بازگشت

(د) ـ علمه عليه السلام بأمور مختلفة


الأوّل ـ علمه عليه السلام بالأمور الصعبة والغامضة:

1 ـ النباطيّ البياضيّ رحمه الله: قيل: حضر مجلس الرشيد هنديّ حكيم، فدخل

الكاظم عليه السلام، فرفع الرشيد مقامه، فحسده الهنديّ ... .

فقال عليه السلام: أخبرني، الصور الصدفيّة إذا تكاملت فيها الحرارة الكليّة، وتواترت

عليها الحركات الطبيعيّة، واستحكمت فيها القوي العنصريّة، صارت أخصاصا

عقليّة، أم أشباحا وهميّة؟

فبهت الهنديّ وقبّل رأس الإمام عليه السلام، وقال: لقد كلّمتني بكلام لاهوت، من

جسم ناسوت ...[284].

الثاني ـ علمه عليه السلام بجميع اللغات:

1 ـ العيّاشيّ رحمه الله: عن أبي بصير، عن أبي الحسن عليه السلام، قال: ... فمرّت السفينة

تدور في الطوفان علي الجبال كلّها حتّي انتهت إلي الجوديّ، فوقعت عليه، فقال نوح:

يا راتقي! يا راتقي!

قال: قلت له: جعلت فداك أيّ شيء هذا الكلام؟

فقال: اللّهمّ أصلح، اللّهمّ أصلح[285].

(445) 2 ـ الراونديّ رحمه الله: قال بدر مولي الرضا عليه السلام: إنّ إسحاق بن عمّار 1رإسحاق بن عمّار ، 4دخل

علي موسي بن جعفر عليهماالسلام فجلس عنده، إذ استأذن عليه رجل خراسانيّ، فكلّمه

بكلام لم يسمع مثله قطّ كأنّه كلام الطير.

قال إسحاق: فأجابه موسي عليه السلام بمثله وبلغته إلي أن قضي وطره من مسألته،

فخرج من عنده.

فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام؟!

قال: هذا كلام قوم من أهل الصين، وليس كلّ كلام أهل الصين مثله.

ثمّ قال: أتعجب من كلامي بلغته؟

قلت: هو موضع التعجّب.

قال عليه السلام: أخبرك بما هو أعجب منه، (اعلم) أنّ الإمام يعلم منطق الطير ونطق

كلّ ذي روح خلقه اللّه تعالي، وما يخفي علي الإمام شيء[286].

الثالث ـ تكلّمه عليه السلام بألسنة مختلفة:

(446) 1 ـ الراونديّ رحمه الله: روي عن معتّب مولي أبي عبد اللّه، قال: إنّ موسي بن

جعفر لم يكن يري له ولد، فأتاه يوما أخواه إسحاق الزاهد ومحمّد الديباج - ابنا

جعفر عليه السلام- وسمعاه يتكلّم بلسان ليس بعربيّ، فجاءه غلام صقلبيّ، فكلّمه بلسانه،

فمضي الغلام وجاءه بعليّ ابنه، فقال موسي: لإخوته: هذا عليّ ابني، فضمّاه إلي

صدورهما واحد بعد واحد وقبّلاه، وكلّم الغلام بلسانه، فحمله وردّه.

ثمّ تكلّم مع غلام أسود بالحبشيّة، فجاء بغلام آخر، ثمّ ردّه ثمّ تكلّم مع غلام

آخر بلسان آخر غيره، فجاء بغلام حتّي أحضر خمسة أولاد مع خمسة غلمان

مختلفين[287].

2 ـ الطريحيّ رحمه الله: روي أنّ الرشيد لمّا أراد أن يقتل الإمام موسي بن

جعفر عليهماالسلام أعرض قتله علي سائر جنده وفرسانه، فلم يقتله أحد منهم، فأرسل إلي

عمّاله في بلاد الإفرنج، يقول لهم: التمسوا إليّ قوما لا يعرفون اللّه ولا يعرفون رسول

اللّه، فإنّي أريد أستعين بهم علي مهمّ.

قال: فأرسلوا إليه قوما، لا يعرفون من شرائط الإسلام كلمة واحدة ... وأنزلهم

في دار الكرامة، وحمل لهم الهدايا والتحف والخلع الثمينة ... .

فقال لوزيره: قل لهم: إنّ الملك له عدوّ في هذا البيت جالس ـ يعني موسي بن

جعفر عليهماالسلام ـ، فادخلوا إليه واقتلوه، ولكم الجائزة العظمي، فقالوا: سمعا وطاعة،

وهذا أمر هيّن علينا، فإن أردتم قطّعناه قطعا، وأكلنا لحمه.

قال: فقاموا جميعا بأسلحتهم، كأنّهم السباع الضارية، ودخلوا علي الإمام موسي

ابن جعفر عليهماالسلام، والرشيد ينظر إليهم من طاقة حجرته، ويبصر ما ذا يفعلون.

قال: فلمّا رأوه رموا أسلحتهم، وارتعدت فرائصهم، وخرّوا سجّدا يبكون رحمة

له.

قال: فجعل الإمام عليه السلام يمرّ يده الشريفة علي رؤوسهم، وهم يبكون، ومع ذلك

يخاطبهم بلحنهم ولغتهم ...[288].

الرابع ـ علمه عليه السلام بمنطق الحيوانات:

(447) 1 ـ البرقيّ رحمه الله: عن محمّد بن عليّ، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن جعفر،

عن أبي إبراهيم عليه السلام، قال: ما من دابّة يريد صاحبها أن يركبها إلاّ قالت: «اللّهمّ

اجعله بي رحيما»[289].

2 ـ الصفّار رحمه الله: ... أحمد بن هارون بن موفّق مولي أبي الحسن، قال: أتيت

أبا الحسن عليه السلام لأُسلّم عليه، فقال لي: اركب ندور في أموالنا ... فأمسكت ركابه،

وأهويت لأخذ العنان، فأبي وأخذه هو فأخرجه من رأس الدابّة، وعلّقه في طنب

من أطناب الفازة، فجلس ... إلي أن حمحم الفرس، فضحك عليه السلامونطق بالفارسيّة

وأخذ بعرفها، فقال: إذهب فبل، فرفع رأسه فنزع العنان، ومرّ يتخطّي الجداول

والزرع إلي براح حتّي بال ورجع ... [290].

(448) 3 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: روي عليّ بن أبي حمزة البَطائِنيّ، قال: خرج أبو

الحسن موسي عليه السلام في بعض الأيّام من المدينة إلي ضيعة له خارجة عنها، فصحبته

أنا، وكان عليه السلام راكبا بغلة، وأنا علي حمار لي، فلمّا صرنا في بعض الطريق اعترضنا

أسد، فأحجمت خوفا.

وأقدم أبو الحسن عليه السلام غيرمكترث به، فرأيت الأسد يتذلّل لأبي الحسن عليه السلام

ويهمهم، فوقف له أبو الحسن عليه السلام كالمصغي إلي همهمته، ووضع الأسد يده علي كفل

بغلته، وقد همّتني نفسي من ذلك، وخفت خوفا عظيما، ثمّ تنحّي الأسد إلي جانب

الطريق، وحوّل أبو الحسن عليه السلام وجهه إلي القبلة، وجعل يدعو ويحرّك شفتيه بما لا

أفهمه.

ثمّ أومي إلي الأسد بيده أن امض، فهمهم الأسد همهمة طويلة وأبو الحسن عليه السلام

يقول: آمين، آمين، وانصرف الأسد حتّي غاب عن بين أعيننا، ومضي

أبو الحسن عليه السلام لوجهه وأتبعته، فلمّا بعدنا عن الموضع لحقته، فقلت له: جعلت فداك!

ما شأن هذا الأسد؟ ولقد خفته واللّه عليك، وعجبت من شأنه معك!

فقال لي أبو الحسن عليه السلام: إنّه خرج إليّ يشكو عسر الولادة علي لبوته، سألني أن

أسأل اللّه أن يفرّج عنها؟ ففعلت ذلك له، وألقي في روعي أنّها تلد ذكرا فخبّرته

بذلك.

فقال لي: امض في حفظ اللّه، فلا سلّط اللّه عليك، ولا علي ذرّيّتك ولا علي أحد

من شيعتك شيئا من السباع، فقلت: آمين[291].

الخامس ـ علمه عليه السلام بمنطق الطيور:

(449) 1 ـ الصفّار رحمه الله: حدّثنا عبد اللّه بن محمّد، عن محمّد بن إبراهيم، عن عمر،

عن بشير، عن عليّ بن أبي حمزة، قال: دخل رجل من موالي أبي الحسن عليه السلامفقال:

جعلت فداك! أحبّ أن تتغذّي عندي.

فقام أبو الحسن عليه السلام حتّي مضي معه ودخل البيت، فإذا في البيت سرير، فقعد

علي السرير، وتحت السرير زوج حمام، فهدر الذكر علي الأنثي، وذهب الرجل

ليحمل الطعام فرجع وأبو الحسن عليه السلام يضحك.

فقال: أضحك اللّه سنّك، بم ضحكت؟

فقال: إنّ هذا الحمام هدر علي هذه الحمامة، فقال له: يا سكني وعرسي! واللّه! ما

علي وجه الأرض أحد أحبّ إليّ منك، ما خلا هذا القاعد علي السرير!

قال: قلت: جعلت فداك! وتفهم كلام الطير؟

فقال: نعم، «عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَ أُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْ ءٍ »[292][293].

(450) 2 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: وروي أحمد بن محمّد المعروف بغزال، قال:

كنت جالسا مع أبي الحسن عليه السلام في حائط له، إذ جاء عصفور فوقع بين يديه، وأخذ

يصيح، ويكثر الصياح، ويضطرب، فقال لي: تدري ما يقول هذا العصفور؟

قلت: اللّه ورسوله ووليّه أعلم.

فقال: يقول: يا مولاي! إنّ حيّة تريد أن تأكل فراخي في البيت؛ فقم بنا ندفعها

عنه، وعن فراخه.

فقمنا ودخلنا البيت، فإذا حيّة تجول في البيت، فقتلناها[294].

پاورقي

[284] مقتضب الأثر: 11، س 19.

يأتي الحديث بتمامه في رقم 328.

[285] الرقّة: مدينة مشهورة علي الفرات معدودة في بلاد الجزيرة لأنّها من جانب الفرات الشرقيّ، وهي الآن إحدي مدن سوريا. معجم البلدان 3/59.

[286] العقابان: آلة من آلات العقوبة لها طرفان إذا شال أحدهما نزل الآخر وبالعكس حتي تأتيا علي روحه.

[287] ماج البحر: اضطرب، ومنه قيل: ماج الناس إذا اختلفت أمورهم واضطربت. المصباح المنير: 585.

[288] أرجف القوم في الشيء وبه: أكثروا من الأخبار السيّئة واختلاق الأقوال الكاذبة حتّي يضطرب الناس منها. المصباح المنير: 220.

[289] الإرشاد: 300، س 21.

المناقب لابن شهرآشوب: 4/318، س 14، أورد الدعاء. عنه البحار: 83/364، س 10.

حلية الأبرار: 4/246، ح 3 و247، ح 4، قطعتان منه.

كشف الغمّة: 2/232، ي 22، بتفاوت يسير.

المستجاد من كتاب الإرشاد: 204، س 15، نحو ما في كشف الغمّة.

إعلام الوري: 2/33، س 3، باختصار.

روضة الواعظين: 241، 24، نحو ما في كشف الغمّة.

نور الأبصار: 307، س 10، قطعة منه.

قطعة منه في مدفنه عليه السلام، و(دعاؤه عليه السلام في الحبس) و(عبادته عليه السلام في الحبس).

[290] الإرشاد: 298، س 14.

[291] مسارّ الشيعة ضمن كتاب «مجموعة نفيسة»: 72، س 4.

قطعة منه في (مبلغ سنّه عليه السلام عند شهادته).

[292] الإرشاد: 298، س 15. عنه البحار: 48/104، س 2، ضمن ح 7

كشف الغمّة: 2/230، س 13.

إعلام الوري: 2/32، س 13، بتفاوت يسير.

الخرائج والجرائح: 2/897، س 5، نحو ما في إعلام الوري.

[293] دلائل الإمامة: 306، س 6. عنه مدينة المعاجز: 6/377، ح 2051.

قطعة منه في إخباره عليه السلام بكيفيّة شهادته.

[294] الغيبة: 23، ح 2. عنه البحار: 48/229، ح 35.