بازگشت

(ه) ـ أحواله عليه السلام مع موسي بن المهدي


1 ـ السيّد ابن طاووس رحمه الله: ... أبو الوضّاح محمّد بن عبد اللّه بن زيد النهشليّ،

قال: أخبرني أبي ... قال: لمّا قتل الحسين بن عليّ صاحب فخّ، وهو الحسين بن عليّ

ابن الحسن بن الحسن بفخّ، وتفرّق الناس عنه حمل رأسه عليه السلام، والأسري من

أصحابه إلي موسي بن المهديّ، فلمّا بصر بهم أنشأ يقول متمثّلاً:

بني عمّنا لا تنطقوا الشعر بعد ما

دفنتم بصحراء الغميم القوافيا

فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله

فنقبل ضيماً أو نحكّم قاضيا

ولكنّ حكم السيف فينا مسلّط

فنرضي إذا ما أصبح السيف راضيا

وقد سائني ما جرّت الحرب بيننا

بني عمّنا لو كان أمرا مدانيا

فإن قلتم إنّا ظلمنا فلم نكن

ظلمنا ولكن قد أسأنا التقاضيا

ثمّ أمر برجل من الأسري فوبّخه، ثمّ قتله، ثمّ صنع مثل ذلك بجماعة من ولد

أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللّه عليه، وأخذ من الطالبيّين، وجعل

يسأل منهم إلي أن ذكر موسي بن جعفر صلوات اللّه عليه، فسأل عنه، ثمّ قال: واللّه!

ما خرج حسين إلاّ عن أمره، ولا اتّبع إلاّ محبّته لأنّه صاحب الوصيّة في أهل هذا

البيت، قتلني اللّه إن أبقيت عليه.

فقال له أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، وكان جريّا عليه:

يا أمير المؤمنين! أقول، أم أسكت؟

فقال: قتلني اللّه إن عفوت عن موسي بن جعفر، ولولا ما سمعت من المهديّ فيما

أخبر به المنصور ما كان به جعفر من الفضل المبرز عن أهله في دينه وعمله وفضله

وما بلغني من السفّاح فيه من تعريضه وتفصيله لنبشت قبره وأحرقته بالنار إحراقا.

فقال أبو يوسف: نساؤه طوالق، وعتق جميع ما يملك من الرقيق، وتصدّق بجميع

ما يملك من المال، وحبس دوابّه، وعليه المشي إلي بيت اللّه الحرام إن كان مذهب

موسي بن جعفر الخروج، ولا يذهب إليه، ولا مذهب أحد من ولده، ولا ينبغي أن

يكون هذا منهم، ثمّ ذكر الزيديّة وما ينتحلون.

فقال: وما كان بقي من الزيديّة إلاّ هذه العصابة الذين كانوا قد خرجوا مع

حسين، وقد ظفر أمير المؤمنين بهم، ولم يزل يرفق به حتّي سكن غضبه.

وقال: وكتب عليّ بن يقطين إلي أبي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلامبصورة الأمر،

فورد الكتاب، فلمّا أصبح أحضر أهل بيته وشيعته، فأطّلعهم أبو الحسن عليه السلامعلي ما

ورد من الخبر، وقال لهم: ما تشيرون في هذا؟

فقالوا: نشير عليك أصلحك اللّه وعلينا معك أن نباعد شخصك عن هذا الجبّار،

وتغيب شخصك دونه فإنّه لا يؤمن شرّه، وعاديته وغشمه سيّما وقد توعّدك وإيّانا معك.

فتبسّم موسي عليه السلام ثمّ تمثّل ببيت كعب بن مالك أخي بني سلمة، وهو:

زعمت سخينة أن ستغلب ربّها

فليغلبنّ مغالب الغلاب

ثمّ أقبل علي من حضره من مواليه وأهل بيته، فقال: ليفرح روعكم أنّه لا يرد

أوّل كتاب من العراق إلاّ بموت موسي بن المهديّ وهلاكه.

فقالوا: وما ذاك، أصلحك اللّه؟!

فقال: قد وحرمة هذا القبر! مات في يومه هذا، واللّه! «إِنَّهُ و لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ

تَنطِقُونَ »، سأخبركم بذلك بين ما أنا جالس في مصلاّي بعد فراغي من وردي،

وقد تنومّت عيناي إذ سنح لي جدّي رسول اللّه صلي الله عليه و آله وسلم في منامي فشكوت إليه

موسي بن المهديّ، وذكرت ما جري منه في أهل بيته، وأنا مشفق من غوائله، فقال

لي: لتطب نفسك، يا موسي! فما جعل اللّه لموسي عليك سبيلاً، فبينما هو يحدّثني إذ

أخذ بيدي، وقال لي: قد أهلك اللّه آنفا عدوّك، فلتحسن للّه شكرك.

قال: ثمّ استقبل أبو الحسن القبلة، ورفع يديه إلي السماء يدعو.

فقال أبو الوضّاح: فحدّثني أبي، قال: كان جماعة من خاصّة أبي الحسن عليه السلاممن

أهل بيته وشيعته يحضرون مجلسه، ومعهم في أكمامهم ألواح آبنوس لطاف وأميال،

فإذا نطق أبو الحسن عليه السلامبكلمة، أو أفتي في نازلة أثبت القوم ما سمعوا منه في ذلك،

قال: فسمعناه وهو يقول في دعائه شكرا للّه جلّت عظمته ... [421].

پاورقي

[421] مهج الدعوات 265، س 5.

يأتي الحديث بتمامه في ج 5 رقم 3032.