السلام: ائتني غدا قبل أن تذهب، [فقلت: سمعا وطاعة].

فلمّا كان من الغد أتيته، فقال: اخرج الساعة حتّي تصير إلي فيد، فإنّك توافق

قوما يخرجون إلي الكوفة، وهاك هذا الكتاب فادفعه إلي عليّ بن أبي حمزة.

قال: فانطلقت فلا واللّه ! ما تلقّاني خلق حتّي صرت إلي فيد، فإذا قوم قد تهيّؤوا

للخروج إلي الكوفة من الغد، فاشتريت بعيرا، وصحبتهم إلي الكوفة فدخلتها ليلاً،

فقلت: أصير إلي منزلي، فأرقد ليلتي هذه ثمّ أغدو بكتاب مولاي إلي عليّ بن أبي

حمزة، فأتيت منزلي، فأخبرت أنّ اللصوص دخلوا إلي حانوتي قبل قدومي بأيّام.

فلمّا أن أصبحت صلّيت الفجر، فبينا أنا جالس متفكّر فيما ذهب لي من حانوتي

إذا أنا بقارع يقرع [عليّ] الباب، فخرجت فإذا [هو] عليّ بن أبي حمزة، فعانقته

وسلّم عليّ، ثمّ قال لي: يا بكّار! هات كتاب سيّدي.

قلت: نعم، [وإنّني] قد كنت علي [عزم] المجيء إليك الساعة.

قال: هات، قد علمت أنّك قدمت ممسيا، فأخرجت الكتاب فدفعته إليه فأخذه

وقبّله ووضعه علي عينيه وبكي، فقلت: ما يبكيك؟

قال: شوقا إلي سيّدي، ففكّه وقرأه، ثمّ رفع رأسه [إليّ] وقال: يا بكّار! دخل

عليك اللصوص؟

قلت: نعم. قال: فأخذوا ما كان في حانوتك؟

قلت: نعم.

قال: إنّ اللّه قد أخلفه عليك قد أمرني مولاك ومولاي أن أخلف عليك ما ذهب

منك، أعطاني أربعين دينارا.

قال: فقوّمت ما ذهب [منّي] فإذا قيمته أربعون دينارا ففتح عليّ الكتاب، فإذا

فيه: ادفع إلي بكّار قيمة ما ذهب من حانوته أربعين دينارا[242].

(424) 6 ـ الخطيب البغداديّ: أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ وعمر بن محمّد

ابن عبيد اللّه المؤدّب، قالا: أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ، حدّثنا القاضي الحسين بن

إسماعيل، حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد، حدّثني محمّد بن الحسين بن محمّد بن عبد المجيد

الكِنانيّ اللَيْثيّ، قال: حدّثني عيسي بن محمّد بن مغيث القرظيّ ـ وبلغ تسعين سنة ـ

قال: زرعت بطّيخا وقثّاءا وقرعا في موضع بالجُوّانيّة علي بئر، يقال لها: أُمّ عظام.

فلمّا قرب الخير واستوي الزرع بغتني الجراد، وأتي علي الزرع كلّه، وكنت غرمت

علي الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين دينارا، فبينا أنا جالس طلع موسي بن

جعفر بن محمّد عليهم السلام فسلّم، ثمّ قال: ايش حالك؟

فقلت: أصبحت كالصريم بغتني الجراد، فأكل زرعي.

قال: وكم غرمت فيه؟

قلت: مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين.

فقال: يا عرفة! زن لأبي المغيث مائة وخمسين دينارا، فربحك ثلاثين دينارا

والجملين.

فقلت: يا مبارك! ادخل وادع لي فيها، فدخل ودعا، وحدّثني عن

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أنّه قال: تمسّكوا ببقايا المصائب، ثمّ علقت عليه الجملين وسقيته،

فجعل اللّه فيها البركة زكت، فبعت منها بعشرة آلاف[243].

الرابع ـ إخباره عليه السلام بالوقائع الآتية:

(425) 1 ـ الصفّار رحمه الله: حدّثنا محمّد بن عيسي، عن السائي[244]، قال: دخلت عليه

وهو شديد العلّة، فرفع رأسه من المخدّة، ثمّ يضرب بها رأسه ويزيده.

قال: فقال لي: صاحبكم أبو فلان.

قال: فقلت: جعلت فداك! نخاف أن يكون هؤلاء اغتالوك عند ما رأوك من شدّة

عليك.

قال: فقال: ليس عليَّ بأس، فبرأ، الحمد اللّه ربّ العالمين[245].

(426) 2 ـ الحميريّ رحمه الله: الحسن بن عليّ بن النعمان، عن عثمان بن عيسي، قال:

قال أبو الحسن عليه السلام لإبراهيم بن عبد الحميد - ولقيه سحرا، وإبراهيم ذاهب إلي

قبا، وأبو الحسن عليه السلام داخل إلي المدينة - فقال: يا إبراهيم!

فقلت: لبّيك، فقال: إلي أين؟

قلت: إلي قبا، فقال: في أيّ شيء؟.

فقلت: إنّا كنّا نشتري في كلّ سنة هذا التمر، فأردت أن آتي رجلاً من الأنصار

فأشتري منه من الثمار.

فقال: وقد أمنتم الجراد.

ثمّ دخل ومضيت أنا، فأخبرت أبا العزّ، فقال: لا واللّه ! لا أشتري العام نخلة، فما

مرّت بنا خامسة حتّي بعث اللّه جرادا، فأكل عامّة ما في النخل[246].

(427) 3 ـ الحميريّ رحمه الله: أحمد بن محمّد، عن أحمد بن أبي محمود الخراسانيّ، عن

عثمان بن عيسي، قال: رأيت أبا الحسن الماضي عليه السلام في حوض من حياض ما بين

مكّة والمدينة، عليه إزار وهو في الماء، فجعل يأخذ الماء في فيه، ثمّ يمجّه وهو يصفر،

فقلت: هذا خير من خلق اللّه في زمانه، ويفعل هذا! ثمّ دخلت عليه بالمدينة، فقال

لي: أين نزلت؟

فقلت له: نزلت أنا ورفيق لي في دار فلان.

فقال: بادروا وحوّلوا ثيابكم، وأخرجوا منها الساعة.

قال: فبادرت وأخذت ثيابنا وخرجنا، فلمّا صرنا خارجا من الدار انهارت

الدار[247].

4 ـ الحميريّ رحمه الله: ... إبراهيم بن عبد الحميد، قال: كتب إليّ أبو الحسن عليه السلام-

قال: عثمان بن عيسي وكنت حاضرا بالمدينة - تحوّل عن منزلك.

فاغتمّ بذلك، وكان منزله منزلاً وسطا بين المسجد والسوق، فلم يتحوّل. فعاد

إليه الرسول: تحوّل عن منزلك، فبقي.

ثمّ عاد إليه الثالثة: تحوّل عن منزلك، فذهب وطلب منزلاً، وكنت في المسجد، ولم

يجئ إلي المسجد إلاّ عتمة، فقلت له: ما خلفك؟

فقال: ما تدري ما أصابني اليوم، قلت: لا.

قال: ذهبت أستقي الماء من البئر لأتوضّأ، فخرج الدلو مملوءًا خرءًا، وقد عجنّا

وخبزنا بذلك الماء، فطرحنا خبزنا، وغسلنا ثيابنا، فشغلني عن المجيء، ونقلت

متاعي إلي المنزل الذي اكتريته، فليس بالمنزل إلاّ الجارية، الساعة أنصرف وآخذ

بيدها.

فقلت: بارك اللّه لك، ثمّ افترقنا، فلمّا كان سحر تلك الليلة خرجنا إلي المسجد،

فجاء فقال: ما ترون ما حدث في هذه الليلة؟

قلت: لا، قال: سقط واللّه! منزلي السفليّ والعلويّ[248].

5 ـ الحميريّ رحمه الله: ... إبراهيم بن عبد الحميد، قال: كتب إليّ أبو الحسن عليه السلام-

قال: عثمان بن عيسي وكنت حاضرا بالمدينة - تحوّل عن منزلك.

فاغتمّ بذلك، وكان منزله منزلاً وسطا بين المسجد والسوق، فلم يتحوّل. فعاد

إليه الرسول: تحوّل عن منزلك، فبقي.

ثمّ عاد إليه الثالثة: تحوّل عن منزلك، فذهب وطلب منزلاً، وكنت في المسجد، ولم

يجئ إلي المسجد إلاّ عتمة، فقلت له: ما خلفك؟

فقال: ما تدري ما أصابني اليوم، قلت: لا.

قال: ذهبت أستقي الماء من البئر لأتوضّأ، فخرج الدلو مملوءًا خرءًا، وقد عجنّا

وخبزنا بذلك الماء، فطرحنا خبزنا، وغسلنا ثيابنا، فشغلني عن المجيء، ونقلت

متاعي إلي المنزل الذي اكتريته، فليس بالمنزل إلاّ الجارية، الساعة أنصرف وآخذ

بيدها.

فقلت: بارك اللّه لك، ثمّ افترقنا، فلمّا كان سحر تلك الليلة خرجنا إلي المسجد،

فجاء فقال: ما ترون ما حدث في هذه الليلة؟

قلت: لا، قال: سقط واللّه! منزلي السفليّ والعلويّ[249].

6 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: ... عبد اللّه بن إبراهيم الجعفريّ، قال:

كتب يحيي بن عبد اللّه بن الحسن إلي موسي بن جعفر عليهماالسلام: ... .

فكتب إليه أبو الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: ... أحذّرك معصية الخليفة، وأحثّك

علي برّه وطاعته ... أبقاه اللّه، فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول اللّه ... .

قال الجعفريّ: فبلغني أنّ كتاب موسي بن جعفر عليهماالسلام وقع في يدي هارون، فلمّا

قرأه قال: الناس يحملوني علي موسي بن جعفر، وهو بريء ممّا يرمي به[250].

(428) 7 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد،

عن ابن محبوب، عن حسين بن عمر بن يزيد، عن أبيه، قال:

اشتريت إبلاً وأنا بالمدينة مقيم، فأعجبني إعجابا شديدا، فدخلت علي

أبي الحسن الأوّل عليه السلام، فذكرتها له.

فقال: ما لك وللإبل؟ أما علمت أنّها كثيرة المصائب؟!

قال: فمن إعجابي بها أكريتها وبعثت بها مع غلمان لي إلي الكوفة.

قال: فسقطت كلّها، فدخلت عليه فأخبرته.

فقال: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ي أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ

عَذَابٌ أَلِيمٌ»[251]،[252].

(429) 8 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: بعض أصحابنا، عن محمّد بن حَسّان،

عن محمّد بن رنجويه، عن عبد اللّه بن الحكم الأرمنيّ، عن عبد اللّه بن جعفر بن

إبراهيم الجعفريّ، قال: حدّثنا عبد اللّه بن المفضّل مولي عبد اللّه بن جعفر بن أبي

طالب، قال: لمّا خرج الحسين بن عليّ المقتول بفخّ[253] واحتوي علي المدينة، دعا

موسي بن جعفر إلي البيعة، فأتاه، فقال له: يا ابن عمّ! لا تكلّفني ما كلّف ابن عمّك أبا

عبد اللّه، فيخرج منّي ما لا أريد كما خرج من أبي عبد اللّه ما لم يكن يريد.

فقال له الحسين: إنّما عرضت عليك أمرا، فإن أردته دخلت فيه، وإن كرهته لم

أحملك عليه، واللّه المستعان، ثمّ ودّعه.

فقال له أبو الحسن موسي بن جعفر حين ودّعه: يا ابن عمّ! إنّك مقتول فأجدّ

الضراب، فإنّ القوم فسّاق يظهرون إيمانا ويسترون شركا، و«إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّـآ إِلَيْهِ

رَ جِعُونَ»[254]، أحتسبكم عند اللّه من عصبة، ثمّ خرج الحسين وكان من أمره ما

كان، قتلوا كلّهم كما قال عليه السلام[255].

9 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: ... عن الحسين بن موسي، عن أُمّه وأُمّ أحمد

بنت موسي، قالتا: كنّا مع أبي الحسن عليه السلام بالبادية، ونحن نريد بغداد، فقال لنا يوم

الخميس: اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة، فإنّ الماء بها غدا قليل...[256].

10 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: ... محمّد بن يحيي، عن وصيّ عليّ بن

السريّ، قال: قلت لأبي الحسن موسي عليه السلام: إنّ عليّ بن السريّ توفّي فأوصي إليّ،

فقال: «رحمه اللّه»، قلت: وإنّ ابنه جعفر بن عليّ وقع علي أُمّ ولد له، فأمرني أن

أخرجه من الميراث؟

قال: فقال لي: أخرجه من الميراث، وإن كنت صادقا فسيصيبه خبل ... .

قال الوصيّ: فأصابه الخبل بعد ذلك.

قال: أبو محمّد الحسن بن عليّ الوشّاء فرأيته بعد ذلك، وقد أصابه الخبل[257].

(430) 11 ـ أبو عمرو الكشّيّ رحمه الله: حمدويه وإبراهيم ابنا نصير، قالا: حدّثنا

محمّد بن عيسي، قال: حدّثني الحسن بن عليّ الوشّاء، عن هشام بن الحكم، قال:كنت

في طريق مكّة قائما أريد شراء بعير، فمرّ بي أبو الحسن عليه السلام.

فلمّا نظرت إليه تناولت رقعة، فكتبت إليه: جعلت فداك! إنّي أريد شراء هذا

البعير فما تري؟

فنظر إليه ثمّ قال: لا أري في شراه بأسا، فإن خفت عليه ضعفا فألقمه[258]،

فاشتريته وحملت عليه، فلم أر منكرا حتّي إذا كنت قريبا من الكوفة في

بعض المنازل عليه حمل ثقيل، رمي بنفسه واضطرب للموت، فذهب

الغلمان ينزعون عنه، فذكرت الحديث فدعوت بلقم، فما ألقموه إلاّ سبعا حتّي قام

بحمله[259].

12 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: ... عن عثمان بن عيسي، عن سفيان بن نِزار، قال:

كنت يوما علي رأس المأمون، فقال: أتدرون من علّمني التشيّع؟

فقال القوم جميعا: لا، واللّه ! ما نعلم.

قال: علّمنيه الرشيد.

فأنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: يا أمير المو?نين! علي الباب

رجل يزعم أنّه موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي

طالب عليهم السلام، فأقبل علينا...

فأقبل عليّ أبو الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام سرّا بيني وبينه، فبشّرني بالخلافة،

فقال لي: إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلي ولدي ...[260].

(431) 13 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق

الطالقانيّ رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيي الصُوليّ، قال: حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن

عبد اللّه، عن عليّ بن محمّد بن سليمان النوفليّ، عن صالح بن عليّ بن عطيّة، قال: كان

السبب في وقوع موسي بن جعفر عليهماالسلامإلي بغداد أنّ هارون الرشيد أراد أن يقعد

الأمر لابنه محمّد بن زبيدة، وكان له من البنين أربعة عشر ابنا، فاختار منهم ثلثة

محمّد بن زبيدة وجعله وليّ عهده، وعبد اللّه المأمون وجعل الأمر له بعد ابن زبيدة،

والقاسم المؤتمن وجعل له الأمر من بعد المأمون، فأراد أن يحكم الأمر في ذلك

ويشهره شهرة يقف عليها الخاصّ والعامّ، فحجّ في سنة تسع وسبعين ومائة، وكتب

إلي جميع الآفاق يأمر الفقهاء والعلماء والقرّاء والأمراء أن يحضروا مكّة أيّام الموسم،

فأخذ هو طريق المدينة.

قال عليّ بن محمّد النوفليّ: فحدّثني أبي أنّه كان سبب سعاية يحيي بن خالد بموسي

ابن جعفر عليهماالسلام وضع الرشيد ابنه محمّد بن زبيدة في حجر جعفر بن محمّد بن الأشعث

فساء ذلك يحيي، وقال: إذا مات الرشيد، وأفضي الأمر إلي محمّد انقضت دولتي

ودولة ولدي وتحوّل الأمر إلي جعفر بن محمّد بن الأشعث وولده، وكان قد عرف

مذهب جعفر في التشيّع، فأظهر له أنّه علي مذهبه، فسرّ به جعفر وأفضي إليه بجميع

أموره، وذكر له ما هو عليه في موسي بن جعفر عليهماالسلام، فلمّا وقف علي مذهبه سعي به

إلي الرشيد، وكان الرشيد يرعي له موضعه وموضع أبيه من نصرة الخلافة.

فكان يقدم في أمره ويؤخّر ويحيي لا يألو أن يخطب عليه إلي أن دخل يوما إلي

الرشيد، فأظهر له إكراما وجري بينهما كلام مزيّة جعفر لحرمته وحرمة أبيه.

فأمر له الرشيد في ذلك اليوم بعشرين ألف دينار، فأمسك يحيي عن أن يقول فيه

شيئا حتّي أمسي، ثمّ قال للرشيد: يا أمير المؤمنين! قد كنت أخبرتك عن جعفر

ومذهبه، فتكذب عنه، وههنا أمر فيه الفيصل.

قال: وما هو؟

قال: إنّه لا يصل إليه مال من جهة من الجهات إلاّ أخرج خمسه فوجّه به إلي

موسي بن جعفر، ولست أشكّ أنّه قد فعل ذلك في العشرين الألف دينار التي أمرت

بها له.

فقال هرون: إنّ في هذا لفيصلاً، فأرسل إلي جعفر ليلاً، وقد كان عرف سعاية

يحيي به، فتباينا وأظهر كلّ واحد منهما لصاحبه العداوة.

فلمّا طرق جعفر رسول الرشيد بالليل خشي أن يكون قد سمع فيه قول يحيي، وأنّه

إنّما دعاه ليقتله، فأفاض عليه ماء ودعا بمسك وكافور، فتحنّط بهما، ولبس بردة

فوق ثيابه، وأقبل إلي الرشيد، فلمّا وقعت عليه عينه وشمّ رائحة الكافور ورأي

البردة عليه، قال: يا جعفر! ما هذا؟

فقال: يا أمير المؤمنين! قد علمت أنّه سعي بي عندك، فلمّا جاءني رسولك في هذه

الساعة لم أمن [ آمن] أن يكون قد قرح في قلبك ما يقول عليّ، فأرسلت إليّ لتقتلني.

قال: كلاّ، ولكن قد خبّرت أنّك تبعث إلي موسي بن جعفر من كلّ ما يصير إليك

بخمسه، وأنّك قد فعلت بذلك في العشرين الألف دينار، فأحببت أن أعلم ذلك.

فقال جعفر: اللّه أكبر! يا أمير المؤمنين! تأمر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها

بخواتيمها.

فقال الرشيد لخادم له: خذ خاتم جعفر، وانطلق به حتّي تأتيني بهذا المال وسمّي له

جعفر جاريته التي عندها المال، فدفعت إليه البدر بخواتيمها، فأتي بها الرشيد، فقال

له جعفر: هذا أوّل ما تعرف به كذب من سعي بي إليك.

قال: صدقت يا جعفر! انصرف آمنا، فإنّي لا أقبل فيك قول أحد.

قال: وجعل يحيي يحتال في إسقاط جعفر.

قال النوفليّ: فحدّثني عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ، عن بعض

مشايخه، وذلك في حجّة الرشيد قبل هذه الحجّة، قال: لقيني عليّ بن إسماعيل بن

جعفر بن محمّد، فقال لي: مالك، قد اخملت نفسك؟!

ما لك لا تدبّر أمور الوزير؟

فقد أرسل إليّ فعادلته، وطلبت الحوائج إليه، وكان سبب ذلك أن يحيي بن خالد،

قال ليحيي بن أبي مريم: ألا تدلّني علي رجل من آل أبي طالب له رغبة في الدنيا،

فأوسّع له منها.

قال: بلي، أدلّك علي رجل بهذه الصفة، وهو عليّ بن إسماعيل بن جعفر فأرسل

إليه يحيي، فقال: أخبرني عن عمّك وعن شيعته، والمال الذي يحمل إليه، فقال له:

عندي الخبر، وسعي بعمّه، فكان من سعايته أن قال: من كثرة المال عنده أنّه اشتري

ضيعة تسمّي البشريّة بثلثين ألف دينار، فلمّا أحضر المال، قال البايع: لا أريد هذا

النقد، أريد نقدا كذا وكذا، فأمر بها فصبّت في بيت ماله، وأخرج منه ثلثين ألف

دينار من ذلك النقد ووزنه في ثمن الضيعة.

قال النوفليّ: قال أبي: وكان موسي بن جعفر عليهماالسلام يأمر لعليّ بن إسماعيل ويثق به

حتّي ربما خرج الكتاب منه إلي بعض شيعته بخطّ عليّ بن إسماعيل، ثمّ استوحش

منه، فلمّا أراد الرشيد الرحلة إلي العراق بلغ موسي بن جعفر: أنّ عليّا ابن أخيه يريد

الخروج مع السلطان إلي العراق، فأرسل إليه ما لك والخروج مع السلطان؟!

قال: لأنّ عليَ دينا، فقال: دينك عليَ، قال: فتدبير عيالي؟!

قال: أنا أكفيهم، فأبي إلاّ الخروج، فأرسل إليه مع أخيه محمّد بن إسماعيل ابن

جعفر بثلثمائة دينار وأربعة آلاف درهم، فقال له: اجعل هذا في جهازك ولا توتم

ولدي[261].

(432) 14 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه،

قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، قال: دخلت

علي أبي الحسن عليه السلام [262] قبل أن يحمل إلي العراق بسنة، وعليّ ابنه عليه السلام[جالس ]بين

يديه، فقال لي: يا محمّد! فقلت: لبّيك!

قال: إنّه سيكون في هذه السنة حركة فلا تجزع منها!

[قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟! فقد أقلني ما ذكرت، فقال: أصير إلي

الطاغية، أما إنّه لا يبداني منه سوء ومن الذي يكون بعده.

قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟! [263]].

ثمّ أطرق، ونكت بيده في الأرض، ورفع رأسه إليّ وهو يقول: ويضلّ اللّه

الظالمين ويفعل اللّه مايشاء.

قلت: وما ذاك جعلت فداك؟

قال: من ظلم ابني هذا حقّه وجحد إمامته من بعدي، كان كمن ظلم عليّ بن أبي

طالب عليه السلام حقّه، وجحد إمامته من بعد محمّد صلي الله عليه و آله وسلم.

فعلمت أ نّه قد نعي إلي نفسه، ودلّ علي ابنه.

فقلت: واللّه، لئن مدّ اللّه في عمري لأُسلّمنّ إليه حقّه، ولأُقرّنّ له بالإمامة،

وأُشهد أ نّه من بعدك حجّة اللّه تعالي علي خلقه، والداعي إلي دينه.

فقال لي: يا محمّد! يمدّ اللّه في عمرك وتدعو إلي إمامته وإمامة من يقوم مقامه من

بعده.

فقلت: من ذاك، جعلت فداك؟

قال: محمّد ابنه.

قال: قلت فالرضا والتسليم. قال: نعم! كذلك وجدتك في كتاب أميرالمؤمنين عليه السلام: أما

إنّك في شيعتنا أبين من البرق في الليلة الظلماء.

ثمّ قال: يا محمّد! إنّ المفضّل كان أُنسي ومستراحي، وأنت أُنسهما ومستراحهما.

حرام علي النار أن تمسّك أبدا[264].

(433) 15 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: وروي عبد اللّه بن إدريس، عن ابن سنان، قال:

حمل الرشيد في بعض الأيّام إلي عليّ بن يقطين ثيابا أكرمه بها، وكان في جملتها

دُرّاعة[265] خزّ سوداء من لباس الملوك مثقّلة بالذهب، فأنفذ عليّ بن يقطين جلّ تلك

الثياب إلي موسي بن جعفر عليهماالسلام، وأنفذ في جملتها تلك الدرّاعة، وأضاف إليها مالاً

كان أعدّه علي رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله.

فلمّا وصل ذلك إلي أبي الحسن عليه السلام قبل ذلك المال والثياب، وردّ الدرّاعة علي يد

الرسول إلي عليّ بن يقطين، وكتب إليه: احتفظ بها، ولا تخرجها عن يدك، فسيكون

لك بها شأن تحتاج إليها معه، فارتاب عليّ بن يقطين بردّها عليه، ولم يدر ما سبب

ذلك، واحتفظ بالدرّاعة.

فلمّا كان بعد أيّام تغيّر عليّ بن يقطين علي غلام كان يختصّ به، فصرفه عن

خدمته، وكان الغلام يعرف ميل عليّ بن يقطين إلي أبي الحسن موسي عليه السلام ويقف

علي ما يحمله إليه في كلّ وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك.

فسعي به إلي الرشيد، فقال: إنّه يقول بإمامة موسي بن جعفر، ويحمل إليه خمس

ماله في كلّ سنة، وقد حمل إليه الدرّاعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين في وقت كذا

وكذا، فاستشاط[266] الرشيد لذلك، وغضب غضبا شديدا، وقال: لأكشفنّ عن هذا

الحال، فإن كان الأمر كما تقول أزهقت نفسه، وأنفذ في الوقت بإحضار عليّ بن

يقطين، فلمّا مثل بين يديه قال له: ما فعلت الدرّاعة التي كسوتك بها؟

قال: هي يا أمير المؤمنين! عندي في سفط مختوم، وفيه طيب قد احتفظت بها، فلمّا

أصبحت وفتحت السفط، ونظرت إليها تبرّكا بها، وقبّلتها ورددتها إلي موضعها،

وكلّما أمسيت صنعت مثل ذلك.

فقال: أحضرها الساعة.

قال: نعم، يا أمير المؤمنين! فاستدعي بعض خدمه، فقال له: امض إلي البيت

الفلاني من داري، فخذ مفتاحه من خازني وافتحه، ثمّ افتح الصندوق الفلاني،

فجئني بالسفط الذي فيه بختمه.

فلم يلبث الغلام أن جاء بالسفط مختوما، فوضع بين يدي الرشيد، فأمر بكسر

ختمه وفتحه، فلمّا فتح نظر إلي الدرّاعة فيه بحالها مطويّة مدفونة في الطيب، فسكن

الرشيد من غضبه، ثمّ قال لعليّ بن يقطين: ارددها إلي مكانها وانصرف راشدا، فلن

أصدّق عليك بعدها ساعيا، وأمر أن يتبع بجائزة سنيّة، وتقدّم بضرب الساعي به

ألف سوط، فضرب نحو خمس مائة سوط، فمات في ذلك[267].

(434) 16 ـ الشيخ الطوسيّ رحمه الله: أخبرنا أحمد بن عُبْدُون سماعا وقراءة عليه،

قال: أخبرنا أبو الفرج عليّ بن الحسين الأصبهانيّ، قال: حدّثني أحمد بن عبيد اللّه

ابن عمّار، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد النَوْفَليّ، عن أبيه، قال الأصبهانيّ: وحدّثني أحمد

ابن محمّد بن سعيد، قال: حدّثني يحيي بن الحسن العلويّ، وحدّثني غيرهما ببعض

قصّته، وجمعت ذلك بعضه إلي بعض، قالوا: كان السبب في أخذ موسي بن

جعفر عليهماالسلام أنّ الرشيد جعل ابنه في حجر جعفر بن محمّد بن الأشعث، فحسده يحيي

ابن خالد البرمكيّ، وقال: إن أفضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولة ولدي، فاحتال

علي جعفر بن محمّد - وكان يقول بالإمامة - حتّي داخله وأنس إليه، وكان يكثر

غشيانه في منزله، فيقف علي أمره فيرفعه إلي الرشيد، ويزيد عليه بما يقدح في قلبه.

قال يوما لبعض ثقاته: تعرفون لي رجلاً من آل أبي طالب ليس بواسع الحال

يعرّفني ما أحتاج [إليه]، فدلّ علي عليّ بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد، فحمل إليه

يحيي بن خالد مالاً، وكان موسي عليه السلام يأنس إليه ويصله، وربّما أفضي إليه بأسراره

كلّها، فكتب ليشخص به، فأحسن موسي عليه السلامبذلك فدعاه، فقال: إلي أين يا ابن

أخي؟ قال: إلي بغداد.

قال: ما تصنع؟

قال: عليّ دين، أنا مملق.

قال: فأنا أقضي دينك وأفعل بك وأصنع، فلم يلتفت إلي ذلك، فقال له: انظر،

يا ابن أخي! لا تؤتم أولادي، وأمر له بثلثمائة دينار وأربعة آلاف درهم، فلمّا قام من

بين يديه، قال أبو الحسن موسي عليه السلام: لمن حوله واللّه ! ليسعينّ في دمي ويؤتمنّ

أولادي.

فقالوا له: جعلنا اللّه فداك! فأنت تعلم هذا من حاله وتعطيه وتصله!؟

فقال لهم: نعم، حدّثني أبي، عن آبائه، عن رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلمأنّ الرحم إذا

قطعت فوصلت قطعها اللّه، فخرج عليّ بن إسماعيل حتّي أتي إلي يحيي بن خالد

فتعرّف منه خبر موسي بن جعفر عليهماالسلام، ورفعه إلي الرشيد، وزاد عليه وقال له: إنّ

الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب، وإنّ له بيوت أموال، وإنّه اشتري ضيعة

بثلاثين ألف دينار، فسمّاها اليسيرة.

وقال له صاحبها وقد أحضر المال: لا آخذ هذا النقد، ولا آخذ إلاّ نقد كذا. فأمر

بذلك المال فردّ وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه، فرفع ذلك كلّه

إلي الرشيد فأمر له بمائتي ألف درهم يسبّب له علي بعض النواحي، فاختار كور

المشرق، ومضت رسله لتقبض المال، ودخل هو في بعض الأيّام إلي الخلاء، فزحر[268]

زحرة خرجت منها حشوته كلّها، فسقط وجهدوا في ردّها، فلم يقدروا، فوقع لما به

وجاءه المال وهو ينزع، فقال: ما أصنع به وأنا في الموت.

وحجّ الرشيد في تلك السنة، فبدأ بقبر النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، فقال: يا رسول اللّه! إنّي

أعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله أريد أن أحبس موسي بن جعفر، فإنّه يريد

التشتيت بأُمّتك وسفك دمائها، ثمّ أمر به فأخذ من المسجد، فأدخل إليه فقيّده،

وأخرج من داره بغلان عليهما قبّتان مغطّاتان هو عليه السلامفي إحداهما ووجّه مع كلّ

واحدة منهما خيلاً، فأخذ بواحدة علي طريق البصرة والأخري علي طريق الكوفة،

ليعمي علي الناس أمره.

وكان في التي مضت إلي البصرة، وأمر الرسول أن يسلّمه إلي عيسي بن جعفر بن

المنصور، وكان علي البصرة حينئذ فمضي به فحبسه عنده سنة.

ثمّ كتب إلي الرشيد أن خذه منّي وسلّمه إلي من شئت وإلاّ خلّيت سبيله فقد

اجتهدت بأن أجد عليه حجّة فما أقدر علي ذلك حتّي أنّي لأتسمّع عليه إذا دعا لعلّه

يدعو عليّ أو عليك، فما أسمعه يدعو إلاّ لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة.

فوجّه من تسلّمه منه وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقي عنده مدّة

طويلة، وأراد الرشيد علي شيء من أمره فأبي، فكتب بتسليمه إلي الفضل بن يحيي،

فتسلّمه منه، وأراد ذلك منه فلم يفعل، وبلغه أنّه عنده في رفاهيّة وسعة، وهو حينئذ

بالرقّة.

فأنفذ مسرور الخادم إلي بغداد علي البريد، وأمره أن يدخل من فوره إلي موسي

ابن جعفر عليه السلام، فيعرف خبره، فإن كان الأمر علي ما بلغه أوصل كتابا منه إلي

العبّاس بن محمّد، وأمره بامتثاله، وأوصل كتابا منه آخر إلي السنديّ بن شاهك

يأمره بطاعة العبّاس، فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن

يحيي لا يدري أحد ما يريد.

ثمّ دخل علي موسي بن جعفر عليهماالسلام، فوجده علي ما بلغ الرشيد، فمضي من فوره

إلي العبّاس بن محمّد والسنديّ، فأوصل الكتابين إليهما، فلم يلبث الناس أن خرج

الرسول يركض إلي الفضل بن يحيي، فركب معه وخرج مشدوها دهشا حتّي دخل

علي العبّاس، فدعا بسياط وعقابين، فوجّه ذلك إلي السنديّ، وأمر بالفضل فجرّد،

ثمّ ضربه مائة سوط، وخرج متغيّر اللون خلاف ما دخل، فأذهبت نخوته، فجعل

يسلّم علي الناس يمينا وشمالاً.

وكتب مسرور بالخبر إلي الرشيد، فأمر بتسليم موسي عليه السلام إلي السنديّ بن

شاهك، وجلس مجلسا حافلاً وقال: أيّها الناس! إنّ الفضل بن يحيي قد عصاني،

وخالف طاعتي، ورأيت أن ألعنه فالعنوه، فلعنه الناس من كلّ ناحية حتّي ارتجّ

البيت والدار بلعنه، وبلغ يحيي بن خالد، فركب إلي الرشيد ودخل من غير الباب

الذي يدخل الناس منه حتّي جاءه من خلفه، وهو لا يشعر، ثمّ قال له: التفت إليّ

يا أمير المؤمنين! فأصغي إليه فزعا، فقال له: إنّ الفضل حدث وأنا أكفيك ما تريد،

فانطلق وجهه وسرّ وأقبل علي الناس، فقال: إنّ الفضل كان عصاني في شيء فلعنته،

وقد تاب وأناب إلي طاعتي فتولّوه.

فقالوا له: نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت، وقد تولّيناه، ثمّ خرج يحيي

ابن خالد بنفسه علي البريد حتّي أتي بغداد، فماج الناس وارجفوا بكلّ شيء، فأظهر

أنّه ورد لتعديل السواد، والنظر في أمر العمّال، وتشاغل ببعض ذلك، ودعا السنديّ

فأمره فيه بأمره فامتثله.

وسأل موسي عليه السلام السنديّ عند وفاته أن يحضره مولي له ينزل عند دار العبّاس

ابن محمّد في أصحاب القصب ليغسّله، ففعل ذلك.

قال: سألته أن يأذن لي أن أكفّنه فأبي، وقال: إنّا أهل بيت مهور نسائنا وحجّ

صرورتنا، وأكفان موتانا من طهرة أموالنا، وعندي كفني، فلمّا مات أدخل عليه

الفقهاء ووجوه أهل بغداد، وفيهم الهيثم بن عديّ وغيره، فنظروا إليه لا أثر به

وشهدوا علي ذلك، وأخرج فوضع علي الجسر ببغداد، ونودي هذا موسي بن جعفر

قد مات فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرّسون في وجهه وهو ميّت.

قال: وحدّثني رجل من بعض الطالبيّين أنّه نودي عليه هذا موسي بن جعفر

الذي تزعم الرافضة أنّه لا يموت، فانظروا إليه، فنظروا إليه.

قالوا: وحمل فدفن في مقابر قريش، فوقع قبره إلي جانب رجل من النوفليّين،

يقال له: عيسي بن عبد اللّه[269].

(435) 17 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: وروي الحسن، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد،

عن محمّد بن عليّ، عن عليّ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، قال: دخلت

المدينة وأنا شديد المرض، وكان أصحابنا يدخلون عليّ، فلم أعقل بهم، وذلك أنّه

أصابني حصر[270]، فذهب عقلي، فأخبرني إسحاق بن عمّار أنّه أقام عليّ بالمدينة

ثلاثة أيّام لا يشكّ أنّه لا يخرج منها حتّي يدفنني ويصلّي عليّ، فخرج وأفقت بعد

خروج إسحاق، فقلت لأصحابي: افتحوا كيسي وأخرجوا منه مائة درهم،

واقسموها في أصحابي، ففعلوا.

وأرسل إليّ أبو الحسن عليه السلام بقدح فيه ماء، فقال الرسول: يقول لك

أبو الحسن عليه السلام: تشرب هذا الماء، فإنّ فيه شفاءك، إن شاء اللّه تعالي.

ففعلت، فأسهل بطني، وأخرج اللّه ما كنت أجده في بطني من الأذي.

فدخلت علي أبي الحسن عليه السلام، فقال: يا عليّ! كيف تجد نفسك؟

قلت: جعلت فداك! قد ذهب عنّي ما كنت أجده في بطني.

فقال: يا عليّ! أما إنّ أجلك كان قد حضر مرّة بعد أخري، ولكنّك رجل وصول

لقرابتك وإخوانك فأنسأ اللّه في أجلك مرّة بعد أخري.

قال: وخرجت إلي مكّة فلحقني إسحاق بن عمّار، فقال: واللّه! لقد أقمت بالمدينة

ثلاثة أيّام، فأخبرني بقصّتك.

فأخبرته بما صنعت، وما قال لي أبو الحسن عليه السلام.

فقال لي إسحاق بن عمّار: هكذا قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام مرّة بعد أخري،

وأصابني مثل الذي أصابك[271].

(436) 18 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: وروي الحسن، قال: أخبرني أحمد بن محمّد،

عن محمّد بن عليّ، عن عليّ، عن الحسن، عن أبي خالد الزباليّ، قال: مرّ بي

أبو الحسن عليه السلام يريد بغداد زمن المهديّ، أيّام كان أخذ محمّد بن عبد اللّه، فنزل في

هاتين القبّتين، في يوم شديد البرد، في سنة مجدبة، لا يقدر علي عود يستوقد به تلك

السنة، وأنا يومئذ أري رأي الزيديّة، أدين اللّه بذلك؛ فقال لي: يا أبا خالد، إئتنا

بحطب نستوقد.

قلت: واللّه! ما أعرف في المنزل عودا واحدا.

فقال: كلاّ، خذ في هذا الفجّ[272] فإنّك تلقي أعرابيّا معه حملين، فاشترهما منه، ولا تماكسه.

فركبت حماري، وانطلقت نحو الفجّ الذي وصف لي، فإذا أعرابيّ معه حملين حطب،

فاشتريتهما منه، وأتيته، فاستوقدوا منه يومهم، وأتيته بظرف ممّا عندنا، يطعم منه.

ثمّ قال: يا أبا خالد! أنظر خفاف الغلمان ونعالهم، فأصلحها حتّي نقدم عليك يوم

كذا وكذا، من شهر كذا وكذا.

قال أبو خالد: وكتبت تاريخ ذلك اليوم، وليس همّي غير هذه الأيّام، فلمّا كان

يوم الميعاد ركبت حماري، وسرت أميالاً ونزلت، فقعدت عند الجبل أفكّر في نفسي،

وأقول: واللّه! إن وافاني هذا اليوم الذي قال لي، فإنّه الإمام الذي فرض اللّه طاعته

علي خلقه، لا يسع الناس جهله.

فقعدت حتّي أمسيت، وأردت الإنصراف، فإذا أنا براكب مقبل، فأشرت إليه،

فأقبل إليّ فسلّم، فرددت عليه السلام، فقلت: وراءك أحد؟

قال: نعم، قطار فيه نحو من عشرين، يشبهون أهل المدينة.

قال: فما لبثت أن ارتفع القطار، فركبت حماري وتوجّهت نحو القطار، فإذا هو

يهتف بي: يا أبا خالد! هل وفينا لك بما وعدناك؟

قلت: قد واللّه! كنت أيست من قدومك، حتّي أخبرني راكب، فحمدت اللّه علي

ذلك، وعلمت أنّك هو.

قال: ما فعلت القبّتان اللتان كنّا نزلنا فيهما؟

قلت: جعلت فداك، تذهب إليهما، وانطلقت معه حتّي نزل القبّتين، فأتيناه بغذاء

فتغذّي، وقال: ما حال خفاف الغلمان ونعالهم؟

قلت: أصلحتها، فأتيته بها، فسرّ بذلك، فقال: يا أبا خالد! زوّدنا من هذه

الفسقارات[273] التي بالمدينة، فإنّا لا نقدر فيها علي هذه الأشياء التي تجدونها عندكم.

قال: فلم يبق شيء إلاّ زوّدته منه، ففرح وقال: سلني حاجتك، وكان معه محمّد أخوه.

قلت: جعلت فداك، أخبرك بما كنت فيه، وأدين اللّه به، إلي أن وقعت عليك،

وقدمت عليّ، فسألتني الحطب، فأخبرتك بما أخبرتك، فأخبرتني بالأعرابيّ، ثمّ

قلت لي: إنّي موافيك يوم كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، كما قلت، لم ينقص، ولم يزد

يوما واحدا، فعلمت أنّك الإمام الذي فرض اللّه طاعته، لا يسع الناس جهلك،

فحمدت اللّه لذلك.

فقال: يا أبا خالد! من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهليّة، وحوسب بما عمل

في الإسلام[274].

(437) 19 ـ الراونديّ رحمه الله: روي واضح عن الرضا عليه السلام، قال: قال أبي

موسي عليه السلامللحسين بن أبي العلاء: اشتر لي جارية نوبيّة.

فقال الحسين: أعرف واللّه! جارية نوبيّة نفيسة، أحسن ما رأيت من النوبة،

فلولا خصلة لكانت من شأنك.

قال عليه السلام: وما تلك الخصلة؟

قال: لا تعرف كلامك، وأنت لا تعرف كلامها

فتبسّم عليه السلام، ثمّ قال: اذهب حتّي تشتريها.

فلمّا دخلت [ بها] إليه، قال لها بلغتها: ما اسمك؟

قالت: مؤنسة.

قال: أنت لعمري! مؤنسة، قد كان لك اسم غير هذا، [ وقد] كان اسمك قبل هذا حبيبة.

قالت: صدقت، ثمّ قال عليه السلام: يا ابن أبي العلاء! إنّها ستلد لي غلاما لا يكون في

ولدي أسخي، ولا أشجع، ولا أعبد منه.

قلت: فما تسمّيه، حتّي أعرفه؟

قال: اسمه إبراهيم.

فقال عليّ بن أبي حمزة: كنت مع موسي عليه السلام بمني، إذ أتا رسوله، فقال: الحق بي

بالثعلبيّة، فلحقت به، ومعه عياله و عمران خادمه.

فقال: أيّما أحبّ إليك المقام ههنا، أوتلحق بمكّة؟

قلت: أحبّهما إليّ ما أحببت.

قال: مكّة خير لك، ثمّ سبقني إلي داره بمكّة، وأتيته وقد صلّي المغرب.

فدخلت عليه، فقال: اخلع نعليك، إنّك بالواد المقدّس [طوي].

فخلعت نعلي، وجلست معه، فأتيت بخوان فيه خبيص[275]، فأكلت أنا وهو، ثمّ

رفع الخوان.

وكنت أحدّثه، ثمّ غشيني النعاس، فقال لي: قم فنم حتّي أقوم أنا لصلاة الليل،

فحملني النوم إلي أن فرغ من صلاة الليل، ثمّ جائني فنبهّني، فقال: فتوضّأ وصلّ

صلاة الليل وخفّف.

فلمّا فرغت من الصلاة، صلّينا الفجر، ثمّ قال لي: يا عليّ! إنّ أُمّ ولدي ضربها

الطلق، فحملتها إلي الثعليّة، مخافة أن يسمع الناس صوتها، فولدت هناك الغلام الذي

ذكرت لك كرمه وسخائه وشجاعته.

قال عليّ: فواللّه! لقد أدركت الغلام، فكان كما وصف[276].

(438) 20 ـ الراونديّ رحمه الله: روي عن محمّد بن عبد اللّه، عن صالح بن واقد

الطبريّ، قال: دخلت علي موسي بن جعفر عليهماالسلام، فقال: يا صالح! إنّه يدعوك

الطاغية - يعني هارون - فيحبسك في محبسه ويسألك عنّي فقل: إنّي لا أعرفه، فإذا

صرت في محبسه، فقل: من أردت أن تخرجه، فأخرجه بإذن اللّه تعالي.

قال صالح: فدعاني هارون الرشيد من طبرستان، فقال: ما فعل موسي بن

جعفر عليه السلام، فقد بلغني أنّه كان عندك.

فقلت: وما يدريني من موسي بن جعفر؟ أنت يا أمير المؤمنين! أعرف به وبمكانه.

فقال: اذهبوا به إلي الحبس، فواللّه! إنّي لفي بعض الليالي قاعد، وأهل الحبس نيام

إذ أنا به يقول: يا صالح! قلت: لبّيك.

قال: قد صرت إلي هاهنا؟

فقلت: نعم، يا سيّدي!.

قال: قم! فاخرج واتّبعني، فقمت وخرجت، فلمّا أن صرنا إلي بعض الطريق،

قال: يا صالح! السلطان سلطاننا كرامة من اللّه أعطاناها.

قلت: يا سيّدي! فأين أحتجز من هذا الطاغية؟

قال: عليك ببلادك، فارجع إليها، فإنّه لن يصل إليك.

قال صالح: فرجعت إلي طبرستان، فواللّه! ما سأل عنّي، ولا دري أحبسني

أم لا[277].

(439) 21 ـ الراونديّ رحمه الله: روي إسماعيل بن موسي، قال: كنّا مع أبي الحسن عليه السلام

في عمرة، فنزلنا بعض قصور الأمراء، فأمر بالرحلة، فشدّت المحامل، وركب بعض

العيال.

وكان أبو الحسن عليه السلام في بيت، فخرج فقام علي بابه، فقال: حطّوا حطّوا.

فقال إسماعيل: وهل تري شيئا؟

قال: إنّه ستأتيكم ريح سوداء مظلمة، فتطرح بعض الإبل.

قال: فحطّوا، وجاءت ريح سوداء، فأشهد لقد رأيت جملنا عليه كنيسة حتّي

أركب أنا فيها وأحمد أخي، ولقد قام ثمّ سقط علي جنبه بالكنيسة[278].

(440) 22 ـ ابن حمزة الطوسيّ رحمه الله: عن مرازم، قال: حضرت باب الرشيد أنا

وعبد الحميد الطائيّ ومحمّد بن حكيم، وأدخل عبد الحميد، فما لبثنا أن طرح برأسه

وحده، فتغيّرت ألواننا وقلنا: قد وقع الأمر.

فلمّا دخلت عليه وجدته مغضبا، والسياف قائم بين يديه، وبيده سيف مصلّت،

ورأيت خلفه علويّا، فعلمت أنّه قد فعل بنا ذلك، فقلت: اتّق اللّه ! يا أمير المؤمنين!

في دمي، فإنّه لا يحلّ لك إلاّ بحجّة، ولا تسمع فينا قول هذا الفاسق.

فقال العلويّ: أتفسقني وقد كنت بالمدينة تلقمني الفالوذج بيدك محبّة لي؟

فقال الرشيد بحيث لم يسمع هو: إذا عرفت حقّه.

فقلت: يا أمير المؤمنين! أنشدك اللّه إلاّ قلت لهذا: ألست كنت أبيع دارا بالمدينة

لي فطلب منّي أن أبيعها منه، ثمّ إنّه استشفع في ذلك بموسي بن جعفر عليهماالسلام فما قبلت

ولا شفّعته فيه، وبعته من غيره؟

فسأله أكذلك؟

قال: نعم.

فقال: قم، قبّحك اللّه! تقول: إنّه يقول بربوبيّة موسي بن جعفر عليهماالسلام، ثمّ تقول: إنّه

لم يقبل شفاعته في بيع دار منّي؟!

ثمّ أقبل عليّ وقال: ارجع راشدا.

فخرجت وأخذت بيد صاحبي وقلت: امض، فقد خلّصنا اللّه تعالي، ورحم اللّه

عبد الحميد، وحكيت له ما جري، فقال لي: وما منعك من قبول شفاعة

أبي الحسن عليه السلام؟

فقلت له: هو أمرني بذلك، وقال لي: إن استشفع بي إليك فلا تقبل شفاعتي[279].

(441) 23 ـ العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: عن عليّ بن عيسي، عن أيّوب بن يحيي

الجندل، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام، قال: رجل من أهل قمّ يدعوا الناس إلي الحقّ،

يجتمع معه قوم كزبر الحديد، لا تزلّهم الرياح العواصف، ولا يملّون من الحرب، ولا

يجبنون، وعلي اللّه يتوكّلون، والعاقبة للمتّقين[280].

(442) 24 ـ العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: عن سهل بن زياد، عن عبد العظيم الحسنيّ،

عن إسحاق الناصح مولي جعفر، عن أبي الحسن الأوّل عليه السلام، قال: قمّ عُشّ آل

محمّد، ومأوي شيعتهم، ولكن سيهلك جماعة من شبابهم بمعصية آبائهم،

والاستخفاف والسخريّة بكبرائهم ومشايخهم، ومع ذلك يدفع اللّه عنهم شرّ

الأعادي وكلّ سوء[281].

(443) 25 ـ أبو الفرج الإصفهانيّ: حدّثني عليّ بن إبراهيم، قال: حدّثني جعفر

ابن محمّد الفَزاريّ، قال: حدّثنا عبّاد بن يعقوب، قال: حدّثنا عنيزة القصبانيّ قال:

رأيت موسي بن جعفر عليه السلام بعد عتمة، وقد جاء إلي الحسين صاحب فخّ، فانكبّ

عليه شبه الركوع، وقال: أحبّ أن تجعلني في سعة وحلّ من تخلّفي عنك، فأطرق

الحسين طويلاً لا يجيبه، ثمّ رفع رأسه إليه فقال: أنت في سعة.

وبأسانيد أخري قال: قال الحسين لموسي بن جعفر في الخروج، فقال له: إنّك

مقتول، فأحدّ الضراب، فإنّ القوم فسّاق، يظهرون إيمانا، ويضمرون نفاقا وشركا،

فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون، وعند اللّه عزّ وجلّ أحتسبكم من عصبة[282].

الخامس ـ إخباره عليه السلام بالوقائع العامّة:

(444) 1 ـ الشيخ الطوسيّ رحمه الله: وروي أحمد بن عليّ، عن محمّد بن الحسين بن

إسماعيل، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، قال: سمعت أبا إبراهيم عليه السلام يقول: إنّ بني

فلان يأخذونني ويحبسونني، وقال: وذاك وإن طال فإلي سلامة [في دينه[283]].

پاورقي

[214] الكافي: 1/322، ح 14. عنه حلية الأبرار: 4/31، ح 1، و مدينة المعاجز: 7/261، ح

2311، والوافي: 2/379، ح 864، والبحار: 63/310، ح 7.

إرشاد المفيد: 317، س 8، باختصار. عنه كشف الغمّة: 2/351، س 8، والمستجاد من كتاب الارشاد: 224، س 9، ووسائل الشيعة: 25/219، ح 31733، قطعة منه.

إعلام الوري: 2/92، س 9، قطعة منه. عنه وعن الإرشاد، البحار: 5/21، ح 7.

[215] في البحار و مدينة المعاجز: الحسين بن موسي بن جعفر عليهماالسلام.

[216] رجال الكشّيّ: 429، ح 804. عنه البحار: 47/264، ح 32، و50/104، ح 19، ومدينة

المعاجز: 7/283، ح 2326، جميعا بتفاوت، والأنوار البهيّة: 252، س 20، ومسائل عليّ بن جعفر: 25، س 2، و320، ح 803.

[217] في البحار: قسمت أمواله ونكحت نساؤه.

[218] رجال الكشّيّ: 429، ح 803. عنه البحار: 47/263، ح 31، ومدينة المعاجز: 7/282، ح

17.

مسائل عليّ بن جعفر: 324، ح 809.

[219] الارشاد: 287، س 17. عنه البحار: 47/245، س 4، ضمن ح 2.

كشف الغمّة: 2/183، س 1.

إعلام الوري: 1/548، س 6، بتفاوت يسر.

[220] عدّه الشيخ الطوسيّ رحمه الله في رجاله من أصحاب أبيه الصادق، وأخيه الكاظم، وابن أخيه الرضا عليهم السلام، ووصفه في الفهرست بأنّه جليل القدر، ثقة، وله كتاب المناسك، ومسائل لأخيه موسي الكاظم عليه السلام سأله عنها، رواها الحميريّ في (قرب الإسناد) وتوفّي سنة 210 ه.

[221] عمدة الطالب: 222، س 12.

ينابيع المودّة: 3/170، س 15، عن فصل الخطاب، قطعة منه. عنه إحقاق الحقّ: 12/419،

س 14، وإثبات الهداة: 3/328، س 6.

مقدّمة مسائل عليّ بن جعفر: 24، س 19.

[222] تحفة العالم: 2/18، س 9. عنه البحار: 48/300، س 20 في ملحقاته.

[223] الشجرة المباركة: 110 س 2.

[224] الإرشاد: 286، س 7. عنه البحار: 47/243، س 11، ضمن ح 2.

كشف الغمّة: 2/181، س 11.

إعلام الوري: 1/547، س 14، بتفاوت يسير.

[225] الشجرة المباركة: 105 س 2.

[226] كشف الغمّة: 2/238، س 20. عنه البحار: 48/32، س 18، ضمن ح 2، وإثبات الهداة:

3/203، ح 96.

[227] إثبات الوصيّة: 196، س 4.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 320.

[228] الهداية الكبري: 263، س 4.

إحقاق الحقّ: 12/298، س 13، عن كتاب أئمّة الهدي، للسيّد محمّد عبد الغفّار الهاشميّ، وفيه:

وكان عمره خمسا وخمسين سنة.

[229] كشف الغمّة: 2/237، س 16. عنه البحار: 48/7، س 16، ضمن ح 10.

[230] المناقب: 4/324، س 3. عنه البحار: 48/7، س 1، ضمن ح 9.

دلائل الإمامة: 305، س 18.

كشف الغمّة: 2/219، س 7، بتفاوت يسير.

[231] إعلام الوري: 2/6، س 11. عنه البحار: 48/1، س 14، ضمن ح 1.

الإرشاد للمفيد: 288، س 10، بتفاوت يسير.

المستجاد من كتاب الإرشاد: 195، س 8.

[232] أعيان الشيعة: 2/5، س 12.

[233] الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 241، س 18. عنه إحقاق الحقّ: 12/297، س 9.

يأتي الحديث أيضا في مدّة عمره الشريف وتاريخ شهادته عليه السلام.

[234] ثرّب عليهم فعلَهم: قبّحَه. المعجم الوسيط: 94.

[235] الَمحْوي: بيوت الناس من الوبر مجتمعة علي ماء. المعجم الوسيط: 210.

[236] فصّلت: 41/46.

[237] الكافي: 1/316، ح 15. عنه البحار: 49/224، ح 17، والوافي: 2/366، ح 845، ونور

الثقلين: 5/268، ح 55، قطعة منه، وإثبات الهداة: 3/172، ح 6، و231، ح 13، قطعتان منه،.

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/33، ح 1، وفيه: حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد بن أبي الصهبان، عن عبد اللّه بن محمّد الحجّال، أنّ إبراهيم بن عبد اللّه الجعفريّ، حدّثه عن عدّة من أهل بيته أنّ أبا إبراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام ... بتفاوت يسير. عنه البحار: 48/276، ح 1.

قطعة منه في إنّه (أي الرضا عليه السلام وصييّ أبيه عليهماالسلام).

[238] مستدرك الوسائل: 2/484، ح 2527.

[239] النساء: 4/11.

[240] الكافي: 7/53، ح 8. عنه الوافي: 10/570، ح 10121، ومستدرك الوسائل: 8/15، ح

8942، و14/254، ح 16634، قطعتان منه.

تهذيب الأحكام: 9/149، ح 610، قطعة منه.

عنه وعن الكافي والعيون والفقيه، وسائل الشيعة: 19/202، ح 24427.

من لا يحضره الفقيه: 4/184، ح 64، نحو ما في التهذيب.

عنه وعن التهذيب، الوافي: 10/572، ح 10122.

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/37، ح 2. عنه البحار: 48/281، ح 2.

قطعة منه في ما رواه عن أبيه الصادق عليه السلام.

[241] دلائل الإمامة: 296، ح 251. عنه مدينة المعاجز: 5/458، ح 1792، إثبات الهداة

3/128، ح 183.

كشف الغمّة: 2/192، س 13، بتفاوت. عنه البحار: 47/145، س 1، ضمن ح 199.

إثبات الوصيّة: 191، س 17، بتفاوت يسير.

[242] الكافي: 8/107، ح 95.

يأتي الحديث بتمامه في ج 6 رقم 3461.

[243] الكافي: 1/313 ح 14.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 363.

[244] فرج المهموم: 108، س 2.

يأتي الحديث بتمامه في ج 6 رقم 3386.

[245] أربق: بالفتح ثمّ السكون وباء مفتوحة موحّدة، وقد تضمّ ـ ويقال بالكاف مكان القاف: من نواحي رامهرمز، من نواحي خوزستان. معجم البلدان: ج 1، ص 137.

[246] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 2/216، ح 23. عنه البحار: 48/260، ح 12، و49/285، ح 6،

و50/18، ح 1، قطعة منه، ومدينة المعاجز: 7/76، ح 2174، وإثبات الهداة: 3/271، ح 61، بتفاوت، و324، ح 17، قطعة منه.

إعلام الوري: 2/59، س 1.

الثاقب في المناقب: 491/419، مرسلاً.

[247] الكافي: 1/258، ح 2.

يأتي الحديث بتمامه في ج 2 رقم 790.

[248] دلائل الإمامة: 306، س 6.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 206.

[249] عيون المعجزات: 108، س 19.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 217.

[250] المناقب: 4/328، س 5.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 213.

[251] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/100، ح 6.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 200.

[252] الكافي: 1/476، س 8. عنه البحار: 48/206، ح 2، والوافي: 3/813، س 13.

كشف الغمّة: 2/217، س 10، و237، س 12، و245، س 19، بتفاوت يسير.

تهذيب الأحكام: 6/81، س 6، وفيه: لستّ بقين من رجب بدل لستّ خلون ... .

تصحيح الإعتقاد: 133، س 16.

المصباح للكفعميّ: 691، س 14، وفيه: توفّي عليه السلام يوم الجمعة ... .

[253] الكافي: 1/486، ح 9. عنه الوافي: 3/813، ح 1420، والبحار: 48/206، ح 3.

[254] الهداية الكبري: 263، س 1.

[255] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/99، ح 4.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 199.

[256] الإرشاد: 288، س 8. عنه البحار: 48/237، ح 45.

كشف الغمّة: 2/219، س 5.

إعلام الوري: 2/6، س 5، وفيه: لخمس بقين من رجب ... . عنه البحار: 48/1، س 11.

المستجاد من كتاب الإرشاد: 195، س 5.

جامع الأخبار للشعيريّ: 28، س 23، وفيه: قبض قتيلاً ببغداد، لستّ ليالي بقين من رجب.

عمدة الطالب: 177، س 3، بتفاوت يسير.

[257] مسارّ الشيعة ضمن كتاب «مجموعة نفيسة»: 72، س 1.

المصباح للكفعميّ: 678، س 19، أشار إليه.

[258] مسارّ الشيعة ضمن كتاب «مجموعة نفيسة»: 122، س 6.

المصباح للكفعميّ: 691، س 13.

[259] مسارّ الشيعة ضمن كتاب «مجموعة نفيسة»: 72، س 4.

[260] دلائل الإمامة: 306، س 3.

[261] عيون المعجزات: 108، س 19.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 217.

[262] كشف الغمّة: 2/216، س 16، بتفاوت. عنه البحار: 48/7، س 8، ضمن ح 10.

[263] كشف الغمّة: 2/245، س 19. عنه البحار: 48/8، س 5، ضمن ح 10.

الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 241، س 20. عنه إحقاق الحقّ: 12/297، س 10.

[264] تاريخ أهل البيت عليهم السلام: 67، س 1، و82، س 2.

تاريخ الأئمّة عليهم السلام ضمن كتاب «مجموعة نفيسة»: 11، س 6، قطعة منه.

[265] أعيان الشيعة: 2/5، س 9.

الدروس للشهيد: 154، س 1، قطعة منه. عنه البحار: 48/207، ح 6.

المصباح للكفعميّ: 691، س 17، أشار إليه.

تاج المواليد ضمن كتاب «مجموعة نفيسة»: 123، س 3، نحو ما في الدروس.

[266] الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 241، س 18. عنه إحقاق الحقّ: 12/297، س 9.

[267] ينابيع الودّة: 3/165، س 10.

[268] مروج الذهب: 3/365، س 13.

[269] تاريخ اليعقوبيّ: 2/414، س 2.

[270] تذكرة الخواصّ: 314، س 25.

[271] الصواعق المحرقة: 204، س 7.

[272] مختصر بصائر الدرجات: 7، س 16، و6، س 10، قطعة منه. عنه مدينة المعاجز: 6/378،

2052، 379، ح 2053.

بصائر الدرجات: الجزء العاشر/501، ح 3، 503، ح 12. عنه إثبات الهداة: 3/189، ح 57، والبحار: 27/285، ح 1 و2، و48/235، ح 42، و236، ح 43.

[273] الكافي: 1/476، س 8. عنه الوافي: 3/813، س 15، والبحار: 48/206، س 9، ضمن ح

2.

[274] الهداية الكبري: 264، س 6.

[275] حَنِق من باب تعِبَ: اغتاظ، فهو حنِق، وأحنَقتُهُ: غِظته، فهو مُحنَق. المصباح المنير: 154.

[276] احتفي: مشي حافيا، خلع نعلَه. المنجد: 143.

[277] إكمال الدين وإتمام النعمة: 39، س 9. عنه وسائل الشيعة: 2/95، ح 1592، قطعة منه.

وعنه وعن العيون، البحار: 48/228، ح 38.

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/105، 8.

[278] البقرة: 2/156.

[279] الحِلْية ج حِليً وحُليً علي غير قياس: ما يُزيّن به من مصوغ المعدنيّات أو الحجارة الكريمة. حِلية الانسان: ما يُري من لونه وظاهره وهيئته. المنجد: 150.

[280] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/97، ح 3. عنه وعن الإكمال، البحار: 48/225، ح 27.

إكمال الدين وإتمام النعمة: 37، س 12.

قطعة منه في الصلاة علي جنازته.

[281] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/99، ح 4. عنه البحار: 48/226، ح 28.

إعلام الوري: 2/6، س 14، قطعة منه.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/323، س 25، نحو ما في إعلام الوري.

قطعة منه في مدّة عمره الشريف وتاريخ شهادته عليه السلام، و(محلّ دفنه عليه السلام).

[282] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/100، ح 6. عنه البحار: 48/222، ح 26، ونور الثقلين:

2/437، ح 110، و4/89، ح 70، قطعتان منه، وإثبات الهداة: 3/181، ح 32، و239، ح 47، قطعة منه، ووسائل الشيعة: 3/195، ح 3386، و14/529، ح 19753، قطعتان منه، ومدينة المعاجز: 6/364 2048، و7/109، ح 2213، قطعة منه.

دلائل الإمامة: 316، ح 262، قطعة منه. عنه مدينة المعاجز: 7/111، ح 2215.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/303، س 10، قطعة منه، مرسلاً.

عيون المعجزات: 104، س 18، بتفاوت يسير. عنه مدينة المعاجز: 7/110، ح 2214، قطعة منه.

مشارق أنوار اليقين: 94، س 25، باختصار. عنه إثبات الهداة: 3/199، ح 91، ومدينة المعاجز: 6/383، ح 2058.

الهداية الكبري: 264، س 9، بتفاوت يسير. عنه وعن عيون المعجزات والدلائل، مدينة المعاجز: 6/369، ح 2049.

قطعة منه في محلّ دفنه عليه السلام، و(تجهيزه وتغسيله عليه السلام) و(إخباره عليه السلام بشهادته وتجهيزه)، و(دعاؤه عليه السلام للمسيّب)، و(دعاؤه عليه السلام عند خروجه من الحبس إلي المدينة)، و(خروجه عليه السلاممن الحبس مقيّداً إلي المدينة)، و(الشفاء في تربة الإمام الحسين عليه السلام، (حرمة أكل كلّ تربة إلاّ تربة الإمام الحسين عليه السلام)، و(النصّ علي إمامة ابنه الرضا عليه السلام).

[283] الاعتقادات: 98، س 9. عنه منتخب الطريحيّ: 3، س 20.

نزهة الجليس: 2/76، س 21، بتفاوت يسير.