بازگشت

(ب) ـ أحواله عليه السلام مع هارون الرشيد


(791) 1 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسي،

عن الحسن بن محمّد بن بشّار، قال: حدّثني شيخ من أهل قطيعة الربيع[360] من العامّة

ببغداد ممّن كان ينقل عنه، قال: قال لي: قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل

هذا البيت، فما رأيت مثله قطّ في فضله ونسكه.

فقلت له: من؟ وكيف رأيته؟

قال: جمعنا (أيّام)[361] السنديّ بن شاهك ثمانين رجلاً من الوجوه المنسوبين إلي

الخير، فأدخلنا علي موسي بن جعفر عليهماالسلام، فقال لنا السنديّ: يا هؤلاء انظروا إلي

هذا الرجل هل حدث به حدث؟

فإنّ الناس يزعمون أ نّه قد فعل به، ويكثرون في ذلك وهذا منزله وفراشه موسّع

عليه غير مضيّق، ولم يرد به أمير المؤمنين سوءً، وإنّما ينتظر به أن يقدم فيناظر

أمير المؤمنين، وهذا هو صحيح موسّع عليه في جميع أموره، فسلوه.

قال: ونحن ليس لنا همّ إلاّ النظر إلي الرجل وإلي فضله وسمته، فقال موسي بن

جعفر عليهماالسلام: أمّا ما ذكر من التوسعة وما أشبهها، فهو علي ما ذكر، غير أ نّي أخبركم

أيّها النفر! أ نّي قد سقيت السمّ في سبع تمرات، وأنا غدا أخضرّ وبعد غد أموت، قال:

فنظرت إلي السنديّ بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة[362]،[363].

(792) 2 ـ محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن

زياد، عن عليّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا، قال: حضرت أبا الحسن الأوّل عليه السلام،

وهارون الخليفة، وعيسي بن جعفر، وجعفر بن يحيي بالمدينة، قد جاؤوا إلي قبر

النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام: تقدّم! فأبي، فتقدّم هارون، فسلّم وقام

ناحية.

وقال عيسي بن جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدّم فأبي، فتقدّم عيسي، فسلّم ووقف

مع هارون، فقال جعفر لأبي الحسن عليه السلام: تقدّم فأبي، فتقدّم جعفر، فسلّم ووقف مع

هارون.

وتقدّم أبو الحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا أبة! أسأل اللّه الذي اصطفاك

واجتباك، وهداك وهدي بك أن يصلّي عليك.

فقال هارون لعيسي: سمعت ما قال؟

قال: نعم، فقال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّا[364].

(793) 3 ـ أبو عمرو الكشّيّ رحمه الله: عليّ بن يقطين مولي بني أسد، وكان قبل يبيع

الأبزار[365]، وهي التوابل ومات في زمن أبي الحسن موسي عليه السلام، وأبو الحسن محبوس

سنة ثمانين ومائة، وبقي أبو الحسن عليه السلام في الحبس أربع سنين، وكان حبسه

هارون[366].

(794) 4 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه الوَرّاق، والحسين بن

إبراهيم بن أحمد بن هِشام بن المُكَتِّب، وأحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ، والحسين

ابن إبراهيم بن تاتانة، وأحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، ومحمّد بن عليّ

ماجِيلَوَيْه، ومحمّد بن موسي بن المتوكّل رضي اللّه عنهم، قالوا: حدّثنا عليّ بن

إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسي، عن سفيان بن نِزار، قال: كنت يوما

علي رأس المأمون، فقال: أتدرون من علّمني التشيّع؟

فقال القوم جميعا: لا واللّه ! ما نعلم.

قال: علّمنيه الرشيد.

قيل له: وكيف ذلك، والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟

قال: كان يقتلهم علي الملك، لأنّ الملك عقيم، ولقد حججت معه سنة، فلمّا صار

إلي المدينة تقدّم إلي حُجّابه، وقال: لا يدخلنّ عليّ رجل من أهل المدينة ومكّة من

أهل المهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلاّ نسب نفسه.

وكان الرجل إذا دخل عليه قال: أنا فلان بن فلان ينتهي إلي جدّه من هاشميّ أو

قرشيّ أو مهاجريّ أو أنصاريّ، فيصله من المال بخمسه آلاف دينار، وما دونها إلي

مائتي دينار علي قدر شرفه وهجرة آبائه.

فأنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع، فقال: يا أمير المو?نين! علي الباب

رجل يزعم أنّه موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي

طالب عليهم السلام، فأقبل علينا ونحن قيام علي رأسه، والأمين والمؤتمن وسائر القوّاد،

فقال: احفظوا علي أنفسكم، ثمّ قال لآذنه: ائذن له، ولا ينزل إلاّ علي بساطي، فأنا

كذلك إذ دخل شيخ مسخّد[367] قد انهكته العبادة، كأنّه شنّ بال، قد كلّم من السجود

وجهه وأنفه.

فلمّا رأي الرشيد رمي بنفسه عن حمار كان راكبه، فصاح الرشيد: لا واللّه ! إلاّ

علي بساطي، فمنعه الحجّاب من الترجّل، ونظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والإعظام، فما

زال يسير علي حماره حتّي صار إلي البساط والحجّاب والقوّاد محدقون به، فنزل،

فقام إليه الرشيد واستقبله إلي آخر البساط، وقبّل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتّي

صيّره في صدر المجلس، وأجلسه معه، وجعل يحدّثه ويقبل بوجهه عليه، ويسأله عن

أحواله.

ثمّ قال له: يا أبا الحسن! ما عليك من العيال؟

فقال: يزيدون علي الخمسمائة.

قال: أولاد كلّهم.

قال: لا، أكثرهم موالي وحشم، أمّا الولد فلي نيّف وثلاثون، والذكران منهم كذا،

والنسوان منهم كذا.

قال: فلم لا تزوّج النسوان من بني عمومتهنّ وأكفّائهنّ؟

قال: اليد تقصر عن ذلك.

قال: فما حال الضيعة؟

قال: تعطي في وقت، وتمنع في آخر.

قال: فهل عليك دين؟

قال: نعم، قال: كم؟

قال: نحو عشرة آلاف دينار.

فقال له الرشيد: يا ابن عمّ! أنا أعطيك من المال ما تزوّج الذكران والنسوان،

وتقضي الدين، وتعمر الضياع.

فقال له: وصلتك رحم يا ابن عمّ! وشكر اللّه لك هذه النيّة الجميلة، والرحم

ماسّة، والقرابة واشجة، والنسب واحد، والعبّاس عمّ النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، وصنو أبيه، وعمّ

عليّ بن أبي طالب عليه السلام وصنو أبيه، وما أبعدك اللّه من أن تفعل، وقد بسط يدك،

وأكرم عنصرك، وأعلي محتدك.

فقال: أفعل ذلك يا أبا الحسن! وكرامة.

فقال: يا أمير المؤمنين! إنّ اللّه عزّ وجلّ قد فرض علي ولاة عهده أن ينعشوا

فقراء الأُمّة، ويقضوا عن الغارمين، ويؤدّوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا

إلي العاني، فأنت أولي من يفعل ذلك.

فقال: أفعل يا أبا الحسن! ثمّ قام، فقام الرشيد لقيامه، وقبّل عينيه ووجهه، ثمّ

أقبل عليّ وعلي الأمين والمؤتمن، فقال: يا عبد اللّه! ويا محمّد! ويا إبراهيم! امشوا بين

يدي عمّكم وسيّدكم، خذوا بركابه، وسوّوا عليه ثيابه، وشيّعوه إلي منزله.

فأقبل عليّ أبو الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام سرّا بيني وبينه، فبشّرني بالخلافة،

فقال لي: إذا ملكت هذا الأمر فأحسن إلي ولدي، ثمّ انصرفنا، وكنت أجرأ ولد أبي

عليه.

فلمّا خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين! من هذا الرجل الذي قد أعظمته

وأجللته، وقمت من مجلسك إليه، فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس وجلست

دونه، ثمّ أمرتنا بأخذ الركاب له!؟

قال: هذا إمام الناس، وحجّة اللّه علي خلقه، وخليفته علي عباده.

فقلت: يا أمير المؤمنين! أوليست هذه الصفات كلّها لك وفيك؟

فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسي بن جعفر إمام حقّ

واللّه! يا بنيّ! إنّه لأحقّ بمقام رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم منّي ومن الخلق جميعا.

و واللّه! لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإنّ الملك عقيم.

فلمّا أراد الرحيل من المدينة إلي مكّة أمر بصرّة سوداء فيها مائتا دينار، ثمّ أقبل

علي الفضل بن الربيع، فقال له: اذهب بهذه الي موسي بن جعفر، وقل له: يقول لك

أمير المو?نين: نحن في ضيقة، وسيأتيك برّنا بعد الوقت.

فقمت في صدره فقلت: يا أمير المؤمنين! تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر

قريش وبني هاشم ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسه آلاف دينار إلي ما دونها؟

وتعطي موسي بن جعفر وقد أعظمته وأجللته مائتي دينار، أخسّ عطيّة أعطيتها

أحدا من الناس!؟

فقال: اسكت، لا أُمّ لك، فإنّي لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت أمنته أن

يضرب وجهي غدا بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي

ولكم من بسط أيديهم وأعينهم.

فلمّا نظر إلي ذلك مخارق المغنّي دخله في ذلك غيظ، فقام إلي الرشيد، فقال: يا أمير

المؤمنين! قد دخلت المدينه وأكثر أهلها يطلبون منّي شيئا، وإن خرجت ولم أقسّم

فيهم شيئا لم يتبيّن لهم تفضّل أمير المؤمنين عليّ ومنزلتي عنده، فأمر له بعشرة آلاف

دينار.

فقال : يا أمير المؤمنين! هذا لأهل المدينة، وعليّ دين أحتاج أن أقضيه، فأمر له

بعشرة آلاف دينار أخري.

فقال له: يا أمير المؤمنين! بناتي أريد أزوّجهنّ، وأنا محتاج إلي جهازهنّ، فأمر له

بعشرة آلاف دينار أخري.

فقال له: يا أمير المؤمنين! لا بدّ من غلّة تعطينيه،ا تردّ عليّ وعلي عيالي وبناتي

وأزواجهنّ القوت، فأمر له بأقطاع ما تبلغ غلّته في السنة عشرة آلاف دينار، وأمر

أن يعجّل ذلك عليه من ساعته.

ثمّ قام مخارق من فوره، وقصد موسي بن جعفر عليهماالسلام، وقال له: قد وقفت علي ما

عاملك به هذا الملعون، وما أمر لك به، وقد احتلت عليه لك، وأخذت منه صلات

ثلثين ألف دينار وأقطاعا يغلّ في السنة عشرة آلاف دينار، ولا واللّه يا سيّدي! ما

أحتاج إلي شيء من ذلك، ما أخذته إلاّ لك، وأنا أشهد لك بهذه الأقطاع، وقد حملت

المال إليك.

فقال: بارك اللّه لك في مالك، وأحسن جزاءك! ما كنت لآخذ منه درهما واحدا،

ولا من هذه الأقطاع شيئا، وقد قبلت صلتك وبرّك، فانصرف راشدا، ولا تراجعني

في ذلك، فقبّل يده وانصرف[368].

(795) 5 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ، قال:

حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد اللّه بن صالح، قال: حدّثني

صاحب الفضل بن الربيع، عن الفضل بن الربيع، قال: كنت ذات ليلة في فراشي مع

بعض جواري، فلمّا كان في نصف الليل سمعت حركة باب المقصورة، فراعني ذلك،

فقالت الجاريه: لعلّ هذا من الريح فلم يمض إلاّ يسير حتّي رأيت باب البيت الذي

كنت فيه قد فتح، وإذا مسرور الكبير قد دخل عليّ، فقال لي: أجب الأمير، ولم

يسلّم عليّ، فآيست في نفسي وقلت: هذا مسرور دخل إليّ بلا إذن ولم يسلّم، ما هو

إلا القتل، وكنت جنبا فلم أجسر أن أسأله إنظاري حتّي أغتسل.

فقالت الجارية لمّا رأت تحيّري وتبلّدي: ثق باللّه عزّ وجلّ وانهض، فنهضت

ولبست ثيابي وخرجت معه حتّي أتيت الدار، فسلّمت أمير المو?نين، وهو في

مرقده، فردّ عليّ السلام فسقطت، فقال: تداخلك رعب؟

قلت: نعم، يا أمير المو?نين! فتركني ساعة حتّي سكنت، ثمّ قال لي: سر إلي

حبسنا فأخرج موسي بن جعفر بن محمّد، وادفع إليه ثلاثين ألف درهم، فاخلع عليه

خمس خلع، واحمله علي ثلاث مراكب، وخيّره بين المقام معنا أو الرحيل عنّا إلي أيّ

بلد أراد وأحبّ.

فقلت: يا أمير المؤمنين! تأمر بإطلاق موسي بن جعفر؟

قال لي: نعم، فكرّرت ذلك عليه ثلاث مرّات، فقال لي: نعم، ويلك! أتريد أن

أنكث العهد!؟

فقلت: يا أمير المو?نين! وما العهد؟

قال: بينا في مرقدي هذا إذ ساورني أسود ما رأيت من السودان أعظم منه، فقعد

علي صدري، وقبض علي حلقي وقال لي: حبست موسي بن جعفر عليهماالسلامظالما له!؟

فقلت: فأنا أطلقه وأهب له وأخلع عليه، فأخذ عليّ عهد اللّه عزّ وجلّ وميثاقه،

وقام عن صدري، وقد كادت نفسي تخرج.

فخرجت من عنده ووافيت موسي بن جعفر عليهماالسلام، وهو في حبسه، فرأيته قائما

يصلّي، فجلست حتّي سلّم، ثمّ أبلغته سلام أمير المو?نين، وأعلمته بالذي أمرني به في

أمره، وإنّي قد أحضرت ما أوصله به.

فقال: إن كنت أمرت بشيء غير هذا فافعله.

فقلت: لا، وحقّ جدّك رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم ما أمرت إلاّ بهذا.

قال: لا حاجه لي في الخلع والحملان والمال إذا كانت فيه حقوق الأُمّة.

فقلت: ناشدتك باللّه، أن لا تردّه فيغتاظ.

فقال: اعمل به ما أحببت، فأخذت بيده عليه السلام وأخرجته من السجن، ثمّ قلت له:

يا ابن رسول اللّه! أخبرني السبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل؟ فقد

وجب حقّي عليك لبشارتي إيّاك، ولما أجراه اللّه علي يدي من هذا الأمر.

فقال عليه السلام: رأيت النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم ليلة الأربعاء في النوم، فقال لي: يا موسي! أنت

محبوس مظلوم! فقلت: نعم، يا رسول اللّه! محبوس مظلوم.

فكرّر عليّ ذلك ثلاثا، ثمّ قال: «وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُو فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَ مَتَـعٌ إِلَي

حِينٍ»[369] أصبح غدا صائما وأتبعه بصيام الخميس والجمعة، فإذا كانت وقت

الإفطار فصلّ اثنا عشر ركعة، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، واثنا عشر مرّة «قُلْ هُوَ

اللَّهُ أَحَدٌ»[370]، فإذا صلّيت منها أربع ركعات فاسجد، ثمّ قل: «يا سابق الفوت، ويا

سامع كلّ صوت، يا محيي العظام وهي رميم بعد الموت، أسألك باسمك

العظيم الأعظم أن تصلّي علي محمّد عبدك ورسولك، وعلي أهل بيته

الطيّبين، وتعجّل لي الفرج ممّا أنا فيه»، ففعلت فكان الذي رأيت[371].

(796) 6 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ رضي الله عنه،

قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثني محمّد بن الحسن المدنيّ، عن

أبي عبد اللّه بن الفضل، عن أبيه الفضل، قال: كنت أحجب الرشيد فأقبل عليّ يوما

غضبانا وبيده سيف يقلّبه، فقال لي: يا فضل! بقرابتي من رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، لئن

لم تأتني بابن عمّي الآن لآخذنّ الذي فيه عيناك، فقلت: بمن أجيئك؟

فقال: بهذا الحجازيّ، فقلت: وأيّ الحجازيّ؟

قال: موسي بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام،

قال الفضل: فخفت من اللّه عزّ وجلّ أن أجيء به إليه، ثمّ فكّرت في النقمة، فقلت له: أفعل.

فقال: ائتني بسوطين وهبّارين[372] وجلاّدين.

قال: فأتيته بذلك، ومضيت إلي منزل أبي إبراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام، فأتيت

إلي خربة فيها كوخ من جرائد النخل، فإذا أنا بغلام أسود، فقلت له: استأذن لي علي

مولاك، يرحمك اللّه!

فقال لي: لج، فليس له حاجب ولا بوّاب، فولجت إليه، فإذا أنا بغلام أسود بيده

مِقَصّ يأخذ اللحم من جبينه، وعرنين أنفه من كثرة سجوده.

فقلت له: السلام عليك يا ابن رسول اللّه! أجب الرشيد؟

فقال: ما للرشيد، وما لي؟ أما تشغله نقمته عنّي؟!

ثمّ وثب مسرعا، وهو يقول: لولا أنّي سمعت في خبر عن جدّي رسول

اللّه صلي الله عليه و آله وسلم: إنّ طاعة السلطان للتقيّة واجبة إذا ما جئت.

فقلت له: استعدّ للعقوبة يا أبا إبراهيم! رحمك اللّه!

فقال عليه السلام: أليس معي من يملك الدنيا والآخرة!؟ ولن يقدر اليوم علي سوء بي إن

شاء اللّه تعالي.

قال فضل بن الربيع: فرأيته وقد أدار يده عليه السلام يلوّح بها علي رأسه عليه السلامثلاث

مرّات، فدخلت علي الرشيد، فإذا هو كأنّه امرأة ثكلي قائم حيران، فلمّا رآني قال

لي: يا فضل! فقلت: لبّيك.

فقال: جئتني بابن عمّي؟

قلت: نعم، قال: لا تكون أزعجته؟

فقلت: لا.

قال: لا تكون أعلمته أنّي عليه غضبان، فإنّي قد هيّجت علي نفسي ما لم أرده،

ائذن له بالدخول، فأذنت له، فلمّا رآه وثب إليه قائما وعانقه، وقال له: مرحبا بابن

عمّي وأخي ووارث نعمتي، ثمّ أجلسه علي فخذيه، فقال له: ما الذي قطعك عن

زيارتنا؟

فقال: سعة مملكتك، وحبّك للدنيا.

فقال: ايتوني بحقّة الغالية، فأتي بها، فغلفه بيده، ثمّ أمر أن يحمل بين يديه خلع

وبدرتان[373] دنانير.

فقال موسي بن جعفر عليهماالسلام: واللّه! لولا أنّي أري أن أزوّج بها من عزّاب بني

أبي طالب، لئلاّ ينقطع نسله أبدا، ما قبلتها، ثمّ تولّي عليه السلام وهو يقول: الحمد للّه ربّ

العالمين.

فقال الفضل: يا أمير المو?نين! أردت أن تعاقبه، فخلعت عليه وأكرمته؟!

فقال لي: يا فضل! إنّك لمّا مضيت لتجيئني به رأيت أقواما قد أحدقوا بداري

بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار، يقولون: إن آذي ابن رسول اللّه خسفنا

به، وإن أحسن إليه انصرفنا عنه وتركناه.

فتبعته عليه السلام فقلت له: ما الذي قلت حتّي كفيت أمر الرشيد؟

فقال عليه السلام: دعاء جدّي عليّ بن أبي طالب، كان إذا دعا به ما برز إلي عسكر إلاّ

هزمه، ولا إلي فارس إلاّ قهره، وهو دعاء كفاية البلاء.

قلت: وما هو؟

قال: قلت: «اللّهم بك أساور، وبك أحاول، وبك أجاور، وبك أصول، وبك

أنتصر، وبك أموت، وبك أحيا، أسلمت نفسي إليك، وفوّضت أمري إليك،

ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم، اللّهمّ إنّك خلقتني ورزقتني

وسترتني عن العباد بلطف ما خوّلتني وأغنيتني، إذا هويت رددتني، وإذا

عثرت قوّمتني، وإذا مرضت شفيتني وإذا دعوت أجبتني، يا سيّدي! ارض

عنّي فقد أرضيتني»[374].

(797) 7 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أبو أحمد هاني بن محمّد بن محمود

العبديّ رضي الله عنه، قال: حدّثني أبي بإسناده، رفعه: أنّ موسي بن جعفر عليهماالسلام دخل علي

الرشيد، فقال له الرشيد: يا ابن رسول اللّه! أخبرني عن الطبائع الأربع؟

فقال موسي عليه السلام: أمّا الريح فإنّه ملك يداري.

وأمّا الدم فإنّه عبد غارم[375]، وربما قتل العبد مولاه.

وأمّا البلغم فإنّه خصم جدل، إن سددته من جانب انفتح من آخر.

وأمّا المرّة فإنّها الأرض إذا اهتزّت رجفت بما فوقها.

قال له هارون: يا ابن رسول اللّه! تنفق الناس من كنوز اللّه ورسوله[376].

(798) 8 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن

هاشم، عن أبيه، عن الرَيّان بن شَبيب، قال: سمعت المأمون يقول: ما زلت أحبّ أهل

البيت عليهم السلام، وأظهر للرشيد بغضهم تقرّبا إليه، فلمّا حجّ الرشيد كنت أنا ومحمّد

والقاسم معه، فلمّا كان بالمدينة استأذن عليه الناس، فكان آخر من أذن له موسي بن

جعفر عليهماالسلام، فدخل فلمّا نظر إليه الرشيد تحرّك ومدّ بصره وعنقه إليه حتّي دخل

البيت الذي كان فيه.

فلمّا قرب منه جثا الرشيد علي ركبتيه وعانقه، ثمّ أقبل عليه فقال له: كيف أنت يا

أبا الحسن! كيف عيالك؟ كيف عيال أبيك؟ كيف أنتم؟ ما حالكم؟

فما زال يسأله عن هذا وأبو الحسن عليه السلام يقول: خير، خير.

فلمّا قام أراد الرشيد أن ينهض فأقسم عليه أبو الحسن عليه السلام، فقعد وعانقه فسلّم

عليه وودّعه.

قال المأمون: وكنت أجرأ ولد أبي عليه، فلمّا خرج أبو الحسن موسي بن

جعفر عليهماالسلام قلت لأبي: يا أمير المؤمنين! لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما

رأيتك فعلت بأحد من أبناء المهاجرين والأنصار، ولا ببني هاشم، فمن هذا الرجل؟

فقال: يا بنيّ! هذا وارث علم النبيّين، هذا موسي بن جعفر بن محمّد، إن أردت

العلم الصحيح فعند هذا.

قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي حبّهم[377].

9 ـ الشيخ الصدوق رحمه الله: ... محمّد بن محمود بإسناده رفعه إلي موسي بن

جعفر عليهماالسلام، أنّه قال: لمّا دخلت علي الرشيد سلّمت عليه، فردّ عليَّ السلام، ثمّ قال:

يا موسي بن جعفر! خليفتين يجبي إليهما الخراج؟!

فقلت: يا أمير المو?نين! أعيذك باللّه أن تبوء بإثمي وإثمك، وتقبل الباطل من

أعدائنا علينا، فقد علمت أنّه قد كذب علينا منذ قبض رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلمبما علم

ذلك عندك، فإن رأيت بقرابتك من رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أن تأذن لي أحدّثك بحديث

أخبرني به أبي، عن آبائه، عن جدّه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم؟

فقال: قد أذنت لك.

فقلت: أخبرني أبي، عن آبائه، عن جدّه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم أنّه قال: إنّ الرحم إذا

مسّت الرحم تحرّكت واضطربت، فناولني يدك، جعلني اللّه فداك!

فقال: ادن، فدنوت منه، فأخذ بيدي، ثمّ جذبني إلي نفسه وعانقني طويلاً، ثمّ

تركني وقال: اجلس، يا موسي! فليس عليك بأس، فنظرت فإذا انّه قد دمعت

عيناه، فرجعت إلي نفسي.

فقال: صدقت وصدق جدّك صلي الله عليه و آله وسلم، لقد تحرّك دمي واضطربت عروقي حتّي

غلبت علي الرقّة وفاضت عيناي وأنا أريد أن أسألك عن أشياء تتلجلج في صدري

منذ حين لم أسأل عنها أحدا، فإن أنت أجبتني عنها خلّيت عنك، ولم أقبل قول أحد

فيك، وقد بلغني أنّك لم تكذب قطّ فاصدقني عمّا أسألك ممّا قلبي ... [378].

(799) 10 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: وذكر ابن عمّار وغيره من الرواة أنّه لمّا خرج

الرشيد إلي الحجّ وقرب من المدينة، استقبله الوجوه من أهلها، ويقدمهم موسي بن

جعفر عليهماالسلام علي بغلة، فقال له الربيع: ما هذه الدابّة التي تلقّيت عليها أمير المؤمنين،

واللّه! إن طلبت عليها لم تدرك، وإن طلبت عليها لم تفت؟

فقال عليه السلام: إنّها تطأطأت عن خيلاء الخيل، وارتفعت عن ذلّة العير، وخير

الأمور أوسطها.

قالوا: ولمّا دخل هارون الرشيد المدينة، فوجّه لزيارة النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، ومعه الناس،

فتقدّم الرشيد إلي قبر رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، فقال: السلام عليك يا رسول اللّه! السلام

عليك يا ابن عمّ! مفتخرا بذلك علي غيره.

فتقدّم أبو الحسن عليه السلام إلي القبر، فقال: السلام عليك يا رسول اللّه! السلام عليك يا أبة.

فتغيّر وجه الرشيد، وتبيّن الغيض فيه[379].

11 ـ الشيخ المفيد رحمه الله: ... محمّد بن الزبرقان الدامغانيّ الشيخ، قال: قال

أبو الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام: لمّا أمرهم هارون الرشيد بحملي دخلت عليه

فسلّمت، فلم يردّ السلام، وأريته مغضبا فرمي إليّ بطومار، فقال: اقرأه.

فإذا فيه كلام قد علم اللّه عزّ وجلّ براءتي منه، وفيه: أنّ موسي بن جعفر يجبي

إليه خراج الآفاق من غلاة الشيعة، ممّن يقول بإمامته، يدينون اللّه بذلك ويزعمون

أنّه فرض عليهم إلي أن يرث اللّه الأرض ومن عليها.

ويزعمون أنّه من لم يوهب إليه العشر، ولم يصلّ بإمامتهم، ويحجّ بإذنهم، ويجاهد

بأمرهم، ويحمل الغنيمة إليهم، ويفضّل الأئمّة علي جميع الخلق، ويفرض طاعتهم مثل

طاعة اللّه وطاعة رسوله فهو كافر حلال ماله ودمه، وفيه كلام شناعة مثل المتعة بلا

شهود، واستحلال الفروج بأمره ولو بدرهم، والبراءة من السلف، ويلعنون عليهم

في صلاتهم، ويزعمون أنّ من يتبرّأ منهم فقد بانت امرأته منه، ومن أخّر الوقت فلا

صلاة له، لقول اللّه تبارك وتعالي: «أَضَاعُواْ الصَّلَوةَ وَ اتَّبَعُواْ الشَّهَوَ تِ فَسَوْفَ

يَلْقَوْنَ غَيًّا»، يزعمون أنّه واد في جهنّم ... والكتاب طويل.

وأنا قائم أقرأ وهو ساكت، فرفع رأسه وقال: قد اكتفيت بما قرأت، فكلّم بحجّتك

بما قرأته.

قلت: يا أمير المؤمنين! والذي بعث محمّدا صلي الله عليه و آله وسلم بالنبوّة! ما حمل إليّ قطّ أحد

درهما ولا دينارا من طريق الخراج، لكنّا معاشر آل أبي طالب نقبل الهديّة التي

أحلّها اللّه عزّ وجلّ لنبيّه صلي الله عليه و آله وسلم في قوله: لو أهدي إليّ كراع لقبلته ولو دعيت إلي

ذراع لأجبت.

وقد علم أمير المؤمنين ضيق ما نحن فيه، وكثرة عدوّنا وما منعنا السلف من

الخمس الذي نطق لنا به الكتاب، فضاق بنا الأمر، وحرمت علينا الصدقة، وعوّضنا

اللّه عزّ وجلّ منها الخمس، فاضطررنا إلي قبول الهديّة، وكلّ ذلك ممّا علمه

أمير المؤمنين، فلمّا تمّ كلامي سكت، ثمّ قلت: إن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لابن

عمّه في حديث عن آبائه، عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم، فكأنّه اغتنمها.

فقال: مأذون لك، هاته.

فقلت: حدّثني أبي، عن جدّي يرفعه إلي النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم: أنّ الرحم إذا مسّت رحما

تحرّكت واضطربت، فإن رأيت أن تناولني يدك، فأشار بيده إليّ، ثمّ قال: ادن،

فدنوت فصافحني وجذبني إلي نفسه مليّا، ثمّ فارقني، وقد دمعت عيناه، فقال لي:

اجلس يا موسي! فليس عليك بأس، صدقت، وصدق جدّك، وصدق النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم،

لقد تحرّك دمي واضطربت عروقي، واعلم أنّك لحمي ودمي، وأنّ الذي حدّثتني به

صحيح ... [380].

(800) 12 ـ أبو جعفر الطبري رحمه الله: حدّثنا أبو محمّد سفيان، قال: حدّثنا وكيع،

عن الأعمش، قال: رأيت كاظم الغيظ عليه السلام عند الرشيد، وقد خضع له، فقال له

عيسي بن أبان: يا أمير المؤمنين! لم تخضع له؟

قال: رأيت من ورائي أفعيّ تضرب بنابها، وتقول: أجبه بالطاعة، وإلاّ بلعتك،

ففزعت منها فأجبته[381].

(801) 13 ـ الشيخ الطوسيّ رحمه الله: وحدّثني إبراهيم بن محمّد بن حُمْران، عن يحيي

ابن القاسم الحَذّاء وغيره، عن جَميل بن صالح، عن داود بن زربيّ، قال: بعث إليّ

العبد الصالح عليه السلام - وهو في الحبس - فقال: ائت هذا الرجل - يعني يحيي بن خالد

- فقل له: يقول لك أبو فلان: ما حملك علي ما صنعت؟

أخرجتني من بلادي، وفرّقت بيني وبين عيالي.

فأتيته وأخبرته، فقال: زبيدة طالق، وعليه أغلظ الأيمان، لوددت أنّه غرم

الساعة ألفي ألف، وأنت خرجت، فرجعت إليه فأبلغته، فقال: ارجع إليه، فقل له:

يقول لك: واللّه ! لتخرجنّي، أو لأخرجنّ[382].

14 ـ ابن حمزة الطوسيّ رحمه الله: لقد وجدت في بعض كتب أصحابنا رضي اللّه

عنهم أنّه كان للرشيد باز أبيض يحبّه حبّا شديدا، فطار في بعض متصيّداته حتّي

غاب عن أعينهم، فأمر الرشيد أن يضرب له قبّة ونزل تحتها، وحلف أنّه لا يبرح من

موضعه أو يجيئوا إليه بالباز، وأقام بالموضع، وأنفذ وجوه العسكر، وسرّح الأمراء

والأقواد في طلبه علي مسيرة يوم أو يومين وثلاثة.

فلمّا كان في اليوم الثاني آخر النهار نزل البازي عليه في يده حيوان يتحرّك،

ويلمع كما يلمع السيف في الشمس، فأخذه من يده بالرفق، ورجع إلي داره فطرحه

في طست ذهب، ودعا بالأشراف والأطبّاء والحكماء والفقهاء والقضاة والحكّام،

فقال: هل فيكم من رأي مثل هذه الصورة قطّ، فقالوا: ما رأينا مثلها قطّ ولا ندري ما هي؟

قال: كيف لنا بعلمها؟

فقال له ابن أكثم القاضي[383] وأبو يوسف يعقوب القاضي: ما لك غير إمام

الروافض موسي بن جعفر تبعث وتحضر جماعة من الروافض، وتسأله عنها، فإن

علم كانت معرفتها لنا فائدة، وإن لم يعلم افتضح عند أصحابه الذين عندهم أنّه يعلم

الغيب، وينظر في السماء إلي الملائكة.

فقال: هذا وتربة المهديّ، نعم الرأي، وأرسلوا خلف أبي الحسن عليه السلاموسألوه أن

يحضر المجلس الساعة ومن عنده من أصحابه، وبعثوا خلف فلان وفلان من

أصحاب الروافض.

فحضر أبو الحسن عليه السلام وجماعة من الشيعة معه، فقال: يا أبا الحسن! إنّما

أحضرتك شوقا إليك.

فقال: دعني من شوقك ألا إنّ اللّه تبارك خلق بين السماء والأرض بحرا مكفوفا

عذبا زلالاً ... .

وخلق له سكّانا أشخاصا علي عمل السمك صغارا وكبارا، فأكبر ما فيه من هذه

الصورة شبر ... .

فقال الرشيد: أخرجوا الطست، فأخرجوه، فنظر إليها، فما أخطأ ممّا قال

أبو الحسن موسي عليه السلام شيئا، ثمّ انصرف، فطرحها الرشيد للبازي فقطعها وأكلها، فما

نقط لها دم، ولا سقط منها شيء. فقال الرشيد لجماعة الهاشميّين ومن حضر: أترانا لو

حدّثنا بهذا كنّا نصدّق؟![384].

(802) 15 ـ العلاّمة الطبرسيّ رحمه الله: وكان ج موسي بن جعفر عليهماالسلامج محبوسا في

أيّام إمامته مدّة طويلة من جهة الرشيد عشر سنين وشهرا وأيّاما[385].

(803) 16 ـ ابن شهرآشوب رحمه الله: وفي كتاب أحوال الخلفاء: إنّ هارون الرشيد

كان يقول لموسي بن جعفر عليهماالسلام: خذ فدكا حتّي أردّها إليك، فيأبي حتّي ألحّ عليه،

فقال عليه السلام: لا آخذها إلاّ بحدودها.

قال: وما حدودها؟

قال: إن حدّدتها لم تردّها، قال: بحقّ جدّك إلاّ فعلت.

قال: أمّا الحدّ الأوّل فعدن، فتغيّر وجه الرشيد، وقال: إيها.

قال: والحدّ الثاني سمرقند، فاربدّ وجهه، والحدّ الثالث إفريقيّة، فاسودّ وجهه،

فقال: هيه، قال: والرابع سيف البحر ممّا يلي الجزر وإرمينية[386].

قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحوّل إلي مجلسي.

قال موسي: قد أعلمتك أنّني إن حدّدتها لم تردّها، فعند ذلك عزم علي قتله.

وفي رواية ابن أسباط أنّه قال: أمّا الحدّ الأوّل فعريش مصر، والثاني دومة

الجندل، والثالث أُحد، والرابع سيف البحر.

فقال: هذا كلّه هذه الدنيا، فقال: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة،

فأفاءه اللّه علي رسوله بلا خيل ولا ركاب، فأمره اللّه أن يدفعه إلي فاطمه عليهاالسلام[387].

17 ـ ابن شهر آشوب رحمه الله: ... محمّد بن عبّاد المهلبيّ، قال: لمّا حبس هارون

الرشيد موسي بن جعفر، وأظهر الدلائل والمعجزات وهو في الحبس دعا الرشيد

يحيي بن خالد البرمكيّ، وسأله تدبيرا في شأن موسي عليه السلام؟

فقال: الذي أراه لك أن تمنّ عليه، وتصل رحمه.

فقال الرشيد: انطلق إليه وأطلق عنه الحديد، وأبلغه عنّي السلام، وقل له: يقول

لك ابن عمّك: إنّه قد سبق منّي فيك يمين أن لا أخلّيك حتّي تقرّ لي بالإساءة،

وتسألني العفو عمّا سلف منك، وليس عليك في إقرارك عار، ولا في مسألتك إيّاي

منقصة، وهذا يحيي وهو ثقتي ووزيري، فله بقدر ما أخرج من يميني، وانصرف

راشدا ... .

ثمّ قال له: يا أبا عليّ! أبلغه عنّي، يقول موسي بن جعفر: رسولي يأتيك يوم

الجمعة، ويخبرك بما يري، وستعلم غدا إذا جاثيتك بين يدي اللّه، من الظالم والمتعدّي

علي صاحبه؟.

فلمّا أخبره بجوابه، قال له هارون: إن لم يدّع النبوّة بعد أيّام، فما أحسن حالنا! فلمّا

كان يوم الجمعة توفّي أبو إبراهيم عليه السلام[388].

(804) 18 ـ ابن شهرآشوب رحمه الله: في كتاب الأنوار: قال العامريّ: إنّ هارون

الرشيد أنفذ إلي موسي بن جعفر عليهماالسلام جارية خصيفة[389] لها جمال ووضاءة لتخدمه

في السجن، فقال: قل له: «بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ»[390] لا حاجة لي في هذه ولا

في أمثالها.

قال: فاستطار هارون غضبا، وقال: ارجع إليه وقل له: ليس برضاك حبسناك،

ولا برضاك خدمناك، واترك الجارية عنده، وانصرف.

قال: فمضي ورجع، ثمّ قام هارون عن مجلسه، وأنفذ الخادم إليه ليتفحّص عن

حالها، فرآها ساجدة لربّها لا ترفع رأسها، تقول: «قدّوس سبحانك، سبحانك»،

فقال هارون: سحرها واللّه موسي بن جعفر! بسحره، عليّ بها فأتي بها، وهي ترتعد

شاخصة نحو السماء بصرها، فقال: ما شأنك؟

قالت: شأني الشأن البديع، إنّي كنت عنده واقفة، وهو قائم يصلّي ليله ونهاره،

فلمّا انصرف من صلاته بوجهه، وهو يسبّح اللّه ويقدّسه، قلت: يا سيّدي! هل لك

حاجة أعطيكها؟

قال: وما حاجتي إليك!؟

قلت: إنّي أدخلت عليك لحوائجك.

قال: فما بال هؤلاء؟

قالت: فالتفتّ، فإذا روضة مزهرة لا أبلغ آخرها من أوّلها بنظري، ولا أوّلها من

آخرها، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج، وعليها وصفاء ووصائف لم أر مثل

وجوههم حسنا، ولا مثل لباسهم لباسا، عليهم الحرير الأخضر، والأكاليل والدرّ

والياقوت، وفي أيديهم الأباريق والمناديل، ومن كلّ الطعام، فخررت ساجدة حتّي

أقامني هذا الخادم، فرأيت نفسي حيث كنت.

قال: فقال هارون: يا خبيثة! لعلّك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك؟

قالت: لا، واللّه ! يا سيّدي! إلاّ قبل سجودي رأيت، فسجدت من أجل ذلك.

فقال الرشيد: اقبض هذه الخبيثة إليك، فلا يسمع هذا منها أحد، فأقبلت في

الصلاة، فإذا قيل لها في ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح، فسئلت عن قولها؟

قالت: إنّي لمّا عاينت من الأمر نادتني الجواري: يا فلانة! ابعدي عن العبد الصالح

حتّي ندخل عليه، فنحن له دونك، فما زالت كذلك حتّي ماتت، وذلك قبل موت

موسي عليه السلام بأيّام يسيرة[391].

(805) 19 ـ ابن شهر آشوب رحمه الله: لمّا أمر هارون موسي بن جعفر عليهماالسلام أن يحمل

إليه أدخل عليه، وعليّ بن يقطين علي رأسه متوكّئ علي سيفه، فجعل يلاحظ

موسي عليه السلام ليأمره فيضرب به هارون.

ففطن له هارون، فقال: قد رأيت ذلك.

فقال: يا أمير المؤمنين! سللت من سيفي شبرا رجاء أن تأمرني فيه بأمرك، فنجا

منه بهذه المقالة[392].

(806) 20 ـ ابن شهر آشوب رحمه الله: الفضل بن الربيع ورجل آخر، قالا: حجّ

هارون الرشيد، وابتدأ بالطواف، ومنعت العامّة من ذلك لينفرد وحده، فبينما هو في

ذلك إذ ابتدر أعرابيّ البيت، وجعل يطوف معه، وقال الحجّاب: تنحّ يا هذا عن وجه

الخليفة، فانتهزم الأعرابيّ وقال: إنّ اللّه ساوي بين الناس في هذا الموضع، فقال:

«سَوَآءً الْعَـكِفُ فِيهِ وَ الْبَادِ»[393].

فأمر الحاجب بالكفّ عنه، فكلّما طاف الرشيد طاف الأعرابيّ أمامه، فنهض إلي

الحجر الأسود ليقبّله فسبقه الأعرابيّ إليه والتثمه، ثمّ صار الرشيد إلي المقام ليصلّي

فيه، فصلّي الأعرابيّ أمامه، فلمّا فرغ الرشيد من صلاته استدعي الأعرابيّ، فقال

الحجّاب: أجب أمير المؤمنين؟

فقال: ما لي إليه حاجة فأقوم إليه، بل إن كانت الحاجة له، فهو بالقيام إليّ أولي،

قال: صدق فمشي إليه وسلّم عليه، فردّ عليه السلام.

فقال هارون: أجلس يا أعرابيّ؟

فقال: ما الموضع لي فتستأذنني فيه بالجلوس، إنّما هو بيت اللّه نصبه لعباده، فإن

أحببت أن تجلس فاجلس، وإن أحببت أن تنصرف، فانصرف، فجلس هارون

وقال: ويحك يا أعرابيّ! مثلك من يزاحم الملوك!؟

قال: نعم، وفيّ مستمع، قال: فإنّي سائلك، فإن عجزت آذيتك.

قال: سؤالك هذا سؤال متعلّم، أو سؤال متعنّت؟

قال: بل متعلّم، قال: اجلس مكان السائل من المسؤول وسل وأنت مسؤول،

فقال: أخبرني ما فرضك؟

قال: إنّ الفرض رحمك اللّه واحد، وخمسة، وسبعة عشر، وأربع وثلاثون، وأربع

وتسعون، ومائة وثلاثة وخمسون علي سبعة عشر، ومن اثني عشر واحد، ومن

أربعين واحد، ومن مائتين خمس، ومن الدهر كلّه واحد، وواحد بواحد.

قال: فضحك الرشيد وقال: ويحك! أسألك عن فرضك، وأنت تعدّ عليّ الحساب؟

قال: أما علمت أنّ الدين كلّه حساب، ولو لم يكن الدين حسابا لما اتّخذ اللّه

للخلائق حسابا ثمّ قرأ: «وَ إِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَ كَفَي بِنَا

حَـسِبِينَ»[394].

قال: فبيّن لي ما قلت، وإلاّ أمرت بقتلك بين الصفا والمروة، فقال الحاجب: تهبه

للّه، ولهذا المقام.

قال: فضحك الأعرابيّ من قوله، فقال الرشيد: ممّا ضحكت يا أعرابيّ؟

قال: تعجّبا منكما، إذ لا أدري من الأجهل منكما، الذي يستوهب أجلاً حضر،

أو الذي استعجل أجلاً لم يحضر؟

فقال الرشيد: فسّر ما قلت، قال: أمّا قولي: الفرض واحد، فدين الإسلام كلّه

واحد، وعليه خمس صلوات وهي سبع عشرة ركعه، وأربع وثلاثون سجدة، وأربع

وتسعون تكبيرة، ومائة وثلاث وخمسون تسبيحة.

وأمّا قولي: من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا.

وأمّا قولي: من الأربعين واحد، فمن ملك أربعين دينارا، أوجب اللّه عليه دينارا.

وأمّا قولي: من مائتين خمسة، فمن ملك مائتي درهم، أوجب اللّه عليه خمسة دراهم.

وأمّا قولي: فمن الدهر كلّه واحد، فحجّة الإسلام.

وأمّا قولي: واحد من واحد، فمن أهرق دما من غير حقّ وجب إهراق دمه، قال

اللّه تعالي: «النَّفْسَ بِالنَّفْسِ»[395].

فقال الرشيد: للّه درّك، وأعطاه بدرة.

فقال: فبم أستوجب منك هذه البدرة يا هارون! بالكلام أو بالمسألة؟

قال: بل بالكلام.

قال: فإنّي مسائلك عن مسألة، فإن أنت أتيت بها كانت البدرة لك تصدّق بها في

هذا الموضع الشريف، فإن لم تجبني عنها أضفت إلي البدرة بدرة أخري لأتصدّق بها

علي فقراء الحيّ من قومي.

فأمر بإيراد أخري، وقال: سل عمّا بدا لك؟

فقال: أخبرني عن الخنفساء تزقّ، أم ترضع ولدها؟

فخرّد هارون وقال: ويحك يا أعرابيّ! مثلي من يسأل عن هذه المسألة؟

فقال: سمعت ممّن سمع من رسول اللّه يقول: من ولي أقواما وهب له من العقل

كعقولهم، وأنت إمام هذه الأُمّة يجب أن لا تسأل عن شيء من أمر دينك، ومن

الفرائض إلاّ وأجبت عنها، فهل عندك له الجواب؟

قال هارون: رحمك اللّه! لا، فبيّن لي ما قلته، وخذ البدرتين؟

فقال: إنّ اللّه تعالي لمّا خلق الأرض خلق دبابات الأرض من غير فرث ولا دم

خلقها من التراب، وجعل رزقها وعيشها منه، فإذا فارق الجنين أُمّه لم تزقّه،

ولم ترضعه، وكان عيشها من التراب.

فقال هارون: واللّه ! ما ابتلي أحد بمثل هذه المسألة، وأخذ الأعرابيّ البدرتين

وخرج، فتبعه بعض الناس، وسأله عن اسمه، فإذا هو موسي بن جعفر بن محمّد عليهم السلام،

فأخبر هارون بذلك، فقال: واللّه ! لقد ركنت أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة.

وزاد التستري بعد ذكر الحديث هذه الأبيات، منه عليه السلام:

هب الدنيا تؤاتينا سنينا

فتكدر تارة وتلذّ حينا

فما أرضي بشيء ليس يبقي

وأتركه غدا للوارثينا

كأنّي بالتراب عليّ يحثي

وبالإخوان حولي نائحينا

ويوم تزفر النيران فيه

وتقسم جهرة للسامعينا

وعزّة خالقي وجلال ربّي

لأنتقمنّ منكم أجمعينا[396].

(807) 21 ـ الراونديّ رحمه الله: روي أنّ أبا إبراهيم موسي بن جعفر عليهماالسلام دخل علي

الرشيد ـ عليه ما يستحقّه ـ يوما، فقال له هارون: إنّي واللّه! قاتلك!

فقال: لا تفعل! يا أمير المؤمنين!، فإنّي سمعت أبي، عن آبائه، قال:

قال رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم إنّ العبد ليكون واصلاً لرحمه، وقد بقي من أجله ثلاث

سنين، فيجعلها ثلاثين سنة، ويكون الرجل قاطعا لرحمه وقد بقي من أجله ثلاثون

سنة فيجعلها اللّه ثلاث سنين.

فقال الرشيد: اللّه لقد سمعت هذا من أبيك!؟

قال: نعم، فأمر له بمائة ألف درهم، وردّه إلي منزله[397].

(808) 22 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: بإسناد صحيح عن عبد اللّه بن مالك

الخُزاعيّ، قال: دعاني هارون الرشيد، فقال (يا)[398] عبد اللّه: كيف أنت وموضع

السرّ منك؟ فقلت: يا أمير المؤمنين! ما أنا إلاّ عبد من عبيدك، فقال: امض إلي تلك

الحجرة، وخذ مَن فيها، واحتفظ به إلي أن أسألك عنه.

فقال: دخلت فوجدت موسي بن جعفر عليهماالسلام، فلمّا رآني سلّمت عليه، وحملته

علي دابّتي إلي منزلي، فأدخلته داري، وجعلته مع حرمي، وأقفلت عليه، والمفتاح

معي، وكنت أتولّي خدمته، ومضت الأيّام، فلم أشعر إلاّ برسول الرشيد، يقول:

أجب أمير المؤمنين.

فنهضت ودخلت عليه، وهو جالس، وعن يمينه فراش، وعن يساره فراش،

فسلّمت عليه، فلم يردّ غير أنّه قال: ما فعلت بالوديعة؟ فكأنّي لم أفهم ما قال.

فقال: ما فعل صاحبك؟

فقلت: صالح. فقال: امض إليه، وادفع إليه ثلاثة آلاف درهم، واصرفه إلي منزله

وأهله، فقمت وهممت بالإنصراف، فقال: أتدري ما السبب في ذلك، وما هو؟ قلت:

لا، يا أمير المؤمنين!

قال: نمت علي الفراش الذي عن يميني، فرأيت في منامي قائلاً يقول لي:

يا هارون! أطلق موسي بن جعفر، فانتبهت، فقلت: لعلّها لما في نفسي منه، فقمت إلي

هذا الفراش الآخر، فرأيت ذلك الشخص بعينه، وهو يقول: يا هارون! أمرتك أن

تطلق موسي بن جعفر، فلم تفعل، فانتبهت وتعوّذت من الشيطان، ثمّ قمت إلي هذا

الفراش الذي أنا عليه، وإذا بذلك الشخص بعينه، وبيده حربة كأنّ أوّلها بالمشرق

وآخرها بالمغرب، وقد أومأ إليّ، وهو يقول: واللّه! يا هارون! لئن لم تطلق موسي بن

جعفر لأضعنّ هذه الحربة في صدرك، وأطلعها من ظهرك، فأرسلت إليك فامض فيما

أمرتك به، ولا تظهره إلي أحد فأقتلك، فانظر لنفسك.

قال: فرجعت إلي منزلي، وفتحت الحجرة، ودخلت علي موسي بن جعفر،

فوجدته قد نام في سجوده، فجلست حتّي استيقظ ورفع رأسه، وقال: يا عبد اللّه!

أفعلت ما أمرت به؟

فقلت له: يا مولاي! سألتك باللّه، وبحقّ جدّك رسول اللّه! هل دعوت اللّه

عزّ وجلّ في يومك هذا بالفرج؟

فقال: أجل، إنّي صلّيت المفروضة، وسجدت وغفوت في سجودي، فرأيت

رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم، فقال: يا موسي! أتحبّ أن تطلق؟

فقلت: نعم، يا رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم!.

فقال: ادع بهذا الدعاء: «يا سابغ النعم، يا دافع النقم، يا بارئ النسم،

يا مجلّي الهمم، يا مغشّي الظلم، يا كاشف الضرّ والألم، يا ذا الجود والكرم،

ويا سامع كلّ صوت، يا مدرك كلّ فوت، يا محيي العظام وهي رميم،

ومنشئها بعد الموت صلّ علي محمّد وآل محمّد، واجعل لي من أمري فرجا

ومخرجا، يا ذا الجلال والإكرام»، فلقد دعوت به ورسول اللّه يلقّننيه حتّي سمعته

يقول: قد استجاب اللّه فيك.

ثمّ قلت له: ما أمرني الرشيد، وأعطيته ذلك[399].

23 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: قال الشيخ عليّ بن عبد الصمد رحمه الله: وجدت في

كتب أصحابنا مرويّا عن المشايخ رحمهم الله: أنّه لمّا همّ هارون الرشيد بقتل موسي بن

جعفر عليهماالسلام دعا الفضل بن الربيع، وقال له: قد وقعت لي إليك حاجة أسألك أن

تقضيها، ولك مائة ألف درهم؟

قال: فخرّ الفضل ساجدا، فقال: أمرا، أم مسألة؟

قال: بل مسألة، ثمّ قال: أمرت بأن تحمل إلي دارك في هذه الساعة مائة ألف

درهم، وأسألك أن تصير إلي دار موسي بن جعفر، وتأتيني برأسه.

قال الفضل: فذهبت إلي ذلك البيت، فرأيت فيه موسي بن جعفر، وهو قائم

يصلّي، فجلست حتّي قضي صلاته، وأقبل إليّ وتبسّم، وقال: عرفت لما ذا حضرت،

أمهلني حتّي أصلّي ركعتين.

قال: فأمهلته، فقام وتوضّأ، وأسبغ الوضوء وصلّي ركعتين، وأتمّ الصلاة بحسن

ركوعها وسجودها، وقرأ خلف صلاته بهذا الحرز.

فاندرس وساخ في مكانه ولا أدري أأرض ابتلعته أم سماء اختطفته، فذهبت إلي

هارون، وقصصت عليه القصّة، قال: فبكي هارون الرشيد، ثمّ قال: قد أجاره اللّه

منّي ... [400].

24 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: ... عن عليّ بن يقطين، قال: كنت واقفا علي

رأس هارون الرشيد، إذ دعي موسي بن جعفر عليهماالسلام، وهو يتلظّي عليه، فلمّا دخل

حرّك شفتيه بشيء، فأقبل هارون عليه ولاطفه وبرّه، وأذن له في الرجوع، فقلت له:

يا ابن رسول اللّه! جعلني اللّه فداك! إنّك دخلت علي هارون وهو يتلظّي عليك،

فلم أشكّ إلاّ أنّه يأمر بقتلك، فسلّمك اللّه منه، فما الذي كنت تتحرّك به شفتاك؟

فقال: إنّي دعوت بدعائين أحدهما خاصّ، والآخر عامّ، فصرف اللّه شرّه

عنّي ... [401].

(809) 25 ـ النباطيّ البياضيّ رحمه الله: قيل: حضر مجلس الرشيد هنديّ حكيم،

فدخل الكاظم عليه السلام، فرفع الرشيد مقامه، فحسده الهنديّ وقال: اغتنيت بعلمك عن

غيرك، فكنت كما قال تعالي:«كَلاَّ إِنَّ الاْءِنسَـنَ لَيَطْغَي * أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَي»[402].

فقال عليه السلام: أخبرني، الصور الصدفيّة إذا تكاملت فيها الحرارة الكليّة، وتواترت

عليها الحركات الطبيعيّة، واستحكمت فيها القوي العنصريّة، صارت أخصاصا

عقليّة، أم أشباحا وهميّة؟

فبهت الهنديّ وقبّل رأس الإمام عليه السلام، وقال: لقد كلّمتني بكلام لاهوت، من

جسم ناسوت.

فقال: الرشيد: كلّما أردنا أن نضع أهل هذا البيت أبي اللّه إلاّ أن يرفعه.

فقال عليه السلام:«يُرِيدُونَ لِيُطْفِـ?واْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَ هِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِي وَ لَوْ كَرِهَ

الْكَـفِرُونَ»[403][404].

(810) 26 ـ الطريحيّ رحمه الله: روي أنّ الرشيد لمّا أراد أن يقتل الإمام موسي بن

جعفر عليهماالسلام أعرض قتله علي سائر جنده وفرسانه، فلم يقتله أحد منهم، فأرسل إلي

عمّاله في بلاد الإفرنج، يقول لهم: التمسوا إليّ قوما لا يعرفون اللّه ولا يعرفون رسول

اللّه، فإنّي أريد أستعين بهم علي مهمّ.

قال: فأرسلوا إليه قوما، لا يعرفون من شرائط الإسلام كلمة واحدة،

ولا يعرفون من لغة العربيّة كلمة واحدة أبدا، وكانوا خمسين رجلاً، فلمّا دخلوا إليه

أكرمهم وأعزّهم، وأنزلهم في دار الكرامة، وحمل لهم الهدايا والتحف والخلع الثمينة، ثمّ

استدعاهم وسألهم: من ربّكم؟ ومن نبيّكم؟

فقالوا: لا نعرف لنا ربّا، ولا نبيّا أبدا.

فقال لهم: هذا مرادي، وهذا قصدي.

فقال لوزيره: قل لهم: إنّ الملك له عدوّ في هذا البيت جالس ـ يعني موسي بن

جعفر عليهماالسلام ـ، فادخلوا إليه واقتلوه، ولكم الجائزة العظمي، فقالوا: سمعا وطاعة،

وهذا أمر هيّن علينا، فإن أردتم قطّعناه قطعا، وأكلنا لحمه.

قال: فقاموا جميعا بأسلحتهم، كأنّهم السباع الضارية، ودخلوا علي الإمام موسي

بن جعفر عليهماالسلام، والرشيد ينظر إليهم من طاقة حجرته، ويبصر ما ذا يفعلون.

قال: فلمّا رأوه رموا أسلحتهم، وارتعدت فرائصهم، وخرّوا سجّدا يبكون رحمة له.

قال: فجعل الإمام عليه السلام يمرّ يده الشريفة علي رؤوسهم، وهم يبكون، ومع ذلك

يخاطبهم بلحنهم ولغتهم.

قال: فلمّا رأي الرشيد ذلك منهم خشي من الفضيحة، وصاح بالوزير: أخرجهم

عنه، فخرجوا، وهم يمشون القهقري إجلالاً للإمام عليه السلام، ثمّ إنّهم ركبوا خيولهم

وأخذوا الهدايا والتحف التي وصلتهم منه ومضوا لشأنهم، من غير إذن الرشيد[405].

(811) 27 ـ العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: كتاب الاستدراك: عن التَلَّعُكْبريّ، بإسناده

عن الكاظم عليه السلام، قال: قال لي هارون: أتقولون أنّ الخمس لكم؟

قلت: نعم، قال: إنّه لكثير.

قال: قلت: إنّ الذي أعطانا علم أنّه لنا غير كثير[406].

(812) 28 ـ الحرّ العامليّ رحمه الله: يروي أنّ الرشيد قال للكاظم عليه السلام: إنّي مولع بأكل

الطين، لا أقدر علي تركه، وقد وصف لي الأطبّاء كلّ دواء فلم ينفعني، فعلّمني شيئا

لذلك، فقال عليه السلام: أين عزمة من عزمات الملوك؟

قال الرشيد: فما هممت بأكل الطين إلاّ ذكرت كلامه، فتركته[407].

(813) 29 ـ ابن حجر الهيتميّ رحمه الله: ولمّا حجّ الرشيد سعي به إليه، وقيل له: إنّ

الأموال تحمل إليه [ أي إلي موسي الكاظم عليه السلام ] من كلّ جانب حتّي اشتري صنيعة

بثلاثين ألف دينار.

فقبض عليه، وأنفذه لأميره بالبصرة عيسي بن جعفر بن المنصور، فحبسه سنة،

ثمّ كتب له الرشيد في دمه، فاستعفي وأخبر أنّه لم يدع علي الرشيد، وأنّه إن لم يرسل

بتسليمه، وإلاّ خلّي سبيله.

فبلغ الرشيد كتابه، فكتب للسنديّ بن شاهك[408] بتسليمه، وأمره فيه بأمر.

فجعل له سمّا في طعامه، وقيل: في رطب، فتوعّك ومات بعد ثلاثة أيّام[409].

(814) 30 ـ القندوزيّ الحنفيّ رحمه الله: وذكر المسعوديّ: أنّ الرشيد رأي عليّا رضي الله عنه

في المنام، ومعه حربة وهو يقول: خلّص الكاظم وإلاّ قتلتك بهذه الحربة.

فاستيقط فزعا وأمر باطلاقه، وأمر له ثلاثين ألف درهم، وخيّره بين الإقامة

ببغداد وبين الذهاب إلي المدينة، فاختار المدينة.

قيل: إنّ الهادي حبسه أوّلاً، ثمّ أطلق لأنّه رأي عليّا رضي الله عنه يقول له: «فَهَلْ

عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ»[410].

فانتبه [ وعرف أنّه المراد] فأطلقه ليلاً.

ولمّا قال له الرشيد حين رآه جالسا عند الكعبة: أنت الذي يبايعك الناس سرّا؟

فقال: أنا إمام القلوب، وأنت إمام الجسوم.

ولمّا اجتمعا أمام وجه رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم قال الرشيد: السلام عليك يا ابن عمّ!،

[ سمعها من حوله].

وقال الكاظم عليه السلام: السلام عليك يا أبت، فحسده الرشيد، وحمله معه إلي بغداد،

وحبسه مقيّدا، فلم يخرج من حبسه إلاّ ميتا من السمّ[411].

(815) 31 ـ القندوزيّ الحنفيّ رحمه الله: روي أنّ هارون الرشيد قال: رأيت في المنام

حسن المجتبي عليه السلام، ومعه حربة، وقال لي: أطلق موسي الساعة، وإلاّ نحرتك بهذه

الحربة، وأعطه ثلاثين ألف درهم، وقل له: إن أحببت المقام في بغداد فلك ما تحبّ،

وإن أحببت المضيّ إلي المدينة، فلك ذلك.

فاستيقظ، ثمّ أطلقه وأعطاه ثلاثين ألف درهم، فاختار المدينة[412].

(816) 32 ـ الخطيب البغداديّ: حدّثني الحسن بن محمّد الخَلاّل، حدّثنا أحمد بن

محمّد بن عمران، حدّثنا محمّد بن يحيي الصُوْليّ، حدّثنا عون بن محمّد، قال: سمعت

إسحاق الموصليّ ـ غير مرّة ـ يقول: حدّثني الفضل بن الربيع، عن أبيه، أنّه لمّا حبس

المهديّ موسي بن جعفر رأي المهديّ في النوم عليّ بن أبي طالب عليه السلاموهو يقول: يا

محمّد! «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ»[413].

قال الربيع: فأرسل إليّ ليلاً، فراعني ذلك، وجئته فإذا هو يقرأ هذه الآية ـ وكان

أحسن الناس صوتا ـ .

وقال: عليَّ بموسي بن جعفر، فجئته به فعانقه وأجلسه إلي جانبه، وقال:

يا أبا الحسن! إنّي رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في النوم يقرأ عليَّ كذا،

فتؤمنني أن تخرج عليَّ أو علي أحد من ولدي؟

فقال: واللّه! لا فعلت ذاك، ولا هو من شأني.

قال: صدقت، يا ربيع! أعطه ثلاثة آلاف دينار، وردّه إلي أهله إلي المدينة.

قال الربيع: فأحكمت أمره ليلاً، فما أصبح إلاّ وهو في الطريق خوف العوائق[414].

(817) 33 ـ سبط ابن الجوزيّ رحمه الله: وذكر أبو بكر الصوليّ في كتاب (الأوراق):

أنّ هارون كان يجري علي موسي بن جعفر عليهماالسلام، وهو في حبسه كلّ سنة ثلاثمائة

ألف درهم، وأنزله عشرين ألفا[415].

پاورقي

[360] قطيعة الربيع: وهي منسوبة إلي الربيع بن يونس، حاجب المنصور ومولاه، وهو والد الفضل وزير المنصور، وكانت قطيعة الربيع بالكرخ مزارعَ الناس من قرية يقال لها: بياوري، من أعمال بادوريا، وهما قطيعتان خارجة وداخلة، فالداخلة أقطعه إيّاها المنصور، والخارجة أقطعه إيّاها المهديّ، وكان التجّار يسكنونها ختّي صارت ملكا لهم دون ولد الربيع. معجم البلدان: 377.

[361] ما بين القوسين ليس في كتاب الغيبة.

[362] السَعَف: أغصان النخل ما دامت بالخُوص، فإن زال الخُوص عنها قيل: جَرِيد، الواحدة

سَعَفَة، مثل قصب وقصبة. المصباح المنير: 277.

[363] الكافي: 1/258، ح 2، عنه الوافي: 3/596، ح 1166، ومدينة المعاجز: 6/376، ح 2050، عنه وعن الأمالي والعيون وقرب الإسناد، إثبات الهداة: 3/171، ح 2، باختصار.

قرب الإسناد: 333، ح 1236، بتفاوت يسير، عنه البحار: 48/213، ح 11، أشار إليه.

الأمالي للصدوق: 128، ح 20، بتفاوت يسير، عنه وعن العيون، البحار: 48/212، ح 10.

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/96، ح 2، بتفاوت يسير، عنه الوافي: 3/597، س 11.

الغيبة للطوسيّ: 31، ح 7، عنه البحار: 48/213، ح 12، أشار إليه.

روضة الواعظين: 239، س 21، بتفاوت يسير.

المناقب لابن شهرآشوب: 4/327، س 24، بتفاوت يسير.

قطعة منه في إخباره عليه السلام بكيفيّة شهادته.

[364] الكافي: 4/553، ح 8.

عنه البحار: 97/155، ح 26، وحلية الأبرار: 4/285، ح 1.

تهذيب الأحكام: 6/6، ح 10.

عنه نور الثقلين: 4/284، ح 141.

وعنه وعن الكافي، وسائل الشيعة: 14/344، ح 19356، قطعة منه.

كامل الزيارات: 55، ح 33.

عنه البحار: 48/136، ح 9.

[365] البِزْر ج أبزار: التابل، وهو ما يُطيّب به الغذاء. المنچد: 36.

[366] رجال الكشّيّ: 430، ح 805.

[367] رجل مسخّد: مورّم مصفّر ثقيل من مرض أو غيره. لسان العرب: 3/206، سخد.

[368] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/88، ح 11. عنه البحار: 48/129، ح 4، وإثبات الهداة:

3/180، ح 29، قطعة منه، ومدينة المعاجز: 6/333، ح 2035، وحلية الأبرار: 4/248، ح 5، قطعة منه، و277، ح 1، ومستدرك الوسائل: 8/270، ح 9420، و13/389، ح 15690، قطعتان منه، وأعيان الشيعة: 2/8، س 9، قطعة منه.

الاحتجاج: 2/341 رقم272، قطعة منه. عنه البحار: 48/133، ح 5، أشار إليه.

إحقاق الحقّ: 12/308، س 13، عن كتاب فصل الخطاب، قطعة منه.

ينابيع الموّدة: 3/165، س 3، قطعة منه.

قطعة منه في عدد أولاده عليه السلام، و(إخباره عليه السلام بالوقائع الآتية)، و(موعظته عليه السلام للرؤساء).

[369] الأنبياء: 21/111.

[370] الإخلاص: 112/1.

[371] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/73، ح 4. عنه البحار: 48/213، ح 14، و88/342، ح 4،

وحلية الأبرار: 4/265، ح 3، ومدينة المعاجز: 6/316، ح 2028، وإثبات الهداة: 3/178، ح 26. وعنه وعن مصباح المتهجّد، وسائل الشيعة: 8/139، ح 10252، قطعة منه.

جمال الأسبوع: 113 س 1، قطعة منه، وس 13، بتفاوت.

عنه البحار: 87/331، ح 46، ومستد رك الوسائل: 6/320، ح 6905.

البلد الأمين: 154، س 9، قطعة منه.

الاختصاص: 59 س 3، بتفاوت. عنه البحار: 48/215، ح 15، أشار إليه.

مصباح المتهجّد: 424، س 16، قطعة منه. عنه وجمال الأسبوع، البحار: 87/331 س 6.

المصباح للكفعميّ: 239، س 8، نحو ما في مصباح المتهجّد.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/306، س 5. عنه البحار: 48/220، ح 23.

مروج الذهب: 3/356 س 20، وفيه: ذكر عبد اللّه بن مالك الخزاعيّ ـ وكان علي دار الرشيد وشرطته ـ قال: أتاني رسول الرشيد ... بتفاوت يسير.

عنه نزهة الجليس: 2/75 س 18، و إثبات الهداة: 3/222 س 2، وإحقاق الحقّ: 12/326، س 16، و328، 19. ينابيع المودّة: 3/164، س 9، قطعة منه.

الصواعق المحرقة: 204، س 7، قطعة منه.

قطعة منه في ما رواه عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم .

[372] في المصدر: «وهسارين» ولم نجده في اللغة، وما أثبتناه عن نسخة في هامش المصدر.

الهَبّار، سيف هبّار: قطّاع. المنجد: 852.

[373] البَدْرَة ج بِدَر وبُدُور: عشرة آلاف درهم، ومن المال: كميّة عظيمة منه. المنجد: 29.

[374] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/76، ح 5. عنه وسائل الشيعة: 6/377، ح 8227، و16/221،

ح 21408، قطعة منه فيهما، والبحار: 48/215، ح 16، و92/212، ح 5، ومدينة المعاجز: 6/319، ح 2029، وإثبات الهداة: 3/179، ح 27، قطعة منه، وحلية الأبرار: 4/248، ح 6، قطعة منه، و261، ح 2، أورده بتمامه.

مهج الدعوات: 458، س 5، عن كتاب كنوز النجاح للطبرسيّ، قطعة منه.

قطعة منه في قبوله عليه السلام هدايا الخليفة لتزويج العزّاب، و(ما رواه عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم)، و(ما رواه عن عليّ أمير المؤمنين عليه السلام).

[375] في سائر المصادر: «عارم» بالعين المهمة، بمعني سيّي ء الخلق الشديد، كما بيّنة العلاّمة

المجلسيّ رحمه الله.

[376] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/80، ح 8. عنه البحار: 58/294، ح 4.

الاختصاص: 197 س 20.

[377] الأمالي: 307، ح 1.

عنه وعن العيون، البحار: 48/134، ح 6.

عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/93، ح 12.

عنه حلية الأبرار: 4/283، ح 2.

المناقب لابن شهر آشوب: 4/310، ح 9، بتفاوت يسير.

مشارق أنوار اليقين: 94، س 18، بتفاوت.

[378] عيون أخبار الرضا عليه السلام: 1/81، ح 9.

يأتي الحديث بتمامه في ج 6 رقم 3383.

[379] الإرشاد للمفيد: 297، س 20. عنه وعن الإعلام، البحار: 48/103، س 11، ضمن ح 7،

وأعيان الشيعة: 2/8، 12.

تذكرة الخواصّ: 314، س 5 قطعة منه. كشف الغمّة: 2/229، س 15.

الإحتجاج: 2/343، ح 273، قطعة منه. عنه البحار: 48/135، ح 8.

وعنه وعن كنز الكراجكيّ، البحار: 93/239، ح 1 و2.

المناقب لابن شهرآشوب: 4/320، س 2، بتفاوت يسير.

روضة الواعظين: 237، س 22. إعلام الوري: 2/27، س 10.

عنه وعن الإرشاد، البحار: 48/103، س 11، ضمن ح 7، وحلية الأبرار: 4/286، ح 2.

كنز الفوائد: 166، س 13، قطعة منه. عنه البحار: 25/243، ح 25.

تاريخ بغداد: 13/31، س 7، وفيه: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن عليّ الواسطيّ، حدّثنا عمرو بن أحمد الواعظ، حدّثنا الحسين بن القاسم، حدّثني أحمد بن وهب، أخبرنا عبد الرحمن بن صالح الأزديّ، قال: ... قطعة منه.

عنه أعيان الشيعة: 2/8، س 7، وإحقاق الحقّ: 12/303، س 7.

كفاية الطالب: 457، س 6، قطعة منه. عنه إحقاق الحقّ: 12/335، س 3.

الفصول المختارة، ضمن مصنّفات الشيخ المفيد: 2/36، س 11، قطعة منه.

نزهة الجليس: 2/75، س 14، قطعة منه. وفيات الأعيان: 5/309، س 5، قطعة منه.

سير أعلام النبلاء: 6/273، قطعة منه.

مقاتل الطالبيّين: 414، س 4، وفيه: حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار، قال: حدّثني محمّد ابن عبد اللّه المدائنيّ، قال: حدّثني أبي، قال بعض أصحابنا: ... قطعة منه.

صواعق المحرقة: 204، س 15، قطعة منه. عنه إحقاق الحقّ: 12/337، س 12.

ينابيع المودّة: 3/120، س 3، نحو ما في الصواعق.

نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 126، ح 23، قطعة منه.

أعلام الدين: 306، س 9، قطعة منه. عنه البحار: 61/175، ح 33، و75/334، ح 9.

الدرّة الباهرة: 36، س 1، قطعة منه.

عنه بحار الأنوار: 48/176 س 10، ضمن، ح 19، و73/292، ح 16.

مستدرك الوسائل: 8/255، ح 9383، عن كتاب الأخلاق لأبي القاسم الكوفيّ. إحقاق الحقّ: 12/314، س 19، عن المحاضرات، للراغب الأصبهانيّ، قطعة منه فيهما.

قطعة منه في مركبه عليه السلام.

[380] الاختصاص، المطبوع ضمن مصنّفات الشيخ: 12/54، س 19.

يأتي الحديث بتمامه في ج 6 رقم 3384.

[381] دلائل الإمامة: 320، ح 266.

عنه مدينة المعاجز: 6/198، ح 1938، وإثبات الهداة: 3/209، ح 118، قطعة منه،

وحليه الأبرار: 4/261، ح 1.

نوادر المعجزات: 163، ح 5.

[382] الغيبة: 51، ح 39.

عنه البحار: 48/237، ح 44.

[383] يحيي بن أكثم قاضي سامرّاء. وسأل يحيي بن أكثم القاضي أبا الحسن الأوّل عليه السلامفي باب وصف الصلاة من فاتحتها إلي خاتمتها. جامع الرواة: 2/325.

[384] الثاقب في المناقب: 447، ح 378.

تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 490.

[385] تاج المواليد ضمن المجموعة النفيسة: 122، س 8.

[386] في البحار: «الخزر»، بدل «الجزر».

الجَزْر: بالفتح ثمّ السكون وراء، أصله في لغة العرب القطع ... والجزر: موضع

بالبادية ... والجزر أيضا: كورة من كور حلب. معجم البلدان: 2/133.

إرمينيَة، بكسر أوّله ويُفتح، وسكون ثانيه، وكسر الميم، وياء ساكنة، وكسر النون، وياء خفيفة مفتوحة: اسم لصقع عظيم واسع في جهة الشمال، والنسبة إليها أرمِنيّ، علي غير قياس. المصدر: 1/159.

[387] المناقب لابن شهر آشوب: 4/320 س 21.

عنه البحار: 29/200، 41، و48/144، ح 20.

تذكرة الخواصّ: 314 س 11، عن ربيع الأبرار للزمخشريّ، قطعة منه، وكذا عنه في أعيان

الشيعة: 2/8، س 18.

قطعة منه في حدود فدك التي أعطاها النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم إلي فاطمة عليهاالسلام.

[388] المناقب: 4/290، س 2.

تقدّم الحديث بتمامه في ج 1 رقم 459.

[389] كلّ ذات لونين مجتمعين. المعجم الوسيط: 238.

[390] النمل: 27/36.

[391] المناقب: 4/297، س 16. عنه مدينة المعاجز: 6/423، ح 2076، والبحار: 48/238

س 11 ضمن، ح 46، وإثبات الهداة: 3/214، ح 145، باختصار.

قطعة منه في عبادته عليه السلام في السجن، و(سورة النمل: 27/36).

[392] المناقب: 4/308 س 2.

[393] الحجّ: 22/25.

[394] الأنبياء: 21/47.

[395] المائدة: 5/45.

[396] المناقب: 4/312 س 5. عنه البحار: 48/141، ح 18.إحقاق الحق: 12/309، س 9.قطعة منه في سورة المائدة: 5/45، و(الأنبياء: 21/47)، و(الحجّ 22/25) و (إنشاده عليه السلام

الشعر).

[397] الدعوات: 125، ح 307. عنه البحار: 71/104، ح 64، ومستدرك الوسائل: 15/247،

ح 18133.

قطعة منه في ما رواه عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم.

[398] ما بين القوسين عن البحار.

[399] مهج الدعوات: 294 س 19. عنه البحار: 48/245، ح 52، و91/331، ح 4.

قطعة منه في ما رواه عليه السلام عن النبيّ صلي الله عليه و آله وسلم.

[400] مهج الدعوات: 38، س 12.

يأتي الحديث بتمامه في ج 5 رقم 3014.

[401] مهج الدعوات: 44، س 14.

يأتي الحديث بتمامه في ج 5 رقم 3030.

[402] العلق: 96/6 و7.

[403] الصف: 61/8.

[404] الصراط المستقيم: 2/194، س 8.

قطعة منه في علمه عليه السلام و(سورة الصفّ: 8/61).

[405] المنتخب: 178، س 7.

مشارق أنوار اليقين: 95، س 20، بتفاوت يسير. عنه مدينة المعاجز: 6/382، ح 2057،

والبحار: 48/249، س 1، بتفاوت يسير، وإثبات اهداة: 3/200، ح 92.

قطعة منه في تلطّفه عليه السلام مع من يريد قتله، و(تكلّمه عليه السلام باللغة الإفرقيّة).

[406] بحار الأنوار: 48/158، ح 33، و93/188، ح 20.

عنه مستدرك الوسائل: 7/289، 8242.

قطعة منه في أنّ الخمس حقّ لآل محمّد عليهم السلام.

[407] وسائل الشيعة: 24/223، هامش رقم 1.

يأتي الحديث أيضا في معالجته عليه السلام عادة الرشيد.

[408] في المصدر «سدي بن ساهك».

[409] الصواعق المحرقة: 204، س 2.

تقدّم الحديث أيضاً في كيفيّة شهادته عليه السلام.

[410] محمّد: 47/22.

[411] ينابيع المودّة: 3/119، س 8، ولم نعثر عليه في إثبات الوصيّة ولا في مروج الذهب.

الصواعق المحرقة: 204، س 7، عن المسعوديّ، بتفاوت يسير.

قطعة منه في كيفيّة شهادته عليه السلام.

[412] ينابيع المودّة: 3/164، س 9.

[413] محمّد: 47/22.

[414] تاريخ بغداد: 13/30، س 17.

عنه وعن الفصول المهمّة، والصواعق، إثبات الهداة: 3/220، س 5، وإحقاق الحقّ:

12/322، س 11.

تذكرة الخواصّ: 313، س 22.

كشف الغمّة: 2/213، س 1، أورده بتفاوت يسير، وزاد في آخره: ورواه الجنابذيّ وذكر أنّه وصله بعشرة آلاف دينار.

عنه البحار: 48/148، ح 22.

الفصول المهمّة لابن الصبّاغ: 232، س 15، نحو ما في كشف الغمّة.

الصواعق المحرقة: 240، س 11، باختصار.

نزهة الجليس: 2/75، س 1، بتفاوت يسير.

ينابيع المودّة: 3/163، س 17، مرسلاً وباختصار.

[415] تذكرة الخواصّ: 318، س 12.