بازگشت

(م) - علمه عليه السلام ومعجزاته في أمور مختلفة


الأوّل ـ علمه عليه السلام بما في السماوات:

(490) 1 ـ ابن حمزة الطوسيّ رحمه الله: لقد وجدت في بعض كتب أصحابنا رضي اللّه

عنهم أنّه كان للرشيد باز أبيض يحبّه حبّا شديدا، فطار في بعض متصيّداته حتّي

غاب عن أعينهم، فأمر الرشيد أن يضرب له قبّة ونزل تحتها، وحلف أنّه لا يبرح

من موضعه أو يجيئوا إليه بالباز، وأقام بالموضع، وأنفذ وجوه العسكر، وسرّح

الأمراء والأقواد في طلبه علي مسيرة يوم أو يومين وثلاثة.

فلمّا كان في اليوم الثاني آخر النهار نزل البازي عليه في يده حيوان يتحرّك، ويلمع كما

يلمع السيف في الشمس، فأخذه من يده بالرفق، ورجع إلي داره فطرحه في طست ذهب،

ودعا بالأشراف والأطبّاء والحكماء

والفقهاء والقضاة

والحكّام، فقال: هل فيكم من رأي مثل هذه الصورة قطّ، فقالوا: ما

رأينا مثلها قطّ ولا ندري ما هي؟

قال: كيف لنا بعلمها؟

فقال له ابن أكثم القاضي[358] وأبو يوسف يعقوب القاضي: ما لك غير إمام

الروافض موسي بن جعفر تبعث وتحضر جماعة من الروافض، وتسأله عنها، فإن

علم كانت معرفتها لنا فائدة، وإن لم يعلم افتضح عند أصحابه الذين عندهم أنّه يعلم

الغيب، وينظر في السماء إلي الملائكة.

فقال: هذا وتربة المهديّ، نعم الرأي، وأرسلوا خلف أبي الحسن عليه السلاموسألوه أن

يحضر المجلس الساعة ومن عنده من أصحابه، وبعثوا خلف فلان وفلان من

أصحاب الروافض.

فحضر أبو الحسن عليه السلام وجماعة من الشيعة معه، فقال: يا أبا الحسن! إنّما

أحضرتك شوقا إليك.

فقال: دعني من شوقك ألا إنّ اللّه تبارك خلق بين السماء والأرض بحرا مكفوفا

عذبا زلالاً، كفّ الموج بعضه علي بعض من حواشيه لئلاّ يطغي خزنته فينزل منه

مكيال فيهلك ما تحته، وطوله أربعة فراسخ في أربعة فراسخ من فراسخ الملائكة،

الفرسخ مسيرة مائتي عام للراكب المجدّ يحفّ به الصافّون المسبّحون من الملائكة

الذين قال اللّه تعالي: «وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّونَ * وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ»[359].

وخلق له سكّانا أشخاصا علي عمل السمك صغارا وكبارا، فأكبر ما فيه من هذه

الصورة شبر، وله رأس كرأس الآدميّ، وله أنف وأذنان وعينان، والذكور منها له

سواد في وجهه مثل اللحي، والأناث لها شعور علي رأسها مثل النساء، ولها أجساد

مثل أجساد السمك، وفلوس مثل (فلوس السمك ) وبطون مثل بطونها، ومواضع

الأجنحة منها مثل أكفّ وأرجل مثل أيدي الناس وأرجلهم، تلمع لمعانا عظيما

لأنّها متبرّجة بالأنوار، تغشي الناظر إليها حتّي يرد طرفه حسيرا.

غداؤها التقديس والتكبير والتهليل، فإذا قصّر أحدهما في التسبيح سلّط اللّه

عليها البزاة البيض، فأكلتها وجعلت رزقها، وما يحلّ لك أن تأخذ من هذا البازي

رزقه الذي بعثه اللّه إليه ليأكله.

فقال الرشيد: أخرجوا الطست، فأخرجوه، فنظر إليها، فما أخطأ ممّا قال

أبو الحسن موسي عليه السلام شيئا، ثمّ انصرف، فطرحها الرشيد للبازي فقطعها وأكلها، فما

نقط لها دم، ولا سقط منها شيء.

فقال الرشيد لجماعة الهاشميّين ومن حضر: أترانا لو حدّثنا بهذا كنّا نصدّق؟![360].

الثاني ـ علمه عليه السلام بما في الكتب السماويّة:

(491) 1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: أبي رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن إدريس ومحمّد بن

يحيي العطّار، عن محمّد بن أحمد، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن حمّاد، عن

الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن عبد الرحمن، عن هشام بن الحكم، عن جاثليق

من جثالقة النصاري، يقال له: بريهة، قد مكث جاثليق النصرانيّة سبعين سنة، وكان

يطلب الإسلام، و يطلب من يحتجّ عليه ممّن يقرء كتبه ويعرف المسيح بصفاته

ودلائله وآياته.

قال: وعرف بذلك حتّي اشتهر في النصاري والمسلمين واليهود والمجوس حتّي

افتخرت به النصاري وقالت: لو لم يكن في دين النصرانيّة إلاّ بريهة لأجزأنا، وكان

طالباً للحقّ والإسلام مع ذلك، وكانت معه امرأة تخدمه، طال مكثها معه، وكان يسرّ

إليها ضعف النصرانيّة وضعف حجّتها.

قال: فعرفت ذلك منه، فضرب بريهة الأمر ظهرا لبطن، وأقبل يسأل فرق

المسلمين والمختلفين في الإسلام، من أعلمكم وأقبل يسأل عن أئمّة المسلمين وعن

صلحائهم وعلمائهم وأهل الحجي منهم، وكان يستقرئ فرقة فرقة لا يجد عند القوم

شيئا، وقال: لو كانت أئمّتكم أئمّة علي الحقّ لكان عندكم بعض الحقّ، فوصفت له

الشيعة، ووصف له هشام بن الحكم.

فقال يونس بن عبد الرحمن: فقال لي هشام: بينما أنا علي دكّاني علي باب الكرخ

جالس، وعندي قوم يقرؤون عليّ القرآن، فإذا أنا بفوج النصاري معه ما بين

القسّيسين إلي غيرهم نحو من مائة رجل عليهم السواد والبرانس والجاثليق الأكبر

فيهم بريهة، حتّي نزلوا حول دكّاني، وجعل لبريهة كرسيّ يجلس عليه، فقامت

الأساقفة والرهابنة علي عصيّهم وعلي رؤوسهم برانسهم.

فقال بريهة: ما بقي من المسلمين أحد ممّن يذكر بالعلم بالكلام إلاّ وقد ناظرته في

النصرانيّة فما عندهم شيء، وقد جئت أناظرك في الإسلام.

قال: فضحك هشام، فقال: يا بريهة! إن كنت تريد منّي آيات كآيات المسيح،

فليس أنا بالمسيح ولا مثله ولا أدانيه، ذاك روح طيّبة خميصة مرتفعة، آياته ظاهرة،

وعلاماته قائمة.

قال بريهة: فأعجبني الكلام والوصف.

قال هشام: إن أردت الحجاج فههنا.

قال بريهة: نعم، فإنّي أسألك؛ مانسبة نبيّكم هذا من المسيح نسبة الأبدان؟

قال هشام: ابن عمّ جدّه (لأُمّه)، لأنّه من ولد إسحاق، ومحمّد من ولد إسماعيل،

قال بريهة: وكيف تنسبه إلي أبيه؟

قال هشام: إن أردت نسبه عندكم أخبرتك، وإن أردت نسبه عندنا أخبرتك؟

قال بريهة: أريد نسبه عندنا، وظننت أنّه إذا نسبه نسبتنا أغلبه، قلت: فانسبه

بالنسبة التي ننسبه بها؟

قال هشام: نعم، تقولون: إنّه قديم من قديم، فأيّهما الأب؟ وأيّهما الابن؟

قال بريهة: الذي نزل إلي الأرض الابن.

قال هشام: الذي نزل إلي الأرض الأب.

قال بريهة: الابن رسول الأب.

قال هشام: إنّ الأب أحكم من الابن، لأنّ الخلق خلق الأب.

قال بريهة: إنّ الخلق خلق الأب، وخلق الابن.

قال هشام: ما منعهما أن ينزلا جميعا كما خلقا إذا اشتركا!؟

قال بريهة: كيف يشتركان وهما شيء واحد؟ إنّما يفترقان بالاسم.

قال هشام: إنّما يجتمعان بالاسم.

قال بريهة: جهل هذا الكلام.

قال هشام: عرف هذا الكلام.

قال بريهة: إنّ الابن متّصل بالأب.

قال هشام: إنّ الابن منفصل من الأب.

قال بريهة: هذا خلاف ما يعقله الناس.

قال هشام: إن كان ما يعقله الناس شاهدا لنا وعلينا فقد غلبتك، لأنّ الأب كان

ولم يكن الابن، فتقول هكذا يا بريهة!؟

قال: ما أقول هكذا.

قال: فلم استشهدت قوما لا تقبل شهادتهم لنفسك؟

قال بريهة: إنّ الأب اسم والابن اسم يقدر به القديم.

قال هشام: الاسمان قديمان كقدم الأب والابن؟

قال بريهة: لا، ولكنّ الأسماء محدثة.

قال: فقد جعلت الأب ابنا والابن أبا، إن كان الابن أحدث هذه الأسماء دون

الأب فهو الأب، وإن كان الأب أحدث هذه الأسماء دون الابن فهو الأب والابن

أب، وليس ههنا ابن.

قال بريهة: إنّ الابن اسم للروح حين نزلت إلي الأرض.

قال هشام: فحين لم تنزل إلي الأرض فاسمها ما هو؟

قال بريهة: فاسمها ابن، نزلت أو لم تنزل.

قال هشام: فقبل النزول هذه الروح كلّها واحدة واسمها اثنان.

قال بريهة: هي كلّها واحدة، روح واحدة.

قال: قد رضيت أن تجعل بعضها ابنا وبعضها أبا؟

قال بريهة: لا، لأنّ اسم الأب واسم الابن واحد.

قال هشام: فالابن أبوالأب والأب أبو الابن والابن واحد.

قالت الأساقفة بلسانها لبريهة: ما مرّ بك مثل ذا قطّ تقوم، فتحيّر بريهة وذهب

ليقوم، فتعلّق به هشام، قال: مايمنعك من الإسلام؟ أفي قلبك حزازة؟ فقلها وإلاّ

سألتك عن النصرانيّة مسألة واحدة تبيت عليها ليلك هذا فتصبح وليس لك همّة

غيري.

قالت الأساقفة: لا تردّ هذه المسألة لعلّها تشكّكك.

قال بريهة: قلها يا أبا الحكم.

قال هشام: أفرأيتك الابن يعلم ما عند الأب؟

قال: نعم، قال: أفرأيتك الأب يعلم كلّ ما عند الابن؟

قال: نعم، قال: أفرأيتك تخبر عن الابن؟ أيقدر علي حمل كلّ ما يقدر عليه

الأب؟

قال: نعم، قال: أفرأيتك تخبر عن الأب؟ أيقدر علي كلّ ما يقدر عليه الابن؟

قال: نعم، قال هشام: فكيف يكون واحد منهما ابن صاحبه وهما متساويان؟

وكيف يظلم كلّ واحد منهما صاحبه؟

قال بريهة: ليس منهما ظلم.

قال هشام: من الحقّ بينهما أن يكون الابن أب الأب، والأب ابن الابن، بت

عليها يا بريهة! وافترق النصاري وهم يتمنّون أن لا يكونوا رأوا هشاما

ولا أصحابه.

قال: فرجع بريهه مغتمّا مهتمّا حتّي صار إلي منزله، فقالت امرأته التي تخدمه: ما

لي أراك مهتمّا مغتمّا؟

فحكي لها الكلام الذي كان بينه وبين هشام، فقالت لبريهة: ويحك! أتريد أن

تكون علي حقّ، أو علي باطل!؟

فقال بريهة: بل علي الحقّ.

فقالت له: أينما وجدت الحقّ فمل إليه، وإيّاك واللجاجة! فإنّ اللجاجة شكّ،

والشك شؤم وأهله في النار.

قال: فصوّب قولها، وعزم علي الغدوّ علي هشام.

قال: فغدا عليه وليس معه أحد من أصحابه، فقال: يا هشام! ألك من تصدر عن

رأيه، وترجع إلي قوله، وتدين بطاعته؟

قال هشام: نعم، يا بريهة!

قال: وما صفته؟

قال هشام: في نسبه أو في دينه؟

قال: فيهما جميعا صفة نسبه وصفة دينه.

قال هشام: أمّا النسب خير الأنساب، رأس العرب، وصفوة قريش، وفاضل بني

هاشم، كلّ من نازعه في نسبه وجدّه أفضل منه، لأنّ قريشا أفضل العرب وبني

هاشم أفضل قريش، وأفضل بني هاشم خاصّهم وديّنهم وسيّدهم، وكذلك ولد

السيّد أفضل من ولد غيره، وهذا من ولد السيّد.

قال: فصف دينه؟

قال هشام: شرائعه، أو صفة بدنه وطهارته؟

قال: صفة بدنه وطهارته.

قال هشام: معصوم فلا يعصي، وسخيّ فلا يبخل، شجاع فلا يجبن، وما استودع

من العلم فلا يجهل، حافظ للدين، قائم بما فرض عليه من عترة الأنبياء، وجامع علم

الأنبياء، يحلم عند الغضب، وينصف عند الظلم، ويعين عند الرضا، وينصف من

الوليّ والعدوّ، ولا يسأل شططا في عدوّه، ولا يمنع إفادة وليّه، يعمل بالكتاب،

ويحدث بالأعجوبات، من أهل الطهارات، يحكي قول الأئمّة الأصفياء، لم تنقض له

حجّة، ولم يجهل مسألة، يفتي في كلّ سنّة، ويجلو كلّ مدلهمّة.

قال بريهة: وصفت المسيح في صفاته وأثبتّه بحججه وآياته، إلاّ أنّ الشخص بائن

عن شخصه، والوصف قائم بوصفه، فإن يصدق الوصف نؤمن بالشخص.

قال هشام: إن تؤمن ترشد، وإن تتّبع الحقّ لا تؤنّب، ثمّ قال هشام: يا بريهة! ما

من حجّة أقامها اللّه علي أوّل خلقه إلاّ أقامها علي وسط خلقه وآخر خلقه،

فلا تبطل الحجج، ولا تذهب الملل، ولا تذهب السنن.

قال بريهة: ما أشبه هذا بالحقّ، وأقربه من الصدق، وهذه صفة الحكماء يقيمون

من الحجّة ما ينفون به الشبهة.

قال هشام: نعم ! فارتحلا حتّي أتيا المدينة والمرأة معهما، وهما يريدان أبا عبد

اللّه عليه السلام، فلقيا موسي بن جعفر عليهماالسلام، فحكي له هشام الحكاية.

فلمّا فرغ قال موسي بن جعفر عليهماالسلام: يا بريهة! كيف علمك بكتابك؟

قال: أنا به عالم.

قال: كيف ثقتك بتأويله؟

قال: ما أوثقني بعلمي فيه.

قال: فابتدأ موسي بن جعفر عليهماالسلام بقراءة الإنجيل.

قال بريهة: والمسيح لقد كان يقرء هكذا، وما قرأ هذه القراءة إلاّ المسيح، ثمّ قال

بريهة: إيّاك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك.

قال: فآمن وحسن إيمانه، وآمنت المرأة وحسن إيمانها.

قال: فدخل هشام وبريهة والمرأة علي أبي عبد اللّه عليه السلام، وحكي هشام الحكاية

والكلام الذي جري بين موسي عليه السلام وبريهة. فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: «ذُرِّيَّةَم بَعْضُهَا

مِنم بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»[361].

فقال بريهة: جعلت فداك! أنّي لكم التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء؟

قال: هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها، ونقولها كما قالوها، إنّ اللّه

لا يجعل حجّة في أرضه يسأل عن شيء فيقول: لا أدري.

فلزم بريهة أبا عبد اللّه عليه السلام حتّي مات أبو عبد اللّه عليه السلام، ثمّ لزم موسي بن

جعفر عليهماالسلام حتّي مات في زمانه، فغسّله بيده، وكفّنه بيده، ولحده بيده، وقال: هذا

حواريّ من حواريّي المسيح يعرف حقّ اللّه عليه.

قال: فتمنّي أكثر أصحابه أن يكونوا مثله[362].

الثالث ـ إخباره عليه السلام بقضاء الحاجة:

(492) 1 ـ الحميريّ رحمه الله: محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسي، قال: قلت لأبي

الحسن الأوّل عليه السلام: إنّ الحسن بن محمّد له إخوة من أبيه، وليس يولد له ولد إلاّ مات،

فادع اللّه له؟

فقال: قضيت حاجته، فولد له غلامان[363].

الرابع ـ معجزته عليه السلام في تحوّل أعدائه بالتكلّم بلغاتهم:

(493) 1 ـ ابن شهرآشوب رحمه الله: عليّ بن أبي حمزة، قال: كان يتقدّم الرشيد إلي

خدمه إذا خرج موسي بن جعفر عليهماالسلام من عنده أن يقتلوه.

فكانوا يهمّون به، فيتداخلهم من الهيبة والزمع، فلمّا طال ذلك أمر بتمثال من

خشب، وجعل له وجها مثل موسي بن جعفر عليهماالسلام، وكانوا إذا سكروا أمرهم أن

يذبحوه بالسكاكين، فكانوا يفعلون ذلك أبدا.

فلمّا كان في بعض الأيّام جمعهم في الموضع وهم سكاري، وأخرج سيّدي إليهم،

فلمّا بصروا به همّوا به علي رسم الصورة، فلمّا علم منهم ما يريدون كلّمهم بالخزريّة

والتركيّة، فرموا من أيديهم السكاكين، ووثبوا إلي قدميه فقبّلوها وتضرّعوا إليه،

وتبعوه إلي أن شيّعوه إلي المنزل الذي كان ينزل فيه، فسألهم الترجمان عن حالهم؟

فقالوا: إنّ هذا الرجل يصير إلينا في كلّ عام فيقضي أحكامنا، ويرضي بعضنا من

بعض، ونستسقي به إذا قحط بلدنا، وإذا نزلت بنا نازلة فزعنا إليه، فعاهدهم أنّه لا

يأمرهم بذلك، فرجعوا[364].

الخامس ـ معجزته عليه السلام في الخروج عن الحبس:

(494) 1 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: حدّثنا أبو المفضّل محمّد بن عبد اللّه، قال:

حدّثنا جعفر [بن محمّد] بن مالك الفزاريّ، قال: حدّثني محمّد بن إسماعيل الحسينيّ،

عن أبي محمّد الحسن بن عليّ الثاني عليه السلام، قال:

إنّ موسي عليه السلام قبل وفاته بثلاثة أيّام دعا المسيّب وقال له: إنّي ظاعن[365] عنك في

هذه الليلة إلي مدينة جدّي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، لأعهد إلي من بها عهدا أن يعمل به

بعدي.

قال المسيّب: قلت: مولاي، كيف تأمرني والحرس والأبواب؟! كيف أفتح لك

الأبواب والحرس معي علي الأبواب، وعليها أقفالها؟!

فقال: يا مسيّب! ضعفت نفسك في اللّه وفينا.

قلت: يا سيّدي! بيّن لي.

فقال: يا مسيّب! إذا مضي من هذه الليلة المقبلة ثلثها، فقف فانظر.

قال المسيّب: فحرّمت علي نفسي الانضجاع[366] في تلك الليلة، فلم أزل راكعا

وساجدا وناظرا ما وعدنيه، فلمّا مضي من الليل ثلثه غشيني النعاس وأنا جالس،

فإذا أنا بسيّدي موسي يحرّكني برجله.

ففزعت وقمت قائما، فإذا بتلك الجدران المشيّدة والأبنية المعلاّة، وما حولنا من

القصور والأبنية، قد صارت كلّها أرضا، فظننت بمولاي أنّه أخرجني من المحبس

الذي كان فيه، قلت: مولاي، خذ بيدي من ظالمك وظالمي.

فقال: يا مسيّب! تخاف القتل؟

قلت: مولاي، معك لا، فقال: يا مسيّب! فاهدأ علي حالتك، فإنّني راجع إليك

بعد ساعة واحدة، فإذ ولّيت عنك فسيعود المحبس إلي شأنه.

قلت: يا مولاي، فالحديد الذي عليك، كيف تصنع به؟

فقال ويحك يا مسيّب! بنا واللّه، ألان اللّه الحديد لنبيّه داود، كيف يصعب علينا

الحديد؟!

قال المسيّب: ثمّ خطا، فمرّ بين يديّ خطوة، ولم أدر كيف غاب عن بصري، ثمّ

ارتفع البنيان وعادت القصور علي ما كانت عليه، واشتدّ اهتمام نفسي، وعلمت أنّ

وعده الحقّ، فلم أزل قائما علي قدمي، فلم ينقض إلاّ ساعة كما حدّه لي، حتّي رأيت

الجدران والأبنية قد خرّت إلي الأرض سجّدا، وإذا أنا بسيّدي عليه السلام وقد عاد إلي

حبسه، وعاد الحديد إلي رجليه، فخررت ساجدا لوجهي بين يديه.

فقال لي: ارفع رأسك يا مسيّب، واعلم أنّ سيّدك راحل عنك إلي اللّه في ثالث

هذا اليوم الماضي.

فقلت: مولاي، فأين سيّدي عليّ؟

فقال: شاهد غير غائب يا مسيّب! وحاضر غير بعيد، يسمع ويري.

قلت: يا سيّدي! فإليه قصدت؟

قال: قصدت واللّه يا مسيّب! كلّ منتخب للّه علي وجه الأرض شرقا وغربا،

حتّي الجنّ في البراري والبحار، حتّي الملائكة في مقاماتهم وصفوفهم.

قال: فبكيت.

قال: لا تبك يا مسيّب! إنّا نور لا نطفأ، إن غبت عنك، فهذا عليّ ابني يقوم مقامي

بعدي، هو أنا.

فقلت: الحمد للّه.

قال: ثمّ إنّ سيّدي في ليلة اليوم الثالث دعاني فقال لي: يا مسيّب! إنّ سيّدك

يصبح من ليلة يومه علي ما عرّفتك من الرحيل إلي اللّه تعالي، فإذا أنا دعوت

بشربة ماء فشربتها فرأيتني قد انتفخت بطني، يا مسيّب! واصفرّ لوني، واحمرّ،

واخضرّ، وتلوّن ألوانا، فخبّر الظالم بوفاتي، وإيّاك بهذا الحديث أن تظهر عليه أحدا

من عندي إلاّ بعد وفاتي.

قال المسيّب: فلم أزل أترقّب وعده حتّي دعا بشربة الماء، فشربها.

ثمّ دعاني فقال: إنّ هذا الرجس السنديّ بن شاهك، سيقول: إنّه يتولّي أمري

ودفني، وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا! فإذا حملت نعشي إلي المقبرة المعروفة

بمقابر قريش، فالحدوني بها، ولا تعلوا علي قبري علوّا واحدا، ولا تأخذوا من

تربتي لتتبرّكوا بها، فإنّ كلّ تربة لنا محرّمة إلاّ تربة جدّي الحسين بن عليّ عليه السلام، فإنّ

اللّه جعلها شفاءً لشيعتنا وأوليائنا.

قال: فرأيته تختلف ألوانه، وتنتفخ بطنه، ثمّ قال: رأيت شخصا أشبه الأشخاص

به، جالسا إلي جانبه في مثل هيئته، وكان عهدي بسيّدي الرضا عليه السلام في ذلك الوقت

غلاما، فأقبلت أريد سؤاله، فصاح بي سيّدي موسي عليه السلام: قد نهيتك يا مسيّب!

فتولّيت عنهم، ولم أزل صابرا حتّي قضي، وعاد ذلك الشخص.

ثمّ أوصلت الخبر إلي الرشيد، فوافي الرشيد و ابن شاهك، فواللّه! لقد رأيتهم

بعيني وهم يظنّون أنّهم يغسّلونه ويحنّطونه ويكفّنونه، وكلّ ذلك أراهم لا يصنعون به

شيئا، ولا تصل أيديهم إلي شيء منه، ولا إليه، وهو مغسول، مكفّن، محنّط.

ثمّ حمل ودفن في مقابر قريش، ولم يعل علي قبره إلي الساعة.

وبقي في الحديث ما لم يحسن ذكره ممّا فعله الرشيد به، كذا وجدت الحكاية[367].

(495) 2 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: حدّثنا أبو محمّد سفيان، قال: حدّثنا وكيع، قال:

حدّثنا الأعمش، قال: لحقت موسي بن جعفر الكاظم الغيظ عليه السلام، وهو في حبس

الرشيد، فرأيته يخرج من حبسه ويغيب، ثمّ يدخل من حيث لا يُري[368].

السادس ـ معجزته عليه السلام في السجن وملاقاته مع بعض الأشخاص:

(496) 1 ـ ابن حمزة الطوسيّ رحمه الله: عن بشّار مولي السِنْديّ بن شاهَك، قال:

كنت من أشدّ الناس بغضا لآل محمّد، فدعاني السنديّ يوما فقال: يا بشّار! إنّي أريد

أن أئتمنك علي ما ائتمنني هارون. قلت: إذن لا أبقي فيه غاية.

قال: هذا موسي بن جعفر قد دفعه إليّ، وقد دفعته ووكّلتك بحفظه.

فجعلته في دار في جوف دور، وكنت أقفل عليه عدّة أقفال، فإذا مضيت في

حاجة وكّلت امرأتي بالباب لا تفارقه حتّي أرجع.

قال بشّار: فحوّل اللّه ما كان في قلبي من البغض حبّا.

قال: فدعاني عليه السلام يوما، فقال: يا بشّار! احضر في سجن القنطرة، وادع لي هند

ابن الحجّاج، وقل له: أبو الحسن يأمرك بالمصير إليه، فإنّه ينتهرك ويصيح عليك،

فإذا فعل ذلك فقل: أنا قد قلت وأبلغت رسالته، فإن شئت فافعل، وإن شئت

لا تفعل، واتركه وانصرف.

قال: ففعلت ما أمرني، وأقفلت الأبواب كما كنت أقفل، وأقعدت امرأتي علي

الباب، وقلت: لا تبرحي حتّي آتيك، وقصدت إلي سجن القنطرة، ودخلت علي هند

ابن الحجّاج، وقلت له: أبو الحسن عليه السلام يأمرك بالمصير إليه، فصاح عليّ وانتهرني،

فقلت له: قد أبلغتك، فإن شئت فافعل، وإن شئت لا تفعل، وانصرفت وتركته.

وجئت إلي أبي الحسن عليه السلام فوجدت امرأتي قاعدة علي الباب، والأبواب مغلقة،

فلم أزل أفتح واحدا بعد واحد حتّي وصلت إليه، فأعلمته الخبر، فقال: نعم، قد

جاءني وانصرف.

فخرجت إلي امرأتي فقلت لها: هل جاء أحد بعدي، فدخل هذا الباب؟

فقالت: لا واللّه! ما فارقت الباب، ولا فتحت الأقفال حتّي جئت.

قال: وروي عليّ بن محمّد بن الحسن الأنباريّ أخو صندل، قال: بلغني من جهة

أخري أنّه لمّا صار إليه هند بن الحجّاج، قال له العبد الصالح عليه السلامعند انصرافه: إن

شئت رجعت إلي موضعك ولك الجنّة، وإن شئت انصرفت إلي منزلك، فقال: إلي

موضعي، إلي السجن[369].

السابع ـ خروجه عليه السلام من السجن وعلمه بما يكون:

(497) 1 ـ ابن شهر آشوب رحمه الله: أبو الأزهر ناصح بن عليّة البُرْجُميّ في حديث

طويل: أنّه جمعني مسجد بإزاء دار السنديّ بن شاهك وابن السكّيت، فتفاوضنا في

العربيّة، ومعنا رجل لا نعرفه، فقال: يا هؤلاء! أنتم إلي إقامة دينكم أحوج منكم إلي

إقامة ألسنتكم.

وساق الكلام إلي إمام الوقت، وقال: ليس بينكم وبينه غير هذا الجدار، قلنا:

تعني هذا المحبوس موسي؟

قال: نعم.

قلنا: سترنا عليك، فقم من عندنا خيفة أن يراك أحد جليسنا فنؤخذ بك، قال:

واللّه ! لا يفعلون ذلك أبدا، واللّه ! ما قلت لكم إلاّ بأمره، وإنّه ليرانا ويسمع كلامنا،

ولو شاء أن يكون معنا لكان.

قلنا: فقد شئنا، فادعه إلينا، فإذا قد أقبل رجل من باب المسجد داخلاً كانت

لرؤيته العقول أن تذهل، فعلمنا أنّه موسي بن جعفر عليهماالسلام.

ثمّ قال: أنا هذا الرجل، وتركنا وخرجنا من المسجد مبادرا، فسمعنا وجيبا

شديدا، وإذا السنديّ بن شاهك يعدو داخلاً إلي المسجد معه جماعة، فقلنا كان معنا

رجل، فدعانا إلي كذا وكذا، ودخل هذا الرجل المصلّي، وخرج ذاك الرجل ولم نره،

فأمر بنا فأمسكنا.

ثمّ تقدّم إلي موسي، وهو قائم في المحراب، فأتاه من قبل وجهه ونحن نسمع، فقال:

يا ويحك! كم تخرج بسحرك هذا وحيلتك من وراء الأبواب والأغلاق والأقفال

وأردّك؟

فلو كنت هربت كان أحبّ إليّ من وقوفك ههنا، أتريد يا موسي! أن يقتلني

الخليفة؟

قال: فقال موسي، ونحن نسمع كلامه: كيف أهرب، وللّه في أيديكم موقت لي

يسوق إليها أقداره، وكرامتي علي أيديكم، في كلام له.

قال: فأخذ السنديّ بيده ومشي، ثمّ قال للقوم: دعوا هذين، واخرجوا إلي

الطريق، فامنعوا أحدا يمرّ من الناس حتّي أتمّ أنا وهذا إلي الدار[370].

الثامن ـ حضوره عند ابنه عليهماالسلام بعد موته:

(498) 1 ـ الحميريّ رحمه الله: معاوية بن حكيم، عن الحسن بن عليّ بن بنت إلياس،

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: قال لي ابتداءً: إنّ أبي كان عندي البارحة.

قلت: أبوك؟

قال: أبي، قلت: أبوك؟

قال: أبي، قلت: أبوك؟

قال: في المنام، إنّ جعفرا كان يجيء إلي أبي فيقول: يا بنيّ! افعل كذا، يا بنيّ! افعل

كذا.

قال: فدخلت عليه بعد ذلك فقال لي: يا حسن! إنّ منامنا ويقظتنا واحدة[371].

التاسع ـ تكلّمه عليه السلام بالحبشيّة:

(499) 1 ـ الحميريّ رحمه الله: محمّد بن عيسي، عن ابن فضّال، عن عليّ بن أبي حمزة،

قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلامإذ دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبش، وقد

اشتروهم له، فكلّم غلاما منهم - وكان من الحبش جميلاً - فكلّمه بكلامه ساعة

حتّي أتي علي جميع ما يريد وأعطاه درهما، فقال: أعط أصحابك هؤلاء كلّ غلام

منهم كلّ هلال ثلاثين درهما، ثمّ خرجوا.

فقلت: جعلت فداك! لقد رأيتك تكلّم هذا الغلام بالحبشيّة، فما ذا أمرته؟

قال: أمرته أن يستوصي بأصحابه خيرا، ويعطيهم في كلّ هلال ثلاثين درهما،

وذلك أنّي لمّا نظرت إليه علمت أنّه غلام عاقل من أبناء ملكهم، فأوصيته بجميع ما

احتاج إليه، فقبل وصيّتي، ومع هذا غلام صدق.

ثمّ قال: لعلّك عجبت من كلامي إيّاه بالحبشيّة، لا تعجب فما خفي عليك من أمر

الإمام أعجب وأكثر، وما هذا من الإمام في علمه إلاّ كطير أخذ بمنقاره من البحر

قطرة من ماء، أفتري الذي أخذ بمنقاره نقص من البحر شيئا؟

قال: فإنّ الإمام بمنزلة البحر لا ينفد ما عنده، وعجائبه أكثر من ذلك والطير حين

أخذ من البحر قطرة بمنقاره لم ينقص من البحر شيئا، كذلك العالم لا ينقصه علمه

شيئا، ولا تنفد عجائبه[372].

العاشر ـ معجزته عليه السلام في انشقاق الأرض وإرائة أعداء عليّ عليه السلام في نار جهنّم:

(500) 1 ـ المسعوديّ رحمه الله: وروي السيّاري، عن محمّد بن الفضيل، عن داود

الرِقّيّ، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: حدّثني عن القوم.

فقال: الحديث أحبّ إليك، أو المعاينة؟

قلت: المعاينة، فقال لأبي الحسن موسي عليه السلام: انطلق فائتني بالقضيب.

فمضي فأحضره وأمره، فضرب به الأرض ضربة، فانشقّت عن بحر أسود، ثمّ

ضرب البحر بالقضيب فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب الصخرة فانفتح فيها

باب، فإذا بالقوم جميعا لا يحصون كثرة وجوههم مسوّدة وأعينهم مزرقة، وكلّ

واحد منهم مصفود مشدود إلي جانب من الصخرة. موكّل بكلّ واحد منهم ملك

وهم ينادون: يا محمّد.

والزبانية تضرب وجوههم وتقول لهم: كذبتم ليس محمّد لكم ولا أنتم له.

فقلت له: جعلت فداك! من هؤلاء؟

فقال لي: ذاك الجبت والطاغوت، وذاك الرجس (قرمان)، وذاك اللعين ابن

اللعين، ولم يزل يعدّهم بأسمائهم كلّهم من أوّلهم إلي آخرهم حتّي أتي علي أصحاب

السقيفة وبني الأزرق والأوزاع من آل أبي سفيان وآل مروان ـ جدّد اللّه عليهم

العذاب بكرة وأصيلاً ـ .

ثمّ قال للصخرة: انطبقي عليهم إلي الوقت المعلوم[373].

الحادي عشر ـ معجزته في إرائة أبيه بعد شهادته عليهماالسلام:

(501) 1 ـ الصفّار رحمه الله: حدّثني الحسين بن محمّد بن عامر، عن معلّي بن محمّد بن

عبد اللّه، عن بشير، عن عثمان بن مروان، عن سَماعة بن مهران، قال: كنت عند أبي

الحسن عليه السلام فأطلت الجلوس عنده، فقال: أتحبّ أن تري أبا عبد اللّه عليه السلام؟

فقال: وددت، واللّه!

فقال: قم، وادخل ذلك البيت، فدخلت البيت، فإذا هو أبو عبد اللّه صلوات اللّه

عليه قاعد[374].

الثاني عشر ـ معجزته في نزول المائدة له عليه السلام من السماء:

(502) 1 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: حدّثنا علقمة بن شريك بن أسلم، عن موسي

ابن هامان، قال: رأيت موسي بن جعفر عليه السلام في حبس الرشيد، وتنزل عليه مائدة

من السماء، ويطعم أهل السجن كلّهم، ثمّ يصعد بها من غير أن ينقص منها شيء[375].

الثالث عشر ـ معجزته في صعوده عليه السلام إلي السماء:

(503) 1 ـ أبو جعفر الطبريّ رحمه الله: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا وكيع، عن إبراهيم

ابن الأسود، قال: رأيت موسي بن جعفر عليهماالسلام صعد إلي السماء ونزل ومعه حربة من

نور.

فقال: أتخوّفونني بهذا؟! ـ يعني الرشيد ـ لو شئت لطعنته بهذه الحربة، فأبلغ ذلك

الرشيد، فأغمي ثلاثا، وأطلقه[376].

الرابع عشر ـ معجزته عليه السلام في خروجه من الحبس مقيّداً إلي المدينة:

1 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: ... عن عمر بن واقد، قال: إنّ هارون الرشيد لمّا ضاق

صدره ممّا كان يظهر له من فضل موسي بن جعفر عليهماالسلام ... .

ثمّ إنّ سيّدنا موسي عليه السلامدعا بالمسيّب، وذلك قبل وفاته بثلاثة أيّام، وكان موكّلاً

به، فقال له: يا مسيّب!

قال: لبّيك يا مولاي! قال: إنّي ظاعن في هذه الليلة إلي المدينة، مدينة جدّي

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم لأعهد إلي عليّ ابني ما عهده إليّ أبي، وأجعله وصيّي وخليفتي،

وآمره أمري.

قال المسيّب: فقلت: يا مولاي! كيف تأمرني أن أفتح لك الأبواب وأقفالها،

والحرس معي علي الأبواب؟!

فقال: يا مسيّب! ضعف يقينك باللّه عزّ وجلّ وفينا.

قلت: لا، يا سيّدي! قال: فمه، قلت: يا سيّدي! ادع اللّه أن يثبّتني، فقال: اللّهم

ثبّته، ثمّ قال: «إنّي أدعو اللّه عزّ وجلّ باسمه العظيم الذي دعا آصف حتّي جاء

بسرير بلقيس، ووضعه بين يدي سليمان قبل ارتداد طرفه إليه حتّي يجمع

بيني وبين ابني عليّ بالمدينة».

قال المسيّب: فسمعته عليه السلام يدعو، ففقدته عن مصلاّه، فلم أزل قائما علي قدمي

حتّي رأيته قد عاد إلي مكانه، وأعاد الحديد إلي رجليه، فخررت للّه ساجدا لوجهي

شكرا علي ما أنعم به عليّ من معرفته ... [377].

الخامس عشر ـ معجزته عليه السلام في إخراج السوار من البحر:

(504) 1 ـ ابن حمزة الطوسيّ رحمه الله: عن إسحاق بن أبي عبد اللّه، قال: كنت مع

أبي الحسن موسي عليه السلام حين قدم من البصرة، فبينما نحن نسير في البطائح في هول

أرياح إذ سايرنا قوم في السفينة، فسمعنا لهم جلبة، فقال عليه السلام: ما هذا؟

فقيل: عروس تهدي إلي زوجها. قال: ثمّ مكثنا ما شاء اللّه تعالي، فسمعنا

صراخا وصيحة، فقال عليه السلام: ما هذا؟

فقيل: العروس أرادت تغرف ماء فوقع سوارها في الماء.

فقال: (أحبسوا، وقولوا لملاّحهم يحبس، فحبسنا وحبس ) ملاّحهم، فجلس

ووضع أبو الحسن عليه السلام صدره علي السفينة، وتكلّم بكلام خفيّ، وقال للملاّح: انزل،

فنزل الملاّح بفوطة[378]، فلم يزل في الماء نصف ساعة وبعض ساعة، فإذا هو بسوارها

فجاء به.

فلمّا أخرج الملاّح السوار قال له إسحاق أخوه: جعلت فداك! الدعاء الذي قلت

أخبرنا به؟

فقال له: استره إلاّ ممّن تثق به، ثمّ قال: «يا سابق كلّ فوت، ويا سامع كلّ

صوت، ويا بارئ النفوس بعد الموت، يا كاسي العظام لحما بعد الموت، يا

من لا تغشاه الظلمات الحندسيّة، ولا تتشابه عليه الأصوات المختلفة، ويا

من لا يشغله شأن عن شأن، يا من له عند كلّ شيء من خلقه سمع حاضر،

وبصر نافذ، لا يغلّطه كثرة المسائل، ولا يبرمه إلحاح الملحّين، يا حيّ حين لا

حيّ في ديمومة ملكه وبقائه، يا من سكن العلي واحتجب عن خلقه بنوره، يا

من أشرق بنوره دياجي الظلم، أسألك باسمك الواحد الأحد الفرد الوتر

الصمد أن تصلّي علي محمّد وآل محمّد الطيّبين الطاهرين»[379].

(505) 2 ـ الحرّ العامليّ رحمه الله: روي أنّ موسي بن جعفر عليهماالسلام كان في سفينة عند

مسيره إلي بصرة، وكان فيها عروس سقطت سوارها في البحر.

فدعا عليه السلام، فظهرت علي سطح الماء حتّي أخذها[380].

پاورقي

[358] يحيي بن أكثم قاضي سامرّاء. وسأل يحيي بن أكثم القاضي أبا الحسن الأوّل عليه السلامفي باب وصف الصلاة من فاتحتها إلي خاتمتها. جامع الرواة: 2/325.

[359] الصافّات: 37/165 و166.

[360] الثاقب في المناقب: 447، ح 378. عنه مدينة المعاجز: 6/437، ح 2090.

قطعة منه في أحواله عليه السلام مع الرشيد و(سورة (الصافّات: 37/165 و166).

[361] آل عمران: 3/34.

[362] التوحيد: 270، ح 1. عنه البحار: 10/234، ح 1، و26/181، ح 7، قطعة منه، والأنوار

البهيّة: 182 س 11، باختصار.

الثاقب في المناقب: 172، ح 159، أشار إليه.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/310، س 16، قطعة منه. عنه البحار: 48/104، ح 8.

الإمامة والتبصرة: 138، ح 159، قطعة منه.

الكافي: 1/227، ح 1، قطعة منه. عنه مدينة المعاجز: 6/379، ح 2055، والبحار: 48/114، ح 25، والوافي: 3/557، ح 1106 وحلية الأبرار: 4/223، ح 2.

بصائر الدرجات: 156، ح 4، و360 ح 2، قطعتان منه. عنه البحار: 26/183 ح 13.

الاختصاص: 292، س 2، قطعة منه. عنه وعن البصائر، البحار: 26/180، ح 2.

[363] قرب الإسناد: 305، ح 1197. عنه البحار: 48/43، ح 20.

[364] المناقب: 4/300 س 23. عنه مدينة المعاجز: 6/426، ح 2079، والبحار: 48/140، ح

16.

[365] ظَعَن: سار وارتحل. المعجم الوسيط: 576.

[366] ضجع ضَجعا وضُجوعا وانضجع واضّجع واضطجع: وضع جنبه بالأرض. المنجد: 446، ضجع.

[367] دلائل الإمامة: 313، ح 261. عنه مدينة المعاجز: 6/447، ح 2096، و7/111، ح

2215.

الهداية الكبري: 265، س 12، بتفاوت يسير.

مشارق أنوار اليقين: 94، س 25، باختصار. عنه مدينة المعاجز: 6/383، ح 2058، وإثبات الهداة: 3/199، ح 91.

[368] دلائل الإمامة: 320، ح 265. عنه إثبات الهداة: 3/209، ح 117، ومدينة المعاجز:

6/198، ح 1939.

[369] الثاقب في المناقب: 460 ح 388، و389.

عنه مدينة المعاجز: 6/444 ح 2094.

رجال الكشّيّ: 438، ح 827، و828.

عنه البحار: 48/241، ح 49، وإثبات الهداة: 3/207، ح 111.

[370] المناقب: 4/296، س 21.

عنه مدينة المعاجز: 6/421، ح 2075، والبحار: 48/237، ح 46.

[371] قرب الإسناد: 348، ح 1258.

عنه البحار: 27/302، ح 1، و49/87، ح 4، و58/239، ح 3، ومدينة المعاجز: 6/453،

ح 2098، و7/99، ح 2202.

كشف الغمّة: 2/303، س 3.

[372] قرب الإسناد: 335، ح 1238. عنه البحار: 26/190، ح 2، و48/100، ح 3، ومدينة

المعاجز: 6/263، ح 1993، وإثبات الهداة: 3/192، ح 66.

الخرائج والجرائح: 1/312، ح 5، بتفاوت يسير.

عنه البحار: 48/70، ح 93، و101، ح 4، وإثبات الهداة: 3/197، ح 81، باختصار.

دلائل الإمامة: 338، ح 295، بتفاوت يسير. عنه مدينة المعاجز: 6/264، ح 1994. الصراط المستقيم: 2/190، ح 5، باختصار.

قطعة منه في إنفاقه عليه السلام في كلّ شهر علي عبده، و(علم الأئمّة عليهم السلام).

[373] إثبات الوصيّة: 195، س 12. عنه إثبات الهداة: 3/146، ح 267، باختصار.

عيون المعجزات: 99، س 7، بتفاوت يسير. عنه البحار: 48/84، ح 104، ومدينة المعاجز:

6/342، ح 2039.

[374] بصائر الدرجات: الجزء السادس/296، ح 8. عنه البحار: 6/248، ح 85، و27/304، ح

5، وإثبات الهداة: 3/189، ح 56.

[375] دلائل الإمامة: 321، ح 270. عنه إثبات الهداة: 3/210، ح 122، ومدينة المعاجز:

6/200، ح 1942.

نوادر المعجزات: 164، ح 9.

[376] دلائل الإمامة: 322، ح 272.

عنه مدينة المعاجز: 6/201، ح 1945، وإثبات الهداة: 3/210، ح 124.

نوادر المعجزات: 163، ح 4.

[377] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/100، ح 6.

تقدّم الحديث بتمامه في رقم 200.

[378] الفُوطة ج فُوَط: قيل: اللفظة سنديّة وقيل: تركيّة ومعناها مئزر. المنجد: 599.

[379] الثاقب في المناقب: 459، ح 387. عنه مدينة المعاجز: 6/442، ح 2093.

كشف الغمّة: 2/239 س 4، بتفاوت يسير. عنه البحار: 48/29، ح 2، وإثبات الهداة:

3/203، ح 97، باختصار.

قطعة منه في دعاؤه عليه السلام لكشف السوار في ماء الدجلة.

[380] إثبات الهداة: 3/221، س 22، عن كتاب وسيلة النجاة.